الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبادئ -بانش شيلا- الخمس ل: -التعايش السلمي-

علجية عيش
(aldjia aiche)

2016 / 10 / 3
حقوق الانسان


( لا شك أنه لا يوجد أحد لم يسبح بين أمواج الانتفاضات التي اكتسحت جميعها الساحة السياسية العربية، لتغيير وجه النظام و السلطة في الحياة السياسية ، أو على الأقل تتبعها و راقبها عن بعد و الجزائر لم تكن معزولة عن رياح الثورة، كما هي الحال في الدول العربية الأخرى، التي لجأت لمبدأ "بانش شيليا" الخمسة من أجل تحقيق التعايش السلمي و ضمان الاستقرار )
---------------------------------

"بانش شيلا" pancha Shilla مصطلح نشأ من اللغة البالية، ( لغة أوسترونيزية يتكلم بها سكان جزر بالي)، و هو مبدأ بوذي قديم أبرم ليضبط و يحكم علاقات الهند مع الصين الحمراء منذ التوقيع على اتفاقية جوان 1954 و هو يستند على خمسة مبادئ أخلاقية كبيرة لتوجيه حياة الشعوب ، و ضمان السلامة الإقليمية لكل بلد، و ارتكزت هذه المبادئ على مايلي: ( عدم الإعتداء، عدم التدخل في الشؤون الداخلية للطرف الآخر، والمساواة والمنفعة المتبادلة، والتعايش السلمي ) ، و رغم مرور اثنان و ستون عاما على وضع هذه المبادئ، غير أنها ما تزال قابلة للتجديد، لاسيما و المنطقة تعيش حاليا جوا مفعما بتغيرات عميقة مما يوجب الالتزام بهذه المبادئ و العمل بها و احترام التقاليد الوطنية و الثقافية للشعوب، التي تتطلع إلى الحياة السلمية، و من المستحيل طبعا أن يتوفر هذا الاستقرار دون تطبيق هذه المبادئ.
أول من طبق هذا المبدأ هو الزعيم نهرو و شواين لاي، و كان هذا المبدأ تمهيدا للاتفاقية المبرمة في 28 جوان 1954، بين بكين و نيودلهي و التي تنص على ما يلي: الاحترام المتبادل للسيادة الإقليمية، عدم الاعتداء على حدود الآخر، عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة، المساواة في منح أي امتيازات متبادلة، و التعايش السلمي ) ، و في إطار هذه المبادئ بدأت شعوب المستعمرات تتبنى هذه الأفكار، لكي تثبت وجودها في عصر التحرر السياسي، خاصة بالنسبة لشعوب دول العالم الثالث، و الحديث عن البانش شيلا يعيد ذكرى حفل العشاء الذي أقامه روزفلت بالمغرب خلال انعقاد مؤتمر الدار البيضاء عام 1943 كشف فيه عن الشروع في تصفية الاستعمار، و إن كانت نزعة تحررية حملها روزفلت عندما حرص على أن الشرط الأساسي لاستمرار السلام هو العمل على تطوير الشعوب المتخلفة في دول العالم الثالث.
و لوصف سطوة النظم الاستعمارية و قوتها، فإن أبلغ وصف لذلك ما كتبه الاستعماريون أنفسهم، فباسم الحرية و الإخاء و المساواة اقتحمت فرنسا الأقاليم، و عصفت بالشعوب و لم تمنح أي لون للحريات السياسية و الثقافية و الاقتصادية، بل وضعت تشريعات بربرية وحشية و كما قال الزعيم الغيني أحمد سيكوتوري: " إن الاستقلال ليس معناه رحيل الفرنسيين، و إنما هو التغيير الجذري لكل ما كان موجودا، و لكل ما يذكرنا بعصر الاحتلال، و الاستقلال ليس معناه تحرير الوطن من السيادة المادية للاستعماريين، و لكن يلزم كذلك تحرير الرّوح من هذا الشر البغيض، بمعنى القضاء على كل الرواسب الثقافية و الفكرية الاستعمارية، كما يجب أن نحرر الرجل الإفريقي الذي كان يحس بمركب النقص أمام حكامه البيض".
