الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الاهلية الاسبانية/موت ثورة!.(3)

ماجد الشمري

2016 / 9 / 10
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


جرت انتخابات عام 1936البرلمانية ، وكانت اساساً بين تحالف اليمين بكل اطيافه، وبين تحالف اليسار و كل تنظيماته و احزابه . و في الوقت نفسه كان قد طرأ تحول مفاجئ في سياسة الكومنترن و نهجه من النقيض الى النقيض ! من اقصى اليسار الى اقصى اليمين !. والكومنترن بعد لينين و تروتسكي كان اداة طيعة و ذليلة بيد ستالين و بيروقراطيته و بالتالي كان الحزب الشيوعي الاسباني ايضا اداة تابعة و خانعة و منصاعة لسياسة الكومنترن دون ان تأخذ بالحسبان ظروف اسبانيا و التعقيد السياسي و الطبقي السائد !. فلم يدعم الحزب الشيوعي الاسباني حكومة الجمهورية الاولى لان الكومنترن في تلك الفترة كان ضد اي تعاون خارج دائرة الاحزاب الشيوعية!، و في مرحلته اليسارية الستالينية المتطرفة !( تلك المرحلة التي امتدت من عام 1928 الى عام 1934 و كانت سببا رئيسيا في صعود الفاشية الالمانية فقد حرم على الشيوعيين الالمان التحالف أو ادنى درجات التعاون مع الاشتراكيين الديمقراطيين الالمان) ! فقد كان الخط السياسي الستاليني يعتبر الاشتراكيين الديمقراطيين اكثر فاشية من الفاشية نفسها ! و بالتالي كان ضد التنسيق مع الحكومات البرجوازية و الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية أو مشاركتهم الحكم. فقد رفضوا العمل باي شكل من اشكال العمل مع الاحزاب العمالية غير الشيوعية! . لكن الجوق الستاليني البيروقراطي داخل الكومنترن بعد انعطافتهم بعكس الاتجاه السابق لم يعودوا الى التكتيك اللينيني الصائب و المتمثل بالجبهة الموحدة للطبقة العاملة بكل توجهاتها السياسية و النقابية ، بل مضوا بعيدا الى اقصى اليمين الانتهازي ، و دعوا الى دعم الحكومات الرأسمالية الامبريالية (الديمقراطية) تحت شعار " الجبهة الشعبية المضادة للفاشية" !. فقد دعا الكومنترن و تحت هيمنة ستالين ، و بهدف كسب بريطانيا و فرنسا الى جانب الاتحاد السوفييتي في مواجهة هتلر الى اقامة الجبهات والتحالف مع احزاب وحكومات البرجوازية ! . لذا اقدم الحزب الشيوعي الاسباني على التعاون مع بارونات البرجوازية الصناعية و الطبقة المتوسطة و فعلا خضع الحزب الشيوعي الاسباني لهذه السياسة و هذا التوجه المضاد لتياسره السابق!... ومع ظهور نتائج الانتخابات تحرك فرنكو و حث رئيس الوزراء على اعلان حالة الطوارئ و فرض الاحكام العرفية لمنع الجبهة الشعبية من الوصول للسلطة !. و قد رد فرنكو عندما قيل له : ان ذلك سيؤدي الى ثورة؟ قائلا :" نعم لكن بمساعدة الحكومة ستكون هناك قوة للقضاء عليها"! . و رغم ذلك فقد تسلم الحكم من جديد " ازانا " الجمهوري ، و عمت تظاهرات الترحيب و التأييد بذلك حيث اطلق سراح السجناء السياسيين ، و تم طرد فرنكو و غودد من منصبيهما في وزارة الدفاع ، و اعيد العمل بقانون الاصلاح الزراعي المجمد ، و عاد "كومبيني" الى الحكم في كاتالونيا .. كان اليسار العمالي و الاشتراكي مازال مشتتاً و متنافساً حتى تلك اللحظة ، و ان كان يعتقد ، بل هو واثق بأن المستقبل له!. فالفوضويين الاوسع و الاقوى و الاصلب كفاحيا و نقابيا في اوساط العمال ظلوا منعزلين عن تحالف الجبهة الشعبية ، و نتيجة لتيارهم الجارف و الرافض لكل اشكال السلطة ، والدولة ( منذ وصول اتباع باكونين في الاممية الاولى و رابطة الشغيلة العالمية الى اسبانيا عام ١٨٦٨ وجدت الفوضوية تربة خصبة لها في اسبانيا فبنت قواعدها و مدت جذورها في تربة العمال الزراعيين الذين لا ارض لهم ، و بين العمال الذين يؤيدون الانفصال القومي ، و المضادين لكل سلطة في مصانع برشلونة والباسك فقد كانوا ضد كل عمل سياسي و تنظيمي للعمال ، و يعتبرونه اجراءا برجوازياً مرفوضاً ، و يشجعون على القيام بأعمال ارهابية ضد ممثلي السلطة الحاكمة ، وكانت تنظيماتهم نقابية سنديكالية و ليست سياسية حزبية ، وكان سقوط الجمهورية يسعدهم بلا شك كما يسعد الفاشست )! .. و في المقابل كان اليمين الفاشي قد شرع و منذ ربيع 1936 بتوحيد صفوفه و جهده للتعاون مع القوى البرجوازية . و في الوقت نفسه كانت مخططات الجنرالات الفاشست قيد الرسم و الاعداد فهم كانوا مدركين جيدا أن الكلمة الفصل لحكم اسبانيا ستتم لا من خلال الخطب و الترهات البرلمانية العقيمة ، بل من خلال فوهات البنادق و الحسم المسلح ! . هذا ما قرره اليمين الفاشي المتحد و سعى من اجل تحقيقه . و كان وضعه أفضل بكثير من التيار اليساري و صراعاته من اجل الحظوة الجماهيرية. فقد كان اليسار و بلا استثناء ممزقاً و مغلباً للتناقضات الثانوية على الهدف الرئيسي و هو الثورة و تحقيق الانتصار . كان اليمين الفاشي قد قرر القيام بحركة عسكرية مضادة في حالة تسلم "لارغو كاباليرو" زعيم الحزب الاشتراكي الحكم ، أو