الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمعكم المباركة !

دعد دريد ثابت

2016 / 9 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


أحاول فهم لغز " جمعة مباركة " الذي شاع تداوله في الأعوام المنصرمة وخاصة على صفحات التواصل الإجتماعي. وكيف كنا نعيش بدون تداول هذه الجملة، وهل كانت جمعنا غير مباركة لعدم تداول العالم العربي الإسلامي هذه الجملة سابقاً؟!
سأحاول وضع عدة سيناريوات لهذه الجمعة المسكينة. لنفترض مثلاً، وكأي مسلم حريص وملتزم، ولايتحمم من أوساخ النفاق والكذب والدجل والتسلط، الا في اليوم الذي يسبق العيد، أن الجمعة أيضاً ذهبت لتتحمم من أوساخ المسلمين، وهي في الحمام زلقت قدمها وأنكسرت، وبسبب سوء العلاج والخدمة في مستشفياتنا لأنها للفقراء، وهي لاتستطيع دفع رسوم العلاج عند الأطباء الأخصاء، لم تستطع علاج قدمها ومنعها هذا من الحضور كجمعة مباركة.
والسيناريو الثاني، أن تتخاصم خصاماً شديداً، تماما كما يفعل العرب في نقاشاتهم أو بالأحرى نزاعاتهم، حين يكون برأيهم أن آراهم المحقة فقط، وكل مايقوله المقابل (ولايشفع للمقابل أن يكون صديقاً أو قريباً أو حتى حبيباً)، هو خطأُ بل وكفرُ، وهكذا نرى الجمعة تتخاصم ويصل خصامها حد التطاول باليد مع السبت، لأنه أصبح هو الآخر يوم عطلة(على فكرة السبت هو يوم عطلة اليهود)، وسرق منها الأضواء. وبعد أن كانت المدللة الوحيدة، اصبح يشاركها السبت، بإعتبار العرب والمسلمين من الأمم المتحضرة والتي تعمل بجد وكد ونظام يحسدها عليه حتى الأمم الغربية. فهم يعملون من الصباح وحتى المساء. وعملهم لايشوبه شائبة، ولايأخذون الرشوة بكل جرة قلم أو طمغة رسمية. هذا إن لم تكن تنتمي لهذا الحزب أو ذاك، أو لم تكن هناك علاقة عائلية، كأن يكون صهرك صديق المدير العام، فلن تنتهي معاملتك الا بعد شهر إن كنت محظوظاً. ونحن كشعوب متقدمة نعمل بجد، فلا تُغلق الدوائر الرسمية ولا المدارس لكل مناسبة دينية، يحدث أن تطول أحياناً الى مايزيد عن الشهر، وخاصة حين يحلو فيها اللطم والعويل لشهداء في الدين مضى على موتهم آلاف السنين، والمبكي بالفعل انهم استشهدوا ضد الظلم والعدوان. وعوضاً عن نتسارع لبناء البلاد بعد كل هذا التخريب الذي وصلت اليه على أيادينا، ترتفع وتزداد ايام خمولنا وكسلنا بأعياد وعطل ونصف أيام عمل في رمضان، لنزيد الطين بلة بيوم السبت كعطلة إضافية، مما يسبب حنق الجمعة، فلا تعد تبارك لنا أفعالنا وكسلنا.
أو السيناريو الثالث، أنها وفي طريقها للقدوم، وككل يوم يسبقها اي الخميس، كانت الشوارع مزدحمة بالعوائل والشباب الذين يودوا ولو قليلاً نسيان همومهم بالتنزه وزيارة القلة المتوفرة من الحدائق العامة، بعد أن حُرموا من المعارض الأدبية ودور السينما والمسارح ودور الرياضة والمسابح، وكل ماله علاقة بمظاهر الرقي والإبداع، فلم يبقَ لهم الا بعض المولات التجارية وقهاوي ومتنزهات تشفق عليهم ببعض الترفيه. والجمعة تشق طريقها وسط هذا الإزدحام الخانق، وفجأة تتفجر سيارة مفخخة في وسط كل هذا، ليتحول كل هذا الى مسرح من الدماء والأشلاء والصراخ والعويل والحرائق المندلعة، والجمعة تصاب بالذهول والهلع. أهي أمام مسرحية عبثية، من مسرحيات بيكيت؟ وكيف لها أن تذهب لميعادها ليتبرك الناس بها، بعد كل هذا التمزق الوحشي؟
وأخيراً وليس آخراً، تتوسل اليكم الجمعة من هذا الهراء والنفاق والأقنعة والمزيفة. أهي مخدر لأوجاعنا وقناع زيف نقنع انفسنا به بيوم، أننا نعيش عالماً مترفاً مثالياً، والواقع هو فقط ببقية الأيام حيث الأطفال نيام على أرصفة الشوارع، والنازحين بسبب خيانة الشعب مع حكوماته، فقدوا كل مايملكون ويعيشون حر الصيف وقيظه وبرد الشتاء بخيم مهلهلة، بعد ان فقدوا كرامتهم وكل مايملكون. وبلاد بأكملها تعيش حروب لاتنتهي، وفقدت خيرة شبابها، ومابقي منهم بلا أمل ولامستقبل ولا عمل، وكروش المنتفعين تكبر وأرصدتهم تُملئ، وأبسط مقومات الحياة الطبيعية مفقودة من كهرباء وماء وأنفاس الحرية، وغير التعصب الديني الغبي والطائفية لانملك.
أبعد كل هذا تتمنون لبعضكم " جمعة مباركة "، والجمعة قد خجلت منكم ورحلت عنكم لغير رجعة!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات| فيديو يظهر شجاعة مقاومين فلسطينيين في مواجهة جيش الاح


.. شبكات| مغاربة يدعون لمقاطعة مهرجان موازين بسبب غزة




.. عمليات البحث عن الرئيس الإيراني والوفد المرافق له


.. خبيرة بالشأن الإيراني: الدستور الإيراني وضع حلولا لاحتواء أي




.. كتائب القسام: استهداف قوات الاحتلال المتموضعة في محور -نتسار