الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يستحق الشعب العراقي هذا الجزاء ؟

يوسف ابو الفوز

2005 / 12 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اخيرا عرف العالم ، من اختارته مجلة "التايم " الامريكية ، ليكون "رجل العام" ، ضمن تقليدها ، الذي دابت عليه باختيار شخصية او مجموعة شخصيات او اشياء لعبت تاثيرا في حياة الناس والمجتمعات ، فقد سبق لها ان اختارت الكومبيوتر بعد انتشاره في الاستخدام اليومي ، واختارت رؤوساء دول ، وبعضهم لاكثر من مرة ، لمساهمتهم في احداث تركت بصمات على الحياة السياسية لمجتمعاتهم ودول العالم . هذا العام ، اختارت المجلة ثلاث شخصيات مرة واحدة ، امراة ورجلان ، حيث تم اختيار ، اغنى رجل في العالم ، الملياردير بول غيتس ، امبراطور صناعة الكومبيوتر وزوجته ماليندا ، باعتبارهما صاحبي اكبر مؤسسة خيرية تقدم المساعدات لكل دول العالم ، خصوصا دول العالم الثالث ، والى جانبهما تم اختيار المطرب " بونو " نجم فرقة " يوتو" ، المعروف بقيادته لحفلات العمل الخيري ضد مرض " الايدز " ، وايضا مواقفه في الوقوف الى جانب حقوق الدول الفقيرة ومطالبته بالغاء ديونها .
وخاب توقع الكثيرين ، ممن تصوروا ان وقوف الديكتاتور المجرم صدام حسين في قفص الاتهام ، في محاكمة يصفها الكثيرين بأنها " محاكمة القرن " ربما تأهله وتجعل المجلة تختاره ليكون رجل العام ، باعتبار ترشيحات المجلة يمكن ان تشمل حتى اكثر الاشخاص سلبية ، فقد سبق للمجلة ان اختارت السفاح هتلر ليكون رجل العام في عام 1938 ، لكن العراق لم يغب عن ذهن قراء المجلة الذين ساهموا في الترشيح ، قبل اعلان النتيجة بعدة شهور ، حيث ورد ان احد الترشيحات طلب ان يكون " الشعب العراقي " هو رجل العام ، والسبب لان ابناء الشعب العراقي صوتوا في الانتخابات لمرتين خلال عام واحد ، رغم كل احداث العنف والارهاب والتوتر ، وبنسبة عالية لا توجد في البعض من الدول الديمقراطية .
اذا كان هذا تقيم الاخرين لشعبنا جزاء شجاعته وتحديه الموت وقوى الارهاب وسعيه للمساهمة في مسيرة بناء العراق الجديد ، فكيف قيمّنا نحن جهود وبطولة ابناء شعبنا ؟
وضمير" نا " في كلمة " قيمّنا " يعود بألتأكيد الى النخب السياسية الحاكمة في عراقنا ضمن مسيرة اليات الديمقراطية التي ناضلنا لاجلها وآمنا بها وجلبت الى سدة الحكم والقرار قوى سياسية اجادت وبمهارة لعبة توزيع الوعود وصكوك صنع المستقبل الزاهر ، واستغلال عواطف الناس وعقائدهم وذرالرماد في عيونهم .
خلال سير عملية الانتخابات ، حدث ما صار معروفا للقاصي والداني ، من استهانة كبيرة بمشاعر هذا الشعب العظيم ، وما الازمة السياسية التي تعصف الان بالوطن الا نتاج لاستخفاف فئات وشرائح سياسية معينة لم تحترم هذا الشعب ، الذي تحدى التكفيرين والارهابيين و شراذم فلول العفالقة الدمويين وسار الى صناديق الاقتراع ليخلق تاريخه ويرسمه باصابعة المحناة باللون البنفسجي ، فكانت الخروقات والانتهاكات حد قتل اعضاء الاحزاب المنافسة ، وحرق مقرات الاحزاب ، والتلاعب بشكل مكشوف بنتائج الانتخابات ، هو جزاء شعبنا ، الذي لا يزال يرزح تحت ثقل تركة نظام البعث الفاشي الدموي التي خلفت له وطنا خرابا ومقابر جماعية في كل مكان وحزن وسواد في كل بيت . ان ما قام به البعض من انتهاكات وخرق وتزوير هو اخطر من قنابل الارهابيين وسكاكين ذبحهم واحزمتهم الناسفة ، فما يريدوه ليس تزوير نتائج الاقتراع فقط ، بل وانما تزوير مصير الشعب والوطن واختياراته ، ليشمت بنا الاعداء في الداخل والخارج ، وليضحكوا من هذا الشعب الذي امن بقواه السياسية وسار معها مؤمنا بما تقوله على شاشة التلفاز التي سكنها هذا البعض ليل نهار.
ولم تكن هذه صفعة الغدر الوحيدة ، فبعد ثلاث ايام من الانتخابات قامت الحكومة العراقية الشرعية برفع اسعار المشتقات النفطية ، وقدمت لذلك تبريرات غير مقنعة لحفظ اموال الدولة ، وسط حالة ضعف اداري ملموس وتفشي فساد اداري ومالي في اوساط الحكومة التي قدمت برامج عريضة طويلة يوم تشكيلها والاعلان عنها ، وكان فقراء المواطنين ينتظرون خيرا وهم يسمعون عن تصاعد عوائد العراق من تصدير النفط العراقي الى ارقام تبشر بالخير . ان التظاهرات العفوية التي انطلقت ، في العديد من المدن العراقية مستنكرة التلاعب بمشاعر الناس ، كانت جوابا على هذه الاستهانة التي جاءت من قبل نفس الاطراف التي طالما وعدت المواطنين ، وطالبتهم بأنتخابها للانفراد بمقاليد الحكم ، وان القوى السياسية العراقية ، خارج الحكومة ، والتي يمكن ان تكون طرفا في الحكومة القادمة ، بأي شكل كان ، يجب عليها ان تدرك تماما ، بان هذا الشعب العراقي الذي رشحه بعض قراء مجلة التايم ليكون "رجل العام " لشجاعته وبسالته ، لا يجب ان يتم ترشيحه ليكون " شعب العام " الذي غدر به ساسته وقادة نخبه السياسية الذين لا يجيدون سوى اطلاق الوعود الرنانة .


سماوة القطب
25 /12/ 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هكذا اعترف عمار لريم بحبه لها ????


.. مصر: طبيبات يكسرن تابو العلاج الجنسي! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. كندا: حرائق تحت الثلج! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مارين لوبان: بإمكاننا الفوز بهذه الانتخابات وإخراج فرنسا من




.. أكثر من 3 تريليونات دولار.. لماذا هذه الاستثمارات الضخمة في