الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سكان الخرائب

كمال تاجا

2016 / 10 / 4
الادب والفن


سكان الخرائب

الشيء بالشيء يذكر
بعدما حل كل هذا الدمار الهائل
في مدن حمص وحلب
وفي كل الحواري العزيزة
على قلوبنا
*
ذلك لأن الكثير من مدن الخراب
أضحت قاعاً صفصفاً
خاوية على عروشها
وخلت من كل سكانها فجأة
كصحراء منزوية
*
و لكن أين فرت القطط الأليفة
و الكلاب الشاردة
حتى الجرذان الفتاكة
سكان الخرائب التقليديين
أصبح هناك ما يؤرقها
من نقص موارد
بقايا حيوية
أو قاذورات مرمية
أو مجاري صرف صحي
-
وهلكت الهوام
من عطش وجوع
ودمار هائل
*
حتى أصبح لطنين الذباب
دبيب غاشم
*
و البعوض الذي كان يحوم
فوق هرم مكب النفايات
كأسراب مهاجمة
لم يعد هناك من شيء .. حيوي
يستدعيه للنبش في العفار
عن لقمة عفنة
ولا من سبب وجيه
يحفزه للتفتيش بين القاذورات
عن بقايا إنسانية
سالفة الذكر
*
لقد حل الدمار الشامل
و مما أثر على هوام الأرض
التي أخلت المكان
وعلى مضض لعصف رياح
تدور بحلقات مروعة
بين زوابع العفار
و تتنحى لمرور إعصار
يثير الغبار
غير الودي
على الفت من عضد تآلفنا
*
يا ألهي بهتت الألوان
و شحب المنظر
مما أطفأ من حده الحلكة
و حتى صار المساء يلتحي
بذقن أشد قتامه
و الليل كظيم
خلا من النباح
و صياح الديكة
مع همهرة الوحوش المفترسة
*
و الصباح لم تعد توقظه
زقزقة العصافير
ولا لم تعد تهدهد
جفون الوسن
تغريده هديل اليمام
-
ولم يجد حسون واحد
ورقة نضرة
واقفة على غصن أعرج
أو فوق شجرة فكحاء ~ متهالكة
ليتوكأ عليها
وحتى يقوم بعزف تراتيل
سيمفونية الشدو الخلاب
التي تخرق ألبابنا
*
وما لبث أن أضحت الحقول ناضبة
ذوت من نضارة أزهارها
و التي كانت تحلق
على متن رفوف
من أناشيد عبق
وتراتيل أريج
وترانيم فل
كانت تدور بذاكرة الحقول
محملة بنكهة الشذى الفصيح
لياسمين الشام
والذي كان ينطق بلسان شهيتنا
وهو المنكه
للعذوبة المالئة أشداقنا
كحرية انتقائية
مما يؤلف بيننا
*
و لا مرت سحابة عطر
على متن وردة
كان الناس يتهادونها
تعبيراً عن فائق المودة
لتحط على أرنبة أنوف
نسيت من الدمار الشامل
مذاق لهفة البسمة
و تقطعت بها السبل
من تمزق عرى الألفة
*
و اضمحل منهل العبق
الذي كان ينبع من معين الروح
و يصب في عميق الجوارح
ليخصب متانة اللحمة الأهلية
*
عندما كان الغدير
ينهمر مدراراً
كسلسبيل ..
يروي حقول المودة
ويسقي الجذور الطيبة
و يعمق .. الأصالة
*
حتى عشش الغبار
على رؤوس الأنوف
منكس لروائح الجيف
و الأشلاء المبعثرة
كرمم نتنة متفسخة
*
أم أن هذه الحشرات و الهوام
التي كانت تدب
على الأرض
و تواصل العيش بين السكان
في علاقة لصيقة
من العشرة الحسنة
هي أيضاً فرت
هرباً من مواجهة الموت الطريح
والذي بلغ أشده
من الدمار الشامل
*
حتى شحب الضوء
و كشر الفجر
عن صبح مكفهر
كاظم الغيظ
ومن كل حنق وطني مكشر
يكاد ينفجر
كقنابل عنقودية
أو كقذائف فسفورية
أو كرشقات صواريخ ارتدادية
تدك الأرض دكاً
وعلى شكل مجازر جماعية
*
كانوا من كثرة الذوق الرفيع
يتحلون بالشرف النظيف
و يتباهون بتبادل مآثر
من رقة شمائل
الأخلاق الحسنة السيرة
والسريرة
*
أم أن الشرف الوطني
لقى حتفه
على يد قناص متربص
فقضى نحبه
برصاصة في الرأس
بينما كان يعبر الطريق
غير السالك ..
إليكم…؟

كمال تاجا ــــــــ2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل