الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مختصر لكتاب -ثلاثة وثلاثون يوماً في الطوفان- -2

دلشاد مراد
كاتب وصحفي

2016 / 9 / 27
السياسة والعلاقات الدولية


بعد تفقد القائد أوجلان للبيت الجديد قال لتايهان وسيدار: "بعد ما انكشفنا في البيت الآخر، بدأت تركيا بالضغط على روسيا لإخراجنا من هنا، لذلك سيقوم شخص بالخروج من روسيا بجواز سفري وهذا لن يكون أنا بالطبع، بعد هذا الخروج سيدعي الروس بأنني قد غادرت روسيا، ولكنني سأكون هنا، هكذا سيتخلصون من الضغط الموجود عليهم، رفيق تايهان؛ ستذهب إلى الشرق الأوسط, إنه فترة عقد المؤتمر، اذهب وانضم إلى المؤتمر السادس، اذهب واعصف كالعاصفة في المؤتمر, اشرح لهم ما يعيشه القائد, أوضّح الصعوبات التي نعانيها من أجل تهيئة مكان لنستطيع التنفس فيه، اشرح لهم بأنهم لا يستطيعون الاستمرار هكذا، وأنهم بحاجة إلى التغيير وإعادة البناء الذي بات من الضرورات العاجلة التي لا تحتمل التأجيل".
أدرك تايهان العبء الكبير الذي حمله له القائد، ونظر إلى سيدار وقال:" إننا نمر في مرحلة عجيبة تهز كيان الإنسان كل يوم, هذه الفرص تمنح للإنسان مرة واحدة، إننا نشهد هذه الحقبة التاريخية, فالذهاب للمؤتمر فرصة كبيرة وخاصة بتكليف من القائد، إنه وضع مشرف, رغم كل هذا هل تعرف على ماذا أتأسف...؟ بعدما رأيت القائد إثر سنوات طويلة بهذا الشكل, أتأسف على الفراق عنه بدون تلقي تدريب".

مخطط السفر لخارج روسيا

في اليوم التالي جاء مندوب الاستخبارات الروسي ومعه شخصان آخران قاما بالتقاط صورة القائد وتحضير جواز سفر للقائد خلال ساعات. ساد جو دبلوماسي يميزه الضحكات المصطنعة، وقال مندوب الاستخبارات مبتسماً ببرودة جامدة: "بهذا الجواز تستطيع الذهاب لأي مكان في العالم متى ما شئت".
كما حضر ماهر (مسؤول تنظيم روسيا) وجلب معه تقييمات ليعرضها على القائد, منها ما قدمت من أوروبا وأخرى من الوطن. فبعدما خرج القائد من الشرق الأوسط انتفض الشعب الكردي والكثير من الأجانب في جميع أنحاء العالم، وبهذا الصدد كانت الصحف تنشر أخباراً بأنهم يقومون بمسيرات مستمرة والسجون بدأت بالإضراب عن الطعام منذ فترة طويلة، الأطفال والشيوخ والنساء يحرقون أنفسهم، كلها تحت شعار "لن تحجبوا شمسنا".
وفيما بعد أُلغي مخطط السفر لخارج روسيا بجواز سفر القائد، حيث كان ماهر يراهن على تصويت مرتقب للبرلمان الروسي على طلب القائد للجوء السياسي، حيث كانت الأجواء الدبلوماسية مشجعة في هذا الإطار، وفجأة علم القائد وفريقه من أخبار التلفزيون بأن جيرنوفسكي قد ذهب إلى أنقرة وأجرى لقاءات مع المسؤولين الأتراك.

جولة لجيرنوفسكي في أنقرة

كان الشك والقلق بادياً على وجه القائد أثناء مشيه في الحديقة.
ـ "هل كان لديكم علم بذهاب جيرنيوفسكي إلى أنقرة..؟ هل قال لأحد بأنه سيذهب إلى أنقرة..؟”
ـ إننا نبقى لدى هؤلاء الناس ولا يخبروننا، غريب! ما هي التطورات بعد الآن..؟”
بينما كان يتمشى بنفس تلك الملامح، اقتربت سيارة من باب الحديقة، وقف القائد في مكانه. إذ يريد معرفة من القادم. دخلت السيارة إلى الحديقة، وبعد ما نزل ماهر من السيارة، قال القائد بغضب لماهر.
ـ "تعالَ إلى هنا".
ـ "جيرينوفسكي ذهب إلى أنقرة... هل لديكم علم ..؟ أولئك الناس ألن يبيعوننا..!"
أجاب ماهر: ليس لدي خبر، ربما ذهب ليخفف من ضغوطات أنقرة. كتبت الصحافة "أن تركيا أعطت روسيا مذكرة رسمية قبل فترة قصيرة، تطلب منها إعادتكم إلى تركيا، ولهذا السبب ربما كانت رحلة دبلوماسية".
غضب القائد، وتقطبت حاجباه: "أيها الأحمق إن KGB قد وضعتك في راحة يدها، ويلعب بك كيفما تشاء".
تدخل مجيد وبصوت متهدج: "في هذه الفترة ستصوت الدوما على طلبكم لحق اللجوء السياسي، والاحتمال الأكثر أن تتم الموافقة.

ارتباط قيادة حركة التحرر الكردستانية بالقائد

وفي مساء ذلك اليوم عقد في تلفزيون MED TV منتدى حواري، بمشاركة أعضاء في المجلس الرئاسي واللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني.
موضوع الحوار كان متمحوراً حول "المؤامرة الدولية المدبرة ضد القائد". إنها المرة الأولى منذ خروج القائد من الشرق الأوسط سيشترك فيه قيادات بهذا القدر, فالصحافة التركية تدعي بأن القائد بعد خروجه من الشرق الأوسط فقد السيطرة على الحزب، وأن الحزب بات معرضاُ للتفكك والانهيار، لذا فان انضمام هذا العدد من القيادات سيكون جواباً لتلك الاتهامات.
تطرق المشاركين إلى نفس الموضوع الرئيسي، وظهر جلياً بأنه بدل الانفكاك ظهر تلاحم ووحدة أقوى، استخدم البعض لغة النقد الذاتي، أكدوا بإصرار :"لن نقع في أخطائنا الماضية مرة أخرى". وأوضح كل مشارك ارتباطه بالقائد... إنها المرة الأولى التي يطول فيها الحوار بهذا القدر. في منتصف الليل أعطيت استراحة، لمتابعة الحوار بعده....

رسالة أمريكية لموسكو

عندما سمع القائد صوت التلفزيون الروسي. لم يتجه لغرفته بل توجه إلى الصالون. نظر إلى فاطمة وطاهر (سائقه): "هل يوجد خبر في التلفزيون الروسي".
تكلم طاهر بتسرع وهيجان: "أمريكا بعثت لروسيا بحقكم رسالة".
ـ" أية رسالة، لماذا بعثتها..؟”
تدخلت فاطمة: "قائدي، وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت بعثت برسالة للحكومة الروسية، تطلب فيها إخراجكم من روسيا مباشرة".
القائد وبتقاسيم متعجبة، "هكذا إذاً..! أمريكا من أجل إخراجي..".
أطلق قهقهة ثم صعد لغرفته.
وفي هذه الأجواء المضطربة صَوَتَ برلمان الدوما على طلب القائد في حق اللجوء السياسي. فمن أصل 298 صوتاً وافق مجلس الدوما بالإجماع على إعطاء حق اللجوء السياسي للقائد مع امتناع صوت واحد فقط عن التصويت، ويبقى التنفيذ رهن موافقة الرئيس الروسي "آنذاك" بوريس يلتسين، فإن قبل يلتسين، حينها يستطيع القائد البقاء في روسيا للفترة التي يريدها".
وبالتزامن مع ذلك كانت نتائج اتصالات روزرين بالأصدقاء في اليونان بقولها: "أخبرنا الأصدقاء بأنه في حال مجيء القائد إلى اليونان هذه المرة في البداية إن لم يوافق مسؤولو الدولة رسمياً على مجيئه فإنهم سيعملون على إسكانه في مكان مضمون وآمن حتى يتم تأمين القبول رسمياً، ومن الآن سيؤمنون طائرة خاصة من أجل الذهاب إلى اليونان متى ما أردنا".

لقد وقعنا في أيدي اليهود

وفي ذات اليوم أتى جيرنيوفسكي وميترافانوف وهما في حالة اضطراب لمقابلة القائد، حيث أخبراه بضرورة الرحيل من روسيا، وبعد مغادرة جيرنيوفسكي وميترافانوف أخبر القائد مرافقيه بما قالوا له، بدأ بالحديث بنبرات صوتية ثقيلة: "ذهب جيرنيوفسكي إلى أنقرة وعاد، أعطوني جواز سفر روسي، وافقت الدوما على إعطائي حق اللجوء السياسي، والآن يطلبون مني الرحيل عن روسيا، الدولة لا ترغب في بقائي هنا، صداقة هؤلاء بهذا القدر... سيصرون... إلى أين نستطيع الذهاب..؟ إلى أين يمكن الذهاب..؟”
روزرين مباشرة: "قائدي، تستطيعون الخروج إلى اليونان. إنني أخبرتكم بنتائج مكالمتي مع الأصدقاء. باتصال هاتفي نستطيع البدء بالتحضيرات في اليونان؛ نستطيع نقلكم بطائرة خاصة بواسطة الأصدقاء.."
استمع القائد بدقة. وسأل: "حسناً هل هناك مكان آخر غيره..؟ إلى أين نستطيع الذهاب..؟
ماهر: "قائدي، يمكن الذهاب إلى روسيا البيضاء، فلجيرنيوفسكي قرابة مع لوكشينكو رئيس روسيا البيضاء. وعدا ذلك فروسيا البيضاء مكان بعيد عن الأنظار والظاهر إنه بلد لا تصله تركيا. حتى السفارة التركية غير موجودة في هذا البلد. بلد ليست له علاقة سياسية أو اقتصادية مع تركيا.".
القائد: "اتصلوا مع أوروبا أيضاً، ابحثوا عن أرضية هناك أيضاً... أو إمكانية البقاء في البلاد الأوروبية أيضاً. اتصلوا مع الأصدقاء، والأشخاص الذين نعرفهم، القريبين منا...".
تمعن القائد في صورة جيرينوفسكي وميترافانوف ولوكشينكو المعلقة على الجدار، ثم أدار نظره نحو الأدوات الغريبة وغير المفهومة، وبعد فترة التفت إلينا، وقد وضع اصبعه على شفتيه وقام بحركات تنم عن التزام الصمت، وكقائد فرقة موسيقية أشار إلى الصورة المعلقة على الحائط بحركات اليد والجسد، وهمس: وقعنا في يد اليهود. وقعـ…نا، في …يد، إليهـ....ود... ماذا سنفعل...؟”
عندما فعل ذلك كان غريباً جداً، وكأنه يريد إخبارنا بشيء ما. رفع كفة يديه نحو الأعلى وقالها واحدة واحدة: وقعـ...نا، في ....يد، الـيـ...هود.

إما أن تخرجوا، أو سنخرجكم

أتى جيرنيوفسكي وميترافانوف مرة أخرى للقاء بالقائد، وبعد ذهابهما قال القائد لمرافقيه: "هؤلاء الرجال مصرين على إخراجنا من هنا"، لقد هددوا جيرنيوفسكي كثيراً قائلين: "سنغلق حزبكم إن لم تُخرِجوا أوجلان من هنا". قالوا له: "انت الذي جلبته، وانت ستخرجه". والآن لا يوجد مكان نذهب إليه. فما الذي يخبئه الزمن لنا، سنعلم ذلك في القريب...". توقف مدة وقال بعدها: "هل تكتبون ما نعيشه...؟ أنتم الوحيدين الذين تعاصرون هذه الفترة، اكتبوا كي لا يضيع، فالكلام المقال وغير المدون يطير ويتبخر.."، والتفت إلى روزرين قائلاً لها:"إتصلي باليونان، ليستعجلوا قليلاً. وكما قلت قبل الآن، لتكن علاقاتك سليمة".
قالت فاطمة عندما سأل المرافقين عن النقاش الذي دار في غرفة القائد: "كان جيرنيوفسكي يقول للقائد أخرج من روسيا، سيغلقون حزبنا...اذهب لروسيا البيضاء ستبقى في فندق". أما ميترافانوف فكان على النقيض من رأيه، يقول: "لا يصح هكذا، سيغدو حياته في خطر".
بعدها أتى ماهر وقال للقائد حول نتيجة اتصالاته بروسيا البيضاء (بيلاروسيا): "قائدي، كنا نقوم بالتحضيرات لنقلكم إلى روسيا البيضاء، وعلى هذا الأساس أردنا إرسال الرفيق هجار ليمهد أرضية سليمة للعلاقات، ولكن في اليوم الذي كان من المفروض أن يذهب فيه الرفيق هجار، قام "عصمت سزغين" بزيارة إلى روسيا البيضاء، هذا التصرف أفرغ جميع مساعينا من نتائجها".

لا طائرة… ولا طيار… ولا صديق

وعندما جاءت روزرين بعد إنهاء المكالمة قالت بدورها: "قائدي، تم تأمين الطائرة... لكنهم لا يستطيعون تأمين طيار خاص لجلب الطائرة إلى هنا. يقولون بأنه من الممكن تأمينه بعد فترة قصيرة".
وفي الصباح الباكر حضر مندوب الاستخبارات ثانية، ليخبر القائد، بضرورة الخروج، قائلاً: "أتيت لأعرف متى ستذهبون"، رد القائد: "سأذهب بعد العثور على مكان نذهب إليه"، فرد مندوب الاستخبارات: "إما أن تخرجوا خلال عدة أيام، أو سنخرجكم".
بعد مغادرة ذلك المندوب سار القائد عدة خطوات ثم عاد وقال: "هدف عملية تمشيط الطوفان التي بدأت في الأول من تشرين الأول هو القضاء على القائد جسدياً، إذا لم يتمكنوا من ذلك سيقحموننا في وضع لا نستطيع التنفس فيه. ليس لدينا شبر من الأرض نستطيع الذهاب إليه، ولا مكان نستطيع التنفس فيه.. آخر ما تبقى هو جهود عدة أصدقاء، وليس واضحاً ما الذي سيفعله هؤلاء أيضاً".
بقي صامتاً للحظات ومشى عدة خطوات وفجأةً.. تغيرت ملامح وجهه، فضحك ملئ فمه :"ستمر هذه الأيام أيضاً".
في هذه الأثناء قالت روزرين التي تتحدث بالهاتف بين الحين والآخر: "لم أستطع الاتصال مع الأصدقاء. وبعد قيامها باتصال آخر كانت تقول: " روجهات, الأصدقاء… اتصلت ..تمام". وفي اتصال آخر: " بعض الأشخاص يزرعون العراقيل، لا يوجد طيار خاص". بعد اتصال آخر قالت: "وجدوا طياراً, لكنهم يبحثون عن طائرة خاصة". وبعد الاتصال الهاتفي الأخير قالت: "لا طائرة… ولا طيار… ولا صديق … لن نأتِ. هكذا قالوا". وضَعَت بذلك نهاية لمخطط الذهاب إلى اليونان ولتفاؤلها. لا يوجد نبأ من أوروبا. محاولات ماهر ولقاءاته هي الأخرى لم تنم عن نتيجة، والروس يتابعون نفس الأقوال؛ "إما أن تخرجوا، أو سنخرجكم".
حسناً إلى أين سيذهب القائد..؟

* نشر في صحيفة روناهي - العدد 328 / 21 أيلول 2016م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل


.. القوات الروسية تعلن سيطرتها على قرية -أوتشيرتين- في منطقة دو




.. الاحتلال يهدم مسجد الدعوة ويجبر الغزيين على الصلاة في الخلاء


.. كتائب القسام تقصف تحشدات جيش الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم




.. وزير المالية الإسرائيلي: إبرام صفقة استسلام تنهي الحرب سيكو