الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الناشط الصحافي السوداني فيصل الباقر

ماجد القوني

2016 / 10 / 1
مقابلات و حوارات


الصحافي والناشط الإعلامي السوداني فيصل الباقر
كيف ترى واقع الصحافة السودانية ؟
الصحافة المطبوعة السودانية - مهنة وصناعة - تعيش - للأسف- فى واقع " مأزوم " ومزرى ومرير تماماً، وقد باتت تعانى - منذ سنوات طويلة - من مرض عضال، جعلها قابعة فى حالة احتضار، وموت سريرى، الرقابة الأمنية " قبلية وبعدية"، و كذلك، ممارسة الرقابة من على البعد " الريموت كنترول "، والأخيرة، تقوم بها قيادات الصُحف، تنفيذاً لتوجيهات وتعليمات تأتى بصورة يومية ودورية مُباشرة من جهاز الأمن، كما تدهورت اقتصاديات الصحافة والصحف، بصورة غير مسبوقة، وقلّ تأثيرها فى القيام بواجباتها ومهامها المعروفة، ومن بينها ايصال المعلومات والتنوير، والمساهمة فى تكوين الرأى العام ...
أنت تتّهم جهاز الأمن فى التسبُّب فى هذا الواقع الذى تقول أنّه مزرى ...كيف تُفسّر هذا الإتهام الخطير؟
لم يكتف جهاز الأمن بالسيطرة التامة على الصحافة (( المكتوبة والمسموعة والمرئية ))، وإفراغها من مضمونها بالأساليب القمعية المعروفة، والصورة التقليدية المعهودة، من سيطرة عبرالرقابة القبلية والبعدية، والمصادرة والإغلاق التعسُّفى للمؤسسات الصحفية، بل، وصل الأمر بالتدخُّل الأمنى السافر، بـ(التملُّك) الكامل لأسهم غالبية المؤسسات الصحفية، أو المشاركة فى رأس المال، وأصبح الأمن يُقرّر فى كل شىئ، وله الكلمة الأولى والأخيرة فى اختيار رؤساء التحرير وقيادات بعض الصُحف، ويُحدّد من مِن الصحفيين والكتاب الصحفيين، يكتُب، ومن يُمنع من ممارسة المهنة، وأىّ القضايا تُطرح للتداول الصحفى والنقاش العام، وأى الملفات تُحجب عن أعين الجمهور، هذا جانب، وهناك جوانب أُخرى، منها ارتفاع أسعار مدخلات إنتاج الصُحف، والسياسات الإعلانية المتحيزة، المقصود منها المُحاباة فى توزيع الإعلان، والترهيب والترغيب عبر الإعلان، وإقصاء الصحافة المستقلة، وجميعها سياسات مخطّط لها بدقّة، ويتم تنفيذها عبر آليات أمنية، وهذا كُلّه أصبح من المعلوم للكافة، فقلّت ثقة الناس فى صحة وسلامة المعلومات التى تنشرها الصحافة أوتبثّها وسائل الإعلام، ولو لا وجود بعض الأقلام والأصوات وقليل جدّاً من الصُحف المستقلة والحرة، ولولا وجود الصحافة الإليكترونية، متمثلة فى بعض المواقع المستقلة، لساء الوضع أكثر، وانهدم بنيان الصحافة فى السودان، وهذا يُفسّر المحاولات المحمومة التى تقوم بها الحكومة للهيمنة على الفضاء، بوضع قانون صحافة جديد، يتم اعداده فى الظلام، يُحجّم دور المواقع الإليكترونية السودانية، ولكن مثل هذه الإجراءات مهما اشتدّ ساعدها، ستكون محصلتها فى نهاية المطاف، " صفر كبير"، وذلك، لأنّ العلم تطوّر، فكلّما ازدادت الأساليب القمعية، تفتّحت عقيرة المقاومة، وجاءت بحلول علمية عبقرية تُقلّل من سطوة المنع والقمع الأمنى عبر الإنترنيت.
البعض يتحدث عن أن حرية الصحافة السودانية لا مثيل لها في المحيط العربي والأفريقي.. كيف ترى ذلك..؟
صحيح جدّاً أنّ حرية الصحافة فى السودان، لا مثيل لها فى المحيط العربى والإفريقى، ولكن- وللأسف الشديد- نجدها فى خانة السلب ، وليس الإيجاب، ففى المؤشّر السنوى لحرية الصحافة فى العالم، الذى تصدره المنظمة العالمية المعروفة " مراسلون بلا حدود " يحتل السودان، لسنوات طويلة، موقعاً مُتأخّراً فى ذيل فى قائمة الدول عالمياً، ففى عام 2016، قبع السودان فى المركز ( 174 ) من مجموع ( 180 ) دولة. فالسودان عربياً وإفريقياً هو " تانى الطيش "، بلا مُنازع.. عربياً احتلت سوريا المركز الأخير( 177 )، تلاها السودان ( 174) وأمامه كل الدول العربية، فمثلاً جاءت اليمن ( 170) ، و السعودية ( 165)، و ليبيا( 164)، و الأردن( 135)، والمغرب ( 131)، و والجزائر ( 129) والأمارات ( 119)
أمّا إفريقياً، فقد احتل السودان الموقع قبل الأخير- أيضاً- تاركاً خلفه دولة واحدة " طيش" هى العالم و إفريقيا إريتريا ( 180 من 180)، وقد تفوّقت على السودان جيبوتى ( 172) وغينيا الإستوائية ( 168) و الصومال ( 167) و رواندا ( 161) و جنوب السودان ( 140) و تشاد ( 127) والكمرون( 126) و زيمبابوى ( 124) ، وقد جاءت ناميبيا الأولى إفريقياً فى الموقع ( 17)، تليها جنوب إفريقيا ( 39 ) على مستوى العالم...
الذين يقولون أنّ حرية الصحافة فى السودان " أفضل " وأنّه " لا مثيل له " فى المنطقة، - للأسف- يحاولون تجهيل الناس، و" إستغفالهم "، و ينسون أنّ العالم أصبح قرية صغيرة، فى عصر الفضاءات المفتوحة، وأنّ المعلومات والحقيقة، لا يُمكن حجبها بأساليب القرون الماضية، ومن الأفضل لهم التفكير فى المنافسة الحرة، وبذل الجهد فى " الإصلاح " بدلاً عن مواصلة قمع الحريات.
هل يمكن قياس حرية التعبير التي تتحدث عنها الدولة بكم الصحف التي تصدر في الخرطوم؟
قياس حرية التعبير يأتى بالتنوُّع الحقيقى، وبإتاحة الحق فى الحصول على المعلومات، والوصول لها، للصحافة والصحفيين والمجتمع بأكمله، وهى مسألة تُقاس بالـ(محتوى)، وليس بـ" الكوم "، أو بعدد الصُحف، وهذه الحقيقة من البديهيات التى تُغالط فيها الإنقاذ، فيتّضح الغرض، والجهل ومحاولات التجهيل.
الصحف السودانية بين مجلس الصحافة واتحاد الصحفيين.. ماهي احتمالات الإنتصار لقضايا الصحافة..؟
للأسف، مجلس الصحافة والمطبوعات الصحفية، لا يملك من أمره شيئاً، مع التدخلات الأمنية السافرة فى صميم شئونه وشجونه، وأجد نفسى متّفقاً - تماماً- مع أفضل توصيف له، جاء على لسان رئيسه السابق، البروفسير والخبيرالإعلامى المعروف، على شمو، حين وصفه بالصوت العالى، بأنّه " عمدة بلا أطيان"!. مجلس كهذا، لا يُمكن التعويل عليه، فى الإنتصار لقضايا الصحافة.
ماهو المجلس الذى تثبشّر به، وماهى أهم انتقاداتك لمجلس الصحافة والمطبوعات الحالى؟
المعروف عالمياً أنّ مجالس الصحافة المُثلى، تتكوّن من هيئات منتخبة من الفاعلين فى المجال الإعلامى، والفضاء القانونى والحقوقى، وهذه الهيئات تكون لديها " سلطة معنوية " تجاه الصحفيين، و المقصود منها " ضبط الجانب الأخلاقى، بحيث تكون آلية لمراقبة أخلاقيات المهنة، ولبناء الثقة بين الصحافة والجمهور، بمعنى القيام بمهمة تشييد جسور الثقة بين الصحافة والجمهور، ولعب دور حماية الجمهور وحماية الصحفيين والقيام بدور الوسيط بين الجانبين، وهذا يُقلّل اللجوء للمحاكم، وهذا يعنى أن تكون سلطة مجلس الصحافة وقوته معنوية، ولكن مجلس الصحافة فى السودان، ومن قانونه ولوائحه وممارساته وأدائه، يتّضح أنّه مصمّم للقيام بأدوار أُخرى، وهذا هو الخلل فى البناء والتكوين، الذى يجعل من مجلس الصحافة، ذراع أمنى، فجهاز الأمن يواصل التدخّل فى مهامه، ويحرجه فى كثير من الأحايين، ويُكبّله، ولهذا، فإنّ مجلس صحافة بهذا الوصف، لا يُمكن التعويل عليه، فى تطوير المهنة، وحماية أخلاقيات الصحافة.
ايقاف عدد من الصحف لحين توفيق أوضاعها من قبل مجلس الصحافة.. ماهي أبعاد مثل هذه القرارات على أوضاع الصحفيين..؟
مجلس الصحافة، حينما يقوم بمثل هذه الإجراءات، فإنّه يحاول أن يقول فى الظاهر، أنّه يدعم تحسين أوضاع الصحافة والصحفيين، وأنّه يقف فى صف الصحفيين، ضد " ظلم " الناشرين، وهو ظلم واقع، ولا خلاف عليه، ولكن فى حقيقة الأمر، هو يتعامل مع النتائج، ويترك الأسباب، وبغض النظر عن " النوايا " ، فإنّ ايقاف الصُحف " لحين توفيق الإوضاع"، أشبه، بموضوع " يبقى فى السجن لحين السداد"، فالنتيجة، تشريد صحفيين، وكوادر فنية صحفية، فى هذه المؤسسات، وحرمانهم من حقوقهم، المجلس فى سلوكه، هذا، اقرب لحكمة " البصيرة أم حمد " ، التى أوصت بقطع رأس العجل، ثُمّ تكسير الجرّة!!.. العلاج السليم - فى تقديرى- يأتى فى المساهمة فى توفير المناخ الذى يُساهم ويُساعد فى تحسين أوضاع الصحفيين، ولا تحسين لأوضاع صحفيين، فى وجود مناخ طارد للصحفيين، وفى غياب حرية الصحافة، وهى الشرط الأوّل، لتطوُّر ونماء الصحافة مهنة وصنعة.
وماذا عن اتحاد الصحفيين ؟
عالمياً، يكون دور ومهام اتحادات الصحفيين، هو حماية وتعزيز حقوق الصحفيين، وحرياتهم، والدفاع عن مصالحهم، أمّا اتحاد الصحفيين السودانيين - هذا الكائن الغريب- نجده يعيش فى عزلة كاملة عن المجتمع الصحفى، فهو منذ ميلاده فى التسعينات، صِنعة حكومية خالصة، وكاملة الدسم، صنعته الإنقاذ ليخدم أهداف وأغراض الحكومة، وليس المجتمع الصحفى، فهو مؤسسة " شكلية " وصنعة حكومية " إنقاذية" مائة بالمائة، مثله مثل بقية الإتحادات المهنية الأخرى، وقد جاءت به السلطة ، بعد انقلاب 30 يونيو 1989 ، بعد أن حلّت (( نقابة الصحفيين السودانيين)) الشرعية والمنتخبة فى آخرانتخابات ديمقراطية .
اتحاد الصحفيين، بوضعه وشكله الراهن، هو مؤسسة انقاذية، تحمى مصالح السلطة التى صنعتها، وهناك غياب تام لدور الإتحاد فى الدفاع عن مصالح الصحفيين، وفى الدفاع عن الحريات الصحفية بمبدئية، ويكفى - قدحاً فيه - أن يكون من بين عضوية هذا الإتحاد، ضباط فى جهاز الأمن، إلى جانب موظفى علاقات عامة بالوزارات المختلفة، وأعداد كبيرة من غير العاملين فى مهنة الصحافة، وكل هذا معروف للجميع، وهذا كُلّه مقصود لذاته، ولإعتبارات سياسية تتعلق بالإنتخابات و " خجّها " و " دغمستها" والهدف هو السيطرة على الإتحاد....هذا الإتحاد بتكوينه وممارساته، لا يُرجى منه الإنتصار لقضايا الصحافة والصحفيين، ناهيك عن الدفاع عن الحريات الصحفية .
دخول بعض الناشرين لمحيط الأزمة.. هل ينعكس ذلك على أوضاع الصحفيين؟
دخول بعض الناشرين لمحيط الأزمة، حتماً، ينعكس على أوضاع الصحفيين، والغريب أنّ غالبية الناشرين ومُلّاك الصُحف هُم من أهل الإنقاذ، وأهل الحزب الحاكم، والأخطر من كل هذا وذاك، أنّ جهاز الأمن دخل طرفاً فى المنافسة غير الشريفة، فى امتلاك الدورالصحفية والمطابع، ودورالتوزيع ، وحتّى منافذ التوزيع، وصار - جهاز الأمن - مالكاً لغالبية الصُحف، ومشاركاً بأسهم فى بعض الصُحف، وكل هذا معروف فى المجتمع الصحفى، وهذا الوضع الغريب والشائه يجعل من جهاز الأمن منافس فى مجال صناعة الصحافة، وبما أنّ جهاز الأمن يقف فى الضفة الأخرى، من قضايا حرية الصحافة والتعبيروالنشر، ويُعادى آمال وطموحات المجتمع الصحفى فى صحافة حرة ومستقلة، ومهنية، فإنّ ذلك، ينعكس على أوضاع الصحفيين.
هل يدعم قانون الصحافة والمطبوعات حرية الصحافة والنشر أم يقيدها..؟
قانون الصحافة الحالى (( 2009)) ، لا يدعم حرية الصحافة والتعبير والنشر، فهو قانون - للأسف - " كابح"، وغير ديمقراطى، لم يُستشر ممارسى المهنة الحقيقيين فى إعداده، واعتماده، وقد أُعدّ فى مصنع " سمكرة " القوانين، فى أقبية الحزب الحاكم، وهو ُمصمّم للسيطرة على الصحافة، وإدخالها " بيت الطاعة "، وهو تعديل لقانون (( 2004)) وكل التعديلات السابقة اللاحقة، الهدف منها إحكام السيطرة على مهنة الصحافة، و سلب الحريات التى ناضل المجتمع الصحفى فى انتزاعها عبر سنوات من النضال الجسور، والصبور، وها نحن نسمع عن مسودة جديدة وتعديل جديد، الهدف منه، " سد الفرقة" أى سد المنافذ أمام الصحافة الإليكترونية والمواقع الإليكترونية، وحتّى (( صحافة المواطن ))، بالتجريم والتحريم، و وضع المواد التى يتم التحكُّم عبرها - بالقانون- فى الصحافة الإليكترونية، وذلك، لأنّ القانون الحالى، لم يتطرّق لها، ولم يواكب تطورها. إذن فلسفة قوانين الصحافة فى الإنقاذ، هى " المنع والقمع والتضييق"، وليس قوانين ديمقراطية، تنظّم مهنة الصحافة، ولهذا، لا أمل فى " الإصلاح القانونى " ، المنشود، لأنّ " قامع الحريات الصحفية، لا - ولن- يُعطيها . وستأتى التعديلات القادمة، أكثر قمعاً، وأشدعداءاً لحرية الصحافة والتعبير.
التحولات على مستوى الرؤية التحريرية للصحف.. حاجات أقتصادية.. أم قيود على الصحافة..؟
طالما الصحافة مسلوبة الإرادة ، ومملوكة لجهاز الأمن، فبطبيعة الحال، تأتى التحولات فى الرؤية والسياسة التحريرية، وفق موجهات ومصالح " المالك"، وستكون المحصلة النهائية، المزيد من القيود على حرية الصحافة والتعبير، ومع كل ذلك، فهناك صُحف تُحسب على على أصابع اليد الواحدة، أُسّست من رأسمال نظيف، مازالت تُقاوم وتتحمّل فى سبيل ذلك التضييق والمضايقات الأمنية، وهناك المجتمع الصحفى وغالبية الصحفيين والصحفيات، يؤمنون بدور الصحافة والصحفيين، ويقاومون، ويدفعون ثمن وفاتورة الوقوف فى وجه محاولات التدجين، وهذا التيار يتصاعد ويتزايد، وستنتصر إرادة حرية الصحافة فى نهاية المطاف، مهما اتسعت رقعة القمع والإستهداف الأمنى. ولذلك، نجد أنّ حركة المقاومة، تتواصل، وتنمو بصورة تدعو للتفاؤل والأمل، وحتماً، فإنّ النصر فى نهاية المطاف، سيكون حليف المدافعين والمدافعات عن حرية الصحافة والتعبير، أمّا الزبد فسيذهب جفاء، ويبقى ما ينفع الناس .
حجب الإعلان عن بعض الصحف.. هل يؤثر على بقاءها..؟
الإعلان مهم فى صناعة الصحافة، ويُستخدم - حاليا – كسلاح ضد الصُحف المستقلة، وهو آلية معتمدة " أمنياً " ضمن سياسة الترغيب والترهيب، والصُحف التى لا تأتمر بأوامر جهاز الأمن، يُحجب عنها الإعلان، وحتماً، فإنّ حجبه عن بعض الصُحف، يؤثّر على بقائها. هناك أمبراطورية تتحكّم فى الإعلان، وتوزيعه، وجنى أرباحه، والتكسُّب من عائداته.. حتّى إعلانات المحاكم، هناك " خيار وفقُّوس " فى توزيعها على الصُحف، دعك عن الإعلانات التجارية والإعلانات " السياسية"، واخيراً، دخلت لحقل الإعلان، إعلانات من نوع جديد، ظاهرها " نعى " وباطنها " دعاية "، لفكر التكفير وجماعاته، وعلينا فى المجتمع الصحفى، أن نبحث عن الإجابة، على السؤال المشروع، من يملك أمبراطورية الإعلان؟!. ومن يتحكّم فى حجبه عن بعض الصُحف، ومنحه لصُحفٍ أُخرى؟!.
يتحدث البعض عن ضرورة تأسيس أجسام موازية للأتحاد.. ما مدى نجاح مثل هذه الرؤية في مسيرة الحقوق..؟
الحق فى التنظيم حق من حقوق الإنسان ، ولهذا فإنّ كل المبادرات مرحب بها، بتأسيس تكوينات صحفية " منظمات/ شبكات/ تجمعات/ تحالفات نوعية ، لخدمة برامج وأهداف وغايات محددة، مثلاً هناك منذ العام 2000 توجد (( صحفيون لحقوق الإنسان – جهر- ))، وهى معروفة بمساهماتها فى رفع الوعى بحقوق الإنسان، والدفاع عن حرية التعبير والصحافة، والعمل فى جبهة حماية وسلامة الصحفيين، وعلى مدى سنوات طويلة، ظلّت ترصد وتوثّق انتهاكات حرية الصحافة والتعبير، ولها تقرير سنوى، وتُساهم - بقدر طاقتها- فى التدريب، والحماية، والمناصرة، وعلى هذا المنوال، وعلى غيره، يحق للصحفيين والصحفيات، أن يبنوا مواعينهم التى يتوسلون بها لخدمة أهداف محددة ( صحفيون للديمقراطية )، ( صحفيون للسلام أو من أجل السلام)، (صحفيون ضد الفساد)، ..إلخ، وتجمعات صحفية مثل ( صحفيون برلمانيون ) ، ( صحفيون إستقصائيون) وغيرهم، أمّا ((النقابة الصحفية )) فمن الأفضل – فى تقديرى- أن نُحافظ على أن تظل واحدة، لأنّ وحدة النقابة، تحصّنها من التشرزم، وشرور الإنقسام الآنى والمستقبلى، إذ تجمع ( النقابة) كل الصحفيين والصحفيات، المنضمين تحتها - طوعاً واختياراً- أفراداً وجماعات- ومن كل الكيانات الصحفية الفاعلة فى المجتمع الصحفى، وعلينا مواصلة النضال لإستعادة الجسم النقابى الشرعى (( نقابة الصحفيين السودانيين))، وستعود - حتماً- بالنضال المستمر، سواء فى هذا الوضع أوعند التغيير المجتمعى القادم بلا شك .
وهنا، أنتهز هذه السانحة، لأدعو المجتمع الصحفى – وبخاصة – الاجيال الجديدة، لدراسة تجربة (( نقابة الصحفيين السودانيين))، التى تمّ حلّها - مع النقابات الأُخرى - بقرار من إنقلابيي 30يونيو 1989، ضد النظام الديمقراطى، والواجب يحتّم النضال والعمل على إستعادتها، دون التفكير فى الهروب للأمام، بتأسيس أجسام نقابية " موازية "، لأنّ ذلك قد يؤدّى إلى شرزمة الكيان النقابى الصحفى ... الأفضل – فى تقديرى – مواصلة النضال الصبور، لإستعادة المؤسسة النقابية الشرعية (( نقابة الصحفيين السودانيين)) ومواصلة التبشير بعودتها، والدفاع عن الحق فى التنظيم النقابى، ومواصلة التنويربأهمية النقابة، وقد أثبت الواقع، خطل فكرة (اتحاد الصحفيين ) الحالى، فهو بتأسيسه وممارساته، مُجرّد مؤسسة إنقاذية، وصناعة حكومية صرفة... وعموماً، تبقى أمامنا مسؤولية استعادة الحقوق والحريات..وهو نضال يومى ومتواصل، ولن يتحقّق بضربة لازب، ولن تمنحه لنا الحكومة مجّاناً، وبدون نضال...
هناك من يرى أنّ " شبكة الصحفيين " تنظيم أو جسم موازى للإتحاد ... ماذا ترى ؟
منذ سنوات، توصّلت تجربة المقاومة المتصاعدة، لقمع الصحافة والمجتمع الصحفى، لتأسيس ماعون (( شبكة الصحفيين السودانيين))، وهى تقوم بجهد مُقدّر فى الدفاع عن الصحفيين وحقوقهم، وهو الدور الذى عجز اتحاد الصحفيين عن القيام به، ولها تجربة فى العمل الإجتماعى، وكذلك فى الرصد والتوثيق،وهذا مما أزعج ويُزعج قيادة ( الإتحاد) السلطوى، فيجن جنون قيادته، ضد (( الشبكة)) وضد (( جهر)) ولكن، لا جنون قيادة اتحاد الصحفيين، ولا إستهداف وقمع جهاز الأمن، لقادرين على محو (جهر )و (الشبكة ) من الوجود، وستبقى جذوة المقاومة مُتّقدة.. شبكة الصحفيين - فى تقديرى- جاءت من رحم المقاومة، وهى تطور طبيعى، لمحاولات سبقتها، نشأت جميعها، لغياب (( نقابة الصحفيين))، ومازالت تحتاج للمزيد من الجهد المبذول فى جبهات البناء، والتأثير، والمناصرة، وهذا دور قيادة الشبكة، ودور القواعد الصحفية، التى تجد فى الشبكة، مدافعاً عن مصالحم، وحقوقهم المسلوبة.
هجرة العشرات من الصحفيين والكوادر الفنية بالصحف.. في الفترة الأخيرة.. ما تأثير ذلك على الصحافة السودانية..؟
بلا شك، فإنّ هجرة العشرات - بل المئات- من الصحفيين المقتدرين والكوادر والكفاءات الفنية المؤهلة بالصحف، ستؤثّرعلى المُنتج الصحفى، ولكن، هذه الظاهرة، ليست حكراً على الصحافة المطبوعة وحدها، فهناك الصحفيين والفنيين من الصحافة المرئية والمسموعة، وهى مثلها مثل، هجرة العقول السودانية، فهناك هجرة الأطباء والكوادر الطبية، وخروج المهندسين، والمبرمجين، والعمال المهرة، وغيرهم من السودانين والسودانيات من سوق العمل، فى جميع المجالات، وهذا كُلّه مؤشّر خطير، لإنهيار الأوضاع الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.
الوطن - تحت الإنقاذ - أصبح طارداً، للكفاءات الوطنية، وهذا حصيلة سياسات سنوات التمكين، وجنون العزل والإقصاء، ونتيجة حتمية لتدمير الصناعات الوطنية، بما فى ذلك، الصحافة صناعةً ومهنة، فهناك من أُجبروا على المغادرة القهرية، أو ترك المهنة .

‫‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا