الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين المعجزة و الظاهرة..

علجية عيش
(aldjia aiche)

2016 / 10 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


بين المعجزة و الظاهرة..

من عجائب الكون أننا نحول المشاكل المستعصية علينا حلها إلى ظاهرة، خاصة المسائل التي لا نكون على دراية تامة بموقعها من المجال ‏الاجتماعي العام، و نجد السلطات العليا تؤسس لها مخابر و نخصص لها كل سنة ميزانية خاصة، حتى الظواهر التي يعجز العقل البشري عن تفسيرها و تحليلها يجعل منها "طابو" ، لا يجرؤ أيٌّ كانَ مهما كان اختصاصه و قدراته الخوض فيها، لأنها في اعتقادهم مسائل تتعلق بالغيبيات، في حين نُحَوِّلُ المسائل العادية إلى ظاهرة، فقد نطلق على أحد الرياضيين أو الفنانين مثلا أنه إنسان خارق للعادة، و نقول أن فلانا تحول إلى ظاهرة ، لأنه تمكن من حل مشكلة ما، و قدم ما لم يقدمه شخص آخر، الأمر طبعا يتعلق بما يتوفر عليه الشخص من إمكانيات و ما يتلقاه من دعم مادي و معنوي للقيام بمهمة ما، و هذا الدعم يزيده ثقة في النفس، في حين نجد من يملك قدرات خلاقة و لكنه لا يوجد من المحيطين به من يدعمه و يدفعه إلى الأمام، فتضعف عزيمته و إرادته، و يظهر أمام الناس بالضعف، و قد ينعتونه بالفشل..، و ما لا شك ليه طبعا أن بعض المفاهيم مثل ( العنصرية، الجهوية، المحسوبية، الوسطية، الرشوة، اللاعدل..) هي في الحقيقة آفات اجتماعية تفشت في المجتمع العربي و المجتمع الجزائري بالدرجة الأولى، و مع مرور الوقت تحولت هذه الممارسات السلبية إلى "ظاهرة".
و الحقيقة أن المشاكل التي نغرق فيها نحن المسؤولون عنها ، و من الصعب أن نقول نحنُ أم هُمْ المسؤولون عنها، لكن نقول أنها من أفعال البشر، فلو لم تكن هذه الآفات السالفة الذكر موجودة لما كانت أزمة البطالة موجودة أصلا، و لو أن البطالة مشكلة و ليست ظاهرة اقتصادية، لأنها تتعلق بالتسيير العقلاني و التفكير العقلاني في وضع البرامج التنموية ، و إنجاز المشاريع، فعلي سبيل المثال لو الدولة في بلد ما شيدت مصانع للشباب بدل السجون ، و وفرت مناصب الشغل ، و طبقت العدالة في توزيع هذه المناصب كل و مستواه و اختصاصه، لما كانت هناك بطالة، و بالتالي هي تقضي على الجريمة و لن تكون في حاجة إلى بناء مؤسسات عقابية، و يكون المجتمع في مأمن من تورط أبنائه في وكر الجريمة، إذن لا يمكن أن نقول أن البطالة ظاهرة، لأن الدولة ليست عاجزة عن حلها، و تملك كل الآليات و الميكانيزمات للقضاء عليها، ما يمكن الإشارة إليه أن الخبراء صنفوا "الظاهرة "فنقرأ عن الظاهرة الاجتماعية (المثليين)، و الظاهرة التاريخية ( التحول من تيار إلى تيار آخر) ، و الظاهرة الدينية ( الإيمان و الكفر)، و الظاهرة البيئية ( الفيضانات)، كما أن هذه الأخيرة أعطيت لها أسماء عديدة ، فنقول الظاهرة الإيكولوجية، و الظاهرة الاقتصادية ( البطالة).
و كما تؤكد بعض الكتابات أن الظاهرة تحكمها قوانين جبرية ...كالظواهر الكونية، أو ظهور شيء خارق للعادة، يعجز الفكر البشري تفسيره أو تصوره، و لهذا نجد بعض الناس من غير المتنورين يرون في سقوط التفاحة مثلا من الشجرة معجزة إلهية، و هذا السقوط هو ما يمكن اعتباره ظاهرة، لأنه متعلق بقانون الجاذبية، التي لا يمكن أحد أن يراها، و هذه الظواهر التي يمكن أن نسميها معجزات وحدها التي تحدد سلوك الإنسان ، و تحدد الصورة التي يكون عليها تفكيره و إيديولوجيته، بل و وجوده في هذا الكون، و لهذا يمكن القول ـأن بعض المسائل فقط يمكن أن يطلق عليها بالظاهرة، مثل الإيمان و الإلحاد أو الارتداد عن دين من الأديان، و لعب الاستعمار دورا مهما في انحراف الشعوب و التشكيك في معتقداتهم، حيث كانت الظاهرة الاستعمارية وراء ظهور فكرة" الإلحاد" الذي اعتبره الباحثين "ظاهرة " أيضا، لأنه تمكن من أن يغير الخطاب الديني لجماعة لها معتقداتها و مقوماتها و غيرت حتى أسلوب معيشتها باسم الحداثة.
علجية عيش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كأس أمم أوروبا 2024: إيطاليا تخسر اللقب ومواجهة نارية بين أل


.. فرنسا.. قد تدخل حالة من الشلل السياسي بعد نتائج الانتخابات




.. إعلام أم بروباغندا.. ما الذي يقدمه أفيخاي أدرعي؟ |#السؤال_ال


.. التصعيد في غزة.. مستقبل مابعد الحرب | التفاصيل مع سلمان أبو




.. مواجهات متصاعدة في غزة.. 20 صاروخاً باتجاه إسرائيل ومعارك عن