الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرقابة الدستورية في الدساتير المقارنة ودستور 1925 الملكي في العراق

اسماعيل علوان التميمي

2016 / 9 / 29
دراسات وابحاث قانونية


الرقابة الدستورية في الدساتير المقارنة ودستور 1925 الملكي في العراق

تمنح الدساتير الفيدرالية المحكمة الدستورية عادة صلاحية الفصل في الخلافات التي تنشأ بين الولايات او بينها وبين الحكومة الاتحادية. فهذه الخلافات لا يمكن حلها عن طريق التحكيم او العلاقات الدبلوماسية لان العلاقة التي تجمع هذه الوحدات هي علاقة يحكمها القانون العام الداخلي وليس القانون الدولي ولذلك قيل ان هذه الصلاحية المخولة للمحكمة الدستورية هي البديل عن التسويات الدبلوماسية للخلافات التي تقع بين الدول ذات السيادة كما ان هذه الخلافات لا يمكن حلها بالطريق الاداري لان الولايات لا تخضع اداريا للسلطة الاتحادية حتى يمكن حل هذه المنازعات عن طريق التدرج الاداري او القضاء الإداري.( )
ومن أمثلة الدول الاتحادية التي أسندت الى محكمة عليا او محكمة دستورية اختصاص الفصل بالمنازعات بين الحكومة الاتحادية والولايات هي:

اولا- الولايات المتحدة الامريكية لا توجد محكمة دستورية متخصصة في المسائل الدستورية ومع ذلك فان الدستور الامريكي يتضمن ما يشير الى اختصاص القضاء في الفصل بالمنازعات بين مستويات الحكم فقد اشار الدستور الى ان سلطة القضاء تمتد الى جميع المنازعات التي تنشأ بموجب دستور وقوانين الولايات المتحدة والمعاهدات المعقودة بالاستناد اليها وكذلك تمتد للخلافات او المنازعات التي تكون الولايات المتحدة (على مستوى الاتحاد) طرفا فيها وايضا الخلافات بين ولايتين او أكثر.( )
تقوم المحكمة العليا الامريكية برقابة دستورية للقوانين والاوامر المحلية في الولايات بصورة اوسع كثيرا من استعمالها لرقابة الدستورية بالنسبة للقوانين الفيدرالية.فحتى نهاية سنة 1983 الغت المحكمة العليا 1088 قانونا وامرا محليا صادرا في الولايات لمخالفتها للدستور او القوانين الفيدرالية، وتؤثر العديد من هذه الالغاءات بصورة غير مباشرة على قوانين مماثلة في الولايات ليست محلا للطعن فإلغاء قانون الإجهاض على سبيل المثال في ولايتين أمريكيتين ينعكس ضمنيا على مشروعية القوانين المماثلة في باقي الولايات.
ورقابة المحكمة الاتحادية العليا تمس ايضا العديد من الامور المهمة في الولاية حيث ساهمت في الغاء الاساس القانوني للتفرقة العنصرية في الولايات الجنوبية كما حدت المحكمة من سلطة الولايات في تنظيم المسائل الاقتصادية التي يختص بها الكونغرس.( )
يتضح من ذلك ان الرقابة الدستورية على دستور وقوانين الولايات منصوص عليها صراحة في الدستور الامريكي بينما الرقابة الدستورية على اعمال الكونغرس ليست كذلك وقد علق القاضي هولمز على الحكمة من ذلك قائلا ((لا اظن ان الولايات المتحدة قد تنتهي لو ان المحكمة العليا قد نفذت سلطتها في الغاء قانون صادر عن الكونغرس، وانني اظن ان الاتحاد سيتعرض للخطر لو اننا لم نستطع الغاء قوانين الولايات المتعددة)).( )
ثانيا_ دولة الامارات العربية المتحدة: لم يخرج الدستور الاماراتي عما سارت عليه الدساتير الفيدرالية حيث منح المحكمة الاتحادية العليا سلطة الفصل في المنازعات المختلفة بين الامارات الاعضاء في الاتحاد او بين امارة او أكثر وبين حكومة الاتحاد متى احيلت هذه المنازعات بناء على طلب اي طرف من الاطراف المعنية.( )
ولم يحدد الدستور الاماراتي طبيعة المنازعات بين الامارات او بينها وبين الحكومة الاتحادية والتي تختص المحكمة الاتحادية بالفصل فيها، وانما جاء النص مطلقا، وعليه فان سلطة المحكمة تشمل الفصل في المنازعات السياسية كالنزاع على الحدود بين الامارات الاعضاء في الاتحاد وباقي المنازعات الاخرى كتلك المتعلقة بتسديد الديون، او المسائل الناجمة عن العقود المبرمة بين بعض الامارات وغيرها من المنازعات التي لا تختص بها احدى الامارات وتتعلق باكثر من امارة. والمحكمة الاتحادية في تفسيرها للنصوص الدستورية عليها اختيار التفسيرات التي تتفق مع روح واهداف الدستور الاتحادي.( )
اما في العراق فان الرقابة الدستورية ليست بالامر الجديد حيث يعد العراق من اوائل البلدان العربية التي اخذت بالرقابة القضائية، حيث نظم القانون الاساسي العراقي لعام 1925 هذه الرقابة في المواد 81 -87 التي نظمت تشكيل محكمة عليا لمحاكمة الوزراء واعضاء مجلس الامة واعضاء محكمة التمييز المتهمين بجرائم سياسية او جرائم تتعلق بوظائفهم العامة وكذلك تفصل هذه المحكمة بالامور المتعلقة بتفسير الدستور (القانون الأساسي) وموافقة القوانين الاخرى لاحكامه وتكون قرارات المحكمة العليا باتة.( )
تتكون المحكمة العليا لدستور 1925 من ثمانية اعضاء عدا الرئيس ينتخبهم مجلس الاعيان (الشيوخ) اربعة من بين اعضائه واربعة من حكام محكمة التمييز او من كبار الحكام. وسلطة مجلس الاعيان في انتخاب اعضاء المحكمة العليا، لا تخضع لاي قيد فيما يخص الاعضاء الاعيان (الشيوخ)، اما ما يخص القضاة فيجب ان يكونوا من اعضاء محكمة التمييز فاذا تعذر ذلك فمن كبار القضاة، ويجب الاشارة الى ان انعقاد المحكمة العليا للنظر في دستورية قانون او تفسير نص دستوري يجب ان يستند لارادة ملكية تصدر بناء على قرار من مجلس الوزراء اما انعقاد المحكمة العليا لاجل محاكمة الوزراء او احد اعضاء مجلس الامة او حكام محكمة التمييز عن الجرائم التي نص عليها الدستور، لا يكون بناء على ارادة ملكية، وانما يقوم مجلس الاعيان، بانتخاب اعضاء المحكمة العليا عند صدور القرار الاتهامي بحكم الدستور( )
هذه هي طريقة تشكيل المحكمة اذا كان البرلمان منعقدا، اما اذا كان البرلمان في عطلة، او كان اجتماعه مؤجلا او كان مجلس النواب منحلا ــ فتتولى حينئذ السلطة التنفيذية تعيين اعضاء المحكمة العليا ولها الخيار المطلق في انتقاء الاعضاء. ولابد انها تراعي في ذلك توافر بعض المؤهلات والمميزات والكفاءات مما يضمن صدور الاحكام عنهم بشكل عادل ومستقيم ونزيه ( ).
وتنعقد المحكمة العليا برئاسة رئيس مجلس الاعيان، وفي حال عدم تمكنه من الحضور فيترأس الجلسة نائبه وتتحدد فترة عضوية المحكمة بالمدة الضرورية للنظر في القضية التي دعيت من اجلها واتخاذ القرار فيها، فاذا ما صدر القرار انتهت مهمة المحكمة وانتهت معها مدة العضوية ولا يتمتع اعضاء المحكمة العليا باية حصانة خاصة، وكل ما في الامر، ان الاعضاء الاعيان يتمتعون بنفس الحصانات التي يتمتعون بها، بصفتهم اعضاء في مجلس الاعيان، اما القضاة فلهم حصانات القضاة ( ) .
ويلاحظ انه ليس من اختصاص المحكمة الفصل في المنازعات بين الحكومة والمحافظات (التي كان يطلق عليها تسمية الالوية انذاك) لسبب واضح وهو ان النظام السياسي المعتمد في دستور 1925 هو نظام ملكي وراثي نيابي. نوع الدولة فيه موحدة بسيطة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3