الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا أنام

محمد صالح عويّد

2016 / 10 / 4
الادب والفن


لا أنام ......
قبل أن أوقِظَ العصافير
أرقدُ جائعا ، فتلتقِط القوتُ
أتدثّر بنُتفِ ريش الأرَقِ ، في الهزيع الأخير من المذابحِ ..
خسرنا بحورا من دماء
خسرنا قرونا من كنوزِ الوقتِ
خسرنا ...خسرنا ...
تشتمنا الأرواح النبيلة
تحوم منذ ألف عام حول مضارب القبيلة
ما زلنا فاشلينَ بتحديد طريق المسير
ما زلنا تائهينَ ، كيف نبدأ من جديد
لا ننفكُّ عن التعثّرِ والسقوط
لا ننتعلّم من الإرتطامِ بأحذيتنا ، بالأرضِ ، بفكرةِ الطفلِ الوليد
لكننا نبدأ ، سنبدأ من جديد
ننهضُ من عثراتنا ، لنلمحَ سراب المُقبل البعيد
كفراخِ الطير نرفعُ زغبَ الحلمِ للتحليقِ
لنرى على مرمى الأفقِ هزائمنا ، والزمنَ المقبلَ المديد
الطيور لا تحلّق فجأة
لا ترفع أصداءَ النشيد
تسقطُ ، ثم تنهضُ
فتتلو في الفضاءِ بهجة التغريد
إنهضوا بني قومي :
أيُها الغافلون ، لا أحد يتعلّم وهو مشلولٌ قعيد
لا ملائكةً بيننا على الأرضِ
بل ثمّةَ شيطانٌ مُريد
لا بُد من عملٍ دؤوبٍ ، لا بدَّ من خطأً ....فنستفيد
لا يستسلم الإنسان فينا
لا يتنازل ، وبعد عثرةٍ يُصحِّحُ بكلِّ تأكيد
ونحنُ كفراخٍ بزغبها
نحتاجُ إرثاً من هزائمِ
علّنا في ظلمة الليلِ نعودُ في فجرٍ وليد
إرثناً من علمٍ ، وتأملٍ ، ومدارسَ لحسنِ تدبير
مرّ بنا ما يكفي من نكساتٍ ، ونبشنا منذ قرونٍ
طموحنا بضحالتنا ، وهشاشةِ تفكير
لم نتوقف عند أسباب خساراتِنا
لم تلتئم جراحُنا
لم ندرِ كيفَ نتجاوزَ خيباتِنا
تمرُّ قوافل النزقِ ، جحافل غزواتنا الرعناء
نناديها لتنزل في حياضنا
ولسنا بالمُتفكّرِ ، لسنا بالمُنتظر غوثَ عقلٍ
لسنا نأمل خلاصنا بأيدينا
كلما مرَّ بنا طيفُ خلاصٍ تآمرنا عليهِ
ذبحناهُ بالخياناتِ
والتنظير ، وقصائد الهجاءِ
ووصمناهُ بالأفكِ
بالبهتانِ
بموثّباتِ الثأرِ تطفحُ فوق أجنحة الهواءِ
نحنُ يا سادتي محض ظاهرةٍ صوتيّةٍ نحنُ :
سادة العدمِ والغرورِ والهباءِ .
يقولون كُنّا سادةَ الأمم
يقولون كنا .... ينشدنا المُستجيرُ
وفينا شِرعةٌ ترفعُ عن المظلوم
الحيفَ و الُلممَ
تعالوا :
جرّبنا كدأبنا البليد كل الأشياء التافهةِ
كل دعارات السلاطين ، و مشايخ التسوّل الرخيصِ ، و قذاراتِ أمراء الحروبِ
كل الأشياء الغبيةِ
كلنا يا سادتي نبحثُ عن الأشياءِ المُستعجلةِ
لكننا نتهاوى بعدها بنزقِ السفهاءِ
بالسذاجةِ ، بالحماقةِ ، بانسلالِ الغيظ بيننا
بالحقدِ على الحقولِ ، بلفظنا البغيضِ ، باعتلالِ الهواء
نحنُ يا سادةَ ذبحِ الإنسانِ
كجدارٍ مُتداعٍ عتيق
كنزاً عظيماً تحتهُ ، والأيتامُ لن يبلغوا أشُدّهم
يغتالهم التشرّدُ
تسرقهم البحار والبلادُ النائيةُ
كلّنا غريبٌ ناءٍ ، غريقٌ
مُهترئين كأسمالٍ باليةٍ
كشمعةٍ أشعلها القدرُ
تهاوى رمادُ الفتلِ ، والعمرُ ورجاحة العقلِ العميق
ووهجُ الشبابِ وفقرنا واختناق الهواءِ يؤجِّجُ في صدورنا
ألوان الحريق
في الثوراتِ الهائمةِ بين شطآنِ الغرباءِ
شيئاً يُشبه الموت
وحيدين ننتظرُ التحافَ التُرابِ
لا أرضاً ، لا سماءَ
لا ديارَ
لا أخِلَّاء
لا أنثى لها ضوعُ البريق
أمهاتنا يتسوّلن البؤس على أعتاب اللصوصِ
على أطراف البلاد
وملائكةُ السماءِ لم تَعُد ترمي أرغفةً
لتسدّ جوع الأولاد
والليلُ بهيمٌ ، وئيد
ألآفُ المآذنِ تنوءُ بالصراخِ ، تنحني
عقيمةٌ ضمائرنا ، وقلوبٌ عاقرةٌ شِداد
نواقيسُ الكنائسِ تُرتلُ هللووووووياااا
تتشققُ السماءُ
والرنينُ لا يهدي مُهجةَ التائهين
يلتحفون عارنا ، توسدوا مرارةَ السؤال
والأوباش من الأمراء
من رُفاتِنا ، على سُررٍ مُتقابلين
والطينُ يُرفرفُ هازئاً
يبصقُ بوجه الملح والماءِ
خذلناهُ بيقين
أحداقُ الحلم فقأوها
أوسمةً فوقَ صدورِ البُلهاءِ
تبكي فتوشّي أحذيتهم اللمّاعة
تسيلُ ، تصيرُ مهمازاً يلكزون بهِ الجنود
نحو مذابح جديدة
تبثُّ للسماءِ خطوطا كالحةً
كأسرابِ نملٍ طوابيرَ الهاربين
ها نحنُ أكوامُ نفاياتٍ من الحجارةٍ
نزعمُ أنَّ كان تحتها أسُّ الحضارة !؟
نزعمُ ، والإرثُ مسروقٌ
نهبه أولي الأمر وتركوا لنا بؤسَ الإدّعاءِ
ونعيمَ القذارة
وعينُ بولسٍ الرسولِ فقأها مخرزُ المسألةِ
وإسكافيّاً
قاد ركبَ الخلاص
وكان للثائرينَ الأوائلِ هدياً ومنارة
شاخَ أطفالنا في ضبابِ الدروبِ
بين سياطِ الجلادينَ وصراخ الجوعِ وإجتراحِ مُعجِزةَ الجهل
في فيافي الخسارة
بين وحولِ الرحيلِ يلملمون بلهفةِ الخائفِ
ضوءَ النهارِ
يُدفِئونَ أسمالَ أحلامهم
يتربصونَ من ماضيهم للثار
للبلادِ
للأهل
لذكرياتهم الذائبة كملحٍ في البحار
لكنهم دون أن يعلموا ...
نعلم أنهم سيقتلون البلاد لمرةٍ عاشرة
الحماقة ، والجهلُ
وجهانِ كالحانِ نعتزُّ بهما
نتداولهما كعملةٍ وافرة
وبعد ألف غدٍ سنظلُّ نبكي كالأيتامِ
تتبخّرغُدرانُ دموعنا ، ويبقى الملحُ ليقتلَ الخصبِ فينا
والغيوم مُسمّرةً فوقنا
كالبوادى القاحلة !
هذهِ رُقعة شطرنجٍ أزلية
و أنتَ وحدكَ بمواجهةِ الجميع
بمواجهةِ نفسِكَ !
تحرَّك بحذرٍ ، وأحياناً بجنون
سترى امامكَ :
مُدناً وقِلاعاً و أنهاراً تترادفُ ، تتهاوى
بمستنقعاتِ السوادِ
وأنتَ وحدكَ فيلقاً من جنود
والملوكُ تتهاوى
تحتَ سنابكِ الجسارةِ
بيدِكَ ختمُ الإمارة
وبينَ كتفيكَ ختم السماءِ
مهرتكَ للفعلِ والقيادة
أنتَ وحدكَ
حينَ ترتحِلُ
تولدُ من جديدٍ
تسيرُ حياً ،شامِخاً في نعشِكَ
فيما الآخرون يطأطِئون
يتلمظّون الخسارة
تعالوا نبدأ من جديد
حتى لو كنا قدّ فشلنا كما المرات السابقة
فشلاً ذريع
لن أستسلم ، لن أتنازل بكل تأكيد
حتى أبذل جهدًا من حديد
ثم سأبدأ من جديد
لن أنسى حلمي
أريد أن أجرب كل شيء يُلهمني
أريد أن أحاول بطيئا ، مُترنّحا
حتى لو كنت سأفشل فشلاً ذريع
أجرب كل شيء
سأواصل ارتكاب تلك الأخطاء الجديدة
سأواصل ارتكابها كل الأيام القريبة والبعيدة
ها أنذا ...
أجرب كل شيء
حتى بعد موتي القريب
فانتصاري قادمٌ
لن أدعهُ يهربُ لبعيد ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل


.. كلمة أخيرة - شركة معروفة طلبت مني ماتجوزش.. ياسمين علي تكشف




.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب