الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محاولة لقراءة تحولات النظام العالمي و سبل التغيير فيه

سامح الصغير

2016 / 10 / 9
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لقد اعتبر العلم الذي أتى به ماركس ثورة معرفية كبرى على الفلسفات الميتافيزيقية الكلاسيكية التي ابتدأت مع أفلاطون لتنتهي مع هيغل...و لعل ثورتها تكمن في انها نزلت بالمنهج الجدلي ذو الطابع المثالي الذي بناه هيغل اثناء معاصرته للثورة الفرنسية و ما رددته من نداءات لتلبية ملكة العقل و نقض كل الأوهام التي طالما مررتها الكنيسة...إلى الأرض و تضفي عليه الطابع المادي الذي يعيش في إطاره الإنسان و يتأثر به...فهيغل كان يعتبر أن التناقضات تحصل داخل العقل و أن التطور لن يكون إلا متى إرتقى الوعي الذاتي و أثر في العالم ليجعله يبلغ المرتبة السامية التي وصل إليها من رقي و نظام و عقلانية...أما ماركس فقد اعتبر أن التناقضات تحدث داخل المجتمع و هي طبقية بحتة تنتج عن الواقع الذي يعمل فيه الإنسان...و لعل وصول ماركس إلى هذه الرؤية هو معايشته للثورة الصناعية في أوروبا التي ابتدأت مع الدولة البروسية المدارة من قبل طبقة وسطى إصلاحية قامت بتنظيم المجتمع على أسس اقتصاد السوق بعد انتهاء حكم الكنيسة الاقطاعي اثر الثورة...و لئن أنهت هذه الدولة و الحكومات في أوروبا التي اتبعت منوالها التناقض بين الحكم و الشعب إلا أنها حولت هذه التناقضات في داخل الشعب بين من يملك وسائل الإنتاج و الثروة و بين العمال المضطهدين أو البروليتاريا...و من هذا الواقع استلهم ماركس أطروحته و ضرب بعرض الحائط كل الأحكام المسبقة المثالية باعتباره أقر بأسبقية المادة على الوعي الذي هو نتاج إجتماعي بالأساس نابع عن الوجود الطبقي للإنسان و مختلف باختلافه...لقد اعتبر ماركس أن صراع الإنسان هو صراع طبقي بين البروليتاريا الأغلبية المضطهدة (بفتح الهاء)و البرجوازية الأقلية المضطهدة (بكسر الهاء)...على خلاف هيغل الذي اعتبره صراع الانسان نحو الحرية المطلقة...
إن الصراع الطبقي هو نتاج الأسس التي يقوم عليها النظام الرأسمالي...التي يفرضها الطلب في السوق فتمر على جهد العامل ثم يأتي البرجوازي ليجني ثمار الثروة التي كان من المنطق أن يجنيها من مرت على يديه العملية الإنتاجية...و من هنا يتولد الوعي الطبقي المتناقض بين العامل و مالك وسائل الإنتاج فتنتج الصراعات بينهما بعضها ظاهر و الآخر مخفي...و هي تزيد في درجة شدتها متى ازدادت الفروقات بين الطبقتان لتنضج بذلك الثورة البروليتارية شيئا فشيئا التي ستمهد للعمال مسك زمام الحكم لانهاء الرأسمالية و تأسيس نظام اشتراكي سينتهي إلى الشيوعية و المجتمع الخالي من الطبقات الذي ستضمحل فيه الدولة...هذا ما استنتجه ماركس بمنهجه العلمي الذي انطلق خلاله من واقعه المعيش الذي هو ليس واقعنا اليوم باعتبار أن التاريخ هو نسق من التطور لا تستطيع اي ايديولوجيا التحكم فيه...فاليوم كما نلاحظ ليس هنالك لا اشتراكية و لا شيوعية و لا انسان محفوظ الكيان...كما أن التناقضات الطبقية الداخلية بين الدول الصناعية التي ستعجل بالثورة تقريبا لم تعد موجودة....و هذا يعود إلى المراجعات التي قامت بها الدول الغربية في منوالها الاقتصادي بعد أزمة الثلاثينات التي كادت تعصف بها عندما أعادت النظر في دور الدولة التعديلي داخل السوق بعد أن كان منعدما تماما...فجددت الرأسمالية نفسها بثوب اجتماعي جعلها تنتهي من زرع بذور فنائها في داخلها عن طريق تحسين الظروف الإجتماعية لمواطنيها و تحقيق الحد الأدنى من الحاجيات لهم فأصبحنا نتحدث عن دولة الرفاه التي نومت فيها التناقضات الطبقية ليواصل اقتصاد السوق حياته أقوى مما كان عليه...لكن ذلك لم يكن من لا شيء...فقد تم على ظهر دول العالم الثالث التي صدرت فيها الدول الغربية تناقضاتها الاجتماعية في مقابل استيراد خيراتها و ثرواتها بعد أن بشرتها بمزايا الإنخراط في العولمة...و كل ذلك يتم عن طريق الدوائر الاقتصادية العالمية كالبنك الدولي و منظمة التجارة العالمية و صندوق النقد الدولي ناهيك عن تسخير اجهزة المخابرات و الدعاية و الجيوش لاجهاض أي عملية تحرر سواءا بتدبير الانقلابات او بزرع النعرات الطائفية و العرقية...لافشال اي محاولة للتحرر من براثن العولمة.....
كل هذا يدفع إلى مراجعة فلسفة ماركس حتى تتلائم مع طبيعة القرن 21 و التناقضات الحاصلة فيه بين عالم متقدم و عالم ثالث بعد أن كانت في القرن 19 و ال20 بين البروليتاريا و البرجوازية...إن تحرر أي دويلة أو قطر أو قومية من استعمار الامبريالية هو تشديد الخناق على هذه الأخيرة و رد مشاكل الفقر و البطالة و غلاء الأسعار الخ...إليها و بذلك تعود التناقضات الطبقية في مجتمعاتها واضحة حتى يمكن الحديث عن ثورات بروليتارية مجددا في الاوساط الغربية...
لذلك فالتناقض الرئيسي اليوم هو بين عالم ثالث متخلف مستعمر و بين دول استعمارية تقدمها هو بالاساس ناتج عن استنزافها لخيرات العالم الثالث...ذلك هو الصراع الطبقي اليوم بحلته المعولمة...و ما على الشعوب المتخلفة إلا النضال ضد حكوماتها العميلة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من أجل الإطاحة بها حتى تصل إلى تحررها الإجتماعي من جهة...و من جهة ثانية تشدد الخناق على أقطاب العولمة









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا