الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة.. الحكومة... المجتمع المدني... مخاوف الاحتواء والهيمنة

شمخي جبر

2016 / 9 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


الدولة.. الحكومة... المجتمع المدني... مخاوف الاحتواء والهيمنة

شمخي جبر
يحدد الباحثون ثلاث منظومات ادارية، اجتماعية، وظيفية، تقوم بتمشية امور الحياة في الدولة، اولها القطاع العام الحكومي، يحفظ النظام ويرسخه ويطبق القانون على وفق النصوص الدستورية التي تنظم العلاقات داخل المجتمع.
ويمول نشاطه من موارد الدول، وهناك القطاع الخاص، الذي يسعى نحو الربح، والقطاع الثالث هو قطاع المجتمع المدني او مايسمى المنظمات غير الحكومية، التي تسعى الى نشر القيم والافكار التي تخدم المجتمع، دون ان يهدف الى تحقيق الربح ، مدفوع بقيم وافكار نبيلة،يؤسسه ابناء المجتمع للتأثير في الواقع المجتمعي ورسم افاق المستقبل،عبر تكريس قيم الديمقراطية والتعددية،وتقاس ديمقراطية المجتمعات وانظمتها السياسية بمدى وجود المجتمع المدني. لانأتي بجديد حين نقول ان الدولة تتكون من (الشعب ، الارض، الحكومة او النظام السياسي).المفردات التي تتكون منها الدولة منها ماهو ثابت ومنها ماهو متغير، مثلا الشعب والارض ثابتان، ثبات الدولة بينما الحكومة او النظام السياسي، متغير، ويخضع هذا التغير في الكثير من الاحيان على وفق ارادة الشعب.الشعب او المجتمع هو الفضاء الذي تتحرك فيه منظمات المجتمع المدني فتشكله على هذا الاساس او ذاك، وتكون فعالية المجتمع المدني ارتفاعا وهبوطا مرتبطة بطبيعة النظام السياسي،فتكون الفعالية اكثر في الانظمة السياسية الديمقراطية فيما تهبط فعاليتها وتحاصر او قد تنحرف عن اهدافها في ظل النظام الاستبدادي.مما سبق يتضح لنا ان المجتمع المدني احد مكونات الدولة، وجزء منها وليس جزءاً من الحكومة او تابعا لها،اذ ان الدولة ثابتة والحكومة متغيرة وقد تلعب منظمات المجتمع المدني دورا كبيرا في جعل النظام السياسي مستقرا او غير مستقر على وفق العلاقة المتبادلة بين الحكومة والمجتمع، وفي ظل كل هذه التغيرات تبقى الدولة ثابتة.
واذا كان قد قيل ان منظمات المجتمع المدني هي تنظيمات غير حكومية، فانها تشكل احدى مؤسسات الدولة (وليست الحكومة) ويصح هذا القول في دولة القانون والمؤسسات، وليس في ظل الانظمة التسلطية التي تهيمن على المجتمع فتبتلع مقدراته ومؤسساته، بل وتغيب الدولة وتختصر بالسطة او بالحاكم الفرد المستبد.وفي ظل الديمقراطية التي تعيش حالة الفصل بين السلطات كقيمة مدنية ديمقراطية، اذ توجد سلطات ثلاث (التشريعية،القضائية،التنفيذية) وتلحق بهذه السلطات، سلطات اخرى تمثل مصالح المجتمع او هي اقرب اليه من سابقاتها من السلطات، هي السلطة الرابعة (الاعلام) والسلطة الخامسة وهي منظمات المجتمع المدني.وفي الانظمة الاستبدادية ليس ثمة مكان لمنظمات المجتمع المدني، وان وجدت بعض النقابات والاتحادات والجمعيات فانها تقع تحت هيمنة السلطة التي تحولها الى ادوات سلطوية تسخرها لخدمة اهدافها القمعية ضد المجتمع فتتحول الى جزء من منظومة القمع السلطوي،وهذا ماكانت عليه المنظمات غير الحكومية التي كانت قائمة قبل (2003) اذ كانت تتبع بشكل او اخر للمكتب المهني للحزب الحاكم، بل ان قياداتها من كوادر الحزب المتقدمة، هكذا كان حال الاتحاد العام لنقابات العمال واتحاد الطلبة واتحاد الادباء ونقابة الصحفيين والاتحاد العام لنساء العراق،وهذه المنظمات التي كان يمكن ان تكون منظمات مجتمعية تحولت الى عصا غليظة بيد النظام واداة للسيطرة والهيمنة او للتحشيد والتأييد الشعبي للنظام السياسي القائم.ولكن بعد التاسع من نيسان 2003 وسقوط النظام، تحرر المجتمع فاسترد منظماته وسخرها لخدمته وتفاعل معها، بل واسس الفاعلون الاجتماعيون الكثير من المنظمات الحقوقية والخيرية والانسانية والثقافية وفي كل قطاعات المجتمع.ومارست هذه المنظمات ومن خلال وسائل الضغط الشعبي السلمية الكثير من الانشطة والفعاليات التي تعبر من خلالها عن ضمير المجتمع ومعاناته، فكانت آليات المدافعة التي تمثلت بالتظاهرات والاعتصامات وحملات التضامن.وكان لمنظمات المجتمع المدني دور كبير وواضح في دعم العملية السياسية والتحولات الديمقراطية من خلال التحشيد الشعبي في الانتخابات او الاستفتاء على الدستور او حملات التوعية الثقافية والاعلامية ونشر الثقافة الحقوقية او ثقافة المجتمع المدني وقيمها.ولكن مع كل هذا بقيت منظمات المجتمع المدني، بدون اطار قانوني ينظم علاقتها مع مؤسسات الدولة ويضع حدا لمحاولات الهيمنة والاحتواء التي تتعرض لها ،قدمت العديد من مشاريع القوانين التي لم تكن بالمستوى المطلوب او بقت في ادراج بعض مؤسسات الدولة، وكانت السمة الغالبة على بعضها انها تؤكد الدور الحكومي، بالتالي فانها لم تستطع الخلاص من مؤثرات الاستبداد والتسلط وثقافته .
وكان آخر هذه المشاريع، مشروع القانون الذي تقدمت به وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني، والذي نظر اليه الناشطون المدنيون بوصفه حلقة من حلقات هيمنة الحكومة على منظمات المجتمع المدني ،يعني فقدان هذه المنظمات لاهم سماتها ـ الاستقلاليةـ وفقدانها لصفة اللاحكومية، بل نظر اليه البعض على انه تدخل يصل في بعض مواده الى البيئة الداخلية للمنظمة(البيئة الداخلية،هوية المنظمة،اهدافها ،نظامها الداخلي).مع انه مهيئ لعمل في البيئة الخارجية (البيئة الخارجية، ماهو خارج النظمة من مجتمع ومؤسساته، والحكومة ومؤسساتها) فتساءل الناشطون في المجال المدني، هل يشكل هذا القانون فرصة ام تهديداً (الفرص: كل ما من شأنه خدمة المنظمة وتسهيل مهامها،كالقوانين والانظمة والتعليمات التي تصدرها الحكومة، والامن والامان، والظروف الاقتصادية الجيدة، وتفهم دورها. التهديدات: كل ما من شأنه ان يشكل معوقا امام عمل المنظمة، سواء في البيئة الداخلية او الخارجية) وفي اي حيز يتحرك القانون؟ يتحرك في البيئة الخارجية لايمكن ان يمس البيئة الداخلية للمنظمة والا يعد هذا مساساًَ باستقلالية المنظمة.منظمات المجنمع المدني مكون مهم من مكونات الدولة، ولا يمكن ان يكون جزءاً من الحكومة لان منظمات المجتمع المدني، منظمات غير حكومية.وقانون منظمات المجتمع المدني يفترفض به انه يتحرك داخل البيئة الخارجية، اي لايتدخل في الشأن الداخلي للمنظمة والا فانه يفقد المنظمة استقلاليتها.وهذا يعني دخول الحكومة على البيئة الداخلية للمنظمة،مواد القانون تتحدث عن تدخل السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة الدولة لشؤون منظمات المجتمع المدني، ودائرة المنظمات غير الحكومية.وكانت بعض الاراء تذهب الا ان القانون يجب ان تضعه منظمات المجتمع المدني وليست الحكومة.ويرى اخرون أن تكون الهيئة المشرفة على القانون مستقلة، وغير تابعة للسلطة التنفيذية ولا ترتبط بتقلبات السلطة، والا كيف تمارس وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني كل هذه الصلاحيات؟ ويتفق الكثيرون على ان القانون يشكل ثغرة كبيرة في جدار استقلالية المنظمات.
12 /6 /2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة