الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتفاق لافروف كيري يحتضر إلى شهداء جبل ثردة

بدر الدين شنن

2016 / 9 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لقد قدم العدوان الأميركي الغادر ، على الجيش السوري ، في جبل ثردة ، بمحيط دير الزور ، الذي أوقع ( 62 شهيداً و120 مصاباً ) من جنود الجيش السوري ، وحقق تسهيلاً منسقاً " لداعش " لإ عادة سيطرته على تلك المواقع ، ولتعزيز حصاره للمدينة ، ولمنحه ثغرة هامة للتقدم نحو المطار .. قدم الدليل الكبير ، على أن أميركا زعيمة التحالف الدولي ، وتركيا ، والمملكة السعودية ، وقطر ، وإسرائيل ، والأردن ، والجماعات الإرهابية المسلحة وفي مقدمها " داعش والنصرة " ، هي منظومة إرهابية دولية واحدة ، وقوى عدوانية واحدة ، تتوزع الأدوار فيما بينها ، في العدوان على سوريا .

كما كشف العدوان لغز امتناع أميركا عن الموافقة على نشر ( اتفاق كيري ـ لافروف ) المتضمن خريطة طريق ، وقف العمليات القتالية ، والتهدئة ، والمساعدات الإنسانية ، والتصدي المشترك لقوى الإرهاب ، وخاصة " داعش والنصرة " والجماعات الإرهابية المسلحة التي ترفض الاتفاق وما نص عليه وتواصل القتال .

العذر الأقبح من الذنب في العدوان الأميركي ، هو ادعاء القيادة الأميركية ، أن العدوان الأميركي على الجيش السوري في جبل ثردة ، قد حدث عن طريق الخطأ .. بمعنى سامحونا . ما يطرح السؤال : إذا كانت الدولة المعتدية ، متطورة علمياً وتكنولوجياً ، وقادرة على متابعة الأجسام الدقيقة في الفضاء ، ومتابعة دبيب النمل تحت الأرض ، تدعي أنها أخطأت في تحديد هدفها الضخم كجبل ثردة ، فكم من الاعتداءات الأميركية " الخاطئة " في مناطق صغيرة الحجم ، ستقع في سوريا ، وعلى السوريين أن يتحملوا ، وأن يبرموا صكوك حسن النية لأميركا " الخبيثة " .. ؟ ..

إنه منتهى النفاق .. ومنتهى الاستغباء لشريكها الروسي في الاتفاق ، قبل استغباء الجيش السوري المعتدى عليه . إنه بوضوح هجوم على ( اتفاق كيري ـ لافروف ) لنسفه ، بعد أن فشلت أساليب النفاق والتمييع الدبلوماسية الأميركية ، بمواجهة الطلب الروسي بنشره ، وتوثيقه من قبل مجلس الأمن الدولي .

إن التداعيات التي يمر بها ( اتفاق كيري ـ لافروف ) ، من حيث استمرار الجماعات المسلحة بقصف المدن والبلدات السورية بالصواريخ ، والهجمات النوعية المعتادة ، على مواقع الجيش السوري ، والأماكن الحيوية في البلاد ، ومحاولات التوسع الوحشية إلى أماكن جديدة ، تشير إلى هشاشة الاتفاق المتأتية عن الثقة الروسية ـ بغير محلها ـ " بالشريك الأميركي " ، وعن هشاشة الاعتقاد ، أنه يمكن في عالم رأسمالي واحد ، متجانس ، ومستقر بتوازنات الردع النووي ، يمكن أن تتم اتفاقيات دولية " ندية " في المسائل ذات الطابع الدولي العام .

وفي أي حال ، ينبغي على من يعتقد ذلك ، ويبحث عن أميركا معتدلة ، للتوصل معها إلى تفاهمات ، وتسويات دولية مستقرة ، أن منسوب الإحساس الأميركي بالتفوق ، والعظمة ، لدى أميركا ، لم يهبط بعد إلى مستوى القبول بندية العلاقة مع روسيا وغيرها . فإذا أسقطنا الردع النووي من الحساب ، فإن روسيا ماتزال تصنف ، مقارنة بأميركا والاتحاد الأوربي ، من الدرجة الثالثة اقتصادياً ، إذ يبلغ استحواذ أميركا من الناتج الإجمالي الدولي (20 % ) ، يماثله بنفس النسبة الاستحواذ الأوربي ، بينما الاستحواذ الروسي لا يتجاوز ( 4 % ) فقط .

لكن أميركا كنوع من الضغوط على الآخرين ، تقبل أحياناً بالحوار ، لفرض وجهات نظرها ، وتمرير مخططاتها ، عبر الغش والنفاق الدبلوماسي . فإن لم تحصل على ما تريد في هذا السبيل ، تعود إلى ممارسة القوة والعدوان بوقاحة .. مباشرة .. أو بإثارة النزاعات والصراعات الداخلية للآخرين .. أو ممارسة العدوان بالوكالة ، كما يحدث الآن في حرب الإرهاب الدولي على سوريا .

من هنا فإن من الأهمية بمكان ، نشر ( اتفاق كيري ـ لافروف ) حول سوريا ، ليطلع عليه الشعب السوري ، صاحب العلاقة أولاً بتقرير مصيره . وليبدي رأيه بما يعد له الآخرون من مصير ، وليبحث في متن الاتفاق عن إجابات على تساؤلاته ، في شؤونه عامة ، والشأن الوطني خاصة . منها : هل عالج الاتفاق شرعية احتلال أميركا لعدد من المواقع السورية ، في عين العب ـ كوباني ، ومنبج ، للقيام بدعم قوات الحماية الكردية ، وقوات سوريا الديمقراطية الانفصالية ـ بزعم مواجهة داعش ، دون أي تنسيق مع الحكومة السورية ؟ .. وهل عالج احتلال تركيا التوسعي لمدينة جرابلس ، وما سيليها من مناطق أخرى هي تحت العين التركية ، بحجة إبعاد " داعش " والدولة الكردية المزعومة عن الحدود التركية ؟ .. وهل عالج العدوان الإسرائيلي الداعم " لجبهة النصرة " الإرهابية وغيرها ، في الجنوب السوري ؟ .. وهل عالج وقف العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة ظلماً على الشعب السري ؟ .

حسب ما نشر إعلامياً عن ( اتفاق كيري ـ لافروف ) ، أن الحكومة السورية هي على علم بتفاصيل الاتفاق ، وأعلنت موافقتها عليه . بمعنى ، على ذمة الإعلام ، أن الاتفاق إيجابي من منظور الحكومة السورية وروسيا . ما يستدعي السؤال : هل رفض أميركا نشر الاتفاق وتوثيقه يضر بسوريا وروسيا ، ويفتح الآفاق للتلاعب به ، من قبل القوى التي لم يأت الاتفاق على هواها وحسب مصالحها ، إن سياسياً ، أو عسكرياً .. ومن هي هذه القوى ؟ .

إن مفرزات الحرب السورية الدموية المدمرة ، لم تعد تحتمل .. الكر .. والفر .. في لعبة الدبلوماسية .
لا أحد لديه بعضاً من ضمير وطني ، وإنساني ، يؤثر مواصلة الحرب والقتل والتدمير والتشريد في أبشع جريمة بحق الإنسانية في التاريخ ، على البحث الجاد ، والمبدئي ، عن صيغة لاتفاق وطني ، يأتي بالسلام والأمان للشعب السوري .
ولا أحد أيضاً لديه بعضاً من الأخلاق والإنسانية ، والعقلانية ، يقبل أن تستمر مسرحية الحوارات ، والتسويات الخائبة ، لرفع مستويات الربح الحقير، من تجارة الأسلحة ، والطاقة ، واستثمار الجغرافيا ساسياً ، ولتغطية مواصلة هذه الحرب .

إن العدوان الأميركي القذر على الجيش السوري ، الداعم " لداعش " في جبل ثردة ، الذي يشكل سور حماية لمطار دير الزور ، يرمي كل مداولات التفاضل اللفظي ، بين الحل السياسي والحرب العسكري في سلة المهملات .

إن خيار السلم والحرب .. في الحروب الوطنية .. التي تجري بين معتد على وجود ومقدرات الآخر .. وبين مدافع عن وجوده ومقدراته .. لا يجري بناء على الرغبات والطلب ، وإنما له خلفيات ، وموازين قوى ، وقوى شريفة قادرة على تكريس حقوق المعتدى عليه . بمعنى أن اللجوء إلى وقف العدوان ، وإنهاء مثل هذه الحرب ، لا يعني حلاً سياسياً .. يتضمن قواسم مشتركة بين المعتدي والمعتدى عليه ، وإنما ينبغي أن يضمن وجود الوطن ووحدته والحفاظ على مقدراته .. بانسحاب المعتدي .

لقد قدم العدوان الأميركي على المواقع العسكرية السورية في جبل ثردة .. الجواب على سؤال : لماذا يصر كير على أن يلحس توقيعه على الاتفاق مع لافروف .. آملاً نسيان المنزلق الدبلوماسي الفاشل الذي وقع فيه ، غير آبه بالنتائج الكارثية ، والآلام ، والدماء ، من مواصلة العدوان ..
لكن دماء الجنود السوريين المغدورين .. الشهداء والمصابين .. لن تستطيع كل ألسنة وحوش العدوان والإرهاب ، محوها من فوق صخور ثردة .. ومن ذاكرة زملائهم .. وذويهم .. وشعبهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د