الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحريض على الانتحار هل هو خطأ ترتكبه الأسرة أم هو جريمة يعاقب عليها القانون؟

علجية عيش
(aldjia aiche)

2016 / 9 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم العالمي للوقاية من الانتحار المصادف للعاشر من سبتمبر..

التحريض على الانتحار هل هو خطأ ترتكبه الأسرة أم هو جريمة يعاقب عليها القانون؟
أطباء نفسانيون يدقون ناقوس الخطر في اليوم العالمي للوقاية من الانتحار

في العاشر من سبتمبر من كل سنة تحيي منظمة الصحة العالمية اليوم العالمي للوقاية من لانتحار، الذي أصبح كارثة تهدد حياة الفرد بسبب تفشي الأمراض الاجتماعية في المجتمع و ما يحدث فيها من حروب و مجاعات، بالإضافة إلى المشاكل الأسرية، التي تدفع بضعاف النفوس و الذين ضاقت بهم الحياة إلى الانتحار، و كل حالة من حالات تخلق مأساة داخل الأسرة تختلف عن الحالات الأخرى حيث تترك آثارا نفسية طويلة الأمد بين أفراد الأسرة خاصة الأطفال منهم، يبقى دور السلطات في التدخل ، خاصة و أن هناك الكثير من الطرق والوسائل التي تساعد في منع مثل هذه الحوادث

إن أسباب الانتحار متعددة و مختلفة، كل حالة تختلف عن الأخرى حسب الظروف الاجتماعية لكل أسرة، و حسب خصوصية نظام كل دولة، و تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية فيها، و حالات أخرى ترتبط بالحالات النفسية للمنتحر ، من بينها الاكتئاب و القلق، و لم تعد ظاهرة الانتحار تقتصر على فئة الشباب فقط، بل شملت الكبار أيضا، ما ينذر بالعديد من المخاطر على المجتمعات، لاسيما البلدان و المدن التي تكثر فيها الجسور، و تشير أرقام منظمة الصحة العالمية أن مليون وفاة تحدث سنوياً في العالم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 1.5 مليون بحلول عام 2020 ، ويمثل الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الانتحار تعاوناً وثيقا بين "الجمعية الدولية لمكافحة الانتحار" و"منظمة الصحة العالمية" لجذب انتباه العالم إلى أخطار الانتحار, وصياغة رؤية دولية بين سكان العالم لتخفيف حالات الإحباط والميول الانتحارية، لاسيما و الظاهرة تشهد تصاعدا ملفتا للانتباه و بشكل مخيف جدا، رغم أن بعض الحالات تتطلب العلاج الطبي والنفس.
و كعينة فجسور مدينة قسنطينة تحولت إلى معبر للتحول إلى العالم الآخر، في مجتمع طغت عليه الماديات و المصالح، و لم يعد للإنسان العادي تحمل مشقات الحياة و أعبائها، بحيث يجد في الانتحار أو الإقبال على الموت الحل الأمثل للتخلص من مشاكله، و تحوّل "وادي الرمال" إلى تنّين فاح فاه يستقبل العشرات من الجثث يوميا، و بغض النظر عن الأرقام التي تكشفها الجهات الأمنية كل سنة عن حالات الانتحار بمختلف الوسائل ( الحرق، الشنق، تناول السموم و المبيدات، أو رمي المنتحر نفسه من أعالي الجسور )، فالانتحار كظاهرة اجتماعية تزداد تفشيا في الجزائر، و بخاصة في مدينة قسنطينة التي تحولت جسورها إلى معبر للموت السريع، تستقبل مئات الشباب و الشابات و حتى الكهول ، و هم أولئك الكارهين من حياتهم، هي أسئلة كثيرة تحتاج إلى أجوبة و ردود من قبل المختصين في علم النفس لمعرفة الأسباب التي تؤدي بالإنسان إلى التخلص من وجوده، و ما هي الوسائل التي يمكن استخدامها لحماية الثروة البشرية من الضياع.

جمعية "الأطباء النفسانيين"




التقينا بالدكتور عزيز كعبوش رئيس جمعية الأطباء النفسانيين بالمستشفى الجامعي ابن باديس قسنطينة ، و قد شخص لما هذا الأخير رفقة أطباء مختصين في علم النفس الداء، و قال أن الانتحار هو" آفة مرضية" سواء كانت عقلية أو نفسية، و عرف مفهوم الانتحار بأنه نتاج عن حالة يعاني منها الإنسان، و هو اضطراب نفسي ناتج عن توتر اجتماعي في الحياة الزوجية مثلا، أو ناتج عن الفقر، بحيث يؤدي بصاحبه إلى الاكتئاب، و المنتحر يرى أن الانتحار هو الحل الوحيد الذي يحل له مشاكله، بعدما يرى نفسه أنه فشل في حياته و أنه مهزوم، و عاجز عن تحمل مسؤوليته كأب، أمام متطلبات الحياة العصرية، مثلا تجده يتساءل كيف يقيم عيد ميلاد ابنه و هو عاجز عن شراه له محفظة أو حذاء، ثم أنه يواجه ضغوطات في العمل، و معاملة مسؤوله القاسية ، فيشعر أنه اقل شانا و أنه عالة على الأسرة و المجتمع، و أضاف الدكتور عزيز كعبوش أن هذه الفئة عادة ما يكون لها استعداد نفسي للقيام بعملية الانتحار، و ارجع الدكتور عزيز كعبوش هذا الاستعداد إلى كون الشخص المقبل على الانتحار يرجع إلى هشاشة الشخصية.
أما الدكتورة وفاء بن الشيخ طبيبة نفسانية بمستشفى ابن باديس الجامعي و عضو في الجمعية فقد أشارت إلى ما يسمى في علم النفس بـ: "الميلونكولية"la mélancolie أو كما تعرف بـ: " السوداوية"، و هي أقصى درجات الاكتئاب، أو اليأس، في هذه الحالة يبدأ المريض يهمل نفسه و يفقد وعيه، و الطبيب العقلي وحده يمكنه التدخل و وضع المريض تحت العلاج و الرقابة الطبية ترافقها المتابعة النفسية طبعا، و من خلال الأرقام التي قدمتها الدكتورة وفاء ابن الشيخ فإن مستشفى ابن باديس في السنة ما بين 15 إلى 20 حالة، مشيرة أن ولاية قسنطينة تحولت إلى مدينة انتحارية، لوجود الجسور المعلقة و المرتفعة عن وادي الرمال، مما يسهل على هؤلاء الانتحار .

التحريض على الانتحار ظاهرة بدأت تنتشر في المجتمع الجزائري

و إن كان معظم الذين يقبلون على الانتحار لا يصرحون، هناك بعض الحالات يصرح فيها الشخص المنهار بأنه سوف ينتحر، و يقول لأسرته مثلا " رايح نطيش روحي" ، و لو أنها حالات نادرة لكنها حدثت ، عندما أخبر شخص يعاني من اضطرابات نفسية، و يتعاطى المهدئات، أسرته ( زوجته) بأنه سوف ينتحر، و ظن الجميع أنه يمزح ، و كرر الضحية ما قاله، مؤكدا رغبته في الانتحار، لكن الأسرة لم تصدقه ظنا منها انه يمزح، فقالت له زوجته " روح طيش روحك " و نفذ ما قاله ، و خرج مسرعا نجو جسر من جسور المدينة و ألقى بنفسه، فعاد إليهم في الصندوق، وقعت هذه الحادثة في شهر جويلية 2016 ، و كانت فاجعة للكل ، حتى الجيران، تقول الدكتور وفاء أن الشخص في هذه الحالة هو يطلب النجدة، و هذا النوع من الحالات كما أضافت يدخل في إطار "المساومة العاطفية" ، و هي في الواقع محاولة لفت انتباه الزوجة أو الزوج أو حتى الأولاد، و طلبه وجب أن يؤخذ بجدية، أي أنه يجب الإسراع في الاتصال بالجهات المختصة ، لمعرفة حالة الشخص إذا كان هادئا أو في حالة هيجان.
في حين قال الدكتور حنّاش كمال رئيس قسم الطب الباطني و رئيس المجلس العلمي بمستشفى ديدوش مراد أن الظاهرة تبقى عبارة عن "طابو"، و لمعالجتها لابد من التطرق إلى الجانب السياسي و الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع، و السياسة التي تنتهجها الدولة تجاه مواطنيها، لأن هذه الأمور تتجاوز الأخصائيين، موضحا أن بعض المرضى و بخاصة المزمنين لا يتقبلون مرضهم، و عدم قبول المرض يدفع بالمريض إلى أن يغير نظرته للمجتمع، فيلجأ إلى الانتحار، كما أن بعض الأطباء يعجزون في متابعة المريض و الحوار معه، و هذا راجع إلى الضغوطات الممارسة عليهم اي المرضى، مثل إجبار المريض على شرب الدواء و باستعمال القوة، أو يمنح له دواء لا يتلاءم مع حالته المرضية، و هذه تدخل ضمن الأخطاء الطبية ، فتنعكس سلبا على صحة المريض، و قد تخلق له أمراضا لا يعاني منها،و عليه وجب أن يدخل الطبيب في حوار مع المريض و يهيأ الجوّ الملائم لكسب ثقته، ثم محاولة فهم وضعيته، قبل مباشرة العلاج، و قد اعتبرت جمعية الأطباء النفسانيين بولاية قسنطينة ظاهرة التحريض على الانتحار و لو من باب المزاح أكبر خطر ترتكبه الأسرة أو أشخاص آخرين، يبقى المجال القانوني فأهل الاختصاص لهم ما يقولونه في هذا المجال.
ريبورتاج علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تتسبب يورو 2024 في أزمة ديبلوماسية بين أنقرة وبرلين بسبب


.. فـرنـسـا: مـا هـي الـسـيـنـاريوهات في الانتخابات التشريعية؟




.. هل الكائنات الخرافية في الأساطير موجودة حقيقة؟ مدينة أمريكية


.. -الأدنى منذ عامين-.. مراسل CNN يلقي نظرة على أسعار -مفاجئة-




.. لمن الغلبة في حرب أوكرانيا؟.. تشاؤم أوروبي | #التاسعة