الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في الجزائر المستقلة لا يزال هناك عبيد

مزوار محمد سعيد

2016 / 10 / 8
حقوق الانسان


تعطي التقارير التاريخية للأرض الجزائرية بعدا خطيرا للعبودية، وبغض النظر عن الدعاية التي يزخر ويزهوا بها الإعلام الناطق باللسان العربي الجزائري حول فضائع الإحتلال الفرنسي للجزائر، فإنّ هناك الكثير من اللوازم التاريخية التي تحيط بالموضوع من كافة الجوانب، فقصة ماكسيموس وما حصل له في ظل العبودية القيصرية صارت مجرّد لعب "عيال" أمام ما حدث على هذه الأرض، حتى تحت مظلة الدين الذي لا يفرّق بين بني البشر "إلاّ بالتقوى".

1. الجزائر الرومانية:
في الفترة الرومانية التي سادت هذه الأرض، فمن المعلوم أنّ السكان الأصليين للجزائر كانوا عبيدا لدى روما، وقد سخّرت روما ذاتها هذه الكتلة الهائلة من العبيد لبناء أصرح واضحة المعالم في بعض المدن الجزائرية، وهي بالذات وقفة أمام استغلال الإنسان للإنسان، مع ما تحدّث عنه تشومسكي حديثا مقتبسا المصطلح من الباحث الانغليزي "أوريال" فقد كان الرومانيون "الكاثوليك" أسيادا، والجزائريون "أصحاب الأرض" عبيدا على أرضهم.

2. الفترة العثمانية "التركية" المسلمة:
في الوقت المعاصر، هناك الكثير من المتأسلمين الإسلاميين الجزائريين، من يحاولون تصوير الفترة المسلمة للجزائر وكأنها روض من رياض النعيم، في حين أنها كانت من أفضع الفترات وأبلغها تعبيرا عن عبودية البشر في التاريخ الجزائري، حيث تظهر التقارير التاريخية، تلك التي لخصها تسجيل مصوّر لقناة "إيستوار-التاريخ" الفرنسية، وبالشهادات المادية والوثائق والروايات التاريخية والشواهد من المعالم الأثرية، بأن الجزائر وقسنطينة بالخصوص كانت معقلا لأسواق النخاسة والعبيد، وكيف كانت النساء الأوربيات تبعن في أسواق الجزائر عاريات الصدور، فكان المتسوّقون يميّزون أفضلهن وأصلحهنّ لخدمة الغريزة الحيوانية للمسلم بقياس الفخذين، وإماطة اللثام عن الجسم الأنثوي حتى يتسنى للمسلم إختيار امرأة "الجارية" المناسبة على الأرض الجزائرية.
هذه الحقائق ليست فخرا للجزائري الواعي، لأنّ السكان الأصليين للجزائر كانوا مهمشين من طرف الدايات والبايات على حد السواء، وقد ازدهرت تجارة الرقيق الأبيض في شمال أفريقية، فكان سوق القصبة بالجزائر العاصمة من أكبر الأسواق في الناحية المغاربية، وقد ازدهرت في هذه الحقبة العقلية البراتية الخاصة بالقراصنة العثمانيين، الذين وجدوا على الأرض الجزائرية راحتهم وكوّنوا مماليك تشبه إلى حدّ كبير مماليك الطوائف بالأندلس، قائمة على تقاسم الغنائم عبر السلب والنهب، والخطف والترهيب، وهذا كلّه تحت راية الإسلام والقرآن.
ما يثير السخرية في النفس، هي حادثة إقدام زوجة باي قسنطينة على الانفراد بأحد العبيد في قصرها، وكان الفتى شابا من بلاد الدانمارك آنذاك، خطفه القراصنة المسلمون من بلاده، ثم باعوه إلى تاجر جزائري يعمل على البزنسة البشرية، لينتهي في آخر المطاف عضوا من مجموعة عبيد باي قسنطينة، تقدمت إليه "سلطانة قسنطينة" وسألته: "هل تؤمن بوجود الله"، أجابها الفتى الدانماركي: "نعم"؛ بعدها كشفت له عن جسمها العاري حتى ينال منها وتنال منه بشكل غريزي خالص، وبعد استمتاع كل طرف بالآخر، انصرفت من حجرته طالبة منه عدم الحديث عما دار بينهما، وهذه القصة موجودة الآن على كتاب تضمن قصة هذا الفتى الدانماركي في الأرشف الوطني بكوبنهاغن، حيث كان هذا الكتاب بمثابة سيرة ذاتية كتبها الفتى بنفسه بعد إطلاق سراحه من طرف باي قسنطينة قبيل موته بقليل.
تحت راية الإسلام وسماحته نشر الأتراك-العثمانيين الرعب بأساليبهم القذرة في محيط البحر المتوسط، خطفوا قرى بأكملها من سواحل البحر المتوسط وحتى من سواحل إنجليترا والسويد والدانمارك من رجال ونساء وأطفال ثم باعوهم في أسواق الجزائر العاصمة، ثم بعد هذه الحوادث المؤسفة بقرون، في الجزائر المستقلة، نجد من يحنّ لعهد الأتراك القراصنة على الأرض الجزائرية!

3. الفترة الفرنسية كردّ فعل على السيادة العثمانية:
بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، سقطت منطقة الجزائر في يد الإحتلال الفرنسي، وبما أنّ الفرنسيين قد عانوا من همجية الجزائريين العثمانيين المسلمين ومن غزواتهم على الساحل الجنوبي لفرنسا في وقت مضى، وكلّ هذا باسم الدين الإسلامي، فإنهم لم يترددوا في الانتقام، لكن من السكان الأصليين للجزائر ومن الدين الاسلامي فقط على الأرض الجزائرية.
ما ارتكبه الفرنسيون في الجزائر على مدى قرن وأكثر من ثلاثين سنة ليس هيّنا أمام ما ارتكبه العثمانيين الأتراك، ومع ذلك فإنّهم قتلوا الرجال واستعبدوا بعضهم، ونكّلوا بالنساء ودهسوا الأطفال، وشارك معظمهم في هذه الإبادة بشكل إثني خطير للمنطقة الجزائرية، وحالهم تقول: العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم.

4. عبودية الإستقلال هي عبودية أذهان:
بعد ثورة الجزائريين على فرنسا بمساعدة الاتحاد السوفييتي في خمسينات وستينات القرن العشرين، توجت باستقلال الجزائر عن فرنسا، وقع الفرد الجزائري بين الحنين للإسلام كدين، والدولة العثمانية كأمجاد، وما بين الارتباط بفرنسا ومدنيتها وتمثيلها للأسلوب الغربي الحداثي على الأرض الجزائرية، وما بين التزامه بالأصل الأمازيغي الذي ظلمه التاريخ طويلا من اللاتينية إلى العربية إلى التركية إلى الفرنسية، وهذا كلّه كوّن شخصية مضطربة ومتناقضة في أكثر من طرف، عبّرت عن ارتباك في التكوين الهرمي والأفقي للذات الجزائرية معبّرة عن حيرة الفرد الجزائري أمام تاريخ ملوّث بالشعارات الدينية والعبودية الزخرفية.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين