الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


همسٌ وهشيم

عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)

2016 / 9 / 16
الارهاب, الحرب والسلام


همسٌ وهشيم...
همس...
كانت الشاشة العملاقة التي نُصبت وسط جموع الشباب الغفيرة المحتفية بمناسبة (فير داخن) أي الأيام الأربعة على ضفة نهر (الراين) بمدينة (نايميخن) التاريخية تجتذب مرأى ومسمع جميع من حضر لمشاهدة فيلم يتكلم اللغة الأنكليزية بلكنة أمريكية. أعطى جميع الحضور ظهره للنهر الجميل وأنهمك بمتابعة أحداث الفيلم الذي أسرهم فقالوا عنه أنه أحد صيحات هوليود هذه الأيام، بينما صارت أقداح البيرة أكداساً بعد أن عجزت عن أستيعابها حاويات بلاستيكية أنتشرت حولهم.
عذراً لكم من القول بأن جميع الحضور شوقه الفيلم، فقد كان هنالك من لا يبالي بأحداثه، ثمة شابين وشابتين قد أعطوا ظهورهم للشاشة وراحوا يترقيون مياه النهر تنساب بنعومة قاطعة المسافات نحو البحر. همست الشابة وهي على ثقة بأن لا أحد يسترق السمع، وإن سمعها أحدهم سوف لن يفهمها لأن كلماتها بلغة عربية وبلهجة سورية هي غريبة على المجتمع حولهم هنا كغربتهم...
ـ أتمنى لو أنني أستطيع الغوص بالماء...
أجابها أحد الشابين بنفس الهمس: كلنا يتمنى أن يعرف كيف يعوم وكيف يغطس بعمق الماء.
قالت: ربما سأجده وأكلمه.
قال الآخر: يجب أن تقتنعي بأنك سوف لن تجديه، فقد صار طعاماً أكلته الأسماك بعمق البحر.
قالت: نعم، أنا أدرك ذلك جيداً، منذ ذلك اليوم المشؤوم وأنا لا آكل السمك!
× × ×
هشيم...
يتجمع الأطفال معظمهم من السوريون بقاعة صغيرة لممارسة نشاطات فنية مختلفة تبعدهم عن الأجواء المشحونة لذويهم وهم بأنتظار نتائج قبول لجوئهم. القاعة تتتوسط مركز لتجميع اللاجئين، آسيويين وأفارقة وعرب، نشرف نحن ونترجم للمشرفة الهولندية التي جاءتهم هذا الأسبوع بفعالية متميزة عن سواها بأن يلصقون قطع هشيم لبلاطات سيراميكية على لوح خشبي تتوسطه مرآة فيصبح العمل كديكور ملون يعلق في غرفهم التي حشرت لآخرها بالبشر.
أقتربت الطفلة مني بعد أن مارست مع البقية فعالية لصق القطع على اللوح فأخرجت عملاً جميلاً منسقاً، سألتني عن ضمادات كنا نضعها على جنب، قلتً لها بأنها أسعافات أولية فيما لو تُخدش قطع الحجر أيديهم الناعمة، قالت... وما هذا الكيس المصنوع من قماش قاسٍ؟ قلت... كي لا تتبعثر القطع الصغيرة حينما نكسّرها ونعدها للفعالية...
ـ أيمكنني أن أضع تلك البلاطة السليمة داخل الكيس وأهشمها لقطع صغيرة؟
ـ بالتأكيد ياحلوتي الصغيرة.
... وبينما كنا نجمع الهشيم في حاوية بلاستيكية، همست بأذني: لا توجد ضمادات هناك ولا حاويات مع أنه في (حلب) لدينا من الهشيم تلالاً تكفي أن يلعب بها كل أطفال الأرض!
عماد حياوي المبارك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قتيل وجرحى في انهيار مبنى بمدينة إسطنبول التركية


.. مبادرة شابة فلسطينية لتعليم أطفال غزة في مدرسة متنقلة




.. ماذا بعد وصول مسيرات حزب الله إلى نهاريا في إسرائيل؟


.. بمشاركة نائب فرنسي.. مظاهرة حاشدة في مرسيليا الفرنسية نصرة ل




.. الدكتور خليل العناني: بايدن يعاني وما يحركه هي الحسابات الان