الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزائر: عن العنف و خطاب الكراهية

ماجيد صراح

2016 / 9 / 11
الصحافة والاعلام


أخبرني أحد الأصدقاء أنه اضطر لطلب موعد عند طبيب نفسي و ذلك بعد أن قضى ثلاثة أشهر و هو يقرأ قرابة العشر جرائد يوميا، كلمة بكلمة، و ذلك في إطار دراسة قام بها حول الخطاب الذي تتداوله هذه الصحف. حسبه، ما وجده من خطاب عنف و كراهية في هذه الصحف فاق كل تصوراته. فحتى الصحف الرياضية كانت تعنون بالخط العريض كيف أن الرياضي الفلاني شتم الرياضي العلاني، و كيف أن اللاعب الفلاني اعتدى في غرفة تغيير الملابس على اللاعب العلاني. أذا عرفنا أن معظم قراء هذه الجرائد الرياضية هم شباب و مراهقون، و كيف أنهم يعتبرون هؤلاء الرياضيين الذين تتحدث عنهم الصحف قدوة لهم و بالتالي سيميلون لتقليدهم في اللباس و قصات الشعر و السلوك، فلنا أن نتصور النتائج.

سواء تعلق الأمر بالصحافة المكتوبة أو المرئية، الوطنية أو الدولية، فان صور العنف و الدماء و أخبار قتل الأطفال و الاعتداء على النساء أصبحت أكثر قربا من المواطن و قربت معها العنف الذي تتداوله و جعلته متقبلا، و أفقدتنا حتى إحساس التعاطف مع ضحاياه.
من جهتها وسائل التواصل الاجتماعي و الأنترنيت، و إضافة لكونها ساهمت بتشجيع حرية التعبير فكانت منبر من لا منبر له، ألا أنها كانت أيضا بوقا نفخ فيه المتطرفون لنشر و الترويج لخطاب العنف و الكراهية ضد الأفراد أو المجموعات التي تخالفهم الرأي أو الانتماء. و تم استخدامها لشحن مجموعات ضد أخرى بإثارة الغرائز الدينية و الاثنية و بنشر معلومات مغلوطة و شائعات لتأجيج مشاعر الكراهية .

غالبا ما يبقى هذا العنف المعبر عنه حبيس مواقع التواصل الاجتماعي، الشيء الذي لا قلل من خطورته، لكن في أحيان أخرى يحدث و أن يتحول إلى عنف جسدي. و ما عرفته منطقة غرداية من أحداث في العام الماضي و الذي راح ضحيته 22 شخصا و خلف عشرات المصابين، و إن كانت أسبابه عديدة، إلا أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تأجيجه، و هو مثال عن تحول هذا الخطاب من القول إلى الفعل.

الخطير في الموضوع هو أنه سواء تعلق الأمر بمواطنين بسيطين يتناقشان حول موضوع يختلفان فيه الرأي، أو حتى يكفيهما أن يكونا من مجموعتين مختلفتين، يعلقان على موضوع ما على شبكات التواصل الاجتماعي، أو خصمين سياسيين في حوار تلفزيوني فالأسلوب غالبا ما يكون نفسه، فنادرا ما يكون النقاش وديا يسوده الاحترام المتبادل رغم الاختلاف، بل كل فريق يدعي امتلاك و احتكار الحقيقة المطلقة و يزدري الأخر و يتهجم عليه و على أفكاره.

غالبا ما نبرر هذا العنف الذي نعيشه و الذي نعبر عنه في مجتمعنا بما عشناه سواء أثناء العشرية السوداء من عنف و قبلها أثناء الحقبة الاستعمارية، حتى و لو لم يكن هذا خطأ، لكن أليس هذا تقاعسا منا في تحديد المسؤوليات و إيجاد الحلول و أليس حريا بنا اليوم الالتفاف من إعلام، سياسيين، باحثين، مجتمع مدني، رجال الدين و الدولة من أجل دراسة هذه الظاهرة و تحديد مسبباتها و إيجاد سبل محاربة العنف و خطاب الكراهية و دعم ثقافة التسامح و الحوار بمجتمعنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو