الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو استراتيجية جديدة لانهاء الوجود الشيوعي في العراق

علي بداي

2005 / 12 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



برهن التاريخ المعاصرعلى وجود مشكلة مستعصية غير قابلة للحل في العراق هي وجود الحزب الشيوعي ، ورغم تظافر جهود قوى مختلفة، دينية ، قومية، ريفية، مدنية، لاقتلاع هذا الوجود من الجذور وبمساعدات اقليمية، ودولية واستشارات لدوائرامنية عالية المستوى ورغم تنوع الاسليب التي استخدمت من اجل بلوغ ذلك وبناء مديريات متخصصة بالنشاط الشيوعي مثل مديرية التحريات الجنائية في العهد الملكي وجهاز حنين التابع لحزب البعث، مقادة من قبل اشداء متمرسين كنائل عيسى، وبهجت العطية، ناظم كزار، صدام حسين، حازم جواد، ورغم بناء سجون في عمق الصحراء مثل نقرة السلمان، واخرى يثير مجرد اسمها الرعب في قلب من يسمعه كقصر النهاية ، لقتل الشيوعيين ولابعاد ومنع من لايقتل منهم من التاثير على المجتمع العراقي، رغم كل هذه الجهود المضنية، لم تحصد الثمار المرجوة بل بدى الامر كما لو ان هذه الجهود قد اثمرت العكس، فبعد ان اعدم النظام الملكي قيادة الشيوعيين في عام 1949 اعتقادا منه بان اسهل الطرق "قطع الراس"، ادى ذلك التصرف الى تنبيه الناس الى الشيوعيين وكيف ان كلداني مسيحي وعربيين مسلمين كانوا على استعداد للموت في سبيل قضية محددة تتجاوز القومية والانتماء الديني والطائفي وبدات الناس من اسفل العراق الى اقصاه تبحث عن السر الذي يقف وراء ان لايخاف الانسان على حياته الشخصية ويفضل الموت على التنازل ، باختصار ادى ذلك الى تنظر الناس لهؤلاء المعلقين في ساحات بغداد مشنوقين، كابطال، وشجعان، وبدلا من ان تبتعد الناس عن الشيوعية فوجئ العالم كله بعد عشر سنوات فقط على"قطع الرأس" وفي يوم العمال عام 1959 باجتماع قرابة مليون مؤيد للشيوعية في بغداد وحدها ،في بلد لم يتجاوز سكانة أنذاك التسعة ملايين!كم كان عدد المؤيدين للشيوعية في بقية العراق اذن؟
ولم يكن هذا الغباء محليا، بل ان دائرة متمرسة بجس نبض الشعوب و قراءة اكفها كوكالة المخابرات الاميركية اخطات في قراءتها للواقع العراقي فارادت ان تصد السيل الشيوعي باستخدام معتقدات الناس الدينية فاطلقت اخبار تمزيق الشيوعيين للقرآن الكريم وان الشيوعيين وجدوا لمحاربة الدين ، دون وعي بطبيعة سلوك وحياة الشيوعيين اليومية، ولاعمق معرفة بطبيعة الانسان العراقي، فحين تسأل اي عراقي عن صفات الشيوعيين في العراق سيقول لك ان واحدا من مقدساتهم هي الكتب، قد يصبر الشيوعي العراقي اياما على الجوع والمشقة لكن انقطاعة عن القراءة يماثل ان تمنع سمكة من السباحة بالماء، هذه واحدة من الحقائق الثابتة التي لانقوى على انكارها مهما كانت معاداتنا للشيوعية راسخة، وانغماس الشيوعيين بالقراءة والاطلاع على كل مايمكن الاطلاع عليه جعل منهم مجادلين قادرين في كل الظروف على الحوار، وهكذا فحكاية عن شيوعي يمزق كتابا كانت موضع عدم تصديق الناس وشكهم اما ان يكون الكتاب المقصود هو القرآن الكريم فهو ادعاء اتى بنتائج معكوسة اذ دفع بالناس ( ومنهم الضباط المحققيين في دوائر الامن والمخابرات) الى مواجهة الشيوعيين بهذة التهمة الشنيعة لتكون المفاجأة ان معظم الشيوعيين يفهمون في القرآن والانجيل والتوراة اضعاف فهم الكثير من اصحاب العمائم الذين تسألهم عن معنى (الف لام ميم) في القران الكريم فيجيبوك ب(اللة اعلم) بل ان الكثير من الشيوعيين يطابق بين زهد علي بن ابي طالب وانحيازه للفقراء والنموذج الانساني الذين يدعون بسعيهم لبناءه ، وكل الشيوعيين يفتخرون باصرار الامام الحسين وعدم تنازله ويوظفون هذا المعطى التاريخي باتجاه توجيه الناس لعدم الخنوع والثبات على الراي وتبني مطالب الناس والابتعاد عن الغايات الشخصية اي لجذب الناس لاعتناق افكارهم، باختصار مرة اخرى كانت خطوة ايجاد تصادم بين الشيوعيين والدين، خطوة في الاتجاه المعاكس ومناورة غير موفقة ضمن معركة طويلة من اجل تحرير الناس من النفوذ الشيوعي.
اذن كان النكتيك والاستراتيج الذي اتبع في التصدي للشيوعية في العراق طيلة مايقارب السبعين سنة بدائيا وفي كثير من الاحيان غبيا وفاشلا، وما جرى هذا الاسبوع من قبل من انزعج من تجدد وجود الشيوعية في مدينة الثورة، كان عملا غير ذي فائدة بل سيؤدي الى تنبيه الناس اكثر الى ماضي الشيوعيين وامجادهم الغاربة فالاغتيال والاختطاف واطلاق التهم جزافا سيضيف امجادا( ربما كنا نستطيع ان نمنعها ) للشيوعيين الذين تمرسوا بالاقناع وتميزوا بالقدرة على النمو من جديد فهل يريد هؤلاء انهاء الشيوعية ام اضفاء المجد على وجودها؟
وبصفتي الشخصية كمواطن يهمه ان يرى بلده خاليا من المشاكل، اطرح خبرتي المتواضعة في مجال مكافحة الشيوعية والتي طرحتها على العقيد محمود التكريتي الضابط في مديرية الامن قبل سنين عديده وارجو ممن يهمه الامر من بعض منتسبي جيش المهدي ومنظمة بدر وثار الله او" بقيت" الله ومن البعثيين التواقين لحل الخلافات بالطرق الكلاسيكية ان يتمعنوا جيدا بها خاصة وان الزمن قد تغير لغير صالح سياسة قتل الخصم او اغتياله.
اعتقلت ذات سنة بتهمة غير مالوفة في اي بلد في العالم، خلافا لما هو معمول به في بلداننا حيث تلاحق السلطات من يحاول ان ينخرط بالعمل السياسي فقادوني الى السجن وقالوا لي: انت متهم بانك لاتريد ان تنخرط في السياسة ونحن نريدك ان تصبح كادرا في حزب البعث واستطرد الضابط في تبيان ماتقوله التقارير الامنية عني و"قدرتي على الاقناع" وان السبيل الوحيد لان استرد حريتي هو ان اساهم بمشروع لانهاء الوجود الشيوعي في العراق فقلت للضابط: ولكن السلطة تطارد الشيوعيين من بيت الى بيت الان وقد بدات نشاطها بجدية تشبه جديتها ايام شباط 1963 حيث اعدمت مجموعة منهم قبل ايام..فقاطعني الضابط وعيناه تتوسلان قائلا: ذلك ليس كافيا، الاعدام وحده لايحل المشكله، فقلت: وهناك كتاب اضواء على الحركة الشيوعية الذي وزعته الدولة بالمجان وفيه من القصص مايفوق اثارات الف ليلة وليلة ومايجعل الناس تنفر من الشيوعية، ولكن قبل هذا كله اريد ان اسالك حضرة العقيد هل انت مقتنع بوجود مشكله؟ قال:" نعم حتى النخاع مقتنع، فنحن منذ سنين "نحش" بهم وهم كانهم ابالسة او جن ينبتون في كل زاوية، نحن نملك الدولة الغنية باكملها، نعطي المواطن امتيازات في الوظيفة، وفي كل المجالات لكي نجذبه الينا وهم لايملكون شئ ومع ذلك ساريك اعداد من اعتقلناهم واثبتنا ضدهم تهمة الانتماء للشيوعية ، عدد مخيف!" كان الرجل صادقا في قلقه كما انهم جعلوه يصدق ان الحل لدي فقلت له: هل انت جاد بالاستماع الي اذن؟ اعدك ان اضع ماسميته قبل قليل" قدرتي على الاقناع " في خدمة هذا الهدف الذي يجمعنا الان وهو اخلاء العراق من الشيوعية ولكني ساطلب منك ان تدعني اكمل فكرتي حتى نهايتها.
قلت: انا اعتقد ان كل اجراءات مكافحة الشيوعية السابقة لم تكن مجدية وسوف لن تكون مجدية لانها لم تتجه لمعالجة السبب الحقيقي الجوهري او لنقل ان سكاكيننا قطعت الورق والاغصان وفي احسن الاحوال قطعنا النبته بمستوى الارض لكن الجذور..ياسيادة العقيد ... الجذور ظلت سليمة وجددت النبتة على الدوام!
مثلا كيف يستطيع الشيوعيون كسب الناس في مدينة الثورة والشعلة في بغداد والحيانية في البصرة والدغارة في الديوانية والشورجة في كركوك وفي القرى الكردية المعزولة عن العالم؟ هل يوزعون على الفقراء كتاب رأس المال لماركس او الدفاتر الفلسفية او المادية ومذهب النقد للينين؟ هذا مضحك بالطبع فمعظم الناس لاتقرأ وان قرأت لن تجد رأس المال ممتعا، هل يوزعون الاموال عليهم، كلا لكنهم يتغلغلون بين تجمعات الناس وينشرون افكارهم قائلين:
ايها الناس هل من المعقول ان يرضى اللة ورسولة بهذه الحالة البائسة؟ اطفالكم حفاة والمياه الآسنة القذرة تحاصر اكواخكم، والفقر يعشعش في كل زاوية من ايامكم ولياليكم، انكم واللة تعيشون بقبور الاحياء، انظروا للعالم، انظروا لاصحاب القصور والدور الم يخلقنا الله من نفس واحدة؟ هل هناك من يتعب اكثر منكم ؟ هل هناك من يعمل اكثر منكم ..... لنتحد من اجل حياة افضل ....وهكذا .... يعني حضرة الضابط هم يشترون عقول وقلوب الناس بالكلام عن الامور والاهداف النبيلة.. ولكي نسحب البساط كليا من تحت اقدامهم لنهدم الثورة والشعلة والحيانية والميمونة والرحمانية والطوبجي والجمهورية وكل المدن التي يعشعش بها الفكر الشيوعي ونبني محلها مدنا حديثة بشروط صحية ونمكن ساكنيها من التمتع بحياة ليس فيها مايغري الشيوعيين على التحريض بحيث ان احدهم سيصرف نصف حياته باحثا عن حديقة عامة مهمله او شارع ردئ التبليط او متسول يقتعد ركنا ما دون ان يحظى بمبتغاه، وبهذا سحبنا البساط الاول من تحت اقدام الشيوعيين.
ويذهب الشيوعيون الى الطلاب وتجمعات المثقفين ويقولون كيف يستولي بركم مجموعة من الناس على مصير عشرين مليون انسان؟ من الذي اعطاهم الحق بذلك ؟ اين هي موارد النفط؟ لماذا لايحق لك المشاركة في قيادة بلدك، وانت تعرف سيادة العقيد ان حزب البعث ممسك بالسلطة ولايخاف من شئ كما انه غارق بالمنجزات التاريخية فلماذا نخشى الشيوعيين؟ دع الناس تنشئ احزابا ان ارادت ودعها تنتخب، وليعرفوا اين تذهب واردات النفط، وليؤسسوا النقابات والاتحادات ولنلغي الرقابة على المطبوعات ولنسمح لمن يشاء ان يصدر مايشاء وبهذا سنسحب بساطا اخر من تحت اقدام الشيوعيين.
ولنقطع الطريق امام الشيوعيين لكي لايصلون لقلوب النساء عبر طرح موضوعة مساواتهن مع الرجال ومنع الاهانات عنهن ومعاملتهن كبشر كامل الانسانية والقدرة، فنسن قوانين افضل مما يدعون له ونطبقها بحذافيرها بحيث ان اية امراة لو وجدت شيوعيا يمر بقربها ويغني لها قوانة الحقوق والمساواة ، ستقول له: اخذتها من زمان..ابحث عن غيري من بين "شرائح المجتمع" وبهذا سيكون البساط الثالث قد سحب من تحت ارجل الشيوعيين ...وهكذا اذا استمر ت استراتيجية" سحب البسط" سوف تجد ان الشيوعيين قد انكفاوا على وجوههم
وهنا بلغت الاثارة مداها الاقصى فقاطعني سيادة العقيد صارخا: بس...بس ...من كل عقلك؟ هذة استراتيجية
" طيحان حظ" يقول لي" سحب البسط" من الشيوعيين، انت سحبتها من تحت ارجلنا، دمرتنا بستراتيجية " دك النعل" هذه.
فقلت: انت اردت مشورتي وانا ارى ان اي نهج غير هذا سيجعلك سيادة العقيد كناطح صخرة....صدقني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا