الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مالي : تختتم قمة حكومات أفريقيا – فرنسا وتستعد لاستقبال المنتدى العالمي للشعوب

خالد الفيشاوي

2005 / 12 / 27
العولمة وتطورات العالم المعاصر


استضافت العاصمة المالية " باماكو" ، قمة أفريقيا – فرنسا الثالثة والعشرين ، يومي السبت والأحد ( 3 و4 ديسمبر ) بمشاركة العديد من رؤساء حكومات ووفود البلدان الأفريقية . والرئيس الفرنسي " جاك شيراك " الذي غادر فرنسا للمرة الأولى منذ وعكته الصحية في بداية سبتمبر الماضي ، وهو الأمر الذي يعكس مدى الإهتمام الفرنسي بالقمة .

كان الهم الفرنسي ، القضية الأساسية ،وتكاد تكون الوحيدة المطروحة على القمة ، قضية تطلعات الشباب الأفريقي . بعد الأحداث الدامية التي شهدتها فرنسا الشهر الماضي ، على يد المهاجرين الأفارقة ، الذين تبددت آمالهم في فرنسا ، بعد أن تحطمت في بلدانهم الأصلية . . .

وأصبح الهم الأساسي لكل القمم المشتركة بين الشمال والجنوب وكيفية وقف موجات الهجرة إلى الشمال ، وإلقاء اللوم على حكومات الجنوب ، لعجزها عن تحقيق تطلعات شعوبها ، وخاصة الشباب منهم ( فالمهاجرين عادة من الشباب ) ، بسبب فسادها واستبدادها ، و إهدارها لإمكانيات التنمية ، وإعاقتها أية مساعي للإصلاح الاقتصادي والسياسي .

ينطبق ذلك ، ليس فقط على قمة فرنسا – أفريقيا ، ولكن أيضا على العلاقات الأوروبية والأمريكية بالجنوب ، حيث دعا الرئيس الأمريكي بوش ، هذا الأسبوع إلى خطة أمريكية لصد موجات الهجرة غير المشروعة التي ترهق – على حد زعمه – الاقتصاد الأمريكي ، وتصدر الجريمة للمجتمع .

وينطبق أيضا على الاتحاد الأوروبي ، الذي أقر مؤخرا برنامج الحماية الإقليمي ضد المهاجرين واللاجئين ، والذي يطرحه رئيس الوزراء البريطاني بإلحاح منذ عامين .

ويستهدف البرنامج إقامة معسكرات احتجاز في بعض بلدان شمال أفريقيا وشرق أوروبا ، خارج نطاق الاتحاد الأوروبي ، لاحتجاز الراغبين في الهجرة أو اللجوء للاتحاد الأوروبي ، وفحص حالاتهم ، والسماح فقط لمن ترغب أوروبا في قبولهم كمهاجرين أو لاجئين طبقا لاحتياجات سوق العمل الأوروبي ، وإعادة غالبيتهم الساحقة لبلدانهم الأصلية . . .

من المفارقات ، أن يسود هذا النهج الأمريكي والأوروبي تجاه العمالة المهاجرة ، في الوقت الذي يتشددان فيه لإجبار بلدان الجنوب على فتح أسواقها أمام حركة انتقال الأموال والسلع وحرية التمكن من امتلاك مصادر الثروة في الجنوب .وهو ما يمكن أن يطلق عليه عولمة رأس المال ، بدون العمل .

من أجل هذا الهدف اجتمع " شيراك " مع قادة وممثلي الحكومات الأفريقية في " باماكو " .

من الحشد الرسمي إلى الحشود الشعبية

من المفارقات الأخرى ، أن " باماكو" التي استضافت القمة الفرنسية – الأفريقية ، تستضيف في الشهر القادم ، اجتماعات المنتدى الاجتماعي العالمي ، المعروف بمنتدى " بورتو إليجري " الذي عقد لأول مرة عام 2001 ، ويعقد سنويا في يناير ، بمشاركة الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني تحت شعار " من أجل عالم مغاير " .. أو " بناء عالم مختلف أمر ممكن " .. وبلغ عدد المشاركين فيه في بورتو اليجري 2004 أكثر من 100 ألف .

و بدى منذ نشأته تظاهرة حاشدة لشعوب العالم المناهضة للعولمة والاحتكارات الهيمنة الأمريكية – الأوروبية على العالم . . .

هذا العام ، ولأول مرة ، يتجزأ اجتماع المنتدى ، ليعقد ثلاثة اجتماعات في قارات الجنوب الثلاثة ، في مالي في الفترة من 18 إلى 23 يناير ، وفنزويلا ( كاراكاس ) وباكستان ( كراتشي ) اعتبارا من 23 ولمدة أسبوع .

منذ بدايته عام 2001 وحتى 2004 كان المنتدى يعقد اجتماعه في " بورتو إليجري " في البرازيل ، إلا عام 2003 فقط عقد في "بومباي " بالهند ، وفي الأثناء تشكلت منتديات قارية وإقليمية ، كالمنتدى الأوروبي ، والأسيوي ، والأفريقي ، ومنتدى البحر المتوسط ، كانت تعقد اجتماعاتها سنويا أيضا .

ولأول مرة يعقد المنتدى العالمي اجتماعا في أفريقيا ، أوسع من اجتماعات المنتدى العالمي الأفريقي ، وذلك بمشاركة منظمات وحركات اجتماعية ومثقفين من مختلف أنحاء العالم . . .

تعقد المنتديات الثلاثة – بوماكو ، كاراكاس ، كراتشي في قارات الجنوب الثلاثة ، تحت شعار " إعادة بناء جبهة جنوب-جنوب، في الذكرى الخمسين لمؤتمر باندونج " . . .

تحت هذا الشعار تعقد " الكرنفالات " الثلاثة ، من أجل وضع أسس جبهة جنوب – جنوب ، وفي الأثناء تناقش كل قضايا الشعوب في الجنوب والشمال ، والهيمنة ، والتنمية ، والإصلاح السياسي ، وحقوق الطفل ، والمرأة ، والشباب ، ومنظمة التجارة العالمية ، والبنك الدولي ، وصندوق النقد ، والخصخصة ، وقضايا الزراعة والفلاحين . .. إلخ .

إذا كان يمكن فهم مبررات عقد اجتماع المنتدى في "كاراكاس " ، بالطبع لمؤازرة " فنزويلا " ورئيسها " شافيز " المستهدف إغتياله أو غزو بلاده من جانب الولايات المتحدة الأمريكية . . .فأن اختيار " مالي " أو " كراتشي " ،يحتاج لبعض الفهم . .

يقول د. سمير أمين – عضو اللجنة الدولية للمنتدى الاجتماعي العالمي ، والمفكر المصري المعروف - " أن اختيار " باماكو" لأنها موقع نموذجي لتعزيز ودعم القوى التقدمية في العالم . . .ولأن مالي تلعب دورا تاريخيا في توحيد شعوب القارة منذ استقلالها. .. "

ولكن ، يبدو أن " مالي " تتطلع لدور إقليمي ودولي اعتمادا على المنتدى الاجتماعي العالمي ، بالضبط ، كما فعل الرئيس البرازيلي "لولا " الذي تمكن من خلال منتدى بورتو اليجري أن يحقق نفوذا إقليميا ودوليا ، ويصبح جسرا للتواصل بين المنتدى الإجتماعي العالمي ، وبين منتدى " دافوس " الاقتصادي الذي يعقد عادة في جنيف ويضم أثرياء العالم وحكامه وشركاته الاحتكارية ، ويضع خطط العولمة والهيمنة والاستغلال والحروب . حيث اعتلى " لولا " منصة المنتدى الاجتماعي العالمي في 2002 والقي خطبة عاصفة ضد الإمبريالية ، طار بعدها مباشرة إلى منصة منتدى " دافوس" ليصبح موضع الترحيب والحفاوة . . .

أما اختيار " كاراتشي " في باكستان ، المتورطة في الحرب الأمريكية لاحتلال افغانستان ، والمحكومة بجنرال مستبد ، فيبدو أن الاجتماع فرضته قوى المعارضة القومية والإسلامية ذات النفوذ في باكستان . . .

على أي حال ، جمعت " باماكو " جاك شيراك وقادة أفريقيا هذا الشهر ، وستجمع قادة الحركات الاجتماعية ومناهضو العولمة والهيمنة الأمريكية في الشهر القادم . وبذلك تطرح نفسها كعاصمة أفريقية ذات دور على المستويين القاري والدولي ، وهو الدور الذي تحرص جنوب أفريقيا على لعبة منذ إنهيار نظام الفصل العنصري . وكانت مصر تحرص عليه في أواخر الخمسينيات و ستينيات القرن الماضي . . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتس: تركيا رفعت العديد من القيود التجارية المفروضة على إسرا


.. واشنطن تفتح جبهة جديدة في حربها التجارية مع الصين عنوانها ا




.. إصابة مراسلنا في غزة حازم البنا وحالته مستقرة


.. فريق أمني مصري يتقصّى ملابسات حادث مقتل رجل أعمال إسرائيلي ف




.. نزوح الأهالي في رفح تحت القصف المستمر