لم يعد لهؤلاء الزعماء أثر اليوم، نعم..، فمن خلال إجراء عملية استقراء للتاريخ نجد مواقف الحكام اليوم، نقول حكام فقط، لأنهم لم يصلوا بعد مستوى "الزعامة"، فهؤلاء لهم مواقف تدافع عن الاستعمار و تمجده باسم تبادل العلاقات الثقافية أو الاقتصادية بين بلد و بلد آخر، و تبرم اتفاقيات توأمة بين مدينة و مدينة خارج حدودها الترابية، و تتبادل الرحلات السياحية على حساب الخزينة العمومية التي هي في الحقيقة أموال الشعب، فالتعايش السلمي لا يعني تبني ثقافة الآخر و جعلها قيمة ثقافية نزرعها في أذهان الشباب، لأن لكل مجتمع خصوصياته، و لعل بعض الأقطاب العربية أخطأت لما حاولت أن تغير من جلدها، و ظنت أنها لما تتبنّى ثقافة الآخر بمقدورها أن تحول مركز الثقل في العالم و تعيده إلى الشرق، هي أخطأت كما اخطأ شواين لاي ( شغل منصب رئيس الوزراء الصيني في تلك الفترة)، عندما باح بسرّ الصين الأكبر.
ليس مُهِمًّا معرفة كم عدد الحكام الذين تداولوا على تسيير شؤون دولة ما، بل الأهم من الذي حقق الاستقرار في بلاده، و الاستقرار لا يعني القول أن "كل شيء على ما يرام" ، فكم من دولة كانت تتسم بالاستقرار و الهدوء و فجأة نهض شعبها من سباته الطويل و انتفض، و لنا أمثلة كثيرة ، انطلاقا من العشرية السوداء في الجزائر، التي عاشت أول ربيع عربي في تاريخ الحراك السياسي العربي، إلى الثورة البوعزيزية و الإطاحة ببن علي في تونس ، ثم الثورة المصرية و الإطاحة بمرسي ، و ما نشهده اليوم في العراق منذ الإطاحة بصدام حسين، ثم الإطاحة بالقذافي في ليبيا، و الآن محاولة الإطاحة بالأسد في سوريا، أما في الجزائر فقد صعب على الأحزاب المعارضة الإطاحة بنظام بوتفليقة و بالسهولة التي يتصورها البعض ، أو الصورة التي سقطت بها الأنظمة الأخرى التي أثارت سخطاً شديداً لدى شعوبها، و هذا لسبب واحد ، هو أن الجزائر لم تعتمد الجزائر على مبادئ بانش شيليا، وحدها، بل عملت بالمرجعية النوفمبرية و ما جاء في بيان أول نوفمبر 54 ، فالذين وضعوا هذا البيان جعلوه صالحا لكل زمان و مكان.
المتأمل في هذه الأحداث يجد أنها تغذت على ثقافة العنف و التطرف، و الدليل العودة القوية للإرهاب، و احتلال التنظيم الداعشي للمناطق، و التفجيرات التي يحدثها هنا و هناك، و دعمه من قبل الدول المارقة ، و لهذا فالشعوب العربية مطالبة اليوم بتجديد هذه المبادئ الخمسة و تطبيقها، لتحقق أهدافها و مصالحها و سياستها ، و تتجه نحو البناء وفض النزاعات بالطرق السلمية، حتى تتمكن من التأثير على حركة التضامن و التعاون العربي المشترك معا و القضاء على السياسات العدائية، أما ممارسة التعايش السلمي من مفهوم ضيق جدا و هو الاستمرار في التبعية السياسية و الاقتصادية و غيرها التي تعيشها الدول العربية، و تطبيقها السياسات الخارجية، فهذا قد يزيد في الطين بلة و يزيد الشعوب إلا تمردا على أنظمتها أولا، قبل مواجهتها الاعتداءات الخارجية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدكتور محمد أبو سلمية: هناك تعذيب شبه يومي في السجون الإسرا


.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج




.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا


.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال




.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام