الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زيادة اسعار الوقود بين المخادعة والضغوط

محمد عنوز

2005 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تم الأعلان عن تنفيذ القرار الخاص بزيادة أسعار الوقود بعد إنتهاء عملية التصويت لإنتخاب مجلس النواب في ضوء الدستور " الدائم " ، من دون تمهيد وكشف عن الأسباب الدافعة لمثل هذا القرار قبل بدأ العمل فيه، وقد تواترت الأخبار حول رفض القرار وبذات الوقت إنطلقت المسوغات من مختلف المواقع الحكومية عبر المؤتمرات الصحفية والتصريحات المتكررة، وهناك من رفضه جملة وتفصيلاً وهناك من رفض توقيت إعلان القرار وكيفية تطبيقه، وهناك من رفع لواء الخدعة وقدم تسويغ لا يعالج التوجيع والتجويع في آن واحد وذهب بنا محلقاً بعقولنا، قائلاً بأن الزيادة يراد لها أن تكون دعم للفقراء ومساعدتهم وتقديم المن والسلوى لهم !!!
في حين حيث شهدنا تداعيات القرار وسط القطاعات الشعبية بإعتبارها المتضرر الأكبر منه، التي كانت هي مادة التحدي للطغيان والإرهاب، وهي المادة الأساسية لما يسمى الإستحقاق الإنتخابي، لذلك كان موقفها واضحاً وصوتها عالياً بالمطالبة بإلغاء القرار، ونقول نعم ليت الحكومة توقف القرار على أقل تقدير لحين إيجاد طريقة مناسبة تعالج الأثار المحتملة من تطبيق القرار على ذوي الدخل المحدود وليس فقط المشمولين بالرعاية الإجتماعية من كبار السن والإيتام والمعوقين والعاطلين عن العمل، على الرغم من أن هؤلاء بحاجة إلى إهتمام أوسع وتنظيم أفضل ورعاية أكبر من حيث حجم الدخل وآلية ايصاله لهم بما يحفظ لهم كرامتهم الإنسانية إلى جانب إعادة النظر في الأسس المعتمدة في مجال الرعاية بما يجعلها منتجة أكثر من الناحية العملية .
إن زيادة إسعار وقود السيارات ووقود البيتوتات من نفط وغاز بحد ذاتها ليست حاجة عراقية تستلزمها ميزانية الدولة أو تنظيم عملية تقديم الخدمات والمساعدات، إنما هي نتاج ضغوط دولية تتعلق بموضوعة الديون التي يراد لها الشبط وموضوعة الخصصة الموعودة التي ستحمل النار للإغلبية التي سحقها النظام السابق ولم ينصفها بعد النظام الجديد، وتوفر بذات الوقت الربح الوفير وغير المعقول للأقلية القديمة والجديدة من أصحاب رؤوس الأموال ومن هم رؤوس في البلاد.
نحن والكثير من العراقيين نتفهم موضوعة الديون وضرورة إلغائها عبر المفاوضات مع البنك الدولي أو أعضاء نادي باريس المالي، ولكن هذا لا يعني في كل الأحوال جعل مصلحة الشعب العراقي أو قدراته الحالية موضع إستخفاف أو لم يحسب لها حساب من جهة، ومن جهة أخرى أن لا تكون عملية المفاوضات التي نعلم جميعاً بأن المساهمين فيها عدد غير قليل من المسؤولين العراقيين بشكل مباشر أوغير مباشر ومن مختلف القوى السياسية وعلى وجه الدقة من مختلف الكتل الإنتخابية عرب وأكراد وتركمان وغيرهم، مسلمين من الشيعة والسنة، ومسيحين ومندائين وأيزيدين، أليس الجميع شاركوا في العملية السياسية وبالتالي بتشكيل الحكومات وإتخاذ القرارات؟!!!
