الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خالد الكيلاني يكتب : يصل ويسلم

خالد الكيلاني

2016 / 9 / 24
الصحافة والاعلام



كل تصرف أو قرار يتخذه أي مسئول أو أية سلطة في أي مكان لابد أن يستهدف رسالة معينة ، وتصرف المسئول هنا لا يعني أن يكون رسالة إنسانية أو رسالة مهنية كرسائل الأنبياء أو رسالة المعلم أو رسالة مهنة المحاماة مثلاً ، ولكنه رسالة بمعنى Message ، فمثلاً الرسالة التي تحملها أحكام القضاء في العقوبات الجنائية تستهدف إصلاح وتهذيب المجرم ، وردع بقية أفراد المجتمع عن إرتكاب جريمة مثل جريمته ، والعقاب الذي يوقعه مسئول على أحد مرؤسيه هو رسالة تعني أنه غير مسموح بالخطأ ، وأن من يخطيء ينال جزاء ما ارتكبه من خطأ ، حتى لا يعود لذلك الخطأ مرة أخرى ، وحتى يكون ذلك الموظف المخطيء هو عبرة لزملائه من الموظفين .
ولكن عندما تخطيء الرسالة طريقها فإنها تأتي بنتائج عكسية تماماً ، بل وتمثل خطراً على المجتمع كله ، فالحكم على شخص بريء في جريمة لم يرتكبها ، يزين لمن ارتكب الجريمة معاودة الخطأ ، ويرسخ في المجتمع معايير مغلوطة ، فضلاً عن أثره الخطير على المواطن البريء الذي دفع ثمن جريمة لم يرتكبها ، وخطر ذلك على المجتمع كله .
منذ عدة شهور ارتكبت إحدى مذيعات قناة القاهرة بالتليفزيون المصري ( القناة الثالثة ) خطأً جسيماً على الهواء عندما تخلت عن مهنيتها وحيادها وأعلنت رأيها الخاص في الحكومة والنظام من خلال برنامجها ، وعلى لسانها لا لسان الضيف ، وهذا سقوط مهني لا علاقة له بحرية الرأي ، لأن دافع الضرائب الذي يدفع لها رواتبها وحوافزها ومكافئاتها لم يدفع لها تلك الأموال لكي تعبر عن رأيها الخاص - بغض النظر عن كونه صحيحاً من عدمه - ولكنه يدفع لها رواتبها من أجل أن تقوم بعملها الحقيقي وهو الحوار مع الضيوف وعدم مقاطعتهم وتركهم ليقولوا رأيهم بكل حرية .
فماذا كانت النتيجة ؟
النتيجة كانت هي إقالة رئيس القناة ورئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون وقتها السيد عصام الأمير- بغض النظر عن رأيي الشخصي فيه من أنه ضعيف ويفتقد للمهنية ولم يكن يستحق تعيينه في هذا المنصب الرفيع - والذي ربما لم يكن يعرف حتى إسم تلك المذيعة ، وتم ترقية مدير عام البرامج وهو الرئيس المباشر للمذيعة والمسئول المباشر عن برامج القناة ليكون رئيساً للقناة !!! .
وبدوره قام رئيس القناة الجديد بمعاقبة مذيعي قناته بإلغاء معظم برامج الهواء ، وفيها الغث والسمين ، دون أي ذنب ارتكبوه !!! .
القرار صدر دون تحقيق ، بل استباقاً لأي تحقيق ، وبعد التحقيق تم مجازاة المذيعة بمنع برنامجها وخصم عدة أيام من راتبها ، ولكنها استمرت بنفس توصيف وظيفتها في العمل بالقناة !!! .
ومنذ أيام أذاع التليفزيون المصري خطاباً قديماً للرئيس على أنه الخطاب الذي ألقاه الرئيس منذ لحظات بالأمم المتحدة ، فصدر قرار بإقالة رئيس قطاع الأخبار الأستاذ مصطفى شحاتة - الذي لم يمض على توليه منصبه حوالي 3 شهور - بمجرد إذاعة هذا الخطاب القديم !!! ( أذيع منه 11 دقيقة فقط ) .
ومن عمل في التليفزيون المصري مثلي يعلم تمام العلم أن المسئول عن هذا الخطأ هو إدارة التبادل والتنسيق الإخباري ومسئولي النشرة ومسئول التنفيذ في استوديو الأخبار ، ويعلم أيضاً أن أن مهندسي وفنيي الهندسة الإذاعية - وهم سبب معظم خطايا ماسبيرو - يتبعون قطاعاً أخر ولا علاقة لرؤساء القنوات أو رؤساء القطاعات الأخرى بهم !!! ، كما يعلم - وهذا هو الأهم - أن رئيس القطاع ( وهو بدرجة وكيل أول وزارة ) لا يستطيع ليس فقط فصل أصغر موظف في القطاع ، بل حتى لا يستطيع استبعاده من موقعه أو نقله لموقع أخر .
وحتى لا يُساء فهم هذا الكلام ، فأنا هنا لا أدافع عن رئيس قطاع الأخبار المُقال الذي لا تربطني به سوى علاقة عادية نتيجة لزمالة قديمة إبان كنت مراسلاً للتليفزيون في المغرب ، ولا أستطيع تقييم مدى كفاءته ، وكل إنطباعاتي الشخصية عنه أنه شخص محترم ودمث الأخلاق ، وأن من إختاره لهذا المنصب هو رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون خلفاً لها وهي التي كانت تترأس قطاع الأخبار حتى تعيينه ، واختيارها لمصطفى شحاتة بالطبع كان ثقةً منها في كفاءته ، فهل هي بالتالي مسئولة عن هذا الخطأ ؟!!! .
ولكن الخلاصة أن مثل هذه القرارات التي تُتخذ دون تحقيق لا يمكن أن تساهم في إصلاح هذا المبنى العزيز علينا جميعاً أي مبنى ماسبيرو .، بل إنها تساهم في إضعافه وتدميره أكثر مما هو ضعيف ومُدمر ... لماذا ؟
لأنك في هذه الحالة لا تعاقب الموظف المسئول الحقيقي عن الخطأ ، ولكنك تعاقب رئيسه الذي لم يكن له دور في تعيينه أو إختياره في هذا الموقع .
وبهذه الطريقة تفقد الرسالة من العقاب الهدف منها ، وتجعل أيدي المسئولين في ماسبيرو مغلولة عن الإبتكار والإبداع ، وتحولهم إلى مجرد موظفين كل همهم الحفاظ على الوضع القائم ، أو الحفاظ على كراسيهم بمعنى أصح .
ذلك لأن الرسالة من العقاب تاهت في الطريق وذهبت إلى غير المرسل إليه .
وقديما كنا نكتب على الرسائل البريدية - عندما كانت هناك رسائل بريدية - يصل ويُسلم ليد فلان الفلاني ، حتى نضمن وصولها مباشرة إلى المرسل إليه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شيرو وشهد مع فراس وراند.. مين بيحب التاني أكتر؟ | خلينا نحكي


.. الصين تستضيف محادثات بين فتح وحماس...لماذا؟ • فرانس 24 / FRA




.. تكثيف الضغوط على حماس وإسرائيل للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النا


.. اجتماع تشاوري في الرياض لبحث جهود وقف إطلاق النار في قطاع غز




.. هل يقترب إعلان نهاية الحرب في غزة مع عودة المفاوضات في القاه