الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتظار

حبيب مال الله ابراهيم
(Habeeb Ibrahim)

2016 / 9 / 27
الادب والفن


انتظار
د. حبيب مال الله ابراهيم
جلس على كرسي كان خلف طاولة خشبية وكتب اسمه على قطعة صغيرة وضعت امامه تتناوله هواجس شتى يختلس النظر الى أعضاء لجنة المناقشة الجالسين خلف طاولة طويلة ومرتفعة تارة والى الحضور الجالسين على الجهة اليمنى تارة اخرى قبل ان يبدا اعضاء اللجنة بتوجيه الاسئلة اليه، وقع نظره على فتاة جميلة في الثلاثين اعادته الى الوراء عشرة سنوات حين كان لايزال طالبا في مرحلة البكالوريوس طالبة من اصول فلسطينية تسكن مع اسرتها في بغداد منذ عشرات السنون لا يستطيع احد ان يتعرف الى اصولها بسبب اتقانها للهجة البغدادية لولا انها تتعمد ان تذكر الاخرين باصولها بين حين واخر.
فتاة كان يتمنى ان يرتبط بها بكل ما في الوجود من روابط، تمنى حينها لو يستطيع الزواج بها بين ليلة وضحاها وان يدعوها لتدخل قلبه مرة واحدة، لكنها رفضته فقد كانت تنظر اليه على انه طالب جامعي مجتهد فحسب لم يسمح لها غرورها ان تفكر فيه، حتى حين ارسل احدى زميلاته لتحمل رسالة شفوية اليها، فقد فهمت هي محتوى الرسالة قبل ان تنهي زميلتها اكمالها واخبرتها ان تعود اليه وتخبره بانها تتمنى له حياة سعيدة مع انسانة اخرى لانها ستتزوج عن قريب.
تزوجت بالفعل وانقطعت عن الدراسة لاسبوعين ثم استانفت حياتها من جديد. واستانف هو الدراسة بقلب ملؤه الحقد لكنه اصبح اكثر اصرارا من ذي قبل واصر على ان يحصل على شهادة الدكتوراه وان يهزمها في مجال اخر بعد ان احس باستحالة ان يهزمها في عالم العشق.
حين لمحها جالسة بين الحضور استعاد اصراره فيما مضى في ان يجيب هذه المرة على اسئلة المناقشين بهدوء وان لا يترك مجال شك لها بان اجتهاده اصبح مهب الريح. مرت ساعات المناقشة بهدوء وجاء دوره اخيرا ليتحدث وليدافع عن اطروحته..فقال بهدوءه المعهود: اشكر في البدء رئيس واعضاء لجنة المناقشة والسيد المشرف وكل من مدوا لي يد المساعدة، اشكر بعد ذلك زميلتي في مرحلة البكالوريوس..هدى.
اختلس النظر اليها ليبين بانه يعي ما يقول، واكمل:
- اجل اشكرها لانها دفعتني الى الامام.
اما هي فقد امتلات عينيها بالدموع فاخفضت راسها خشية ان تنهمر دموعها...سالت نفسها سؤالا غريبا: لماذا رفضت حبه؟ لم تستطع ان تجيب على سؤالها، تركته للزمن عسى ان يجيبها يوما.
حصل على درجة امتياز وصفق له الجميع بحرارة ثم تقدم منه الحضور ليباركوا له وكانت هي من بين المباركين وضعت كفها في كفه برهة، احسا بشيء من الراحه وبكثير من الياس:
- لقد بالغت في وصفي امام اللجنة، فانا لم ادفعك للامام بل دفعتك نحو الهاوية حين رفضتك.
- الهاوية كانت بالنسبة لي اصرار للمضي قدما نحو الامام...شكرا مرة اخرى..كيف عرفتي بان موعد مناقشة اطروحتي يصادف اليوم؟
- عرفت ذلك من نجلاء...اتتذكرها...الطالبة التي ارسلت معها الرسالة الشفوية حين رغبت ان اشاركك الحياة.
- واين التقيتما؟
- ليس مهما ان تعرف كيف التقينا، لقد اخبرتني نجلاء بكل شيء...لم يكن يبدو عليك انك تحبني الى ذلك الحد...كنت خامل الوجه لا يبدو عليه الحب او البغض...هي اخبرتني بكل شيء.
- وهل انت سعيدة في حياتك؟ هل لديك اطفال؟
- كلا..كيف ابدو سعيدا وقد انفصلت عن زوجي..اهنالك امراة سعيدة وهي بعيدة عن زوجها.
- ولماذا ظهرت في افقي الان؟
- لا اعلم...كانني بمجيئي اطلب الغفران...لا اعرف.. الم نكن زملاء يوما؟
- لقد احترقت فيما مضى بعد ان احسست بانني......
وضعت يدها على فمه وهي تقول:
- لا تكمل...انها مواجع الماضي...اعلم بما احسست به وما لاقيت...لا اريد ان تفسد عليك ذكريات الماضي فرحتك بحصولك على شهادة الدكتوراه.
- هدى...هنالك امور ينبغي ان اخبرك بها.
- لست بحاجة الى ان تخبرني بها...لا ابه بها...المهم ان تبدو سعيدا امام الحضور...ساسافر الى الاردن الاسبوع المقبل...وقد لا استطيع رؤية بغداد من جديد...فقد سافر افراد اسرتي قبل ايام وسالحق بهم الاسبوع المقبل.
مدت يدها مجددا:
- مبروك...اتمنى لك حياة سعيدة ايها المجتهد.
مد يده هو الاخر. لكنه لم ينبس بشيء. غدرت هي وغابت من ايامه الى الابد...انزوى في ركن هادئ واتصل بنجلاء:
- مرحبا نجلاء...ماذا اخبرتي هدى بخصوصي.
- من هي هدى؟
- زميلتنا في الكلية ايام البكالوريوس.
- لماذا؟
- تحدثي ارجوك...لقد جاءت الى المناقشة وقد غادرت قبل لحظات.
- اخبرتها بكل شيء...بمشاعرك لها ايام كنا في مرحلة البكالوريوس...اردت ان اصارحها بكل شيء لانها ستلحق باسرتها بعد اسبوع.
جرى مسرعا الى الخارج يريد اللحاق بها، نظر الى الطريق المؤدي الى خارج الكلية، لم يرها ربما خرجت من الباب الخلفي وضعت احداهن يدها على كتفه. نظرت الى الخلف لم تكن الا هي:
- هدى...
أمسك يديها وهو يقول:
- ليس للحب نهاية...اتعلمين سبب ياسي فيما مضى؟ كان بسبب بعدك عني...اقسم لك ان كل جارحة من جوارحي تطلبك...ارجوك يا هدى.
- اتريدني وانا بهذه الحال؟ سيدة مطلقة لا امل لها...ولا..
وضع يده على فمها:
- لا اريد ان اسمع شيئا...سنجعل من حياتنا قاربا وسط بحار الامل.
سحب يدها ودخلا القاعة ثم اخبر الحضور بانه سيتزوج هدى وسيدخل الحياة الزوجية كما سيدخل حياة التدريس في الجامعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسيل مسعود تبهر العالم بصوتها وتحمل الموسيقى من سوريا إلى إس


.. فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن




.. كريم السبكى: اشتغلنا على فيلم شقو 3 سنوات


.. رواية باسم خندقجي طلعت قدام عين إسرائيل ولم يعرفوها.. شقيقته




.. كلمة أخيرة - قصة نجاح سيدة مصرية.. شيرين قدرت تخطي صعوبات ال