ومن هنا ليس صحيحاً أن يقال هذا إتفاق وقعته حكومة علاوي أو أي حكومة غيرها، فالجميع أسماء وكيانات أفراد وأحزاب كانوا في مجلس الحكم ووزارته الأولى، في الحكومة المؤقتة ومجلسها الوطني، وفي الجمعية الوطنية وحكومتها الإنتقالية، وقبل كل ذلك ألم يكن مطلب إلغاء الديون أحد بنود برامج الحركات والأحزاب قبل السقوط وبعد السقوط ناهيكم عن أن معظم المسؤولين الحكومين وغير الحكومين أكدوا صحة الإتفاق وضرورته وأشاروا إلى كونه مطلب خارجي وليس حاجة عراقية ماسة، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يتم تقاذف أوجاع الشعب بهذه الطريقة وعلى مسمع الجميع؟ّّ!!! أليس هناك في الوقت متسع لرفض القرار ورفض الإتفاق وبالتالي ( يا دار ما دخلك شر ) ؟!!!
كما إننا إذ ندرك بأن العملية خارج إرادة الحكومات وأنها طلبات دولية، لكن هذا لا يعفى أية حكومة من عملية تدارك المتاعب والإثار التي ستتركها عملية الزيادة على القطاعات الشعبية، لذلك لابد أن يكون الجدل حول كيفية التنفيذ وتوقيته، وهنا لابد للمسؤولين العراقيين أن يتسابقوا بالتصريح لمعالجة هذا الضغط الذي يقع بالدرجة الأولى على ذوي الدخل المحدود لا ان يذهب الأمر إلى التلميح بالمعالجة من دون إجراءات محكومية ملموسة، الأمر الذي ترك الإدارات المحلية ممثلة بمجالس المحافظات أو المحافظين يتحفظون على قرار الزيادة أو يرفضون تطبيقه في محافظاتهم، وهذا مؤشر لا يخدم عملية بناء السلطة وإنسيابية القرارات وفق الشكل الهرمي وما يفرضه من صلاحيات، إلى جانب تداعيات الأمر من الناحية الإجتماعية والإقتصادية والسياسية ونحن في هذه الظروف التي تحمل معها بوادر التعقيد أكثر من الحل المفيد، حيث أخذت عملية تسويغ القرار منحى المخادعة المباشرة والمكشوفة، فالموضوع هو زيادة أسعار الوقود وليس موضوع الرعاية الإجتماعية التي خصص لها 80 مليار دينار، وما جدوى زيادة الاسعار وتقديم المساعدات بالنسبة لذوي الدخل المحدود؟! وكيف سيصل التعويض لذوي الدخل المحدود، إذا ما تم تقديم المساعدة بإنتظام كما نأمل للمحتاجين والمشمولين بالرعاية الإجتماعية؟! وهناك العشرات من التساؤلات، لا بل نقول بكل صراحة يتوجب على الحكومة العمل بأسلوب أخر، يجب أن تصدر القرارات متضمنة نص بدأ التنفيذ بعد ثلاثة أشهر على الأقل كي يكون في الوقت متسع لفهم القرار والتفاعل معه بشكل حيوي أو التراجع عنه في حالة وجود حلول أفضل خصوصاً في قرارات تمس حياة الناس مباشرة، فالمجتمع تعبان يا ناس وبحاجة لجهد عون لا تصرفات فرعون، وأن لا نقع ما لا يحمد عقباه من ردود الأفعال ونحن في بداية الطريق لتحقيق الأمال، وأن يصار إلى تهيئة المستلزمات والآليات من أجهزة وطاقات بشرية قبل أن يعلن عن قرار ما كي لا يتحول إلى وعد من دون حد ، لذلك نقترح مايلي :
تأجيل تنفيذ قرار لمدة ستة اشهر، وتعديل أجور الموظفين والعاملين وفق سلم محدد وواضح، وتكوين صندوق خاص للمساعدة الإجتماعية وفق نظام شفاف وقانوني وإنساني، وهذا ليس صعب لمن يريد حقاً لنفسه وأهله حياة كريمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عمليات بحث تحت الأنقاض وسط دمار بمربع سكني بمخيم النصيرات في


.. مظاهرات في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وإعادة المحتجز




.. رغم المضايقات والترهيب.. حراك طلابي متصاعد في الجامعات الأمر


.. 10 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي النصر شمال مدينة




.. حزب الله يعلن قصف مستوطنات إسرائيلية بعشرات صواريخ الكاتيوشا