الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إختلالٌ مُخزٍ في توزيع الثَروة

امين يونس

2016 / 9 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


قبل العيد ، بأيام ، لاحظتُ عند تجّولي في الأسواق والمولات ، بأن الإزدحام شديد ، وأن هنالك حركة تَسّوُق جّيدة ، للملابس والحلويات وبضائع العيد .. رُبّما تكون أقل قليلاً مُقارنةً مع السنوات السابقة ، لكنها على أية حال ، لا تعكس واقع ( الأزمة المالية الخانقة ) التي يمُر بها الأقليم وشعب الأقليم .
فمن ناحِية ، أينما توجهتُ " في المُحيط الذي أتحركُ ضمنه ، على الأقل " ، هنالك شكاويٍ مريرة ، من العَوز والحاجة والجيوب الفارغة ، وعلامات الفاقة واضحة على مُحيا أغلبية الناس ، والتذمُرُ بادٍ على الوجوه المُتعَبة .
ومن ناحيةٍ أخرى ، فأن الأسواق والمولات ، مليئةٌ بالمتبضعين ، والكازينوهات والمقاهي مُكتظةٌ بالرواد .. فَمَنْ هُم يا ترى ، الفِئة الأولى ، أي المُتذمرين ذوي الجيوب الفارغة ؟ ومَنْ هُم ، الفِئة الثانية ، أي المُرتاحين ذوي الجيوب العامِرة ؟
* أعتقد ، بأن أكثر من نصف شعب أقليم كردستان ، هُم من الفِئة الأولى ، الذين إعتمادهم على " الراتِب " .. الراتِب الذي تبهدَلَ مُؤخَراً وأصبحَ حُلماً بعيد المَنال ! . فعدا عن حجب الراتب لعدة أشهُر ، في السنة الماضية ، فأن الحكومة دفعتْ خلال الثمانية أشهُر من 2016 ، حوالي ال 40% فقط ، من الراتب ، كُل أربعين أو خمسين يوماً ، وليس كُل ثلاثين يوماً . ولهذا فأن أكثر المُتضررين هُم : العوائِل التي تعتمد على راتبٍ واحدٍ للأب أو الأُم ، وليس عندهم موردٌ آخَر . وكذلك آلاف الذين يسكنون في دُورٍ أو شُققٍ مُؤَجَرة . والمتقاعدين وذوي الإحتياجات الخاصة ، والعوائل الكبيرة الذين بينهم مرضى مُزمنين . إضافةً إلى عُمال البناء والخدمات وأصحاب المصالح الخاصة الصغيرة ، الذين توقفتْ أعمالهم نتيجة الأزمة المالية أولاً وبسبب مُزاحمة اللاجئين السوريين والنازحين ، لهم .
كُل هُؤلاء ، غَدَتْ جيوبهم فارغة ، ولا يستطيعون تلبية جزءٍ مُهم من إحتياجاتهم الضرورية . لا تتوفَر عندي إحصائيات دقيقة ، لكني أعتقد أن نسبة هؤلاء جميعاً ، أي الفِئة الأولى ، المُفلِسة ، تتراوح بين 45-55% من نفوس الأقليم .
* من [ إنجازات !؟ ] الحزبَين الحاكمَين خلال العشرين عاماً الماضية ، تنافُسهم الشديد على كسب المُؤيدين والمُطبلين لهما ، عن طريق تعيينهم في وظائِف شكلية ، أو " تكريمهم " بِرُتَبٍ عسكرية أو أمنية ، مُزّيفة ، ومتقاعدين اُحيلوا على التقاعُد من دون خدمة فعلية ، أو صرف راتبَين وحتى ثلاثة وأربعة ، تحت عناوين مُراوِغة ، من قبيل : البيشمركة الرُواد / سُجناء سياسيين / خدمة جهادية / إحتساب سنين مُزورة للتقاعُد / دَرج أسماء وهمية في قوائم الرواتب .... الخ .
معظم هؤلاء ، من الكوادر الوسطى من الحزبَين الحاكمَين [ وهنالك القليل من كوادر الأحزاب الأخرى أيضاً ] ، المُستفيدين من التوزيع الفاسد للموارد والإدارة السيئة للحزبَين الحاكمَين ... هؤلاء لم يتضرروا كثيراً من الأزمة المالية ، فلكل منهم أما بعض المصالح التجارية الصغيرة والمتوسطة ، أو يزاول عملاً خاصاً ، إلى جانب إستلامه لراتبٍ أوأكثر . أعتقد ان نسبة هؤلاء تتراوح بين 25-35% من مجموع النفوس . أنهم الجُزء السُفلي من الفِئة الثانية .
* هناك على حد قَول إخواننا المصريين ، مَنْ يُسّمى ب ( إبن المحظوظة ) .. فعندنا هُنا العديد من أبناء المحظوظة . فإذا كان كِبار مسؤولي الحزبَين الحاكمَين ، هُم الأصحاب الفعليين للشركات التجارية والإتصالاتية والخدمية والإنشائية ، الإحتكارية العملاقة في الأقليم ، فأن بطاناتهم وخدمهم وحشمهم وأتباعهم ، يمتلكون شركات كبيرة في مُختلف مناحي الحياة الإقتصادية وعقاراتٍ وأراضٍ ، وأصبحوا أيضاً يمتلكون أموالاً طائلة ، وتحولوا إلى مليونيرات ، خلال عقدٍ من السنين فقط . " أبناء المحظوظةِ " هؤلاء ، هُم الجزء الأعلى من الفئة الثانية ... أنهم يعيشون في " دُنيا " اُخرى مُختلفة ، ولا تمُسهُم الأزمة المالية لا من قريب ولا من بعيد . أعتقد ان نسبة هؤلاء تترواح بين 4-7% من السُكان .
* هنالك قسمٌ من المقيمين في الأقليم ، من النازحين من الأنبار وصلاح الدين وديالى ولا سيما نينوى . الآلاف من هؤلاء موظفون او معلمون ، يستلمون رواتبهم من الحكومة الإتحادية في بغداد " رواتبهم كاملة وفي مواعيدها المُقرَرة " . إضافةً إلى وفود العديد من النازحين الأثرياء أصلاً ، من تلك المحافظات . معظم هؤلاء ، أحوالهم المعيشية جيدة ، لاسيما مُقارنةً ، مع الفئة الأولى المسحوقة . أعتقد ان نسبة النازحين المُرفهين [ نسبياً ] تتراوح بين 2-3% من النفوس .
......................
أرى ان الصورة أعلاه ، توّضِح شيئاً ما ، الإختلال المُخزي في توزيع الثروة ، واللاعدالة المُفرطة في تكدُس الأموال عند القِلّة ، وحرمان الأكثرِية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رسالة من تبون لمحمد السادس.. أكثر من تعزية؟ | هاشتاغات مع غا


.. حزب الله يطلق وابلا من الصواريخ والمسيرات على إسرائيل ردا عل




.. في مدنية جيل البلجيكية.. تقليد فريد لاستقبال المرضى النفسيين


.. إسرائيل مستمرة في اغتيال قياديين في حزب الله عبر استهدافهم ب




.. الغارديان: جهود البيت الأبيض لحماية جو بايدن تتعرض للانهيار