الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات فى - نظرية الفكة-

سمير زين العابدين على

2016 / 10 / 3
كتابات ساخرة


تأملات في " نظرية الفكة"
احتلت "نظرية الفكة" مكانة مميزة في علم المالية العامة حيث تصّنف ضمن نظريات إعادة توزيع الدخل القومي ، ويكمن لب النظرية في البحث عن أفضل الطرق لقياس الكيفية التي تؤثر بها ظاهرة "ترك الفكة" على معدل النمو.
وتنطلق النظرية من تحديد مفهوم " الفكة" حيث تصّنف الفكة إما وفقا لمعيار القيمة أو وفقا لمعيار الدافع من وراء ترك الفكة Motivation to leave small change
أولا : الفكة وفقا لمعيار القيمة : تصنّف الفكة وفق هذه المعيار إلى مليم ، نكلة ، تعريفة ، قرش ، شلن ، بريزة ، نصف أفرنك ، ربع جنيه أو جنيه واحد.
ثانيا : الفكة وفقا لمعيار الدافع من تركها : حيث تصنّف الفكة وفق هذه المعيار إلى ثلاث دوافع
‌أ-ترك الفكة طواعية : حيث يقوم المستهلك أو المشترى بترك جزء ضئيل من معاملاته لبائع السلعة أو مقدم الخدمة طواعية وعن رضا تعبيرا منه عن رضاه عن مستوى الخدمة أو تعاليا منه عن الحصول على مبلغ ضئيل لا يسمن ولا يغنى من جوع – وهو ما يتعارف عليه بالبقشيش.
‌ب-ترك الفكة جبرا وقسرا : وهى الحالة التي يضطر فيها المستهلك أو العميل إلى التخلي عن جزء ضئيل من معاملاته على مضض نتيجة عدم وجود فكة.
‌ج-والدافع الثالث والأخير هو ترك الفكة نتيجة أنها مقيمة بفئات نقدية توقف التعامل بها ، وهى الظاهرة الأكثر شيوعا في المعاملات الرسمية وخاصة فى معاملات المؤسسات المالية كالبنوك وشركات التأمين وخلافه حيث كثيرا ما تحتوى قيمة المعاملة على فئات نقدية توقف التعامل بها كالمليم والقرش صاغ مما يضطر معها العميل إلى تركها للمؤسسة المالية التي يتعامل معها كالبنوك مثلا.

ونظرا لأنه يصعب الاعتقـاد بأن مصــر تسعى لأخذ بقشيش أبنائهـا( الحالة الأولى) أو التفتيش في جيوب الباعة والتجار للحصول على المبالغ التي تركها المستهلك أو العميل كرها بسبب عدم وجود فكة (الحالة الثانية) فيبدو أن الحالة الأخيرة هي التي قصدها الرئيس عبد الفتاح السيسى حين قال " نريد أن نحصل على الفكة لدعم اقتصاد مصر مستطردا " لكن أزاي ؟ معرَفش " .
إن عبارة " لكن أزاي ؟ معرَفش " لا تعنى سوى رسالة ضمنية للاقتصاديين لمحاولة البحث عن الآليات الملائمة لحصر هذه الفكة وتحويلها إلى الخزانة العامة ، بدلا من أن تستفيد منها المؤسسات المالية في رفع نسبة أرباحها.
تقول النظرية الاقتصادية عن الفكة والتي وضع أساسها عالم الاقتصاد الروسي شلنوف ملاليمير أنه يمكن حصر مبالغ الفكة التي يتركها المتعاملون مع الجهاز المصرفي شرط توافر بيانات تفصيلية عن قيم هذه المعاملات وعن إجمالي المبالغ التي تصنّف على أنها فكة تركها العميل.
ويمكن باستخدام هذه البيانات بناء نموذج قياسي لقياس أثر الفكة على النمو الاقتصادي من خلال متغير وسيط أو Channel Variable وهو متغير الإيرادات الحكومية. وباستخدام طريقة المربعات الصغرى على مرحلتين Two Stages Least Squares يمكن قياس ما يمكن أن تؤديه الفكة من زيادة الإيرادات الحكومية ، ومن ثم التأثير على معدل نمو الناتج المحلى الإجمالي.
وقد عبرت مؤخرا المسئولة عن صندوق دعم مصر أن حصيلة هذه الفكة يمكن أن تصل إلى 18 مليار جنيه سنويا ، وأفادت مصادر غير مؤكدة أن حصيلة هذه الفكة تصل لنحو 50 مليار جنيه سنويا ، وهى أرقام ضخمة بكافة المقاييس وتستحق منا أن نبحث عن سبل قياسية ملائمة لدراسة كيف يمكن أن نستخدم هذه الظاهرة الفريدة في دعم اقتصادنا القومي.
وتكمن المشكلة ليس في حساب تأثير ترك الفكة على الإيرادات الحكومية والنمو ، ولكن في كيفية حصرها – أي أننا سنواجه بمشكلة فنية ليست هينة في حصر هذه الفكة . حيث لا أعتقد أن الفكة التي يتركها المتعاملون مع المؤسسات المصرفية والتجارية المختلفة تقيد في سجلات هذه المؤسسات ، بل أعتقد أن الحصيلة تقع في النهاية في حوزة المحصلين والصرافين والموظفين المتعاملين مع العملاء – ومن ثم أضحى حصر هذه الفكة كمن يبحث عن إبرة في محيط ، حيث ليس من المتوقع أن يورد هؤلاء المحصلين حصيلة إجمالي ما يتركه المتعاملون إلى مؤسساتهم ، ومن ثم أضحت هذه الفكة في مقام البقشيش الذي يتركه المتعاملون.
ولكي تحصل الدولة على هذه الفكة ، لابد من تغيير لوائح هذه المؤسسات بحيث تدخل تعديلات تنص على كسر قيمة كسور فئات العملة لصالح صندوق تحيا مصر ، وهى مهمة ليست باليسيرة ، وتحتاج إلى كثير من الجهد والعمل، ولا أعتقد أن تدر الربح المأمول الذى يتوقعه الكثيرون.
وعلى أي حال ، فلا يتوقع أن يكون لجمع الفكة أثر ملحوظ على النمو ، ولكنه لن تعدو أكثر من عملية تحويل للأموال من القطاع العائلي إلى القطاع الحكومي حيث من المتوقع أن يكون لترك الفكة أثران على النمو : أثر ايجابي على الموازنة العامة للدولة من خلال زيادة الإيرادات الحكومية ، وأثر سلبي على مدخرات الأفراد نتيجة سحب جزء من الأموال التي في حوزتهم لصالح الدولة ، وهو ما يعنى أنه من وجهة نظر الاقتصاد ككل ستكون المحصلة النهائية بلحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة