الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديموقراطية بصفتها إعادة إنتشار عسكري أمريكي على مستوى العالم

حازم العظمة

2005 / 12 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


منذ أن انهار النظام السوفييتي إلى اليوم و القواعد و الوجود العسكري الأمريكي ، بعكس ما هو "منطقي" ( قد يقول أحد : و ما هو المنطقي في سيرة و تاريخ الإمبراطوريات سوى التوسع و الهيمنة ) أقول ما يزال هذا الوجود العسكري بصورة فاقعة يتمدد ، يتبعه (بطبيعة حال الإمبراطوريات ) التوسع التجاري ، توسيع الأسواق ، السيطرة على مصادر المواد الخام إلى آخر ذلك .. و من ثم حروب جديدة و وعود بحروب ستأتي و ...
هل أننا ما نزال نبتعد ، و أننا لم نتقدم بالأساس إلا باتجاه حروب و نزاعات دموية لا تنتهي ، حبن نتحدث عن البشر و النوع الإنساني ... ، و هل أن الأرض ستظل هكذا إلى الأبد ساحة حرب ، و لا تنتج و لا تغذي إلا البؤس و الهيمنة و جميع النزعات المنحطة ، هل أن البشر " طبيعتهم " هكذا ... ، كما تريد أن تقنعنا بآلاف الوسائط و الأساليب أبواق الدعاية الرجعية و تحديداً الرأسمالية منها بعد أن تعجز في النقاش الذي منذ آلاف السنين يدور حول العدالة و السلم و إمكانيات الكائن الذكي الذي هو الإنسان في أن
" يتطور " بوعيه هو و بإرادته ليصبح ذكياً حقاً و يستحق حياة لا يكدرها الألم و الجوع و القتل ...

ثم كيف تغدو الديموقراطية مطية لاحتلال العالم ، لإعادة إنتشار أمريكي عسكري و إقتصادي على حساب كافة الشعوب ، بما في ذلك على حساب بؤس و استغلال الشعب الأمريكي نفسه ، أجزاء واسعة منه على الأقل ، و دائماً لصالح حفنة من كبار الرأسماليين ...
هذه الرأسمالية التي ما تزال في كل حين تصنع الأزمات و المجاعات لصالح " السوق"
و تفرض على البلدان " الحليفة" ، أي التابعة ، بمساعدة الليبراليين" المحليين" ، شروط البنك الدولي و " منظمة التجارة الحرة " في الإقتصاد التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من التبعية الإقتصادية و السياسية ، في تجارة غير "حرة" على الإطلاق ، وفي أنظمة سياسية غير "حرة" ( ثمة "حرية" من طرف واحد فحسب ، هي حرية الرساميل في إفقارك و نهبك و منعك من النمو )

الديموقراطية الزائفة " حصان طروادة المعاصر " التي تنشرها الإمبراطورية لن تؤدي إلى أحسن مما أدت إليه في كل مكان من العالم المتخلف و المستعمَر ( المسمى لدواعي اللياقة بالثالث ..) إبتداءً من تشيلي بينوشيه ، إلى مصر السادات- مبارك مروراً بليبيا القذافي التي إنتقلت كما لو بعصا ساحر من "محور الشر" إلى صفوف الدول "الحليفة" أو على الأقل أخذت صفة "المسكوت عنه"بمجرد أن فتحت الأبواب أمام الإستثمارات و الشركات الأمريكية لتمارس نشاطها بـ " حرية" هناك ...

في كوبا ، المحاصرة منذ خمسين سنة ، محاصرة لأنها حصلت على الحرية و لن تقايضها بشيء ، لن تقايضها خاصة بوصفات "البنك الدولي " للجوع و التشرد و التسول ، في كوبا هذه يرتهنون رفع الحصار بإطلاق سراح عشرين سجيناً ، يسمونهم سجناء رأي ،و " الرأي " هنا ليس سوى عودة كوبا للخمسينات حين كانت " الحديقة الخلفية " لواشنطن و " الماخور " الأثير لكبار الراسماليين و السياسيين الأمريكيين
، و "الرأي" ليس سوى أعمال تخريب مخططة في واشنطن للإرهاب و الإغتيالات و زرع المتفجرات ، و ليس آخرها محاولات عديدة لإغتيال كاسترو انكشفت بعض تفاصيلها مؤخراً
" الديموقراطية" هناك هي أيضاً حملة "خليج الخنازير" التي جندت فيها الـ CIA المرتزقة و القتلة و القوادين الذين في ميامي لإسقاط النظام الكوبي ..

و لكن هل تغيرت السياسات الأمريكية فعلاً منذ ذلك التاريخ ... ، "الشواهد "على هذا التغير نستطيع أن نجدها بسهولة في البلقان و في فنزويلا و السعودية .. ، و في مصر ... ، وفي فلسطين و خاصة في العراق ، حيث سجلّ "حقوق الإنسان "الأمريكي الأشد
و ضوحاُ ... و دلالة ً
أتوا بالـ "الديموقراطية" إلى العراق في8 شباط 1963 .. ، و ظلوا يغذونها و يمدونها بالدعم السياسي ، و بالأسلحة لمدة أكثر من أربعين سنة ، ثم استخدموا هذه "الديموقراطية" نفسها في تبرير إحتلال العراق مباشرة ، بدون وسطاء و وكلاء .. ، و من ثم هم الآن جادون تماماً و منهمكون في محاولة تقسيم العراق ، بمساعدة و بجهود أصحاب العمائم من جميع الأصناف

أو هل تريدوننا أن نصدق " العتب" الخجول ، الذي يلهوننا به كل حين و آخر فيما يتعلق بسجل حقوق الإنسان و الديموقراطية في السعودية مثلاً ... ، و أن نأخذه على محمل الجد ..

و من جديد و كما فعلوا في التشيلي ، يعيدون الكرّة و يحاولون إسقاط النظام المنتخب ديموقراطياً في فنزويلا ... ، وكمافي كل مرة ، الذرائع الحقيقية ( ما من ذرائع غيرها لديهم هناك ) هي نفسها : تهديد المصالح الأمريكية ... في فنزويلا ...
لكن "عدوى" الحرية الآن تنتقل ، رغم كل شيء
من كوبا إلى فنزويلا و البرازيل و بوليفيا
و البقية ستأتي ... *


* فيما نحن ما نزال منشغلين بـ "موقعة الجمل" ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. خبراء عسكريون أميركيون: ضغوط واشنطن ضد هجوم إسرائيلي واسع بر


.. غزة رمز العزة.. وقفات ليلية تضامنا مع غزة في فاس بالمغرب




.. مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة مدنية شمال غرب مدينة رفح جنوب ق


.. مدير مكتب الجزيرة في فلسطين يرصد تطورات المعارك في قطاع غزة




.. بايدن يصف ترمب بـ -الخاسر-