الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ثمة فرصة لأصلاح أجهزة الدولة وتحسين أدائها في العراق

أحمد إبريهي علي

2016 / 9 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


هل ثمة فرصة لأصلاح أجهزة الدولة وتحسين أدائها في العراق
د. احمد ابريهي علي
. لا شك ان ما آل إليه مجتمع العراق قبيل الأحتلال يمثل الوضع الأبتدائي لما بعد عام 2003 وهونقطة الأنطلاق للصيرورة الجديدة . لكن ظاهر المجتمع، الذي يبدو عليه اواخر سني الحصار، يغاير حقائقه العميقة، أذ عاش تاريخا طويلا من القمع المنظم والقسوة المفرطة، في احيان عدة، كي يصبح تابعا سلبيا للدولة. وكأنه قد أجّل تفاعله الداخلي الضروري لأندماجه وطنيا في انتظار الحرية التي تأخرت، ليتسع التباين بين مقتضيات عمل الدولة المعاصرة ومؤهلاته السياسية والثقافية التي مُنع من تطويرها.
وعندما انتهت دولة العراق بعد سلسلة من الحروب والحصار إلى الأحتلال، وإنقطعت استمراريتها، جرت إعادة بنائها و تشكل النظام الجديد مع ديمقراطية مفتوحة في جغرافية بشرية تختلط وتتجاور فيها جماعات متحمسة للتعبير عن هويات توارت سابقا خلف مظاهر الوحدة الوطنية. وتأبى ، تلك الجماعات، إلاّ الأنقياد لهيئات وشخصيات رسموا في اذهان الناس صورا لها صلة حميمة باعماقهم السيكوثقافية.
ولا يُنكر دور المحتل وكل الجهات الأجنبية بما فيها دول الجوار، وعلى خلفية الأنقسام الطائفي البغيض في المنطقة وتعميقه للتنابذ والكراهيات، والدعم السياسي والديبلوماسي والأعلامي والديني لأرهاب يقتل الناس جماعيا وعلى الهوية . كل ذلك وغيره أدى إلى تعويم العراق في معمعة من الصخب والعنف، بحيث تبقى الدولة ضعيفة، منهوبةـ وحياة الناس ومصالحهم المشروعة بالأمن والرفاه يستبيحها المتغالبون على المكاسب والأمجاد الشخصية. ويؤجَّل حسم المهمات المفصلية لأعادة التأسيس في إنتظار الظرف المناسب، ولكل دولة اجنبية منخرطة في الشأن العراقي وحزب وعصابة تعريف مختلف للظرف الذي يناسبها.
و الأحزاب الحاكمة منذ عام 2004، و قوى التمرد المسلح والأرهاب وجميع اشكال العنف، والمعارضة، كلها كاشفة لخصائص المجتمع وإمكاناته الحضارية والأخلاقية التي افصحت عنها عملية البناء الجديد وفشل الدولة في اداء وظائفها، والفساد من نتائج ذلك الفشل ومظاهره. ومن التبسيط، الذي لا يساعد على تخليق فرصة للأصلاح، إختزال الأزمة إلى الأسلام السياسي، امريكا والسعودية و إيران وتركيا ... ، او حتى الصراع بين جماعات النظام الجديد والقديم، السنة والشيعة ، الأنفصال في مقابل الوحدة. إذ من الصعب تمييز النتائج عن الأسباب في الخضم العراقي، كما قد يصعب الفرز بين من يناهض الدولة او يحاربها منتهزا فرصة لمغنَم، او تعبيرا صادقا عن احساس بالظلم وطلبا للعدالة.
الأدارة الحكومية في قبضة المصالح والضغوط التي تعيد إنتاج الراهن العراقي، ولا تخفى حقيقة الأنسجام بين ثقافة العمل في دوائر الدولة وبيئة الحكم آنفة الذكر. واصبح هذا التكوين المعقد ، أجهزة الدولة ضمن الفضاء الأجتماعي الأوسع، الذي تنتمي إليه فكرا وفي انماط السلوك ، فاقدا لأبسط اشكال الأستعداد الذاتي للأصلاح.
ومن المستبعد ان تكشف الأنتخابات القادمة عن استعداد للتغيير، وحتى عند ظهور مثل هذا الأستعداد فإن النخب الفكرية والأحزاب السياسية البديلة لم تمتلك القدرة على تعبئته ليتحول إلى إمكانية. ومن المؤلم ان شخصيات مؤثرة في الجماهير والتي رفعت شعارات للأصلاح قاومت الأشتغال على مضامينه العميقة، لأنها تتحدث إلى الجماهير وتصغي إلى اصحاب النفوذ، ولم تنجح في إخفاء مقاصدها المحدودة ، والتي لا تتعدى كثيرا إعادة توزيع المناصب الوزارية وما في حكمها نحو عوائل واشخاص من وسط آخر.
اما الصحافة الأصلاحية فتكاد تقتصر على نشر حكايات الفساد دون الأسهام الجدي في تعميق وترقية الوعي، وعي الأدارة والأقتصاد والسياسة، على اسس موضوعية، كي تُضعِف من أثر التضليل والشعوذه السياسية في فهم الدولة وكيفية عملها وعلاقتها بالناس والدين والأحزاب والمصالح المشروعة والمغرضة.
ومن تجليات ضعف الدولة عدم قدرة المستوى السياسي للحكومة في اخضاع عمل الجهاز البيروقراطي لكي يخدم الصالح العام بكفاءة ونزاهة. لأن الجهاز البيروقراطي توزعت ولاءآته على احزاب عدة تقاوم، وبشراسة احيانا، محاولات الحكومة للسيطرة عليه او إجراء تعديلات على توزيع مواقع المسؤولية حسب مقتضيات الكفاءة والنزاهة إن ارادت.
وربما يساعد في الضغط من اجل التغيير العمل على بلورة خطة او مقترحات متكاملة وبقدر من التفصيل لأعادة تشكيل دوائر الدولة على اساس الوظيفة مع توصيف للعمليات والضوابط الحاكمة للأداء. وان تتولى قوى الأصلاح ذاتها إعداد تلك المقترحات بالأنفتاح على اهل الخبرة والأختصاص في تعاون طويل النفس، وسوف تكتسب من خلاله معرفة ب"الدولة العميقة" تزيد من فعاليتها في التأثير.
وبذلك يتحول حراك محاربة الفساد من المطالبة بالعقاب، وبالتالي ينحصر في صلاحيات هيئة النزاهة والقضاء، نحو هياكل الأدارة والتنظيم وسياقات وانظمة العمل . اي من معاقبة الفاسد إلى منع الفساد وإقتلاع اسباب الفشل وغرس مقومات االتطوير المستدام.
وإلى جانب ذلك الترويج لمعاقبة الفشل ، فشل الأداء في دوائر الحكومة المركزية والمحافظات في مجالات: الأمن والبناء التحتي والصحة والتعليم ... وعلى كافة مستويات المسؤولية.
وايضا المكافأة المعنوية للنجاح في كافة المجالات. ودعم السياسات التي تصب ، ولو في نهاية المطاف، في التخفيف من الفقر والمعاناة ، وتحقيق العدالة وحماية حق الأنسان في الأمن والكرامة.
تلك امثلة من البسيط الواضح، والمقصود التوجه للبحث عن كيفية تخليق فرص الأصلاح درءا للمخاطر و إنتزاع مكاسب للناس. د. أحمد إبريهي علي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اطروحات قيمه
محمد سعيد العضب ( 2016 / 9 / 21 - 23:21 )
اطروحات سياسيه عميقه تحتاج الي البحث والتمعن, حيث شخصت كثره من علات الدولة والمجتمع في العراق ومنها
حصول انفصام تام بين الدولة والمجتمع قاد ليس فقط الي انتهاء الدولة , بل تحول المجتمع الي تابع سلبي ,كل همه كسب جزء من مصالحه الذاتية والأنانية وبعيدا عن النضال لا نجاز مهمات دوله محكمه ومجتمع قابل علي الديمومة والبقاء.
بعد انتهاء هذه الدولة الهلامية جرت محاولات اعاده بناءها,لكن عجزت النخب الفكرية والاحزاب السياسية في ادراك الدولة والمجتمع الجديد وظلت حاله الانفصام مستديمة قادت الي العجز والاخفاق في بناء الدولة وهكذا تم تفشي الفساد الذي تحول الي ثقافه عامه ولم يتم خلق مدرسه فكريه مجتمعيه
يستخلص من مقولات الباحث القيمة اصبحت عمليه الاصلاح الاداري والاقتصادي والسياسي ليس فقط عصيه , بل حيدت كافه قوي الاصلاح الحقيقة وابعدتها عن العمل الفاعل

اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم