الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطفيلي في خدمة الإرهاب

عبدالخالق حسين

2016 / 10 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


استلمت من خلال بريدي الإكتروني، فيديو لرجل الدين اللبناني، الشيعي، المعمم، الشيخ صبحي الطفيلي، يتهجم فيه على النظام العراقي الراهن ويصفه بأنه "أفسد نظام وأحقر نظام وأشنع نظام" في التاريخ. كما ويثير الشيخ اكذوبة مفادها ان الحكم في العراق بيد الشيعة، وهذا ما يروج له الإعلام السعودي والخليجي بصورة عامة، وأتباع السعودية المحليين في العراق، والإدعاء ان جمهور الشيعة قد وصلوا الى قناعة بان الشيعة فشلوا في الحكم، وان السنة هم اهل الخبرة السياسية. وكل هذا لتمهيد عودة التفرد السني بالحكم كما كان قبل 2003. وللأسف، فقد انطلت هذه الأكذوبة الخبيثة على الكثيرين الذين باتوا يرددونها باستمرار. وكما عودنا الإعلام المعادي لعراق ما بعد صدام، فالشيخ لم ينس الكليشة التي يكررونها كلما ذكروا الحكومة العراقية حيث يضيفون بعدها العبارة :(التي يهيمن عليها الشيعة والموالية لإيران)، مركزاً في تسقيطه على قادة الشيعة فقط في الفساد، وكأن غيرهم منزهين من كل فساد وإرهاب.

استغربت في أول الأمر من هكذا هجوم عنيف على الحكومة العراقية من رجل دين لبناني شيعي، وفي هذا الوقت الحرج بالذات حيث تتهيأ القوات العراقية المشتركة الباسلة لتحرير الموصل من أبشع احتلال، وأشرس عدو متوحش، لا يقيم للإنسان أية قيمة.

كما وأعترف مسبقاً، أن معلوماتي عن هذا الشيخ كانت قليلة، لذلك استفسرت من "العم" غوغل، حفظه الله وأبقاه للباحثين ذخراً، فاستفسرت: (مَنْ هو الشيخ صبحي الطفيلي؟)، فجاءني الجواب التالي:
"صبحي الطفيلي (1948 - ) هو عالم دين شيعي من بلدة بريتال اللبنانية، وأول أمين عام لحزب الله اللبناني. انتقد الطفيلي تدخل حزب الله في الحرب الأهلية السورية محذرًا من أن زج إيران للحزب في المعركة بسوريا سيفتح الباب أمام حرب بين السنة والشيعة، ومن شأنه أن يقضي على المقاومة ضد إسرائيل"(1). وفي تقرير في أرشيف الجزيرة نت، "أنه فصل من حزب الله عام 1991، لإعلانه العصيان المدني على الدولة اللبنانية ...الخ"(3). وهناك روابط فيديوهات عديدة له، اخترت منها رابط واحد يظهر فيه الشيخ الطفيلي قائلاً: (قتلى المعارضة السورية شهداء، وقتلى حزب الله في جهنم)(2). يعني قتلى الدواعش وجبهة النصرة وغيرهم من الإرهابيين شهداء، وقتلى من يحارب الإرهاب يذهب إلى جهنم. وعندئذ لم استغرب من شتائمه على الحكومة العراقية التي تقاتل (داعش) بباسلة، ولم أكن مبالغاً إذا استخدمت عبارة (الطفيلي في خدمة الإرهاب) عنواناً لهذا المقال. فهو مستميت في الدفاع عن الإرهابيين في سوريا والعراق، ويفتي أن قتلى من يحاربونهم ليسوا شهداء بل يذهبون إلى جهنم.

يظهر الشيخ في الفيديو بوقار مصطنع، وألم مفتعل على ما آل إليه العراق، فيقول أنه شاهد جلسة من جلسات مجلس النواب العراقي، لمساءلة وزير الدفاع، وأنه "بدأ الحديث بطريقة لا يحبها أي إنسان ولأي إنسان"، حيث يتهم وزير الدفاع خالد العبيدي، رئيس البرلمان سليم الجبوري بالرشوة والفساد...الخ. ثم ينهال على الحكومة العراقية "المحسوبة على الشيعة" على حد قوله بأنها: "أفسد نظام، وأحقر نظام وأشنع نظام) في التاريخ، ويلقي اللوم على السياسيين الشيعة المشاركين في السلطة وبالأخص المعممين منهم وأنهم أساؤوا لسمعة الشيعة وأهل البيت!!. طبعاً هذا الكلام يعتبر موسيقى عذبة في آذان فلول البعث وأيتام صدام، والحكومات المعادية للعراق الجديد وخاصة السعودية، علماً بأن الشيخ يعلق على الجلسة البرلمانية التي تبادل فيها وزير الدفاع ورئيس البرلمان الاتهامات بالرشوة والفساد، وهما ليسا شيعيين ولا معممين، لذلك يجعلنا نعتقد أن الرجل مدفوع من جهات مشبوهة ليستغل هذه المناسبة ليشن هجومه على النظام العراقي ويحرق الأخضر بسعر اليابس.
والسؤال الذي نود طرحه على الشيخ هو: هل حقاً الحكومة العراقية هي حكومة شيعية، فقط لأن رئيس مجلس الوزراء هو شيعي؟ وهل رئيس الوزراء هو كل شيء في الحكم الديمقراطي، الذي لا يستطيع تعيين أي مسؤول في الدولة إلا عن طريق البرلمان؟ وماذا عن بقية الشركاء من ممثلي مكونات الشعب العراقي، هل هم أبرياء من أي فساد ومحصنين من أية محاسبة؟

لا شك أن الشيخ الطفيلي ذكر بعض الحقائق المؤلمة التي يمر بها العراق، من فساد بعض المسؤولين ..الخ، ولكن هذه الحقائق ذكرها ليتعكز عليها من أجل تمرير الأغراض السيئة وهي تسقيط السياسيين الشيعة فقط، وتشويه صورتهم دون غيرهم، وهي من باب (قول حق يراد به باطل).

هل أدرك الشيخ أن ما حل بالعراق من فساد وإرهاب وفوضى الآن هو نتاج مباشر لدكتاتورية المكون الواحد؟ وهذه حقيقة تذكرها كل كتب التاريخ والبحوث الأكاديمية الأجنبية، أن سقوط أي نظام دكتاتوري لا بد وأن تتبعه فوضى عارمة. وهذا ما حصل في الصومال بعد سقوط حكم محمد سياد بري، وفي ليبيا بعد سقوط معمر القذافي، وفي اليمن بعد علي عبدالله صالح... وغيره كثير. ونشير هنا إلى البحث القيم بعنوان: (فوضى مقابل الاستقرار: الاستبداد والفوضى يد بيد)(4). ولا ننسى تكالب بعض الدول الإقليمية على العراق الجديد مثل السعودية وقطر وتركيا لأغراض سياسية واقتصادية وطائفية. (راجع مقالنا الموسوم: اسباب عداء السعودية للعراق)(5)

يستغرب الشيخ من مشاهدة هذا النوع من المناظرات أو (الحديث) على حد قوله في البرلمان العراقي، والسبب هو أن في العراق ديمقراطية حقيقية، الكل يتمتعون بمطلق الحرية لانتقاد أي مسؤول، كبيراً كان أم صغيراً، دون أن يقطع رأسه بتهمة الكفر أو التجاوز على الذات الهية كما يحصل في السعودية وغيرها من البلاد العربية. أما نحن، كعراقيين فنفتخر بهذه الحرية التي يتمتع بها شعبنا في التعبير عن آرائه وانتقاد أي مسؤول كان. وما يجري في العراق من مناظرات حادة، وعلنية، وتعددية المنابر الفكرية، والقوى السياسية، دليل على حيوية الديمقراطية التي نعتز بها، وهي عبارة عن تمارين يتمرن عليها شعبنا لتعلم قواعد الديمقراطية، وقد خرج الجني من القمقم ولا يمكن إعادته إليه.

إن قصد الشيخ من هذه الشتائم على الحكومة العراقية "المحسوبة على الشيعة"، ليس النقد البناء وتألمه على الشعب العراقي، كما يتظاهر، بل هو خدمة لأغراض أولئك الذين دفعوه ليردد ما يردده إعلامهم. لقد ذكرنا مراراً، أن السعودية وغيرها من الحكومات الخليجية لجأت إلى تأجير العديد من الكتاب الشيعة وحتى رجال دين شيعة، ليركزوا ويكثفوا هجومهم على ممثلي الشيعة في العملية السياسية، دون غيرهم في العراق، ويحملونهم تبعات كل ما حصل من إرهاب وفساد..الخ. وبذلك يعطون الذريعة لتجنيد المنظمات الإرهابية بالشباب بعد أن يعرضونهم لغسيل الدماغ.

إن حملة الشيخ ضد الحكومة العراقية المنتخبة لها مردود معكوس عليه، فقد فضح نفسه، فالعملية السياسية تسير قدماً إلى الأمام، وهاهي المنظمات الإرهابية في هزائم مستمرة، أما الحكومات الراعية للإرهاب مثل السعودية وقطر وتركيا فهي الأخرى في ورطة تجر أذيال الخيبة والفشل. فالديمقراطية العراقية محكوم لها بالنجاح ومهما روّج المروِّجون، ففي نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح.
[email protected]
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/
ـــــــــ
روابط ذو صلة
1- من هو صبحي الطفيلي؟
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B5%D8%A8%D8%AD%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%8A

2- الشيخ صبحي الطفيلي: قتلى المعارضة السورية شهداء وقتلى حزب الله في جهنم https://www.youtube.com/watch?v=xr7EMEDBQOU

3- صبحي الطفيلي، أرشيف الجزيرة نت
http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/0609c41a-8483-470e-ab3c-d5d2f8d48614

4- Mathieu von Rohr: Anarchy vs Stability: Dictatorships and Chaos Go Hand in Hand
http://www.spiegel.de/international/world/stable-dictatorships-are-not-the-lesser-evil-a-996278.html
5- عبدالخالق حسين: اسباب عداء السعودية للعراق
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/?news=521








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هم من يساعدون
علي عدنان ( 2016 / 10 / 8 - 17:24 )
معك ولا انكر مايريده حكام الشر في السعودية لوطننا وشعبنا اعتمادا على وصية مقبورهم الاول ابن سعود
والتحالف البعثي -الوهابي السلفي هو نتاج مايحاك لارجاع العراق الى الحكم الطائفي البعثي المقيت
ولكن ياصديقي العزيز لنفكر قليلا ونتسائل من يساعد شرذمة الوهابيين -البعثيين في ايجاد هكذا تصورات عن الشيعة وحكام العراق بعد 2003 ؟؟؟؟
قطعا ليس الشعب المنهوب والمنكوب بضياع بناه الحتية ومستقبل اجياله وضياع امواله في جيوب حكامه الفاسدين!!!! وليس المدنيين الدمقراطيين ومثقفي الشعب المنهكين والمحاربين من قبل احزاب السلطة الفاسدة والناهبة للمال العام
هم صديقي العزيز من ساهم ويساهم وساعد ويساعد في انطلاق تصورات كهذه
انت تعرف صديقي من هم اللذين نهبوا اموال اليتامى والفقراء والارامل والموعزين واضاعوا الزراعة والصناعة بل باعوا شباب الوطن وارضه للمجرمين الوهابيين
ارجو منك ان لاتهادن من هم السبب في ماساة وطن مستمرة لغاية الان والمصيبة اهم مستمرين في غيهم ولايعترفون باخطائهم الكارثية
اكتب عنهم وعريهم صديقي العزيز فما بقى في العمر وقت للسكوت عن المغامرين وشذاذ الافاق اللذين يحكمون باسم الاسلام والتشيع


2 - لو كل طفيلي عوى !!!
يحيى طالب ( 2016 / 10 / 8 - 23:55 )
الطفيليين كثيرين مادام الفلوس موجودة وكلما تزداد الفلوس تزداد المواد المباعة بها -- مثلا - -حذائك بعشرة دنانير تبيع ؟ نعم ابيع - ساعتك بخمسين دينارا - تبيع ؟ نعم ابيع ! شرفك وذمتك بمئة الف دينار تبيع ؟ نعم ابيع !!! وكما قال المتنبي -- ناس ناقصة باعت شرفها كدام الفلوس -- وصارت تفتخر لو واحد كلها كواد وديوس ! -- شكرا لدكتورنا الرائع وشكرا لموقع الحوار


3 - من دمر العراق ؟
احمد حسن البغدادي . ( 2016 / 10 / 9 - 01:40 )
ان من دمر العراق وجميع الجمهوريات العربية، هي الحركات الاسلامية السنية المدعومة من السعودية والدول الخليجية،

إبتداءً من الصومال، بعد ان كانت الصومال اكبر منتجع سياحي في افريقيا في سبعينيات القرن الماضي، واكبر دولة مصدرة للموز والمنتجات الزراعية، أصبحت دولة مصدرة للارهاب، بسبب انتشار الاسلام السني الوهابي باموال دول الخليج،

كذلك ليبيا، العراق، اليمن، ونتمنى ان لاتسقط حكومة الأسد في سوريا، الذي تنبه لخطر المد الاسلامي، بعد ان وقع الفاس بالراس، كما يقول المثل، وأعرب عند ندمه، بسبب سياسة بناء الجوامع والمدارس الاسلامية، التي تخرج منها جميع الإرهابيين .

ان معركتنا يا أستاذ عبد الخالق، هي بالأساس مع الاٍرهاب الاسلامي، مع العقيدة الاسلامية ذاتها، عقيدة عنصرية دموية اخطر من النازية، ،ستستمر لسنوات ،
لكننا بدانا نرى النور في نهاية النفق، وهذا هو المرشح الجمهوري ترامب، اول رئيس أمريكي يضع النقاط على الحرف، ويقول ان الاسلام هو مصدر الشر لامريكا، ويجب عزل المسلمين في معسكرات اعتقال، ومنع دخول المسلمين لامريكا.

حتى وان لم يفز ترامب، لكن كلماته أصبحت منارات للسياسات العالمية القادمة.

تحياتي..

اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا