الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب أكتوبر-مقطتفات من السيرة الذاتية

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2016 / 10 / 5
الادب والفن


حرب أكتوبر - مقتطفات من السيرة الذاتية
وكما كانت سنة 1973م حاسمة فى تاريخ حياتى، فقد كانت سنة حاسمة فى تاريخ الوطن أيضاً. كان الرئيس السادات قد وعد بتحرير سيناء المحتلة فى أكثر من مناسبة منذ وصوله إلى السلطه، لكنه كان يخلف الوعد دائماً . كانت مظاهرات الطلاب اليساريين المطالبة بحرب التحريرقد بدأت تضغط على أعصابه، وربما كانت تلك التظاهرات هى مادفعته إلى إخراج قيادات الإخوان المسلمين من السجون سنة 1972م، وإعطائهم حرية العمل فى الجامعات للقضاء على تيار اليسار فى صفوف الطلاب. كان ذلك القرارالخطيرهو الذى إبتلع زملائى أحمد عيسى وطلعت عباس، وإبتلع الوطن كله فيما بعد. لم أكن أفكر فى شئ من هذا فى ذلك الوقت، لقد إتضحت كل تلك الأمور فيما بعد، كنت أعيش الحياة ببساطة مقتبل العمر، وأذكر أننى فى تلك السنة قد قمت وأنا وأصدقائى بآخر رحلاتنا إلى شاطئ العجمى، وقضينا وقتا طويلاً بين أشجاره وشواطئه الجميلة قبل أن نفارقه ويفارقنا إلى الأبد.
إنقضى الصيف تقريباً ولم يعد يفصلنا، أنا وأصدقائى، عن حلم دخول الجامعة سوى أيام معدودة ، ولكن فجأة وبالتحديد بعد ظهر يوم 6 اكتوبر تغير كل شئ حولنا، وأخذت الإذاعات تدوى بالأناشيد الوطنية والأغانى الحماسية، ولم يطل ترقبنا طويلا، فسرعان ما أذاع الراديو البيان العسكرى الأول ، معلناً نبأ عبور قواتنا المسلحة لقناة السويس، وبداية حرب تحرير سيناء. عمت الفرحة قلوبنا جميعاً، وأخذنا نهتف فى فرح هستيرى، غير مصدقين للنبأ ، لكن البيانات توالت معلنة إنتصار يتلوه إنتصار، وبدأت الجرائد والتليفزيون الحكومى تنشر صور خط بارليف ، الذى إقتحمته القوات المصرية ، وصور الأسرى الإسرائيليين تتقدمهم صور العقيد عساف ياجورى، قائد أحد ألوية الدبابات ، والذى أسرته القوات المصرية فى بداية إقتحامها للشاطئ الشرقى للقناة . أيام لايمكن أن تنسى. نسى كل منا أحلامه الصغيرة ، وتذكر فقط حلم الوطن الكبير، فى الحرية والتحرير، ولكن وفى خلال أيام قليلة، تغير ذلك المشهد السعيد بشكل مفاجئ، وبدأت المعلومات العسكرية الواردة من جبهة القتال فى التناقص، وبدأ صمت ثقيل يخيم على الوطن كله، فقد كانت القوات الإسرائيلية قد بدأت هجومها المضاد فى الخامس عشر من نفس الشهرأكتوبر. بدأ الشارع يلح فى طلب المعلومات، ولكن يبدو أن حالة الإرتباك التى سادت الجبهة، قد أخرت وجود أى معلومات. كانت القوات الإسرائيلية وبعد أن صدت إندفاع القوات السورية فى الجولان، قد ركزت على الجبهة المصرية، وتمكنت، بمساعدة أمريكية على الأرجح، من تحديد المنطقة الفاصلة بين الجيشين الثانى والثالث عند منطقة الدفرسوار، وبدأت إختراقها الشرس للجيوش المصرية بقيادة الجنرال آريل شارون من عند تلك النقطة، ونجحت فى عبور القناة، وأخذت فى تدمير وسائل الدفاع الجوى، والتقدم بإتجاه مدينتى السويس والإسماعيلية ، لمحاصرة الجيشين الثانى والثالث فى سيناء، حيث نجحت بالفعل فى حصار مدينة السويس، وحصار الجيش الثالث معها ، بينما صدتها القوات الخاصة عن مدينة الإسماعيلية، وأفلت الجيش الثانى من الحصارجزئياً . كانت وسائل الإعلام العالمية قد بدأت تتحدث عن الكارثة على الجبهة المصرية، لكن وسائل الإعلام المصرية ظلت تطمئننا بأن كل شئ كان تحت السيطرة، لكنا كنا قد بدأنا نفقد أعصابنا، فقد كان الواقع يقول بعكس ذلك. كان الخلاف قد دب فى مركز القيادة بين الرئيس السادات، وبين قائد الأركان الفريق سعد الدين الشاذلى. كان الفريق الشاذلى يرى سرعة إسترجاع إحدى الفرق المدرعة التى عبرت القناة بأمر السادات، والذى كان قد أمر بتطوير الهجوم فى سيناء خارج مظلة الدفاع الجوى، ضد رغبة القادة العسكريين، وذلك للدفاع عن غرب القناة ومنع إنتشار القوات الإسرائيلية المهاجمة ، بينما كان الرئيس السادات يرى أن ذلك قد يؤدى إلى إنهيار الروح المعنوية على الجبهة. كان الفريق الشاذلى يعالج الموقف كعسكرى، بينما كان الرئيس السادات يعالجه معالجة سياسية. كان الرئيس السادات قد ألقى بكل أوراقه فى يد الأمريكيين، وتصور أنهم لن يخذلونه، وكان محقاً فى تصوره، فسرعان ماتدخلوا لرفع الحصار الإسرائيلى عن الجيوش المصرية، ثم دفعوا بمفاوضات فك الإشتباك بين الجيوش، وهى المفاوضات التى أدت ، أيضاً ، إلى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية فى كامب ديفيد بعد ذلك بسنوات قليلة. وكذلك كان الفريق سعد الدين الشاذلى على حق فى إدارته للمعركة العسكرية، وكان من شأن إقتراحه بتحريك الفرقة المدرعة، وإعادة الإنتشار السريع للقوات، أن يجهض عملية الهجوم المضاد الإسرائيلى، ويزيد من قدرة مصر التفاوضية فى اللحظة المناسبة، لكن يد السادات كانت هى الأقوى، وتم عزل الشاذلى عن منصبه، وتولية رئيس العمليات الفريق عبدالغنى الجمصى مكانه، وهو الذى تولى المفاوضات حول فك الإشتباك مع القوات الإسرائيلية . كان كلا الرجلين من عالم مختلف، كان الفريق الشاذلى بطلاً من زمن الناصرية والحرب الباردة، وكان لايلين فى عدائه للولايات المتحدة وإسرائيل، أما السادات فكان طرازاً آخر من الرجال، كان يكره الإتحاد السوفيتى، ويحتقر التجربة الناصرية، ولايؤمن إلا بنفسه، وعندما إنتصرت وجهة نظره فى رهانه على الأمريكيين، وحقق السلام وإسترد الأرض، طغى النصر السياسى على الكارثة العسكرية التى إنتهت بها الحرب، وإستقرت حرب أكتوبر فى ضمائرنا كإنتصار، وليس كهزيمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-