الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام الدولي وعصر -انفجار المعلومات-

حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)

2016 / 9 / 16
الصحافة والاعلام


الاعلام الدولي وعصر "انفجار المعلومات"
د.حبيب مال الله ابراهيم
تسود العالم منذ تسعينات القرن المنصرم ظاهرة"الاعلام الدولي"بكل ابعادها الثقافية ومعطياتها السياسية وتاثيراتها الاعلامية وما تحملها من قيمَ تؤثر بدورها في مجمل العلاقات بين المجتمعات الانسانية والانظمة السياسية، اذ تساهم في جعل العالم ليس فقط "قرية صغيرة" على حدَ قول عالم الاتصال الكندي "مارشال ماكلوهان" بل "اسرة صغيرة" و "شاشة صغيرة" اذا صح التعبير، فمن مجمل ما حققته ظاهرة "الاعلام الدولي" انها اخرجت الاحداث المحلية من محليتها لتحيلها الى احداث عالمية من جهة، وتساهم في الوقوف على تفاعل المجتمعات الانسانية معها وقياس ردود أفعال الحكومات من جهة اخرى.لذا أصبحت ظاهرة "الاعلام الدولي" محل اهتمام خبراء الاعلام للوقوف على مديات تاثيرها على المدى البعيد في محاولة للتنبؤ بابعادها المستقبلية.
الاذاعات الموجهة...و"الاختراق الاعلامي"
في النصف الاول من القرن المنصرم استولت ظاهرة "الاذاعات الموجهة"على اهتمام الاعلاميين ما دعت الى دراستها وتحديد أبعادها في اختراق الحدود الدولية،تحديدا بعد ان وضعت الحرب العالمية الاولى اوزارها وبرزت ظاهرة الدعاية الدولية بين الدول المعادية كنتيجة لبروز عامل الايديولوجية والمصالح الدولية وسيادة فكرة "القوة القومية" في العلاقات الدولية، ما ساهمت في ان تلعب الاذاعات الموجهة دورا في نقل القيَم الى المجتمعات الاخرى محاولا باستبدالها بالقيَم التي تعتنقها وتؤمن بها وهي ما سميت "بغسيل الدماغ عن بعد" اي عن طريق الاخبار والبرامج التي تذيعها الاذاعات الموجهة.
الاذاعات الدولية ومساهمتها في نشأة بحوث الاعلام
ساهمت الاذاعات الدولية في نشأة بحوث الاعلام بفضل التاثيرات التي احدثتها في الجماهير، لان معظم نظريات الاعلام تدور حول تاثير وسائل الاعلام، فقد نشر عالم السياسة هارولد لاسويل كتابا بعنوان (تقنيات الدعاية خلال الحرب العالمية) تناول فيه دور وسائل الاذاعات كادوات في تشكيل الراي العام من قبل الحكومات. ومع اقتراب موعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، ظهر العديد من المؤلفات التي ايدت فكرة تاثير الاذاعات في الدعاية السياسية وتغيير اتجاهات الرأي العام، ومن بين المؤلفات التي لاقت رواجا كبيرا، كتاب الروسي المهاجر الى فرنسا سيرج تشاخوتين الذي يعكس عنوانه الافق الذهني للعصر: الدعاية السياسية واغتصاب الجماهير.
وساهم (اورسن ويليس) في اخراج اولى النظريات الاعلامية "نظرية التاثير المباشر" "الحقنة تحت الجلد" الى حيز التطبيق عقب البرنامج الاذاعي الذي قدمه في راديو CBS ليلة الثلاثين من تشرين الأول عام 1938،فقد قام بسرد خيالي بعنوان "غزو من المريخ" مستوحى من رواية الخيال العلمي الشهيرة لويليس "حرب الدنيا"، اذ ساهم البرنامج في اثارة الهلع في نفوس الالف من الأمريكيين الذين اقتنعوا بان قوات من المريخ قد غزتهم حقا. وقد سارع فريق من السوسيولوجيين من جامعة برنستون الى دراسة اسباب الفزع التي سيطرت على الامريكيين ليتوصلوا الى ان لمحتوى الاذاعات تاثير مباشر على الجمهور.
مع ظهور نظرية "التاثير المباشر" ازداد اهتمام العلماء ببحوث الاعلام وبعد ان اقتنعوا بان للاذاعات تاثيرا في جمهور المستمعين، ويعود الفضل في الاهتمام بتلك البحوث الى عالم السياسة هارولد لاسويل و عالم الاجتماع بول.ف.لازرسفيلد الذي اسس مكتبا البحوث الاجتماعية التطبيقية في جامعة كولومبيا عام 1941، وعالمي النفس كيرت لوين وكارل هوفلاند.
الاذاعات الدولية و "اختراق الحدود الدولية"
استفادت الحكومات الاوربية في توجيهها للبث الاذاعي الموجه، من التطورات التقنية في مجال البث، فقد ساهمت تلك التطورات في اختراق الحدود الدولية في الوقت الذي كان يستحيل على القوات العسكرية اختراق تلك الحدود، لذا برزت الى الوجود الاذاعات الموجهة كبديل عن التدخل العسكري، فقد اسست بريطانيا عددا من الاذاعات الموجهة باللغات الفرنسية والالمانية، سبقتها المانيا الهتلرية من خلال تاسيسها للاذاعات الموجهة الى بريطانيا وفرنسا، كذلك فرنسا والولايات المتحدة الامريكية وكندا والاتحاد السوفيتي.
ساهمت تلك الاذاعات اثناء الحرب العالمية الثانية في نقل اخبار الحرب الى الاوربيين وان لم تكن تتوخى الدقة بسبب تعمدها الى احداث التاثير في معنويات الاعداء، مستفيدة من ندرة مصادر المعلومات.عقب الحرب العالمية الثانية وصلت ظاهرة "الاذاعات الموجهة" الى ذروتها من حيث التطور التقني، الا انها تلقت ضربة عقب طرح خبراء الاعلام لنظرية اعلامية جديدة سميت بـ"التاثير المحدود" وذلك عام 1945 واعلن خبراء الاعلام حينها بان الاعلام له تاثر محدود على الجمهور بسبب تعاظم دور الاتصال الشخصي والجماعي الذي لم يكن خبراء الاتصال قد انتبهوا الى دورهما فيما مضى، وساهمت هذه النظرية في اعادة النظر بالموضوعات التي تبثها الاذاعات الموجهة واستبدال محتواها بالأخبار الصحيحة والابتعاد قدر الامكان عن التهويل والتضخيم والمبالغة التي تعد من قوانين الدعاية السياسية.
الاذاعات الموجهة وعصر انفجار المعلومات
هل صحيح بان الاذاعات الموجهة ساهمت في دخول العالم الى عصر جديد يتميز بـ"انفجار المعلومات"؟ سؤال تردد كثيرا في المؤتمرات الدولية المنعقدة حول الاعلام ولايزال خبراء الاعلام يجيبون عنه بالايجاب، فمنذ العام 1955 بدأت المجتمعات تتجه الى الاذاعات الموجهة لمعرفة اخبار العالم ودخل العالم عصرا اعلاميا جديدا يتمثل بـ"تعدد مصادر المعلومات"، فمصادر الاخبار كانت حكومية في معظمها قبل العام 1955، الا انه اضيفت اليها مصادر اخرى هي "الاذاعات الموجهة".
ساهمت هذه الاذاعات في توفير تفاصيل الاخبار من وجهات نظر متعددة ووفرت للفرد حرية الوصول الى المعلومات وكانت ايذانا ببدء عصر "انفجار المعلومات" ذلك العصر الذي وسع من مدارك الجمهور الى الحدَ الذي اثرت على علاقات الفرد مع نفسه من جهة ومع محيطه الخارجي ومجمل تصوراته عن العالم من جهة اخرى، فقد غير مفهوم المواطنة من كون الفرد مواطنا في دولة ما الى ان يكون مواطنا عالميا بعيش احداث العالم بتفاصيلها ويتفاعل معها ويسعى للتعبير عن ارائه بخصوصها وان كان هذا التفاعل بحاجة الى العديد من المقومات، في مقدمتها اللغة، الا انه حتى معوق اللغة تم التغلب عليه بعد ان اصبحت الانكليزية لغة عالمية ما ساهمت في عولمة المواطن المحلي.
التلفزيون الدولي وعصر الاتصال الدولي
لقد ازاح التلفزيزن عصر الراديو وانزله الى المرتبة الثانية في حيث الأهمية بسبب الوظائف التي يؤديها في آن واحد مستخدما في ممارستها الصورة والصوت، ما جعتله الوسيلة الاولى منذ سبعينات القرن الماضي وقبل ان يعتمد الدول البث التلفزيون الدولي جرت محاولات لعرض الاخبار والبرامج في الوقت نفسه بين فرنسا وبريطانيا وقد توسعت تلك المحاولات فيما بعد كاعتراف بدخول العالم الى عصر انفجار المعلومات وتعدد مصادرها الى الحدَ الذي لا يستطيع ايا كان ان يطلع على جميع المعلومات ويفهمها حتى وان تعرض لوسائل الاعلام على مدار ساعات اليوم بسبب الكم الهائل من المعلومات المتدفقة من وسائل الاعلام بكافة اللغات وعن طريق وسائل الاعلام المتعددة: الجرائد والمجلات ومحطات الاذاعة والقنوات التلفزيونية والانترنيت، فضلا عن نشر الملايين من الكتب سنويا تحت مختلف العناوين.
أدى عصر الانفجار المعلوماتي الى خلق فجوة في المعرفة بين الجمهور المتعلم والجمهور غير المتعلمكما اشار اليه تيجنر واخرون عام 1970 في نظريتهم الشهيرة "فجوة المعرفة" ما جذبت اهتمام المجتمعات الى المشكلات المعرفية التي من الممكن ان تخلقها الاذاعات وقنوات التلفزيون للمجتمعات الانسانية من خلال المساهمة في زيادة معلومات الطبقات المتعلمة والشابة وعدم مساهمتها بذلك لدى الطبقات غير المتعلمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -دبور الجحيم-.. ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران


.. رحيل رئيسي يربك حسابات المتشددين في طهران | #نيوز_بلس




.. إيران.. جدل مستمر بين الجمهوريين والديموقراطيين | #أميركا_ال


.. مشاعر حزن بالفقدان.. إيران تتشح بالسواد بعد رحيل رئيسها وتبد




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في مدينة بيت لاهيا