الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عام القمل

عطا مناع

2016 / 10 / 3
كتابات ساخرة


عام القمل

بقلم : عطا مناع

شوارع المخيم لا تنام، ضجيج وقرقعه وعبث في أكياس الزباله التي تلقى بعفويه ولامبالاه غريبه، هي ازمه عامه، هذا يخفف من وطأة الحاله ويدخل السريرة للنفس المتعبة التي لم تتعلم فن الصمت.

الفرقعة لا تقتصر على المخيم الذي يستظل بعلم وكالة الغوث التي ما عادت تغيث أحدا، يبدو أن اليأس والتقادم مع بعض المقبلات المتساوقة مع المشهد المتآمر على واقع ومستقبل المخيم دفع بالوكالة لرفع أرجلها قبل يديها.

ما لنا وللوكاله، نحن بصدد ظاهرة القرقعه والعبث بأكياس الزباله التي تلقى بعفويه تستقدم الآلاف الجرذان الوقحه، نعم، هي وقاحة الجرذان لدرجة أن القطط ما عاد لوجودها معنىً حتى لو كانت سمان، وكأن القطط والجرذان أبرمت اتفاقاً يفضي بعدم الاعتداء، وأتمنى ان لا تتطور للدفاع المشترك.

تذكرني الجرذان التي تقرقع في شوارعنا بعام القمل، وقبل أن اجمع شتات أفكاري للحديث عن القمل واللجوء المبكر احمد الله على الرخاء الذي نعيش، لان أكياس الزباله انعكاس لحالة الرخاء التي نعيش، إذن علينا أن نحمد الله ووكالة الغوث على نعمة الجرذان التي تجسد الوجه الحقيقي لتخمتنا.

لذلك اسحب ما سبق من كلام في حق وكالة الغوث والبلديات التي تقدمت خطوات عني في تحليل الظاهره وهذا يقودني لشعار لا بأس أن يكون لكل مواطن جرذ وكل حسب رخاءه الاقتصادي، لأنه وكما اتفقنا الجرذان الوجه الأخر للرخاء.

يقال أن عمر الجيل 33 عاماً، هذا يعني أنني وكثيرُ منكم يحسب على جيل النكبه، لكننا بالتأكيد لم نشهد عام القمل والثلجة الكبيرة والخيمة في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، إلا أننا عايشنا الحمام الجماعي سيء الصيت، وعدم معايشتنا عام القمل لا يعني أننا لم نسمع القصص التي رويت حوله، والحال كما اليوم نتحدث عن الجرذان ليأتي أحفادنا ويقولوا ساق الله على أيام زمان كان متوسط وزن الجرذ كيلو، ولا اعرف حقيقة كم سيكون وزنه بعد جيل، وهذا بالتأكيد يعتمد على الظروف الاقتصادية.

في عام القمل أي في بداية الخمسينيات من القرن الماضي وكما حدثنا من أصبحوا تحت التراب انتشر القمل بشكل ملفت، ما هو الملفت؟؟؟ الملفت أسراب القمل التي اجتاحت العالم اللاجئ لدرجة أن الواحد منهم كان يرى قوافل القمل تحتل الجسد والملابس وكل ما هو موجود في الخيمة ، وكان من العبث علاج هذه المصيبة لدرجة أن وكالة الغوث كان ترش الرؤوس والأجساد بالمبيد المخصص لذلك دون جدوى، استمر الوضع المضحك بالنسبة لنا والمبكي بالنسبة لإسلافنا لفترة حتى استقر الحال واستطاعت الأسر اللاجئة توفير تنكه أو اثنتين يومياً من الماء وبشق الأنفس من العيون الطبيعه في القرى المجاوره.

مضت السنين وأصبح عام القمل ذكرى بعد أن مات سكان الخيام، وها نحن اليوم نلملم بعض الذكريات عل ذاكرتنا المثقوبة تسعفنا بتشكيل الصورة الكاملة عبثاً، ولكن ما يثلج الصدر أن الحكايات التذمر من عام القمل كانت على خطأ، لأنهم كانوا يعيشون النعمة وهم لا يدرون، والدليل على ذلك في جعبة النساء السعوديات.

يقول الراوي: أن للقمل فوائد، وهذا يعني أن أسلافنا من اللاجئين كانوا يمتلكون ثروة تضاهي بترول الخليج، فحسب الراوي فالنساء السعوديات يشتريين بضعة قملات بخمسين ريالاً بهدف علاج فروه الرأس، فهو يقوم بتدليك فروة الرأس ويمتص الدم الفاسد ناهيك عن دوره في تكثيف الشعر، أرأيتم النعمة التي عاشها اللاجئون في بدايات النكبه، تدليك مجاني وكثافة في الشعر.

بالعودة بساعة الزمن للوراء أكثر من نصف قرن نكون قد امسكنا بجدلية العلاقة بين القمل والجرذان، ما أدراكم أننا نعيش النعمة دون أن ندري نحن الذين نعبر عن امتعاضنا من انتشار الجرذان؟؟؟ هل توقعتم وحتى في أحلامكم أن للقمل فوائد وان أسلافنا كانوا برجوازيون دون أن يدروا، أذن علينا الاتعاظ وعدم التباكي على حالنا والتوقف عن الشكوى من القرقعه التي تحتل شوارعنا، علينا التسلح ببعد النظر وعدم ظلم الجهات المحلية المسئولة.

لكن لا تنسوا حقيقة أن المسافة الزمنية التي تفصل زمن القمل عن الفئران وطن ضائع، زمن يجسد لنا مفاهيم بؤس الثقافه وثقاقة البؤس التي تحدث عنها ماركس بإسهاب، زمن يحذرنا من انقراض القطط لصالح الجرذان التي احتلت شوارعنا وهي في طريقها لبيوتنا، انه الزمن الذي سنصبح فيه وجبة دسمة للجرذان، الم اقل لكم أن للجرذان فوائد؟؟؟ انه الموت الرحيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري