الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول انهيار السعودية، مرة أخرى

عبدالخالق حسين

2016 / 9 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بعد نشر مقالي الأخير (هل حقاً السعودية على وشك الانهيار؟)(1)، وصلتني تعليقات كثيرة، أغلبها مؤيدة وقليل منها معارضة، وخاصة من السعوديين على صفحات التواصل الاجتماعي. ونظراً لأهمية العديد منها وإجاباتي على بعضها، رأيت من المفيد مواصلة الكتابة في هذا الموضوع لتعميم الفائدة.

علق قارئ سعودي على صفحته في الفيسبوك بعد سيل من الشتائم، أن الذين يكتبون ضد السعودية هو بدافع الحقد و الحسد، لأن الله منَّ على الشعب السعودي الرزق الوفير. وأن الله مع هذا الشعب بقيادة حكومته الرشيدة المؤمنة، وموتوا بغيضكم أيها الحاقدون الحاسدون!!!

وهذا بالضبط ما نقله لنا الكاتب الإيرلندي المعروف، روبرت فيسك، في صحيفة الاندبندنت اللندنية، في مقال له حول عجز السعودية عن دفع رواتب العمال الأجانب، وأن القنصلية الهندية تقدم الطعام لجالياتها من العمال الهنود. استشهد فيسك بمقتطف من مقال لصحفي سعودي جاء فيه: "كثير من العمالة الوافدة يكرهوننا وغاضبون علينا لأننا بلد غني. بعضهم يذهب إلى حد القول بأننا، السعوديون، لا نستحق هذه النعمة والمال. وهذا هو السبب الذي يجعل بعضاً منهم يتصرفون بعنف عندما لا يتقاضون رواتبهم في الوقت المحدد)(2).

كثيراً ما يتردد هذا الكلام نفسه مع بعض التغيير في المفردات من قبل المعلقين السعوديين في دفاعهم عن حكومتهم "الرشيدة"، وينصحوننا بعدم التدخل في الشأن السعودي، بل نهتم بمآسينا في العراق "التي جلبها عليهم نوري المالكي!!"، وينكرون دور السعودية في هذه المآسي، ليس في العراق فحسب، بل وفي دول المنطقة والعالم.

فهل حقاً انتقادنا للسعودية هو بدافع الحسد لأن بلدهم غني؟ لا شك أن السعودية بلد غني جداً، فدخلهم من النفط لا يقل عن مليار دولار يومياً. ولكن هناك دراسات تؤكد أن ثلث الشعب السعودي هو تحت خط الفقر. نرجو مشاهدة فيلم جديد وهو تقرير مصور (فيديو 51 دقيقة) عن السعودية "جعلته شبكة نيتفلكس متاحا للمشاهدين. يبدأ الفيلم بعمليات قطع رؤوس بالسيف وقيام سياف سعودي بجر سيدة على الارض وقطع رأسها قبل ان يتدخل المذيع ويقول للمشاهدين: "هذه ليست دولة داعش، هذه حليفتنا المملكة العربية السعودية"..(رابط الفيلم في الهامش- رقم 3).
وإذا كان موقفنا منهم بدافع الحسد، فلماذا لا ننتقد حكومات لا تقل ثراءً عن السعودية كالدول الغربية، وخاصة كندا والدول الإسكندنافية، وهي دول غنية جداً ومسالمة جداً، كسبت احترام العالم أجمع؟

أما قضية التدخل في الشأن السعودي، فهي كما يقول المثل: (رمتني بدائها وانسلت). إذ إننا أبعد من ذلك، ولكن السعودية هي التي تتدخل في شؤون العالم، وخاصة في دول المنطقة. فسبب العجز في موازنتها، وعدم تمكنها من دفع رواتب نحو 31 ألف من عمالها، ناتج عن هذا التدخل الوقح في شؤون العراق، وسوريا واليمن وليبيا وغيرها، لتغيير حكومات هذه البلدان وفق مقاساتها، ولعرقلة الاستقرار والنمو الاقتصادي في هذه الدول، لذلك صرفت مئات المليارات من ثروات شعبها على نشر التطرف الديني الوهابي التكفيري، ودعم الإرهاب، وشن الحروب المباشرة وغير المباشرة على دول المنطقة.

أما عن دعم السعودية للإرهاب، فقد صرّح السفير الأميركي الأسبق في العراق وأفغانستان، زلماي خليل زاده، بأن أحد المسؤولين السعوديين الكبار أسرّ له بأن بلاده تدعم التطرّف حول العالم، لافتاً في الوقت ذاته إلى نظرة سعودية أكثر إيجابية اتجاه إسرائيل.(4، 5)

ورغم ما لقى مقال خليل زادة من ترحيب من قبل الكتاب العرب التقدميين المناصرين للحق، إذ اعتبروه شهادة من أهلها ضد السعودية، ودورها القذر في دعم الإرهاب وإسرائيل، كما يبدو للبعض للوهلة الأولى، إلا إننا لو تأملنا جيداً نرى أن المقال ليس موجهاً ضد السعودية ومكانتها في الغرب، فهو ذو وجهين، كلاهما في صالح خليل زادة والسعودية معاً. فالرجل لا يريد أن يقطع رزقه من آل سعود، أو غيره، فقد أصبح نجماً لامعاً لإدارة اللوبيات لكل من يدفع. فقد عينه حتى مسعود بارزاني، رئيس الإقليم الكردستاني، وموظف آخر كان يعمل في السفارة الأمريكية في بغداد وهو (علي الخضيري أو خضري)، وغيرهما، مستشارين له بعد تقاعدهم من السفارة. والغرض هو ليعملوا على تجميل وجه بارزاني، وتقبيح وجوه خصومه وخاصة خصمه اللدود نور المالكي. وقد أبلى هؤلاء المرتزقة بلاءً حسناً في هذا المجال.

فخليل زادة من الشخصيات المتنفذة في واشنطون، تم تجنيدها للوبي السعودي لتحسين صورة المملكة في أمريكا والعالم. فمقاله هذا ليس ضد السعودية بل لدعمها. فقد برر خليل زادة دعم السعودية للإرهاب والتطرف بأن "القيادة السعودية أوضحت أيضاً أن دعمها للتطرف كان أسلوباً لمقاومة الاتحاد السوفياتي ــ غالباً بالتعاون مع الولايات المتحدة ــ في أماكن مثل أفغانستان عام 1980". وأضاف أن هذا الأسلوب ثبت نجاحه، لذا "استُخدم لاحقاً ضد الحركات الشيعية المدعومة من إيران، في إطار التنافس الجيوبوليتيكي بين البلدين".

لا شك أن هذا الكلام له وقع إيجابي في أمريكا. أما قوله عن إيجابية موقف السعودية من إسرائل، فهذا قد يبدو ضد السعودية لدا القارئ العربي المتعاطف مع الشعب الفلسطيني في محنته الطويلة، ولكنه يعتبر موسيقى محببة لدا اللوبي الإسرائيلي والإدارة الأمريكية والغرب عموماً، مما يدعم مكانة السعودية في الغرب ويبرر جرائمها.

ولكن ما يهم القارئ العربي في البلاد العربية والشرق الأوسط عموماً، أن السعودية التي تدعي محاربتها للتطرف والإرهاب فهي مازالت تدعمهما، ورغم أنها تدعي قيادتها للعالم الإسلامي، ودعمها للقضية الفلسطينية، إلا إنها حليفة لإسرائيل، وهي التي شقت صفوف المسلمين بإثارة الصراع الطائفي (السني - الشيعي). وهذا أهم ما جاء في شهادة خليل زادة بالنسبة لمكانة السعودية في البلاد العربية والإسلامية وليس في الغرب. ولكن من الجهة الأخرى، يبدو أن السعودية غير مهتمة بسمعتها في العالمين، العربي والإسلامي، طالما بإمكانها شراء كل شيء بالمال، ولسان حالها يقول: طز بالعرب والمسلمين، وطز بالقضية الفلسطينية، وطز بالشرف وجميع القيم الإنسانية والحضارية، المهم أن تكسب أمريكا إلى جانبها وكفى، لتضمن استمرار العائلة الحاكمة في السلطة.

إلا إن هذا الموقف السعودي الانتحاري ناتج عن الجهل بتعقيدات السياسة وقوانين حركة التاريخ. إذ كما يفيد القول المشهور الذي أصبح من البديهيات، أن "ليس في السياسة صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، بل مصالح دائمة". فمصلحة أمريكا من السعودية على وشك الانتهاء، لذلك ما لم تتخلى السعودية عن سياساتها العدوانية ضد البشرية، فإن مصيرها السقوط في مزبلة التاريخ، والتاريخ حافل بالأمثلة، فما أكثر العبر وأقل الاعتبار.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- د.عبدالخالق حسين: هل حقاً السعودية على وشك الانهيار؟
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=859

2- مقال روبرت فيسك
Robert Fisk : Saudi Arabia cannot pay its workers´-or-bills – yet continues to fund a war in Yemen
In Saudi Arabia itself, the government seems unable to cope with the crisis. The Arab News says that 31,000 Saudi and other foreign workers have lodged complaints with the government’s labour ministry over unpaid wages. On one occasion, the Indian consulate and expatriates brought food to the workers so that their people should not starve
http://www.independent.co.uk/voices/saudi-arabia-cannot-pay-its-workers-or-bills-yet-continues-to-fund-a-war-in-yemen-a7232466.html

3- مذيع امريكي حول فيلم: هذه ليست دولة داعش، هذه حليفتنا السعودية (فيديو(
http://www.akhbaar.org/home/2016/9/217337.html
Saudi Arabia Uncovered (2016 documentary)
https://m.youtube.com/watch?v=X5AYoznJxu8

4- مسؤول سعودي لخليل زاده: دعمنا التطرّف!
http://www.al-akhbar.com/node/264807

5- النسخة الانكليزية لمقال زلماي خليل زادة
‘We Misled You’: How the Saudis Are Coming Clean on Funding Terrorism. By Zalmay Khalilzad
http://www.politico.com/magazine/story/2016/09/saudi-arabia-terrorism-funding-214241








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله يرحم البطن اللي جابك
حر في زمن العبيد ( 2016 / 9 / 18 - 13:45 )
يا ابن الحمولة
انشهد أنك ذيب ولد ذيب
تسلم يا استاذ


2 - الفقر في السعودية
فؤاد مراد ( 2016 / 9 / 18 - 14:43 )
بسهولة يمكن الرد على أزلام وعملاء مباحث آل سعود بخصوص الفقر في مهلكة آل سعود والآن الفقر يتصاعد وتوشك الطبقة الوسطى أن تختفي ليصبح المجتمع بين طبقة قليلة غنية غنى فاحش وأخرى أغلبية فقيرة.


3 - الحتميّة التأريخيّة والعلمية للعائلة السعودية !
رعد الحافظ ( 2016 / 9 / 18 - 14:51 )

السعودية في الواقع تمثّل أصل الشجرة الخبيثة التي يجب إجتاثثها قبل حتى إجتثاث فروعها (كالقاعدة وداعش وبوكو حرام .. والباقيات الصالحات) !
نعم هذه الدولة (الملكية العائلية) تقوم على عقيدة داعش بالضبط
لكنّها صارت (دولة) وقد حصلت على إعتراف عالمي بها
بينما فروعها ..(..داعش والقاعدة ...الخ) أصبحت عدوّة للبشر عموماً ومستهدفة مباشرةً من الغالبية من دول العالم / عدا تركيا والخليج البدوي وما شابه!!
والمطلوب العمل بالعلن بضرورة إستصدار قرار أممي بحظر الإسلام الوهابي السلفي الداعشي!
كونه في الجوهر هو نفسه .. داعش ... لا أكثر ولا أقلّ !!
***
من جهة أخرى شعرتُ بضعف هذا الشطر من مقالك المحترم (على الأقل علميّاً) :
أما قوله عن إيجابية موقف السعودية من إسرائيل، فهذا قد يبدو ضد السعودية لدا القارئ العربي المتعاطف مع الشعب الفلسطيني في محنته الطويلة .
لكنه يعتبر موسيقى محببة لدا اللوبي الإسرائيلي والإدارة الأمريكية والغرب عموماً، مما يدعم مكانة السعودية في الغرب
أستاذي نحنُ نعلم يقيناً أنّ اللوبي الإسرائيلي والإدارة الأمريكية لا يعتمدون
في قراراتهم المصيرية على رأي كاتب حتى لو كان منهم
يتبع!


4 - السعودية آيلة للسقوط !
رعد الحافظ ( 2016 / 9 / 18 - 14:56 )
الأصح كما جاء في الشطر الاخير من مقالك ,الذي يعني :
أنّ المصالح باقية .. لكنّها تتغيّر بأشكالها ومظاهرها وبواطنها أيضاً !
فإن كانت مصالح الغرب في القرن العشرين مع عائلة سعود
لكن تلك المصالح تضرّرت في القرن الـ 21 ويجب تغيير كلّ شيء
فلا النفط بقيت أهميته وسعره كالسابق !
ولا الشعوب (بعد ثورة الإتصالات والنت) بقت جاهلة لما يدور حولها !
وكون العالم بأسرهِ في إتجاه نحو الديمقراطية والحرية والليبراليّة
فبقاء العائلة السعودية (نظرياً وعمليّاً ..وعلمياً) سيكون ضرب من الخيال والخبال معاً !
***
تحياتي الدائمة
رعد الحافظ


5 - السعودية مصيرها التفكك
احمد حسن البغدادي ( 2016 / 9 / 18 - 22:50 )
تحية دكتور.

ان يوم الحساب مع السعودية بات اقرب من اية وقت مضى، فجميع دول العالم بدأت تنظر الى السعودية بعين الشك والريبة، بسبب عقيدتها الاسلامية الوهابية،

وهذا مادعى الى إصدار قانون ، محاسبة داعمي الاٍرهاب، واولهم السعودية ، من قبل الكونغرس الامريكي،

تصريح وزيرة الخارجية السويدية، الذي دعت فيه باعتبار السعودية دولة معادية للنساء وحقوق الانسان، وإدانتها دولياً.

وهناك سبب رئيسي سيجعل السعودية تنهار من داخلها، وهو تشبع الشعب السعودي بالايدلوجية الدينية الاسلامية الوهابية، والتي حولت الشعب السعودي الى وحوش بشرية، سيأكل بعضهم بعضاً في اقرب فرصة تضعف بها القبضة الحديدية للدولة السعودية،
حيث بدا يبرز صراع الأمراء على السلطة ، بعد وفاة الملك سلمان، اخر أبناء ابن سعود.

عندها سنسمع بالمذابح الرهيبة بين شعوب السعودية، واولها مذابح السنة والشيعة السعوديين.

والمذابح بين أهل الحجاز ، الذي احتلته السعودية بطريقة غير شرعية ، وأهل الجزيرة.

تحياتي ...


6 - وباء العقول مابعده من وباء !
يحيى طالب ( 2016 / 9 / 19 - 07:46 )
اينما وجد الاهابل وجد النصابين - او نصاب يبيع واهبل يشتري -- صدقت انا العظيم -- مادام نصب الاديان موجودة وهناك اهابل تصدق وعودها المضحكة فان عملية البيع والشراء مستمرة ! المملكة الوهابية تبيع الارهاب الوهابي والارهابيين الاغبياء الاهابل تشتريه وفي المقابل انواع اخرى متعددة من النصب والدجل غيرهم يبيعوه - لكن بيع خبز يابس ليس مثل بيع سم قاتل !! - ايران بتخلفها الديني تبيع الخبز اليابس وبعض المرات يكون معفن وضار بالصحة والسعودية تبيع السم القاتل ! مغفلين وقشامر تشتري من هذا وذاك وهكذا - والعاقل يفهم -- الاديان هي سبب الوباء العقلي والدمار والخراب البشري والجهل والامية العقلية وخاصة الوباء الصلعمي بكل فروعه واقذرها فرعه الوهابي السافل الارهابي !! شكرا لكم دكتورنا العزيز وشكرا لموقع الحوار


7 - وكر الشيطان
كامل حرب ( 2016 / 9 / 20 - 07:14 )
لاجدال فأن السعوديه مجرمه وفاسده وارهابيه ولوطيه , تواجد السعوديه فى العالم اصبح فيه خطر كبير وتهديد للسلم العالمى ويتحتم على العالم اجمع مراجعه حساباته واعاده تقييم هذا المملكه الشريره الشيطانيه العاهره , السعوديه هى من يساعد داعش وبوكو حرام والنصره والشباب وكل الفصائل الارهابيه الاسلاميه حول العالم لانهم جميعا ينتموا لنفس الايدولوجيه الارهابيه الاسلاميه الظلاميه , العالم سوف يكون مكانا جميلا اذا اختفت السعوديه المجرمه والكابوس الاسود من خريطه هذا العالم

اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |