الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أفاقون في أدوار النبلاء

نزار جاف

2005 / 12 / 24
كتابات ساخرة


سأل البعض إمرأة کانت تدعى "لبيبة" کم مرة تزوجت خلال حياتها، فأجابت؛ بأنها لم تتزوج سوى مرة واحدة. وحين سألوا أختها "زبيبة" نفس السؤال، أجابت بسرعة؛ أنا ولبيبة تزوجنا عشر مرات لحد الان! هذه النکتة تذکرتها وأنا أتابع تلک الصلافة و الصفاقة و الغطرسة التي تزداد يوما بعد آخر عند زمرة شذاذي الآفاق و قطاع الطرق الذين رماهم الدهر على أکتاف العراقيين طيلة35 عاما، وهم يواجهون جريرة أعمالهم الاجرامية التي بيضت وجه کل طغاة و جبابرة العصور. وکم ضحکت ملء أشداقي وأنا أتابع تلک المحاضرات الرصينة في الوطنية و التأريخ و الاخلاق والقيم التي مافتأ الدکتاتور المخلوع و أخوه غير الشقيق برزان يلقيانها عبر جلسات المحاکمة، برزان هذا الذي تقمص جلد شاة و يحاول الدفاع عن التأريخ والقيم و الاخلاق الاصيلة، هو ذاته الذي روى مسؤول في القصر الجمهوري قبل أيام لصحيفة الحياة، عن ذکرياته في القصر الجمهوري وکيف أن أب و إبنه کانا معتقلين في القصر الجمهوري(!!)وينتظران النهار حتى يتم إحالتهما لمحکمة للنظر في أمرهما"بحسب ما يروي ذلک المسؤول السابق"، لکن برزان حين رجع ثملا للقصر ووجد ذلکما الشخصين وإستفسر عنهما، وما أن أخبروه حتى أخرج مسدسه الشخصي و أفرغ عدة رصاصات في الاب و الابن ليرديهما قتيلين، ولسان حاله يقول أنا القانون وأنا بداية الامور و خواتيمها! هذا الرجل الذي ينسى في غالب الاحيان أنه تقمص جلد شاة وبات من ضمن النعاج الوديعة، يکشر عن أنيابه المخابراتية و يقذف لسانه أقذع الافاظ و أنتنها بوجه الشهود، وکأنه فرعون زمانه وليس سوى مجرم وضيع في قبضة العدالة! الذي کان يلفت النظر هو ذلک الانبهار الممزوج بفرح غريب في عيون الدکتاتور وهو يتابع دور برزان بکل دقة. إن الذي يدعو للإستهزاء و السخرية، هو أن يرافع کل من صدام و برزان عن التأريخ و القيم ويحاولان الايحاء بأنهما يتکلمان من موقف"القوة و الإقتدار". عن أي تأريخ يتحدثان؟ والى أية أخلاق يشيران؟ التأريخ الذي جعل العراقي عالة في إيران وبات الايرانيون يتأففون من کل ماهو عراقي!! التأريخ الذي جعل الخوف و الرعب مخيما في لا في البيوت و الازقة و الشوارع و الاسواق، وإنما حتى في أسرة النوم الزوجية! التأريخ الذي نجده مکدسا في القبور الجماعية في طول و عرض العراق، أم التأريخ الذي نجده في تشتت أکثر من مليوني عراقي في مختلف بلدان العالم هربا من مستقبل مجهول في ظل طاغية أرعن. وعن أية أخلاق يتحدث أبناء "صبحة"، هل هي تلک الاخلاق التي کان صدام يحملها أيام کان يسرق الدجاج من بيوت الناس في العوجة ويبيعه في الاسواق؟ أم عن تلک الاخلاق الحميدة التي کان يحملها سليل الحسب و النسب و"طيب الذکر" عند العراقيين؛ عدي أبن الطاغية الذي کانت مآثره و مناقبه تملأ الآفاق حتى صار من کثرة تداول أخبار فتوحاته و بطولاته يکاد يکون"متنبي"زمانه إذ صار حديث الدنيا و شاغل الناس، وکل العراقيين يتذکرون موقفه الجليل و الاخلاقي جدا من عمه"وطبان"حين کاد أن يرديه قتيلا لولا أن أخطأت الاطلاقات الموجهة من البندقية الرشاشة لعدي أماکن جسده الحساسة وتستقر في رجله! أو عن تلک الاخلاق النبيلة التي تجسدت في عهود الامان التي قطعت لحسين کامل حسن و أخوه ثم فتکوا بهما بصورة بربرية تتفنن بها دوما الاخلاق العوجوية. صدام الذي تحاجج بأنه کان يدافع عن شرف العراقيات بعد أن صار الکويتيون ينالون منهن وطرهم لقاء عشر دنانير، لم يبين السبب الحقيقي لوصول العراقيات الى هذا الدرک، ويحاول على طريقة"زبيبة" آنفا أن يدافع عن نفسه! إنها والله لمهزلة ليست بعدها مهزلة، وأقول مهزلة لأن صدام و بطانته الغبية و الجاهلة لم يفقهوا لحد الان العلة و الهدف المرتجيين من وراء المحاکمة. إنهم يصولون و يجولون و يقولون کل ما يحضرهم من الکلام من دون وجل. وهؤلاء السذج الاغبياء، حين يذکرون أن هذه المحاکمة هي للتأريخ، فإن طبيعة رؤيتهم الضحلة للأمور تجعلهم لا يعون من الذي أقام هذه المحکمة و يحميها. لقد کان برزان مصيبا جدا حين قال ماقال عن دموية العراقيين، ذلک أنه لو کان وقع"وأخوه الدکتاتور" في أيديهم لکان للموضوع شأنا مختلفا عن الشأن الحالي، وحتى لم يکن بوسع العالم أن يشهد الاداء المملوء طيشا و نزقا للدکتاتور. أمريکا هي التي وضعت و رتبت کراسي المتهمين من شلة دکتاتور بغداد الارعن بهذا الشکل، وهي التي تحميهم من نيران غضب العراقيين، وهي التي تسمح لوسائل الاعلام العربية بنقل تفاصيل المحاکمة. واشنطن ومن خلال هذه المحاکمة، ترسل رسالة فيها الملامح التي يجب توفرها في الأنظمة السياسية بعد إجراء الاصلاحات التي"ترتأيها أمريکا"في بلدان المنطقة. صدام في واقع أمره ليس سوى مجرد "أراجواز"محدود الحرکة و الارادة، وإن خطاباته الحماسية الإنفعالية لن تکون في المستقبل إلا نکت"ممجوجة"يوردها کل طالب دراسات عليا بصدد المرحلة الدموية السوداء لهذا الطاغية المجنون. غير أن الذي يجب ملاحظته هنا، هو تشبث صدام و شلته بالقيم و الاخلاق العراقية، وحين يصف برزان العراق بحمام الدم بعد إبادة العائلة المالکة العراقية، فإنه بهذا يذکرني بالنکتة التي أوردتها أعلاه، وقطعا سوف يدرک القارئ الکريم أنني أضع صدام و عصابته في صف زبيبة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل