الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


روبرت دريفوس: العراق، اللعبة إنتهت

كهلان القيسي

2005 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الأمل الأخير للسلامِ في العراق قد دهس حتى الموتِ هذا الإسبوعِ. بعد "نصر" التَحَالُفِ الدينيِ الشيعيِ في إنتخابِات 15 ديسمبر/كانون الأول، والذي سيضع السلطة للسَنَوات الأربع التالية في أيدي فرقة مُتعصّبة مِنْ الأطرافِ الشيعيةِ الأصوليةِ المدَعومة مِن قِبل إيران، قبل كل شيء بيد المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ الذي دَعمَ بشكل سري وبسوء وحقد، من آيته السيستاني، وهو مدعوم مِن قِبل قوة شبه عسكرية عدد أعضائها يقدر ب 20,000 تسمى لواءَ بدر، وبكلا الدعم العلني والسري مِنْ دائرةِ المخابرات الإيرانية وهيئة الحرس الثورية، فان المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق سَيَخْلقُ معقلا ثيوقراطيا ( حكومة دينية) في معاقلهم العراقيةِ الجنوبيةِ وتَستعملُ قوَّتَها في بغداد لحُكْم ما تبقّى مِنْ الدولة العراقيةِ بِالقوة.
إنّ عواقب "نصرِ" المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق ِمتعددة، لأنه ليس هناك أي أمل في حلول وسط، ولا فرصةَ لمحادثاتِ سلام بين فئاتِ العراق، ولا فرصةَ لوساطةِ دوليةِ.وليس هناك قوة معتدلة التي يُمْكِنهاُ أَنْ تردم هوة التقسيماتَ الفئويةَ أَو الطائفيةَ. لذا المحطّة القادمة: الحرب الأهلية.
ليس هناك أيّ أمل في البَحْث عن الحلول الوسطية في كارثة الانتخابات العراقيِة. إنّ رئيسَ الوزراء القادمَ من المحتملَ، هو عادل عبد المهدي، الناطقِ ذو الكلام السلس للمجلس الأعلى السفاح. في العراقِ ورئيسه، عبد العزيز الحكيم، القائدُ السابقُ للواءِ بدر و رجل الدين الذي أصدرَ النداءاتَ المُتعطشة للدماءَ بأنه لا حَلَّ إلا بالقضاء عسكريا على المقاومة. وسَتنتشرُ العديد من سجون التعذيبِ السريةِ المدارة من قبل المجلس الأعلى الذي يقود وزارة الداخليةِ العراقيةِ ، وفرقِ الموت التابعة للمجلس سَتبْدأُ بتحضير قوائمِهم مِنْ الأهدافِ للاغتيالات . الدستور الطائفي الخلافي الذي صُدِمَ العراق به في أكتوبر/تشرين الأولِ بأصوات الكتلةِ الدينيةِ الشيعيةِ سَيَكُونُ سليما محفوظا تحت "حكومة دائمة" جديدة للعراق تحت قيادة المجلس.
أما الأكراد، الذين ابعدوا أنفسهم في شمال العراق، فإنهم سَيَتقهقرون أبعد إلى جيبِهم، مقتنعين للمَضي تدريجياِ نحو الذي يَتمنّونَه سَيَكُونونَ دولة ردفِ إنفصاليةِ. ففي وقت سابق من هذه السَنَة، وبعد الإنتخابَات الإنتقاليَة في 31يناير /كانون الثّاني رتب الأكراد صفقتِهم مع الشيطانِ الشيعيِ، في تبادلِ مصلحتين حيويِتين (لهم) وهما: أن العراق سَوف لن يكونُ عِنْدَهُ قوة إرادة لحكومية مركزية موجودة عملياً فحَجزتْ للمناطقِ الإقليميةِ، وأن العائداتِ مِنْ حقولِ النفط العراقيةِ المستقبليةِ سَتَذْهبُ إلى تلك المناطقِ، وليس للحكومة المركزية. كُلّ حاجة الأكراد الآن هي السيطرَة على كركوك، أَيّ هم يَعملونَ بالقوةِ، وبالعنف، وبالتَطهير العرقي الذي يهدّفَ نحو السكّانِ العربِ مِنْ منطقةِ كركوك.
إنّ السُنّةَ يَتهمون عملية الانتخابات بالتزوير، ويُهدّدُون بالمُقَاطَعَة أَو الإنسِحاب مِنْ الجمعيةِ الجديدةِ، ويَتوقّعُ بشكل مفتوح بأنّ العراق سَيَنزلقُ الآن إلى الحرب الأهليةِ. وعملياً لا توجد هناك مجموعةَ من التحالفاتِ السياسيةِ الآن التي يُمْكِنُ أَنْ تَضْمنَ للسُنّةَ سهما عادلا مِنْ القوَّةِ في العراق الجديد. فإن كُلّ زعيم سني، مِنْ ناشطِ في حزب البعثِ إلى الأكثر فدائيَّةً من رجالِ الدين السنة المحافظِين، يَعْرفونُ بأنّ حكومة أو نظام تحت قيادة كتلةِ المجلس الأعلى والحكيم سَيَعْني حربَاً. وكنتيجة لهذا فإن المقترحين للتَعَاوُن مع الحكومةِ الجديدةِ سَيصبحون متفرجين من وراء السياجِ، وهؤلاء دون شك سَيَنضمونَ إلى المقاومةِ. التمرّد سَيَستمرُّ، ويَقوّي هذا الاحتمال.أن الأكثر إدراكيةً بين مسؤولي المخابرات الأمريكيةِ والخبراءِ العراقيين يَعْرفونَ كَيفَ يقَرأون الموقف، وهم يَعتقدونَ في الغالب بأنّه يائسُ. "انا أَكْرهُ القَول، بان اللعبة إنتهت، "كما يقُولُ Wayne White، الذي قادَ مساعي إستخباراتِ وزارة الخارجيةَ الأمريكية في العراق حتى الربيع الماضي. وقال: "لكن نحن فَقدنَاه." ليس هناك آلية للسُنّةِ الآن لإعادة القليل من التوازن في العراق، والأحزاب الدينية الشيعية لَيْسَ لَها حافزُ لتَقديم تنازلاتِ هامّةِ أمّا إلى السُنّةِ أَو إلى المقاومةِ،
وما يزيد في القلق حقيقة بأنّ العناصرُ المعتدلةُ في العراق — تتَرَاوُح مِا بينْ مرشّحِ وكالة المخابرات المركزيةَ المفضّلَ، إياد علاوي، إلى عربةِ وزارة الدفاع الأمريكيةَ المُختَاَرةَ، أحمد جلبي — الذي نفخ بعيداً. لذا، كما تَمنّيتُ في وقت سابق (وكَتبتُ، في هذا الفضاءِ، قبل أسبوعين، تحت عنوان "مسمّى أملِ العراق الأخير الصغير، "وثانيةً، الأسبوع الماضي، في "النقطة الخطر في العراق")، أيّ فرصة يمكن لذلك الشخص مثل علاوي أَنْ يَظْهرَ لك صاحب نفوذ بحيث يُمْكِنُه أَنْ يُردم هوة التقسيمَ بين الشيعة الدينيينِ والمقاومةِ بقيادةِ السنة هي دون جدوى. المُخَطَّطون لمؤتمرِ سلامِ جامعة الدول العربيةِ، الذي حدّدَ انعقاده في أواخر شهر فبراير/شباط أَو أوائل شهر مارس/آذار، من المحتمل أنه لَنْ يَحْدثَ. إلا أن العنف سَيَشتدُّ.

