الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق الهُوية في فرنسا .

الطيب آيت حمودة

2016 / 9 / 22
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


مأزق الهوية في فرنسا .

°°°يدور هذه الأيام جدل حاد حول هوية فرنسا ، هل هي هوية أصلية (غالية goulois ) يذوب فيها جميع المنتمين والمهاجرين ، أم أنها هوية وطن و ثقافة ولسان ، وتاريخ وحضارة بعيدا عن ترهات العنصرية .
°°°الصراع السياسي لا يتوان في إشعال فتيل الصراعات الإثنية والسلالية وصراع الحضارات حسب تنبؤات الأمريكي( صامويل هنتنجتون ) ، فقد عمد اليميني (ساركوزي Nicolas Sarkozy ) إطلاق جملة من التصريحات ولّدت ردود افعال متباينة وهو ما يدل على أن (حمى الهوية ) قد أصاب حتى الدول الهرمة في الديمقراطية ، وحقوق الإنسان ، والمواطنة ذات العراقة في المدنية مثل فرنسا .
تصريحات ساركوزي الهوياتية المقلقة جاءت بغرض تقزيم المناوئين كاليسار الفرنسي الحاكم ، وجلب المزيد من الأنصار خاصة من تكتل (الجبهة الوطنية F.N) .
1) صرح سابقا وفي مناسبات عدة أعوام 2007 و 2012 ، قائلا إذا أراد المرأ أن يصبح فرنسيا ، فعليه أن يتحدث الفرنسية ، وأن يعيش كالفرنسيين ، وبمجرد أن يصبح فرنسيا فهو سليل الغاليين .
2) ما أن يحصل المهاجرُ عن الجنسية الفرنسية يصبح أجداده تلقائيا غاليين .
3) يقر ساركوزي بأن ينحدر من أصول مجرية ويونانية لكنه لم يدرس لا تاريخ اليونان ولا تاريخ المجر ، فقد اندمج كلية في مجتمعه الفرنسي الجديد وهو مكتمل الشعور بالفخر والإعتزاز بذلك .

°°°هذه التصريحات المقلقة ولدت ردود أفعال متباينة ، وبنظرة مغايرة لعلها نابعة من أحقية ( المهاجر) في ديار الغرب الحفاظ على مجمل انتماءاته (السلالية )(و(الدينية) و(الثقافية) و(اللسانية ....)
وأكثر الذين لقنوا ساركوزي درسا في التاريخ وزيرة التربية الفرنسي التي هي من أصول أمازيغية ريفية مغربية قائلة في إحدى بلاتوهات التلفزة :
علينا أن نعطي ساركوزي درسا في التاريخ ، يبدوا بأنه في حاجة ماسة إليه ، نعم يشمل أجدادنا ( الغاليين ) لكن دون نسيان (الرومان) و(النورمان) و(السلت ) و(البورغوند )( ، ومع الوقت ضمت فرنسا أراضي أخرى ... وبذلك انضم إلينا أهالي ( نيس ) و (الكورس) ، و(فرانش كونتي) ، و(الغوادلوب )، و(المارتنيك ) ثم لا حقا وتتابعا (عرب ) و(ايطاليون) و(أسبان) .... هذه هي فرنسا لا للإنطواء والإنكفاء

من خلال تصريحات الساسة يمكن استخلاص مدى الصراع الهوياتي في فرنسا والذي يمكن حصره في اتجاهين أساسين هما اتجاه ممركز مستمد من (مدرسة اليعاقبة ) التي لا ترى سوى لونها ، أو أنها مركز والباقي دوارون حولها .

°°°فساركوزي وإن كان مهاجرا مجريا إلا أنه ذاب بالكلية في المجتمع الذي هاجر إليه ، فقد أصبح فرنسيا تماما ، متخلصا من إرثه الماضوي في بلاده الأصلية ، فقد تعلم الفرنسية لغة البلاد ، و درس تاريخها ، و تخلق بأخلاق من استقبلوه ، و ساير نمط عيشهم وتقاليدهم .
https://www.youtube.com/watch?v=YfSG-Kz69mE


°°°أما الإتجا ه الثاني الذي يمثله اليسار الفرنسي فهو ( أممي ) يعني أن فرنسا متعددة الأعراق ، منفتحة على عوالم لغوية ودينية ، حقوق المهاجرين مصانة بالقانون ، وهو ما يعني أن هذا البلد الديموقراطي متمرد على قيم (المدرسة اليعقوبية ) ذات الطيف الواحد واللغة الواحدة ، فقد كانت اليسارية ( نجاة فالود بلقاسم ) ذكية في طرحها لمكونات الشعب الفرنسي تاريخيا ، فهي بذلك تضمن لتوجهها الهوياتي دعما من كل المهاجرين بمختلف أصنافهم .
https://www.youtube.com/watch?v=jkvZ_BsejOM

°°° حتى عندنا في الجزائر إشكال الهوية لا زال قائما ، وبنظرة مشابهة لما يجري في فرنسا ، هل الجزائر أحادية العرق واللغة ، والدين و التاريخ ؟ أم أنها دولة متعددة الأعراق واللغات والثقافات ؟ .
°°°نحن حاليا نعيش داخل قفص ( العروبة والإسلام) الذي تبنته دولتنا الوطنية الحديثة ، الإنفكاك منه يستدعي ثقافة ووعيا بالذات الموهونة ، فإن أخذنا بنظرة ساركوزي فنحن جميعا أمازيغ بقوة الأرض والإنتماء ، وإن أخذنا بنظرة نجاة بلقاسم فنحن شعب مكون من عدة عناصر متعايشة : أمازيغ ، رومان ، عرب ، أتراك ، أندلسيين ، أفارقة فرنسيين ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سؤال للجميع
عصامي ( 2016 / 9 / 22 - 21:44 )
سؤال طرحته على الكثير ولم اجد له جوابا مقنعا وهو على اي قاعدة أوأساس نبني عليه مفهوم الوطنية اذا استثنينا العرق أو الدين أو المذهبية أم ترى على الحدود المورثة عن الاستعمار الحديث أم على أساس الجغرافيا التي لا تستقيم على حال أم مذا


2 - الوطنية
عبد القادر أنيس ( 2016 / 9 / 23 - 09:17 )
الوطنية هي حب الوطن. يجب التفريق بين الوطنية (ptriotisme) وبين القومية (nationalisme). الوطنية هي حب الوطن والاستعداد الدائم للدفاع عنه ضد الآخر الغازي وما يقتضي ذلك من تضحيات لرفع مستوى أداء المجتمع عسكريا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وعلميا في عالم مازال يعاني من التوحش. بينما القومية ارتبطت بالشوفينية وما رافقها من عداء غير مبرر للآخر المختلف (بما في ذلك أبناء البلد المختلفين) وتبرير استخدام القوة ضدهم إلى حد تبرير الإبادة.
الوطن يُبنى على الوطنية لا على الروح القومية العنصرية. لا يحتاج الوطن إلى وحدة الدين والعرق واللغة لكي يزدهر ويعمه الرخاء والتعايش السلمي (سويسرة، أمريكا، فرنسا...). صحيح أن الوطن مكوَّن تاريخي وجغرافي. تاريخي يمعنى تعايش بشر في بقعة جغرافية محددة لمدة طويلة ربطت بينهم الآلام والأمال والانتصارات والهزائم حتى تكوّن لديهم الشعور بالانتماء إلى الوطن، أما مقومات اللغة والدين والعرق فقد ساهمت في أغلب المآسي بسبب دورها في التمييز الديني والعرق واللغوي ضد الآخر مصنفا كعدو لا يكون الخلاص إلى على جثته.
يجب تجاوز هذه الهويات القاتلة نحو إنسانية راشدة.
تحياتي


3 - الأمر واضح لا إشكال فيه!
ماسنسن ( 2016 / 9 / 26 - 12:14 )
الغالبية الساحقة لسكان بلداننا أمازيغ، تعريبنا باستعمال أخس الأساليب من تجارة دين ولغة جنته المزعومة وقوة قانون جائر إلخ : هذا إسمه إستعمار عروبي لا وطن متعدد الأعراق

بلداننا أمازيغية وجب على كل وطني تحريرها من هذا الإستعمار العروبي، تأتي بعد ذلك الوطنية والمساواة في الحقوق والواجبات بين كل الأعراق أما أن نقبل أكذوبة أن بلداننا عربية ونتحدث عن وطنية مزيفة تجعلنا عبيدا للعرب وخداما لمصالحهم وقضاياهم على حساب قضايانا ومصالحنا فهذا لا يمكن أن يقبله عاقل!

اخر الافلام

.. ا?غرب وا?طرف الخناقات بين ا?شهر الكوبلز على السوشيال ميديا


.. عاجل | غارات إسرائيلية جديدة بالقرب من مطار رفيق الحريري الد




.. نقل جريحتين من موقع الهجوم على المحطة المركزية في بئر السبع


.. سياق | الانقسام السياسي الإسرائيلي بعد حرب 7 أكتوبر




.. تونس.. بدء التصويت لاختيار رئيس الدولة