الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام الحديث

حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)

2016 / 9 / 16
الصحافة والاعلام


الاعلام الحديث New Media
د.حبيب مال الله ابراهيم

برز مفهوم الاعلام الجديد New Media وأدواته فی اعقاب التطورات التي شهدتها وسائل الاتصال والاعلام على حد سواء منذ اواخر العقد الاخير من القرن العشرين، والمتمثلة باندماج الخدمات الاتصالية والاعلامية التي تقدمها وسائل الاتصال والاعلام، بحيث تجتمع في وسيلة اتصالية واعلامية واحدة، فلو القينا نظرة على وسائل الاتصال والاعلام اليوم نجد انها تكاد تؤدي خدمات متعددة بفضل التطور التكنولوجي، ففي الماضي كانت الاسرة تمتلك جهاز تلفاز وراديو وجهاز العاب (اتاري) واخر لتشغيل الاشرطة الصوتية (المسجل) والصورية (الفيديو) وجهاز هاتف، اما اليوم فنجد انها اندمجت في جهاز واحد، فاصبح جهاز (الاي باد) I pad على سبيل المثال يجمع بين امكانيات الاجهزة المستخدمة في التسعينيات من القرن الماضي، بل وتفوقها في اضافة تقنيات لا تضاهيها، فضلا عن ان تلك الاجهزة لم تعد تجمع افراد الاسرة بقدر ما تشتتها، اي ان الاعلام الحديث يرسخ لمفهوم الاستخدام الفردي عكس الاجهزة التقليدية التي كانت ترسخ لمفهوم الاستخدام الجماعي.
لو قارنا بين الاجهزة المستخدمة في القرن الماضي نجد انها كانت تتصف بعدة مواصفات الغاها الاعلام الحديث: كمحدودية نقلها خارج المنزل، بسبب كبر حجمها وحاجتها الى تيار كهربائي واستخدام كل جهاز على حدا وليس في ان واحد، اما الاعلام الحديث فقد اصبح بديلا عن الاعلام التقليدي بسبب صغر حجمه وادائه وظائف متعددة في ان واحد، ففي الوقت الذي يستخدم الشخص جهاز الاي باد I pad في طبع مقالاته، بامكانه الاتصال بالاخرين بالصوت والفيديو وارسال واستقبال رسائل الـ SMS ورسائل البريد الالكتروني والمشاركة في الفيس بوك والاستماع الى الموسيقى ومشاهدة مقاطع الفيديو وتصفح مواقع الانترنيت وممارسة الالعاب الالكترونية وتصفح الكتب الالكترونية وتسجيل الاصوات ومقاطع الفيديو. كل تلك الخدمات يوفرها جهاز الـ I pad الذي يقل وزنه عن كيلو غرام واحد، بل ان اجهزة المحمول الحديثة مثل الاي فون I phone و Samsung galaxy و Nokia تقدم تلك الخدمات ايضا وبامكانيات فائقة.
فضلا عن ذلك، فان نوع الخدمات التي تقدمها اجهزة الاتصال والاعلام الحديث قد طرا عليه التغيير، فقد اصبحت تلتقط الصور بامكانية 18 ميغا بيكسل، وتلتقط مقاطع الفيديو بنظام عالي الدقةHigher Definition اما تشغيل الموسيقى فيتم الكترونيا دون الحاجة الى اشرطة او اقراص بل ان ذاكرة الاجهزة الواسعة تسمح بخزن الالاف من مقاطع الصوت والفيديو، فذاكرة بعض الهواتف واجهزة الحاسوب والاي باد تبلغ سعتها 500 كيكا بايت، فضلا عن وجود برامج خاصة في تلك الاجهزة تقوم باجراء تحسينات على الصوت والفيديو وامكانية عمل المونتاج بدمج الصور مع الاصوات وعرض الصور بطرق مختلفة وبسرعات مختلفة. اي ان جمع الخدمات في جهاز واحد رافقه ايضا تحسين في النوعية ودمج الخدمات في جهاز واحد.
افرز التطور التكنولوجي ايضا اجهزة يتم نقلها من مكان الى اخر بسهولة ودون الحاجة الى تيار كهربائي مستمر، اذ تحتفظ بشحنها بفترة طويلة نسبيا قبل حاجتها الى اعادة شحن، فضلا عن نقلها الى خارج المنزل بسهولة نظرا لخفة وزنها وامكانية توظيفها في التعليم والترفيه والاتصال، فاجهزة الاي باد I pad تسع لملايين الكتب الالكترونية، فمكتبة الكونغرس الامريكية تحتوي على 20 مليون كتاب حسب احصاء عام 2009، لكن بامكان جهاز الحاسوب ان يحتوي على عدد اكبر من الكتب التي تحتويها مكتبة الكونغرس الامريكية. هذه سابقة تكنولوجية لم يكن يتخيل احد ان يصل التطور الى الحد الذي يمكن الاستغناء عن المكتبات الورقية بالوصول الى المكتبات الالكترونية التي بدات تظهر وتقدم خدماتها بالمجان.
اما بالنسبة للتلفزيون وهو الجهاز الذي سمي الخمسنات والستينات والسبعينات من القرن الماضي باسمه (عصر التلفزيون) نظرا لتطوره واستخدامه الواسع من قبل المجتمعات وتخطي بثه حدود الدول بفضل توظيف الاقمار الصناعية في نقل بثه بدلا من محطات الترحيل التقليدية Relay stations والتاثيرات التي احدثها في معظم مجالات الحياة، تلفزيون اليوم لا يشبه تلفزيون الامس الشيء الوحيد الذي ورثه عنه هو الاسم . القنوات التلفزيونية اصبحت تستخدم الاقمار الصناعية التي تدور في الفضاء الخارجي في نقل برامجها، وقنوات اخرى تبث برامجها بنظام عالي الدقة Higher Definition، بدا في امريكا وكندا واليابان ايضا استخدام التلفزيون التفاعلي Interactive Television الذي يسمح بتفاعل المشاهدين مع برامجه والوصول الى ارشيفه وهو ما يعني الاستغناء عن تسجيل برامج القنوات لمشاهدتها في وقت اخر ومنح الاولوية لرغبة المشاهد.
لم تكن الاذاعة المسموعة بمناى عن هذه التطورات فالموجات الطويلة والمتوسطة والقصيرة اصبحت من الماضي، واستبدلت بموجه الاف ام FM ذات الامكانيات الواسعة والتي تتصف بدقة الصوت وقلة تاثرها بالظروف الجوية، وبدات عدة دول اوربية باستخدام الراديو الرقمي وهو الاكثر تطورا من الاف ام واكثر دقة واقل تاثرا بالظروف الجوية.
لكن هنالك سؤال يلوح في الافق يقول: ما هي التاثيرات التي احدثها تكنولوجيا الاتصال والاعلام في الجمهور؟
في اعقاب الحرب العالمية الاولى تحدث عالم الاتصال الامريكي هارولد لاسويل في كتابه (تقنيات الدعاية في الحرب العالمية) عن التاثيرات المحتملة لوسائل الاعلام على الجمهور، اعقب ذلك الكاتب الروسي المهاجر الى الولايات المتحدة الامريكية تشيخوف في كتابه (اغتصاب الجماهير)، فقد افترض ان لوسائل الاعلام قدرة في تغيير اتجاهات الجمهور وارائها وفقا لتاثير المادة الاعلامية المقدمة. تلك كانت بواكير الكتابات العلمية عن تاثير وسائل الاعلام، وقد تحققت نبوءة لاسويل عام 1938 عقب نشر اذاعة الـ CBS فی مدینه‌ نیویورك برنامجا عن غزو المریخ للارض فبادر الى اجراء دراسة حول الجمهور ليخرج بباكورة نظريات الاعلام (نظرية التاثير المباشر) او (الطلقة السحرية) وهي النظرية التي تنظر لتاثير وسائل الاعلام بصورة مباشرة نظرا لضعف العلاقات بين افراد المجتمع وعدم امكانية الافراد في تناول الموضوعات بالوصف والتحليل لذا ينكب اعتمادهم على وسائل الاعلام في الحصول على الافكار والمعلومات وهو الامر الذي اختلف عليه خبراء الاعلام عام 1944 عقب الانتخابات الامريكية ما دفع عالم الاتصال الامريكيى لازرسفيلد الى طرح انموذجه الذي يحلل وسائل انتقال المعلومات من وسائل الاعلام الى الجمهور والذي اسماه انموذج تدفق المعلومات على مرحلتين.
جاء النموذج كاعتراف بمحدودية تاثير وسائل الاعلام على افراد المجتمع نظرا لبروز افراد في المجتمع لهم القدرة على شرح وتحليل المسائل لافراد اخرين من ذوي المستوى الثقافي الادنى وقد اسماهم لازرسفيلد بقادة الراي. مع ستينات القرن المنصرم طرحت نظرية الاعلامية جديدية سميت نظرية التاثير التراكمي او طويل المدى، تفترض هذه النظرية ان تاثير وسائل الاعلام يتضح على المدى البعيد، وهو اعتقاد ساد طوال القرن المنصرم.
اما اليوم وفي ظل النظريات المعاصرة للاعلام فهنالك اتجاهات مختلفة لتاثير وسائل الاعلام في الوقت الذي يعود الى الاذهان مقولة عالم الاتصال الكندي مارشال ماكلوهان (الوسيلة هي نفسها الرسالة) فالوسيلة تعقدت مقابل البساطة التي اتصفت بها مضامين وسائل الاعلام، فضلا عن امكانية الوصول الى كم هائل من المعلومات وهو ما شكل ظاهرة اعلامية جديدة سميت بـ انفجار المعلومات، فالمعلومات تحيط بالجمهور من جميع الجهات لكن محدودية الوقت تجعله بمنآى عن الجزء الاعظم من تلك المعلومات، ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال تطبع سنويا 100 الف عنوان كتاب لكن المواطن الامريكي حتى لو كان نهما للقراءة فانه لا يستطيع ان يقرا اكثر من 60 كتابا في السنة. اي ان 940 الف عنوان كتاب يكون خارج قدرته، هذا الى جانب هذا الكم الهائل من الصحف والمجلات وبرامج التلفزوين والاذاعات والالعاب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تؤكد إصرارها على توسيع العملية البرية في رفح


.. شرطة نيويورك تعتدي على مناصرين لغزة خلال مظاهرة




.. مشاهد للدمار إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة خفاجة غرب رفح ب


.. أحمد الحيلة: قرار الجنائية الدولية بحق إسرائيل سيحرج الدول ا




.. في ظل تحذيرات من تداعيات عملية عسكرية.. مجلس الأمن يعقد جلسة