في حالة حدوث الفوضى و ضعف النظام !. و بالفعل قام فرنكو بتحذير " ازانا " من اخطار الشيوعية الملحدة!. و كان الجنرال " مولا" هو العقل المدبر للمؤامرة الهادفة لتحقيق ماسمي بالنظام و العدالة و السلام " للجميع باستثناء اولئك الذين يتلقون الوحي من الخارج من : اشتراكيين ، و ماسونيين ، و فوضويين ، و شيوعيين . تتابعت الاحداث صوب الكارثة و نهاية الجمهورية ، فقد اغلق مركز " الفالانج" الكتائب في مدريد و اعتقل زعيمهم " خوزيه انطونيو" ، و قام الفلاحون المعدمون بالاستيلاء على الاراضي في مناطق متعددة من البلاد . وسادت اسبانيا موجة عالية من العنف و الغليان و الاضطرابات بحيث بات من العسير استمرار الحياة العادية وسط ذلك الذعر و الصراعات الدموية تلك . فأقصي رئيس الجمهورية خشية ان يستغل مركزه للقيام بمساعدة اي انقلاب يميني على السلطة . أنتخب " ازانا" في العاشر من ايار عام 1936 ليحل محله كرئيس للجمهورية. أثار المؤرخ هيو توماس سؤالا مقتضبا عن دور الاوضاع الاقتصادية في سقوط الجمهورية فذكر :" أن الحكومات المتعاقبة لم تفعل مايكفي من اجراءات في سبيل تطور الاقتصاد الاسباني ، لاسيما و ان العالم كان يجتاز الازمة الاقتصادية الكبرى. . فقد هبط الانتاج الى حدوده الدنيا في صناعات المناجم المتعددة ، و جرى ذلك دون ان يبدو على المسؤولين مايشير الى ادراكهم الحجم و طبيعة الازمة الاقتصادية التي كانت تواجههم هذا بالاضافة الى ان الطبقة الوسطى كانت تعزو أنخفاض قيمة الاسهم الى حكم " ازانا" و الوضع السياسي الخطير في كافة انحاء البلاد . و في الوقت ذاته ساهم انخفاض مستوى المعيشة في المدينة و الريف لمستوى الفقر المدقع بدفع العمال و الفلاحين للوقوف ضد حكومة الجمهورية و القاء تبعة اوضاعهم البائسة عليها. لقد سقطت الجمهورية الثانية لانها و منذ البداية لم تلق قبولا من القوى السياسية الفعالة لا من اليمين ولا من اليسار على حد سواء . فاليبراليين فشلوا بعد عام 1931 في خلق الديمقراطية القوية و الحقيقية و التي ترضي طموح العمال و الفلاحين و لا الشرائح الطبقية الفقيرة ، و لا الطبقات الحاكمة القديمة و الكنيسة . و من هنا كان اليمين الفاشي المتطرف يلجأ للانقلابات العسكرية لتغطية هزيمته في الانتخابات البرلمانية الشرعية ، و لجوء جزء من اليسار الفوضوي ايضا في عام 1934 الى الثورة للتغلب على هزيمته في الانتخابات ، و لمواجهة اخطار الفاشية . و هكذا بات التوجس و الخوف المتبادل لدى الفريقان من اقدام احدهما على توجيه الضربة الاولى الاستباقية و الحاسمة . فأسياد القوة الاقتصادية يقودهم الجيش و تسندهم الكنيسة رمز المجد الغابر لاسبانيا الماضي الكاثوليكي . و في المقابل كان هناك الطبقة العاملة التي خضعت و لاجيال عديدة من البؤس و الاستغلال و مهانة العيش . لذا لم يعد ممكنا تجنب الصدام و حتمية حلول كارثة الاحتراب الاهلي . ففي مطلع تموز اصبحت الاغتيالات السياسية طقسا يوميا و ممارسة عادية !. فقد قتل "كالفوسوتيللو" زعيم المعارضة البرلمانية و قائد الملكيين ، ردا على اغتيال احد زعماء الجمهوريين. كما اغلقت الحكومة مراكز احزاب الملكيين و الكارليست و الفوضويين في العاصمة مدريد. و اعلن الاشتراكيون و الشيوعيون تأيدهم للحكومة ، و طالبوها بتوزيع الاسلحة على الاتحادات النقابية العمالية ، في حين اعرب زعماء اليمين المتطرف عن يأسهم من النظام البرلماني . و غدا واضحا للحكومة الجمهورية ان اليمين هو العدو الاول و لكن دون ان تعتبر اليسار حليفا لها ، ان لم يكن عدواً ثانياً متخفيا !. كان الاعداد للانقلاب العسكري قد تم بالاتفاق بين العسكر مع الفالانج و الكارلسيت ، الذين اصروا على قيامه تحت العلم الملكي ، والدعوة لألغاء جميع الاحزاب بعد النصر !. و حدد"مولا" يوم السابع والعشرين من تموز موعدا لبدء الحركة من مراكش حيث يطير فرنكو الى هناك لتسلم قيادة جيش افريقيا و لأن المتأمرون كانوا يدركون صعوبة السيطرة على مدريد في تلك المرحلة . و كانت " سيفيك" و ليست " برشلونة" هي الهدف الاول على الارض الاسبانية فالخطة كانت تقضي بتحرك " مولا" من الشمال و " غودد" من الشمال الشرقي و " فرنكو" من الجنوب ، و جنرالات الحاميات الاخرى بأتجاه العاصمة ، على ان يطير " سينفورو" من البرتغال الى المكان المناسب لتمركزه. و تجمعت السحب السوداء لتنذر بالحرب الاهلية الوشيكة في افق اسبانيا المدلهم!..
...............................
يتبع
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - والله صرت اشفق عليك !
خالدمحمود ( 2016 / 9 / 10 - 20:33 )
معود روح اكتبلك قصة ،شعر،والله انت تتعب حالك وما اشوف حدا يعبرك لو بتعليق ،انت ضد ستالين والشيوعية فهمناها ووصلت صوتك لمن يهمه الامر ،بس سؤال انت شو كنت تشتغل ايام صدام !انا عندي افتراض بس مايصير اتهم دون دليل بس اللي على شاكلتك لازم يكون مخبر!


2 - ضحالة الفكر وسفاهة العقل
ماجد الشمري ( 2016 / 9 / 11 - 08:29 )
نعم حدسك صائبا ياهذا !!فقد كنت عفلقيا فاشيا وعملت مخبرا ليس في ايام صدام فقط بل في اجهزة عديدة منها السافاك والموساد والسي آي اي!!ولكني مع الاسف لم اعمل في الغيبيو والكي بي جي كهذا انتم معشر المصنمين الارثوذوكس وضعتم قالبا ايديولوجيا دينيا ومن يخرج عليه بنقد او اختلاف يضع في خانة العمالة او الانحراف او خدمة الانظمة الفاشية صدامية كانت ام دينية بالنسبة للعراقيين ومن على شاكلتنا!!! هم دوما فرقة ضالة مصيرها التصفية في الدنيا والنار في الاخرة ولست انا من يستحق الشفقة والرثاء بل من انقشعت احلامهم وتحولت الى كوابيس مرعبة ومن سقط المتاع والذيول ولله في خلقه شؤونّّ!!!


3 - له ياماجد!!
خالدمحمود ( 2016 / 9 / 11 - 22:39 )
شوسافاك وموساد معود اذامقالاتك ماحد يقراها ولاحدا بيعبرك بتعليق يعني ماكو مؤهلات دخلك شوراح يستفيدو منك الافضل مخبر متخبي ورا جريدة متل الافلام واظن انك ساويتا عندي حدس !

اخر الافلام

.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا


.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.




.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع