الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب اسرائيل عام 1948 وانحلال الاممية الرابعة -7- يوسي شوارتز ( التيار الشيوعى الأممى )

سعيد العليمى

2016 / 10 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ميلاد التروتسكية الفلسطينية
كان لصعود هتلر الى السلطة عام 1933 تأثيرا عنيفا على الحركة العمالية ، فى المانيا وفى العالم . وترافق اخفاق الاشتراكيين الديموقراطيين فى مكافحته بجدية مع الرفض الستالينى العنيد لاستخدام تكتيكات الجبهة المتحدة للدفاع ضد الخطر الفاشى مما ادى لهزيمة مروعة . وفى اعقاب هذه الهزيمة تحولت الاممية الشيوعية فى ظل القيادة الستالينية من التطرف اليسارى البيروقراطى الى التعاون الطبقى من خلال – الجبهات الشعبية . واستجابة لاخفاق الاممية الشيوعية فى ان تتعلم من الكارثة الالمانية ، اعلن تروتسكى موتها فى 1933 كمنظمة ثورية ودافع عن فكرة بناء اممية جديدة ، اممية رابعة .
بالنسبة للعمال اليهود ، كان تأثير صعود النازية للسلطة على صالح وجودهم المادى ووعيهم السياسي حادا بصفة خاصة . وساعدت الهزيمة الدعاية القومية الصهيونية التى رفضها اغلب اليهود الواعين سياسيا : وقد كانت معاداة السامية وسط غير اليهود حتمية ولاطائل من مواجهتها . وبالنسبة لعدد اقل كثيرا فقد اثمر توقع تروتسكى للكارثة حال اخفق الشيوعيون فى تصحيح طرائقهم اهتماما اعظم بالتروتسكية وبتعاطف معها .
وقد كان لكلا الاتجاهين تأثير داخل فلسطين . فمن ناحية ، وسط الصهاينة المتطرفون اليساريون الذى جعلهم تعاطفهم مع الاتحاد السوفييتى سابقا يميلون الى الستالينية ، بدأ يكون من الشائع بشكل متزايد ان يقرأوا كتابات تروتسكى . وداخل احزاب مثل اليسار " بوألتسيون " ( عمال صهيون ) لم يكن من المستغرب ان تجد شبابا اعلنوا انهم تروتسكيون ومخلصون ، ومع ذلك يناقشون الصهاينة فيما بعد . ومع ذلك ، وعلى مدى هذا الاستقطاب ذو الاتجاه اليسارى ، فإن الهجرة والمستوطنات الصهيونية زادت بشكل درامى خلال 1930 .
من بين الشباب الصهاينة اليساريين الذين كسبتهم التروتسكية ، كان اكثرهم اهمية ييجايل جلوكوشتين . وقد عرف فى مطبوعات الاممية الرابعة الصادرة باللغة الانجليزية باسم " ل . روك " وسوف يعرف فيما بعد فى الحياة باسم تونى كليف ، مؤسس وقائد حزب العمال الاشتراكى البريطانى . وقد شارك كليف نفسه فى شوجيم ماركسيستم ( الحلقات الماركسية ) وهى منظمة شباب قادها زيف ابراهاموفيتش واسحاق اسحاقى ، المرتبطة بواليتسيون سمول ( عمال صهيون ) وكتاباته فى هذه الفترة تعكس هذه الحقيقة . حينما اخذ الحزب الشيوعى مسارا يساريا متطرفا بعد 1929 واصلت العصبة الشيوعية الثورية سياساتها التى تعكس الضغط الصهيونى على المنظمة ، وكان طريقهم للعمال العرب مسدودا . ان سياسة الحزب الشيوعى الخاصة بالجبهة الشعبية والتى ادت بهم الى التأييد السياسى للقيادة الرجعية لانتفاضة الجماهير الفلسطينية الثورية فى 1936 – 39 كان خيانة مفضوحة للطبقة العاملة .
على اى حال لم تكن العصبة الشيوعية الثورية قادرة على تحدى لينين مع " الامبريالية الاقتصادية " – اصبح واضحا بشكل كامل فى مقالة كتبها قائد العصبة الشيوعية الثورية تونى كليف فى نوفمبر 1938 . فى فصل معنون " النزاع العربى الاسرائيلى " كتب كليف
" ماهى اسباب هذا النزاع ؟ هناك اجابتان تطرحان فى فلسطين . تقول المجموعات الصهيونية ان النزاع هو ببساطة تصادم الاقطاع والرجعية مع القوى التقدمية للراسمالية . ويزعم القوميون العرب ومؤيديهم الستالينيين بأن هذا التصادم بين حركة التحرر العربى والصهيونية
ولكن التفسير الاول خاطئ لأن حقيقة النزاع بين الاقطاع والرأسمالية لايفسر الحركة القومية التحررية فى فلسطين . وهناك مظاهر مماثلة للقومية فى البلدان المتاخمة ( سوريا ومصر) . اضف الى ذلك فهو لايفسر كيف ان عصبة من الافنديات نجحت فى السيطرة على حركة قومية قوامها مئات الالاف . من الواضح ان سبب التناحر بين الجماهير العربية والسكان اليهود لاينشأ من حقيقة ان الاخيرين ينعمون بمستوى اعلى من المعيشة وقد خلقوا حركة عمالية متصلة . ان معارضتهم الرئيسية تنبع من حقيقة انهم يرون فى السكان اليهود حملة الصهيونية ، وهى كنظام سياسي قائمة على الاقصاء القومى ، والعداوة لمطامح الجماهير العربية فى الاستقلال ومقرطة النظام السياسي .
وجهة النظر الثانية ، دعوى القوميين العرب ، هى بالمثل خاطئة . فهى لاتأخذ فى الاعتبار ان هناك نزاعا فعلا بين الاقطاع والتطور الراسمالى ، ثانيا ، انه داخل الحركة القومية هناك بورجوازية عربية تتناقض مع الإقتصاد اليهودى المغلق مما يطور اتجاهات عربية اقصائية ، وثالثا ، ان السكان اليهود ليسوا جزءا من المعسكر الامبريالى
يترتب على ذلك ان التصادم فى النزاع العربى اليهودى هوبين حركتين اقصائيتين ( بين الصهيونية وبين القيادة العربية البورجوازية شبه الاقطاعية من ناحية ، ومن ناحية اخرى نضال الجماهير العربية ضد الصهيونية ) . ان الصراع الدائم من اجل تلطيف هذا النزاع ممكن فقط على اساس النضال ضد الصهيونية ، ضد النزعة القومية العربية الاقصائية والاعمال المعادية لليهود ، ضد الامبريالية ومن اجل مقرطة البلاد واستقلالها السياسي " ( 20 )
وهكذا نرى قائد العصبة الشيوعية الثورية يتبنى منهجا مثاليا ، غير مادى ولادياليكتيكى ، وهو يساوى بين القوميتين الصهيونية والعربية او " الاقصائية القومية " بدون فهم الاختلاف بين امة مضطهدة وامة مستعمرة مستوطنة مضطهدة .
على اية حال ، وكما اوضح لينين فى المؤتمر الثانى للاممية الشيوعية فإن ادراك هذا الاختلاف – وهو غاية فى الاساسية فى عصر الامبريالية – هو شرط مسبق لأن نفهم ونتصرف ماركسيا
اولا ماهى الفكرة المحورية التى تكمن وراء اطروحاتنا ؟ انها التمييز بين الامم المضطهدة والمضطهدة . وبخلاف الاممية الثانية والبورجوازية الديموقراطية ، فإننا نشدد على هذا التمييز " ( 21 )
ونتيجة لاخفاقها ، رأت العصبة الشيوعية الثورية فى انتفاضة 1936 – 39 بصفة اساسية انها مذبحة ضد اليهود وبقيت على هوامش التاريخ . لقد اخفقت فى ان تستوعب الموقف الثورى للاممية الرابعة حيث ايدت انتفاضة 1936-39
ان النضال ضد الحرب ومصدرها الاجتماعى ، الراسمالية ، يفترض مسبقا تأييدا مباشرا ، فعالا واضحا للشعوب المضطهدة المستعمرة فى نضالها وحربها ضد الامبريالية . واى" موقف محايد " يعادل تأييد الامبريالية . مع ذلك فضمن الانصار المعروفون لمؤتمر مكتب لندن وجد من يروجون لترك المحاربين الاشداء الحبشيون ضد الغزو الايطالى الفاشى فى مركز حرج على ارضية " الحياد " ، والصهاينة من العمال المنتمين الى " اليسار " الذين كانوا حتى فى هذه اللحظة يعتمدون على الامبريالية البريطانية فى حملتها الوحشية ضد نضال الفلاحين العرب الشرعى حتى وان كان مشوشا " ( 22 )
ولكن حين تحللت الاممية الرابعة بعد الحرب العالمية الثانية بوصفها اممية ماركسية ثورية ، عنى هذا النهاية السياسية للعصبة الشيوعية الثورية . واذا لم تكن الاممية الرابعة قد تحللت ، لكان من الممكن للعصبة الشيوعية الثورية او لبعض منها ان يبقى من اجل ثورة الطبقة العاملة . مهما يكن من شئ فلم يكن هذا هو واقع الحال . فى 1948 رفضت الاممية الرابعة ، وذلك من ضمن اخطاء سياسية اخرى ان تقدم دعما عسكريا للجيوش العربية فى حرب 1948 . فى 1952 عبرت الاممية الرابعة الخط الاحمر حينما أيد القسم البوليفى الجبهة الشعبية وبلا اية معارضة تقريبا
مامن شك فى ان كليف ورفاقه حاولوا ان ينفصلوا عن الصهيونية ، لكنهم لم يستطيعوا ان يحدثوا القطيعة . واجهت المجموعة القمع من قبل الحكومة العسكرية البريطانية ، والنبذ الاجتماعى والاعتداء البدنى من قبل الصهاينة ، وعدم الثقة المفهوم من قبل العمال العرب ، وكانت النواة الاساسية للمجموعة الصغيرة اليهودية بكاملها من التروتسكيين الفلسطينيين قد نمت بشكل متواضع عبر السنين واصبح لها صوت مسموع لدى العمال العرب والمثقفين . وقد تركت ورائها وثائق تعكس جهود منظمة ماركسية شابة بلا خبرة تبذل جهدا فى ان تفهم وضعا سياسيا ، صعبا وغير مسبوق تقريبا . مع ذلك فان بعض اخطائهم سوف يجرى التقاطها وتضخيمها فيما بعد من المرتدين والمدعين مع نسبتها للتروتسكية . وهذا مايجعل النقد ضرورة . يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن