الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة والديمقراطية

سعد سوسه

2016 / 9 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لا بد لنا هنا من عرض مسألة مهمة الا وهي الاختلاف بين الديمقراطية والثورة . فالثورة والديمقراطية هما قطبان في حياة المواطن لا يلتقيان ابدا" , وقد يكون من الاساء ان توصف الثورة بالديمقراطية فالثورة هي فورة صاعدة ذات تاثير عميق المدى على حياة المجتمع الاقتصادية والسياسية والايديولوجية , كما انها انقلاب جذري في حياة المجتمع يؤدي الى قلب النظام الاجتماعي . فالاختلاف بينهما موجود في الكثير من مكوناتهما :
اولا"ـ هي منظور فلسفة كل منهما فالديمقراطية تكرس واقع قائم وتخضعه لتنظيم اجرائي وتسعى قصاراها الى عقلنته وليس باي حال من الاحوال الخروج عليه و اما الثورة فهي دائمة المطاردة للمثال الذي تنشره وعلى مذبح المثال تنخر الواقع . والثورة غالبا" ما تضحى بالحاضر لاجل المستقبل و فالثورة التي ان لم تنقلب على الواقع كفت ان تكون ثوريه اما الديمقراطية فلا تثور .
ثانيا" : مبدأ العنف الاختلاف هنا جذري فالديمقراطية لا تحتاج في مسعاها الحفاظ على الواقع القائم او تطويره الا الى ادنى قدر من العنف في حين ان المشوع الثوري الهادف الى اقتلاع جذري للواقع والى ابداله باخر حديد يحتاج الى قدر اقصى من العنف فالثورة لا ترتوي الا بالدم دم الابطال والشهداء , او دم اعداء الثوره , وغالبا" ما تتسع دائرة العنف لتطول الرفاق انفسهم فما من ثورة الا وتنتهي بالتهام ابنائها .
ثالثا" : مبدأ الصراع , الصراع في الديمقراطية هو نسبي في مواجهة النسبي , اما المواجهة في الثورة فهو مطلق , مطلق من الخبر في مواجهة مطلق من الشر وعندما تتواجه المطلقات على هذا النحو, فان المنطلق الذي يفرض نفسه هو منطق الاستئصال حتى الجذر , اما في الديمقراطية ليس بهذا العنف والقسوة .
رابعا" : مبدأ العمل , ففي الديمقراطية يكون نوع العمل اليه , ودورية , تناوبية , بمقتضى عقد ضمني يتعهد كل فريق يصل الى السلطة بالا يسد الطريق على فريق اخر يعقبه , فالربح دوما" جزئي والخسارة جزئية , واقلية اليوم تحتفظ حقها كاملا" في ان تصل الى اكثر , والمعارضة والحكومة جزء من السلطة وفن اليتها , اما الثورة فلا تجديد بطاقم السلطة , وسد الطريق على كل فريق بديل , لا يترك منفذا" للمعارضة وخروجها يعني فتح دورة العنف من جديد .
ولهذا بالتحديد لا يمكن ان يكون ابطال الثورة ديمقراطيين فهم بلعبتهم قد ينسون مع انهم محض مؤدون لادوار, لكنهم عاجزون عن ذلك , وتدابير الامن بعد الثورة الغرض منها حماية الثورة من اعدائها يكون مبررا" ثوريا مقنعا , ولكنه غير مبرر ديمقراطيا" .
المصادر
1. جورج طربيشي , الديمقراطية والاحزاب في الوطن العربي - المواقف والمخاوف المتبادلة , ندور , مركز دراسات الوحدة العربية و بيروت , 1999 ,ص78 .
2. القاموس السياسي , ص100 .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تبدو النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات العامة البري


.. مراسل الجزيرة يرصد أبرز تصريحات وزير المالية الإسرائيلي سموت




.. بايدن يعترف: لقد أخفقت في المناظرة وكنت متوترا جدا وقضيت ليل


.. استطلاعات رأي: -العمال- يفوز في الانتخابات البريطانية ويخرج




.. أبرز المرشحين الديمقراطيين لخوض انتخابات الرئاسة في حال انسح