الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي ينذر بإنهيار الاقتصاد العالمي وإشتعال الحروب

صلاح شعير

2016 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


بعد الحرب العالمية الثانية 1947 أعلن جورج مارشال وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية عن ضرورة قيام دول أوروبا بالتعاون فيما بينها لإعادة بناء الاقتصاد الذي هدمته الحرب، واعتبارًا من 9 مايو عام 1950 قدم روبرت شومان وزير خارجية فرنسا مشروع لاتحاد دول الفحم والصلب، بهدف توحيد البلدان الأوروبية اقتصاديًا وسياسيًا، وتكون الاتحاد من ست دول مؤسسة هي بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا ولوكسمبورج وهولندا، ثم تكونت بعدها الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية في 2 يونيه 1955، وبلغ المشروع ذروته بتوقيع معاهدة روما 1957 التي تم إقرارها في في يناير 1958م، وقد أنضمت المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي في 1 يناير، 1973م، وفي عام 1986 في معاهدت ماسترخت تم الإتفاق علي القانون الأوروبي الموحد.

النتائج العكسية

بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سعت دول أوروبا الغربية إلي ضم دول أوروبا الشرقية إلي الاتحاد وحلف الأطلسي بغية محاصرة روسيا اقتصاديا، حتي بلغ أعضاء دول الاتحاد 28 دولة، بيد أن الواقع الفعلي قد أسفر عن أن أوروبا الغنية قد حاصرة نفسها اقتصاديا بضم الدول الفقيرة إليها مما أدي تدفق العمالة بكثافة إلي إلي الدول ذات الدخل المرتفع، علاوة علي خروج الأموال من الدول الغنية كقروض ومنح وإعانات، وقد أقترضت اليونان وحدها من المفوضية الأوروبية نحو 131مليار يورو، ومن دول الاتحاد الأوروبي 53 مليار يورو تقريبًا بنهاية عام 2015، وبالتالي تحول فائض الثروة والتراكم الرأسمالي نحو الدول الفقيرة، وهو ما يهدد بإنخفاض مستوي المعيشة، وتراجع معدلات التنمية بالدول الصناعية الكبري، وهذا عكس الهدف الذي تم من أجله توسيع العضوية بالاتحاد الأوروبي، علاوة علي إرتفاع حجم الدين الداخلي، وتراكم المخزن السلعي مع صعوبة تصريف وبيع المنتجات، بسبب قوة المنافسة في الأسواق الدولية، وبالتالي أدي التوسع في الدور السياسي ، وضم الدول الشرقية إلي نتائج عكسية.

الأخوة الأعداء والفخ الاقتصادي

تشير الوقائع الفعلية أن الاقتصاد الرأسمالي قد بني علي تبادل المصالح مع الكيانات المتكافئة، واستغلال الدول النامية والدول الأكثر فقرًا، ولم يعترف هذا النظام بالبعد الأخلاقي أو العدالة في العلاقات التجارية الدولية إلا ظاهريًا، أو كحجة لتحقيق أهداف محددة سلفًا لا علاقة لها بالبعد الإنساني؛ فقط يذعن الفكر الرأسمالي للغة الفوائد التي يتم جنيها بأي وسيلة، كما أن الكثير من برامج المساعدات الخارجية تهدف في المقام الأول إلي فتح أسواق ومنافذ لتسويق البضائع الغربية لاحقًا، علاوة علي التأثير السياسي بما ينعكس علي الاقتصاد بالمنافع، ورغم أن الكيان الأوروبي يحمل مظاهر الوحدة إلا أن المصالح أحيانا فيما بين الأخوة الأعداء تكون متضاربة، وغير متكافئة، وكل طرف يسعي علي حدة وفي الخفاء للهيمنة السياسية والاقتصادية والمالية إن استطاع إلي ذلك سبيلاً، إضف إلى ذلك المنافسة الشرسة مع القوى الاقتصادية الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان. كما أن الدور السياسي للاتحاد الأوروبي علي الساحة الدولية كلفه خسائر فادحة، فعلي سبيل المثال العقوبات التي فرضتها المفوضية الأوروبية علي روسيا عام 2014، ردًا على ضم موسكو لشبه جزيرة القرم إلى أراضيها، وزعزعة الاستقرار في شرق أوكرانيا، دفع الروس إلي حظر استيراد المنتجات الزراعية لمدة عام من دول الاتحاد، الأمر الذي أدي إلى تراجع صادرات الاتحاد الأوروبي بقيمة خمسة مليارات يورو.

أسباب أنسحاب بريطانيا

قرر الشعب البريطاني بالتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في يونيه 2016 ، ليؤكد أن الخلافات الاقتصادية بين الأوروبين هي خلافات حادة، وملتهبة كما أن بريطانيا تريد الاستقلال السياسي والاقتصادي لتخوفها من سيطرة دول منطقة اليورو على مجريات اتخاذ القرار وتهميشا، علاوة علي زيادة النزعة الوطنية، ورغبتها في الحد من تدفق العمالة والهجرة من البلدان الفقيرة نحو أرضيها، حتي لا يؤثر ذلك بالسلب علي مستوى المعيشة، أو بما يفكك النسيج الاجتماعي، ولنفس الأسباب طالبت أحزاب يمينية مناهضة للهجرة في 6 دول أوروبية أخري يتمتع مواطنوها بدخل مرتفع في كل من هولندا والدنمرك والسويد وفرنسا وإيطاليا والنمسا بإجراء استفتاءات للإنسحاب من الاتحاد الأوروبي.

استغلال دول العالم

شبت دول المعسكر الغربي مشبعًة بالأرث الاستعماري القديم، ومازالت تسعي للاستحواذ علي مقدرات العالم بطرق شتي، فمنذ ظهور الجات كفكرة عام 1947م، ظلت مجمدة بسبب الخلافات بين الكبارعلي حجم الحصص التجارية بالأسواق الدولية، وبعد ثمان جولات من المفاوضات الشاقة التي استغرقت ما يقرب من نصف قرن، تم توقيع علي الإتفاقية في أرجواي 1991م، ورغم توقيع إتفاقية التجارة الحرة تمكنت الدول الصناعية الكبري من تفصيل الإتفاقية تفصيلا محكمًا طبقًا لظروفها، وكانت علي يقين من أن الجات في ثوبها الإنتهازي ليست في صالح الدول النامية بسبب الفجوة التكولوجية والاقتصادية، ورغم أنها فرضت علي العالم إلغاء الرسوم الجمركية لضمان التمدد والإنتشار، واستخدمت هي أساليب حماية أخري للحد تدفق السلع والمنتجات إلي أرضيها، كالقيود الإدارية، ونظام الحصص، علاوة علي السياسية النقدية والتلاعب بقيمة العملات القوية كالدولار للتأثير علي حركة التجارة، وسقط العالم في مصيدة الجات التي تضمن للدول الصناعة الكبري كامل السيادة علي حركة التجارة العالمية.

إنقلاب السحر علي الساحر

رغم الدقة في التخطيط من أجل الاستحواذ علي ثروات العالم؛ تمكنت الصين من إصطياد قراصنة الاقتصاد الغربيين عندما قدمت منتجًا صناعيا لا يصد ولا يرد ويناسب كافة الأسوق، فسقط الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في المصيدة الصينية، التي تمكنت من غزو الأسواق الغربية سواء حول العالم، أو داخل الحدود الوطنية للمارد الغربي، وفعلت دول الآسيان، وتركيا، وبعض دول أمريكيا اللاتنيىة الشيئ نفسه، ومن ثم اسفرت النهضة بالكيانات الجديدة؛ علي الاستحواذ علي مساحة كبيرة من الأسواق الدولية خصما من رصيد حركة التجارة الغربية، أضف إلي ذلك برامج التنمية في باقي بلدان العالم التي قلصت من حجم الواردات.

إنهيار أسعار النفط ترتد علي اقتصاد الغرب

ورغم التلاعب والسعي الدئوب لتخفيض سعر النفط، لم تنجح الدول الكبري من التعافي من أزماتها الاقتصادية، وما فقدته الدول النفطية من خسائر لم يفلح في دعم الاقتصاد الغربي كما كان مخططًا، لأن إنهيار الأسعار صب في صالح الدول الصاعدة المستوردة للطاقة كالصين وتركيا وغيرها، وهذا مكنها من تقليل تكاليف الإنتاج من ثم تمدد منتجاتها السلعية في الأسواق الدولية، ومن المرجح أن الغرب فقد من أرباح التجارة أكثر مما تم توفيره من إنخفاض سعر النفط، وعلي الصعيد العربي لن تمنح الخسائر النفطية أي مميزات اقتصادية فاعلة للغرب، فقد خسرت دول مجلس التعاون الخليجي وحدها نحو 300 مليار دولار بنهاية 2015، مما دفعها إلي إتباع سياسية تقشفية تمثلت في تقليص الورادات، مع السحب من الودائع العربية بالبنوك الغربية، وسوف يؤدي استرداد الأموال المهاجرة إلي نقص رأس المال العامل بالدول الرأسمالية، وسوف يتكامل ذلك مع تراجع حركة التجارة لصالح الدول الصاعدة، وبما يؤدي إلي تراكم المخزون السلعي بالدول الصناعية الكبري، وذلك بالتزامن مع تراجع الإنتاج، ومن ثم أرتفاع معدلات البطالة والتضخم والركود، ليصبح الاقتصاد العالمي علي حافة الأنهيار.

إشتعال حرب عالمية ثالثة

بسبب السعي لتأكيد الهيمنة الاقتصادية، وتحت ضغط الشركات متعددة الجنسيات، ربما تنفلت الأمور، وخاصة أن الصراعات العسكرية التي تدور في فلك دول الربيع العربي لم تنجح في زيادة تجارة السلاح بالقدر الملائم، فواردات السعودية وإيران ومصر العسكرية مهما بلغت؛ من الضألة بأن تأثر علي إنعاش الاقتصاد الغربي، ومن المحتمل أن تعود الدول الكبري لإحياء موجات استعمارية جديدة بأي صيغة لضمان نهب مقدرات العالم، ومن المؤسف أن الحرب العالمية المحتملة ربما تدور رحاها إنطلاقًا من الأراضي العربية، وهذا يستدعي من العرب علي وجه الخصوص ضرورة معالجة المشاكل القائمة بأقصي درجات الحكمة والتعقل للنجاة من المقصلة القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ظاهرة غريبة.. السماء تمطر أسماكا في #إيران #سوشال_سكاي


.. مع تصاعد الهجمات في البحر الأحمر.. تعرف على أبرز موانيه




.. جنود الاحتلال يحتجزون جثمان شهيد من المنزل المستهدف في طولكر


.. غارة إسرائيلية استهدفت منزلا بمنطقة الصفطاوي شمال غزة




.. قائمة طويلة من لاعبين بلا أندية مع اقتراب فترة الانتقالات ال