أما بالنسبة لبوش، فإن النَتائِج الآنية مشكلة صعبة بشكل لا يطاق تقريباً. فإن البيت الأبيض سَيَبْدأُ بنَظْر العالم مضحكِاً بينما يَبِيعُ إنتخابَ العراق المُصَاب بالفضيحة والموغل بإلاحتيالَ كولادة للديمقراطيةِ، خصوصاً حينما تَبْدأُ حكومة دينيةُ شيعية وحشية بالتَشْكيل. وإن المقاومة المستمرة سَتَجْعلُ الأمر مستحيلاً على الرئيسِ للإسْتِشْهاد بالتقدّمِ في الحربِ. فعندما يبدأ الرّئيس بوش بطَلَب تخفيض للقوات الأمريكيةِ في العراق، كما يَجِبُ
أنْ يكون، فهو لن يتوقع أنه بأمكانه أن يرى عراقا يسوده السلام أو عراقاً هادئا لكي يمكنه الإشارة إليه. إن صعود قوَّةِ إيران في العراق يُقدّمُ لغزَاً عجيباً محيراً للرئيسِ. فإن بَعْض المحافظين الجدد المتلهّفين، بالطبع، سَيَبْدأُون مُجَادَلَتهم بأن الولايات المتّحدةَ لَيْسَ لَها خيارُ إلا بأَخْذ الحربِ الفاشلةِ في العراق إلى إيران، لتحطيم أولئك الذين يقضون مضاجع الإحتلالَ الأمريكيَ في العراق. أما ألآخرون في إدارة بوشِ، الذين يضعون أقدامهم على الأرضِ على الأقل، فإن مشكلة القوَّةِ الإيرانيةِ في العراق تُعقّدُ قدرتَهم بشكل واسع ليخرجوا بحلول إيجابية على مشروعِ عراق إدارة بوش.

إنّ كارثةَ الإنتخابَات تَعْني بأنّها من المهم جداً الآن للولايات المتّحدةِ أن تفَتْح سبيل المحادثاتِ المباشرةِ مع المقاومةِ العراقيةِ، حتى إذا يَعْني هذا تَحدّيا للنظامِ برئاسةِ الدينيِ الشيعيِ. فإن الولايات المتّحدةُ التي يُسندُ جنودها الـ160,000 الشيعة في الحكم. فإن واشنطن لَمْ تَعُدْ تَستطيعُ تَحَمُّل إعْطاء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراقِ وشريكِها الأصغرِ، الدعوة قوَّة نَقْضِ على قدرتِها للتَفَاوُض على وقف إطلاق نار بالمعارضةِ لكي تَسْحبَ القوات الأمريكيةَ. لَكنَّه يَعْني أيضاً أن كُلّ يوم تَبْقى القوات الأمريكيةَ في العراق، تَخْلقُ الولايات المتّحدةَ يوماً آخراً للقواتِ الدينيةِ الشيعيةِ لتَقْوِية يَدِّهم، لبِناء مقاومتهم الشعبيةِ، ولعَمَل خطط لتَطهير السُنّةِ مِنْ مناطقِ الأغلبيةِ الشيعيةِ. (هو، بالطبع، قد تم بمساعدة الجيش الأمريكي حيث أن المليشيات الشيعية اندمجت في الجيشِ العراقيِ الجديدِ. ) إن الخُرُوج من العراق بأسرع ما يمكن، كما حدده جاك Murtha فإن الولايات المتّحدة يُمْكِنُها أَنْ على أقل تقدير أن تَضْمنُ بأنّ الشيعة لا تزداد قوتهم جداً، وهو قَدْ يَمْنعُ المقاومةِ بقيادةِ السنة من الانجراف نحو الأصولية. وعندما لا تتوفر هناك خيارات جيدة، ثمّ الفطنة تَقترحُ بأن الوقت قد حان لإخْتياَر أهون السيئين.
روبرت Dreyfuss
http://www.tompaine.com
22ديسمبر/كانون الأول, 2005
ترجمة: كهلان القيسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يعلن الاقتراب من مرحلة تفكيك كتيبة حماس في


.. روسيا تتوقع اتفاقية تعاون جديدة مع إيران




.. ترميم مستشفى أصدقاء المريض بعد تدميرها بغزة


.. الأمين العام لعصائب أهل الحق العراقية: دعم واشنطن لإسرائيل ف




.. الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. مناظرة للمرشحين تناقش السياس