الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكايا جدو أبو حيدر -17-

كمال عبود

2016 / 9 / 23
الادب والفن


من التراث الجميل - معن بن زائدة
**1**

المشهور عن معن بن زائدة أنّهُ كان حليم العرب ، ذاع صيتهُ وزادت الحكايا عنه ، إحدى الحكاياتِ تقول أنَّ رجلاً أراد ان يختبره ، انتظرَ الرجلَ حتى الظهيرة وقتَ يكثر المجتمعون في منزل الأمير معن
، دخل دون سلامٍ ، وقف قبالة الأمير معن ، ومّما قالَهُ للأمير مُنشِداً :
أتذْكُرُ إِذْ لحافُكَ جلْدُ شاةٍ .. وإذ نعلاكَ من جلدِ البعيرِ
( كان يقصُدُ التقليل من شأن معن ، - مّنْ أَنتْ؟ غطاؤك جلد حيوان ، وحذاؤكَ أيضاً من جلد الحيوان أيضاً)
قال معن بهدوء : أذْكُر ذَلِكَ ولا أنساه.
قال الرجل :
فسبحانَ الذي أعطاكَ ملكاً .. وعلّمَكَ الجلوسُ على السريرِ
(قصدَ الرجل: أن معناً ليس في مستوى الملوك ولا شيء يميّزُه
وإنما ملكُهُ هبةٌ من الله تعالى ، وليس من ذكاء معن ولا من قوّتِهِ أو حلمهِ)
قال معن: سبحانَهُ وتعالى.
قَالَ الرّجل :
سأَرحلُ عن بلادٍ أنتَ فيها .. ولو ضاءَ الزمانَ على الفقيرِ
(كأنّهُ يقول : لستَ جديراً بحكمِ هذه البلاد ، الرَّحيلَ أجدرُ مِنَ
العيشِ في بلادٍ أنتَ أميرها ، حتى لو أضاءتْ الجواهرُ في أيدي الفقراء فأنتَ لستَ جديراً بالإمارة)
قال معن : إِنْ حللتَ أهلاً وسهلاً ، وَإِنْ رحلتَ فمصحوباً بالسلامة.
قال الرجلُ :
فجِدْ لي يابنَ ناقِصةٍ بِشَيْءٍ .. فإني قَدْ عزمتُ على المسيرِ
(هذا الوصفُ - ابن ناقِصةٍ - عِنْدَ العربِ دونهُ قطعُ الرِّقَاب - والرجل أراد تحقير الأمير بأنّه ابن إمراةٍ زانية) وهنا تحفّزتْ قلوب الحاضرين ونظروا : من هذا الذي يطلب مالاً من الأمير ويصفه بابن الناقِصة؟
قَالَ الأمير : أعطوهُ ألفَ دينار.
قال الرجل (يتهمُ الأمير بالبخل وهذا أيضاً عارٌ كبير لايتَّصفُ بهِ الملوكْ):
قليلاً ما أتيتَ بهِ وإني .. لأطمعُ منكَ بالمالِ الكثيرِ
قال الأمير : أعطوه ألفاً آخر.
هنا انحنى الرّجُل للأمير قائلاً :
سيّدي ما جئتُ للذمِّ ، بل جئتُ أختبرُكَ ، والآن أعرِف يقيناً كيف أشرح ُ لقومي عن حُلْمك الجميل.
قال الأمير : أعطوه ألفاً ثالثة ، ورافِقوه خارج القبيلة.
خرج الرجلُ مسروراً وهو يُحدّثُ نَفْسَهُ :
يا لكرمِ هذا الرجل ، يا لِسِعَةِ حُلْمهِ

**2**

قالوا للرجلِ الغريبِ وأطنبوا في مدح أميرهم ، رووا عنه قصصاً وروايات:
أكثرُ الرجال حلماً ، أوسعهم صدراً ، أفضل الأعر...اب وعَلَمهم هو الأمير معن بن زائدة...

قال لنفسهِ: إِنَّ القومَ يغالون فيه...
وقرر الرجل أن يختبر حلم الأمير ثُمَّ سأل عن الدار...
قال أهل الأمير : إنًّ معناً الأمير في رحلةٍ طويلة وسيرجعُ مساءً .

ابتعد الرجلُ عن منزل الأمير قليلاً وبدأ يراقب المكان .. وفي المساءِ حلّتْ راحلةُ الأمير ومن رافقه في أرض الديار.
بدا الأمير مُتعباً من وعثاء السفر .. نزل يجرُّ خطوَهُ نحو البيت ..
دخل مضافتهُ وتوافدَ القوم على الأمير مهنئين له بسلامة العودة .. اكتظّتْ الدارُ بضيوف الأمير ولم تهدأ الحركةُ إِلَّا بعد منتصف الليل .. عندها دخل الأميرُ مخدعه لينام وقد أخذَ مِنْهُ التعبْ.

ترك الرجل الغريب مكانه وتقدّم نحو دار الأمير حينَ عمَّ السكون المكان وتأكد أنّ الأمير قد غفى ...
دقّ الرجلُ باب الْبَيْتِ بقوة ، استفاق الأمير وفتح الباب وقال :
أهلاً يا بني تفضل.
قال الرجل : أيُّها الأمير جئتُ أسالكَ سؤالاً ولكني نسيتْ.
قال الأمير : حسناً الإنسان ينسى ،لا بأس عليك.

انصرف الرجل ، دار حول البيت حتى انقضى وقت ، وقبل أن يهنأَ الأمير في النوم ، دقَّ الغريب باب البيت.
قام الأمير وفتح الباب : أنت يابني ، أهلاً هل تذكرتَ السؤال؟
قال الرجلْ : نسيتهُ، قبل لحظه كنت اذكرُه ولكني نسيت.
قال الأمير : لا عليك ، سأجيبك عن سؤالك حين تتذكره.

خرج الرجل من الدار ، لكنّهُ لم يترك الأمير يهنأُ في النوم ، وقبل أن يستغِرقَ الأمير ، رجع الرجل وطرق الباب بقوةٍ أكثر أستفاق منها أهل البيت...
فتح الأمير الذي هدًّهُ السفر والسهر وقلق الطرق على الأبواب ، وحين رأى الرجل قال بهدوء : إن شاء الله تذكرتَ السؤال...

قال الرجل : نعم.
قال الأمير : ماهو؟
قال الرجل: هلْ أكلْتَ خراء ، وما هو طعمه ، حلوٌ أم مُرْ؟
قال الأمير : لم أذقهُ ، أمّا عن طعمهِ فهو حلوٌ للذباب ، وهو مُرٌ تعافهُ نفس الإنسان...
قال الرجلُ وَقَدْ همَّ بتقبيل يد الأمير :
ما جئتُ لِأُهينَ الأمير ، بل جئتُ أختبرُكَ حلمكَ، المعذرة منك ياسيدي، وداعاً...
قال الأميرُ لنفسِهِ : لا وقتَ للنومِ لقد آن آذانُ الفجرِ ، حان وقتُ الصلاة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنا صدم الفنان عباس ا?بو الحسن سيدتين بسيارته في الشيخ زايد


.. إيران تجري تحقيقا في تحطم المروحية.. وتركيا تتحدث عن رواية ج




.. ضبط الفنان عباس أبو الحسن بعد اصطدام سيارته بسيدتين في الشيخ


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 20 مايو 2024




.. عوام في بحر الكلام -الأغاني المظلومة في مسيرة الشاعر إسماعيل