الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب الاهلية الاسبانية/موت ثورة!.(7)

ماجد الشمري

2016 / 10 / 8
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يخصص المؤرخ" توماس" جزءا كبيراً من كتابه ( الحرب الاهلية الاسبانية ) لوصف مفصل للمعارك الحربية و التقدم و التراجع و أحتلال و تبادل المواقع بين الاطراف المتحاربة . و يلاحظ انه ، و منذ البداية و طوال شهر أب حتى مطلع ايلول عام 1936 كانت الهزائم تتوالى و تحيق بالقوات الجمهورية في جميع الجبهات : كان" ياغو" في " تالاميرا" و " بيورلفوي" في " أرين" والتهديد الفعلي لسان سباستيان، وفشل حملة " ياغورا" و استمرار " سراغوسا" و " هيوسكا" و " أدفيرو" و " الكازار" في " توليدو" تحت سيطرة المتمردين الفاشيست، و سقوط معظم الاندلس ، وكذلك " استرمادورا" . و كان العامل الرئيسي لذلك المد وقضم المدن المتفوق لليمين هو : كفاءة و خبرة و احترافية جيش افريقيا الذي كان يقاتل رجال الميليشيا المهيئون لحرب الشوارع لا مجابهة جيش نظامي و مدجج بأسلحة ثقيلة ، حيث كانوا يفتقرون للتجربة و المراس بحرب بهذا الاتساع و الشمول . و قد ادت تلك الهزائم المريرة و المتلاحقة ، و فشل " غيرال" في الحصول على السلاح من فرنسا و بريطانيا الى
المطالبة بتغيير القيادتين العسكرية ، و السياسية فشكل " كاباليرو" وزارته الجديدة بأشراك الشيوعيين في الحكومة- حكومة النصر!- في الرابع من ايلول 1936 . في هذا الاثناء اصبح هدف و شعار الوطنيين - مصطلح الوطنيين المستخدم ، هو يعني : اليمين القومي الفاشي بالضبط !- هو : التحرير و ليس مجرد المحافظة على الامن فقط -اي تحرير اسبانيا من الحكم الجمهوري!. فرُفع العلم الملكي في الخامس عشر من أب ، و في اول تشرين الاول اصبح فرنكو رئيساً للدولة المقبلة ، والتي كانت في طور المخاض والتشكل. مع بدء التحضير للهجوم على العاصمة كانت السفن السوفيتية تقلع من اوروبا حاملة الاسلحة للجمهورية ، و في هذه المرحلة بدأ تدفق المتطوعيين من مختلف انحاء الجمهورية للقتال الى جانب الجمهوريين - هذا الموقف الاممي الشامل للتطوع في القتال الفعلي الى جانب الجمهورية لم يتكرر لاسابقا ولا لاحقاً مرة أخرى ، فكان فريداً و مبهراً !- حشد الوطنيين الفاشيست اكثر من 20 الف جندي يدعمهم الالمان و الطليان ، في هجومهم الكبير على العاصمة. أبدت مدريد مقاومة باسلة و بطولية لم يشترك فيها الرجال فحسب ، بل شملت النساء والاطفال أيضاً!. و كانت بسالة و أقدام الميليشيا الثورية ، و ليس السلاح وحده هو الذي حال بالاساس دون التخلي عن شبر واحد من العاصمة !. ( كانت الاسلحة السوفيتية قد وصلت و كذلك الطلائع الاولى الاممية) . و بالرغم من القصف الجوي الوحشي للطيران الالماني و الايطالي، و الذي لم يسبق أن تعرضت له مدينة من قبل ! بقيت الجماهير صامدة و متمسكة بشعار الثورة : " لن يمروا" . يلاحظ المؤلف " توماس " : أن قصف مدريد بقنابل الطائرات المدمرة كان بمثابة اختبار و تجربة على الطبيعة لسلاح الجو الالماني ، و تمرين لمدى مايحدثه من اضرار و تدمير ! و ما تسبب به من ذعر و هلع و مأسي بين المدنيين و الاطفال و النساء !. و الواقع أن أمتحان كفاءة و فعالية أسلحة الجو الالمانية الحديثة ، كان احد الاسباب التي دفعت بألمانيا للتدخل و المشاركة في الحرب !، و حسبما جاء على لسان " غورنغ" في ما بعد!. ذلك الدمار والخراب الذي الحقوه بكل جزء و مكان في اسبانيا ، لاسيما في " غورنيكا" تلك المدينة الأمنة التي قام الطيران الحربي الالماني النازي بالاغارة عليها و تدميرها تدميراً كاملاً و أبادة سكانها كلياً بالقنابل والرشاشات عمداً، و ببربرية لامثيل لها - تلك المأساة المروعة التي الهمت بيكاسو ، فخلدها في اروع لوحاته!. نتيجة لفشل الفاشيين الوطنيين في اخضاع و أقتحام مدريد ، أقتنع الجنرالات اليمينيين بأن المعركة ستأخذ مدى زمني طويل و شاق ، لذلك كان الاتجاه اللاحق هو. صوب " الباسك " في الشمال للاستيلاء على خام الحديد و الصناعات التعدينية الاخرى في " بيلباو" . بدأ الهجوم الفاشي في 31 اذار 1937 بأشتراك خمسين الف جندي و مائة و عشرون طائرة ، و اربعون مدفع ، و كالعادة مهد الوطنيون " اليمينيون" لهجومهم بالقصف العشوائي من الطائرات و المدفعية على المدنيين و المنازل . في هذا الوقت كانت الجمهورية تواجه ازمة سياسية ، و هي مطالبة الشيوعيين بأقصاء " كاباليرو" و أشتباكهم المسلح ضد الفوضويين في برشلونة شهر أيار. و جاء " نيغرم" الى رئاسة الوزارة ، و لتعذر تقديم الغوث و المساعدات الجوية ، كانت جبهة " الباسك " تتداعى أمام هجمات الفاشيين ، لاسيما وأن المساعدات و الدعم اللوجستي غزيراً و مستمراً في التدفق على فرنكو وجنرالاته- الفوندر ليجن بقيادة الجنرال سبيرل - و الطيران ادى ذلك الى سقوط " بيلباو" في 18 حزيران1937 ليقضي المحتلون على تطلعات الباسكيين للانفصال و الاستقلال نهائياً . و على هامش معركة " بيلباو" في 18 حزيران لقي الجنرال " مولا" مصرعه في حادث طائرة حامت حوله الشبهات!. شنت القوات الجمهورية هجومين فاشلين في " الهوسكا" و " الاراغون" لتخفيف الضغط و محاولة لدحر الفاشيين كما شنت هجوما ثالثا على " برونيت" حيث منيت بخسائر جسيمة- خمسة و عشرون الف قتيل ، و مائة طائرة - في حين كانت خسائر الفاشيون عشرة الالف و 23 طائرة . في أب 1937شن الفاشيون هجوماً ناجحاً على " سانتاندر" و ذلك بمساعدة الايطاليين و الطائرات الالمانية الحربية. في نهاية عام 1937 كان تعداد الجيش حوالي نصف مليون جندي لدى كلا الطرفين - الجمهوريون و الفاشيون- كانت قوات اليمينين تسيطر على ثلثي البلاد ، و كان فرنكو يخطط للقيام بهجوم على " غوادالاجار" و من ثم على مدريد ( لم يكن يفكر بمهاجمة كتالونيا ) لاعتقاده بأنها مركز الثقل في المقاومة الجمهورية و لاسيما بعد انتقال طاقم الحكومة اليها . و لكن نتيجة لتسريب الانباء عن الهجوم المرتقب للجمهوريين سارع الاخيرون بالهجوم في 15 كانون الاول على " توريل" التي وقع عليها الاختيار نتيجة للاعتقاد بأن دفاعاتها ضعيفة ، و من الممكن السيطرة عليها ، و لكونها تؤمن طريقا سالكاً و قصيراً بين " ريوكاسل" و " الاراغون" و أيضاً لأنها تهدد الطريق الموصل الى " ساراغوسا" و لأسباب سياسية تقرر بأن يكون الهجوم مقتصرا على الاسبان وحدهم، فزُجَ بمئة الف مقاتل الى المعركة . نجح الهجوم في بدايته، و رغم اختراق المدينة و السيطرة عليها ، لكن جاء الهجوم المضاد في 29 كانون الاول ليصبح الجمهوريون تحت الحصار و من جميع الجهات في الثامن من كانون الثاني 1938 . و ماعزز أنتصار الفاشيست هو المساعدات الغزيرة و المتدفقة من الالمان و الايطاليين ، لتسقط المدينة أخيراً مع عشرات الالاف من الضحايا و بعد قتال شرس أستمر لشهرين !. في 9 أذار1938 بدأ الفاشيست هجومهم على "الاراغون" و كالعادة جرى التمهيد لذلك الهجوم بالقصف الوحشي الكثيف و المدمر من المدفعية و الطائرات ، و بسبب الارهاق و قلة الغذاء و نفاد الاعتدة ، بعد " توريل " تم اختراق الجبهة منذ اليوم الأول للهجوم ، و سقطت المدينة في الثالث عشر من أذار . ادت الهزائم المتتالية الى انتشار روح الاحباط و الانهزامية في صفوف الجمهوريين . بعد ان اصبحت" برشلونة " تحت رحمة الطيران الايطالي و الذي كان يتلقى أوامره من موسوليني مباشرة!. و منذ 16 أذار و حتى 18 منه تعرضت المدينة ل 17 غارة و تسببت بمقتل 1300 مدني و جرح 2000 و غدا كل شيء يشير لقرب سقوط الجمهورية. و لكن و على أثر وصول الاسلحة عبر الحدود الفرنسية في 17 أذار و تنظيم الجيش ، و تلاحم القوى أزاء الخطر الداهم و تمكن الجمهوريونمن استعادة معنوياتهم ، و بالرغم من الهجوم الكاسح الذي شنه الفاشيست على جبهة " فالنسيا " في الخامس من تموز ، تمكنوا من حشد مايقارب المئة الف مقاتل على جبهة " الابرو" و حققوا نصراً أوليا و هاماً جدد الامل بالنصر و أنعش المعنويات بتغير سير الاحداث !..ولكنكان الاوان قد فات!.ولم تعد اي مواجهة عسكرية بقادرة على دحر الفاشية المدعومة بالكامل من الغولين النازي والفاشي.وبالرغم ان ان حرب الاستنزاف دامت اكثر من20شهرا ولكن الثورة الاسبانية كانت تقاتل وظهرها الى الجدار ولن يمضي وقت طويل حتى يجهز عليها زحف فرنكو الاكثر توحشا ودموية!.
...........
يتبع.
وعلى الاخاء نلتقي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا


.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.




.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو


.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza




.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع