الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محطات في مسارات عملية السلام بين سورية وإسرائيل

كرم خليل

2016 / 10 / 10
السياسة والعلاقات الدولية


منذ أن اعلنت الدولة الاسرائيلية فى عام 1948، أغلبية الكيانات والدول العربية المجاورة لها، على اختلاف جذري معها.
تاريخ طويل يمر أمام أعيننا، حينما يرد فى مسامعنا أو صوب اعيننا جملة السلام بين اسرائيل وسوريا، نتذكر على الفور الأحداث التى مرت فى الوطن العربى، ونعود بالتاريخ الى اكثر من خمسين عاما من الصراع، وبالتحديد إلى عام 1967 عام النكسة او حرب الأيام الستة.
خلال هذه الحرب، التى شاركت فيها سوريا مع مصر وبعض البلدان بالمنطقة العربية، وقد انتصرت فيها اسرائيل واستطاعت الدخول الى شبه جزيرة سيناء بمصر، ولعل هذا كان بداية الصراع بين الدولتين ليخلف بعده صراعا لم يحسم حتى الان.
اما عن خلفيات الصورة، التى بات عليها مستقبل العلاقة بين اسرائيل وسوريا، فنجد انه تزداد يوماً بعد يوم التسريبات في الصحافة الإسرائيلية، عن وجود اتصالات بين سوريا وإسرائيل عبر وسطاء متعددين، ورغم النفي السوري المتكرر لأي لقاءات أو محادثات سرية كان يتم الحديث عنها بين الجانبين واقتصار الأمر على بعض قنوات الوساطة، إلا أن التجربة السورية منذ انطلاق مؤتمر مدريد للسلام كشفت في العديد من الحالات عن حدوث اتصالات سرية بعيدة عن أعين الإعلام، كانت تمهد لجولات التفاوض التي فشلت في إنجاز اتفاقية السلام بين الجانبين، وهو ما كان يبقي الباب مفتوحاً لاحتمال استئناف المفاوضات في أي لحظة، ولكن ثمة العديد من المعطيات التي لا تدفع حتى الآن للاعتقاد، بإمكانية حدوث ذلك، خصوصاً مع التلويح السوري الدائم بسحب مبادرة السلام، وإعلان إسرائيل أن الوقت لم يعد مناسباً لبدء المفاوضات بعد اكثر من عشرون عاماً على بدئه وبالرغم من انه تم التوصل في عام 1992 م وبعد تسلم الرئيس الأميركي بيل كلينتون سدة الرئاسة، إلى صيغة لاستئناف المفاوضات على اساس ما سيعرف لاحقاً بـ «الوديعة» التي تنص على استعداد رابين للانسحاب إلى خطوط الرابع من يونيو، فيما لو ابدى الاسد تفهماً لحاجات إسرائيل في القضايا الأخرى.
لكن رابين الذي كان توصل عبر قناة سرية في أوسلو إلى اتفاق سلام على المسار الفلسطيني، استخدم تساؤلات رئيس النظام السوري عن بعض التفصيلات في يتعلق بتحديد خط الرابع من يونيو، مبرراً ذلك للمضي قدماً في اتفاق أوسلو الذي أصبح ناجزاً في تلك الفترة وتم التوقيع عليه في 13 سبتمبر 1993.
وعلى الرغم من حنق الأسد نتيجة تلاعب رابين بالمسارين السوري والفلسطيني ولاحقاً الأردني، فإنه قدم العديد من التسهيلات فيما بعد لاستئناف المفاوضات، وخصوصاً بعدما أكد له الرئيس الأميركي خلال لقائه في دمشق، التزام خط الرابع من يونيو، وهو ما أدى في 7 مايو 1995 إلى موافقة سوريا على «ورقة الترتيبات الأمنية» المقدمة من الولايات المتحدة.
لكن الخلافات لم تحسم وظلت قائمة بشأن كثير من المسائل الخاصة بالترتيبات الأمنية وطبيعة السلام، وكانت هذه هي الفرصة الأولى، التي ذهبت أدراج الرياح، وبعد اغتيال رئيس الحكومة الإسرائيلية اسحاق رابين ، شهد المسار السوري فرصة ثانية ضائعة لا تقل أهمية عما سبقها، تمثلت في التزام شمعون بيريز ب«وديعة رابين» بعدما اطلع عليها، واستؤنفت المفاوضات في واي بلانتيشن في ثلاث جولات، وتوقفت نتيجة الخلاف بشأن الترتيبات الامنية، لتستأنف من جديد في 28 فبراير1996، وهي الجولة التي كان قد سبقها إعلان بيريز إجراء انتخابات مبكرة، وتخللتها ثلاث عمليات انتحارية في القدس وتل أبيب رداً على اغتيال يحيى عياش، أدت إلى انسحاب الوفد الإسرائيلي من المفاوضات بذريعة عدم الإدانة السورية الصريحة لهذه العمليات، واستمر هذا التوقف لبضعة أعوام، نتيجة لتورط بيريز في عملية «عناقيد الغضب» رداً على أعمال المقاومة اللبنانية، وخروج الأسد منتصراً بتوقيع «تفاهم ابريل» الذي شرعن عمليات المقاومة وضاعفها، ثم عودة حزب الليكود إلى رئاسة الحكومة بزعامة بنيامين نتنياهو في الانتخابات الإسرائيلية المبكرة التي دعي إليها.
وخلال تولي نتنياهو رئاسة الوزارة، تواصلت المناقشات عبر قناة سرية ضمت رجل أعمال أميركي وزعيم يهودي بارز هو، رون لاودر.
وتعثرت تلك المحادثات حول مدى الانسحاب الإسرائيلي الإقليمي، وبشكل رئيسي، غير هذه المفاوضات التى يكثر الحديث عنها، والتى قدمت فيها سوريا تنازلات مهمة، إلا انه بالرغم من ذلك، لم يتم التوصل حتى الان الى صيغة متفق عليها لإتمام السلام بين الدولتين، وهذا ما أكدته دراسة وضعتها مجموعة الأزمات الدولية بعنوان استئناف المفاوضات السورية - الإسرائيلية، التي اعتمدت على مجموعة كبيرة من اللقاءات بين المسؤولين السوريين والإسرائيليين، وبحسب هذه الدراسة فإن «المسؤولين في دمشق قدموا أكثر المؤشرات وضوحاً حتى الآن، التي تبين أنهم سيستأنفون المفاوضات دون أي شروط مسبقة، وأن موقف البلاد إقليمياً وفي علاقاتها مع حركة حماس وحزب الله اللبناني وإيران سيتغير حتماً في أعقاب عقد اتفاقية سلام.
بعبارة أخرى، من الممكن تحقيق ما تطالب به إسرائيل، ولكن فقط كجزء من اتفاقية نهائية، وليس شرطاً مسبقاً لاتفاقية كهذه» في ذلك الوقت، ظهر تباين كبير بين عدد من الدول الأوربية ولدى الأميركيين في ما يتعلق بالموقف من دمشق، فبينما كان بعض القادة الأوروبيون يرون في دمشق «لاعباً دواراً» قادراً على توفير المزيد من الاستقرار، أو إثارة المزيد من الاضطراب، بقيت الولايات المتحدة معارضة لتجديد الحوار مع النظام السوري، ونصحت إسرائيل ألا تستأنف مفاوضات السلام، وأعرب العديد من القادة العرب عن وجهات نظر مماثلة وقد جاء فى في تقرير دولي ان النظام السوري يحاول الخروج من استراتيجية المواجهة وزعزعة الامن والاستقرار في المنطقة التي يعتمدها حاليا من أجل اقامة علاقات جيدة ومستقرة مع الدول العربية المعتدلة ومع الولايات المتحدة والدول الغربية عموما، اذ انه لم يعد يملك "وسائل وأدوات فاعلة ومؤثرة" للضغط على اسرائيل من أجل استعادة الجولان المحتل، في ما عدا تفجير حرب واسعة معها وهو ما ليس واردا في حسابات النظام السوري.
ورأى التقرير ان نظام الاسد يريد السلام مع اسرائيل ويحتاج اليه ويدرك أهمية تحقيقه، "لأن السلام يؤدي الى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة ويؤمن المصالح الوطنية السورية ويعزز شرعية الحكم السوري".
ونقل التقرير عن ديبلوماسي سوري انه "اذا ما تحقق السلام بين سوريا وإسرائيل فان حزب الله سيتحول حزبا سياسيا. أما بالنسبة الى حماس، فإن الوضع أكثر تعقيدا لأننا لن نستطيع ان نطلب من هذه الحركة ومن منظمات فلسطينية أخرى التخلي عن المقاومة المسلحة ما دامت الاراضي الفلسطينية محتلة، ولن يتبدل الوضع اذا ما طلبنا من خالد مشعل مغادرة أراضىنا.
لكن النظام السوري ليس مستعدا لدفع الثمن الذي تطالب به اسرائيل لتحقيق السلام.
في سياق استعراض المواقف المتباينة، قال محلل سوري مقرب من النظام انه "اذا كانت اسرائيل تريد من طريق المفاوضات معنا اخراج سوريا من المعادلة الاقليمية، كي تتصرف بحرية مع ايران وحزب الله وحماس، وليس كي يتم تحقيق السلام الشامل، فإن هذه المفاوضات ستفشل لان قبول هذا التوجه الاسرائيلي خطأ استراتيجي كبير لن يرتكبه المسئولون السوريون".
ويدرك النظام السوري، وفقا للتقرير، أن اميركا والدول الغربية عموما "مهتمة بسوريا نظرا الى علاقاتها الوثيقة مع ايران وحزب الله وحماس ويؤكد التقرير ان نظام الاسد يرفض اجراء تغييرات في سياساته وتوجهاته الاقليمية تبعده عن ايران وحلفائه المتشددين، كما تريد الدول الغربية والدول العربية المعتدلة، لأن منطقة الشرق الاوسط غير مستقرة، بل إنها تقف عند مفترق طرق، ذلك ان هذه المنطقة قد تشهد في المرحلة المقبلة "الحرب او السلام او استمرار النزاعات" . على حد قول مسئول سوري. وأضاف: "لن تجري القيادة السورية تغييرات عميقة وجذرية في سياساتها قبل ان يتضح المشهد الاقليمي وقبل ان تعرف هذه القيادة الى أين تتجه المنطقة وما هو موقع سوريا فيها وما هي المكاسب التي سيحققها السوريون سواء على صعيد استعادة الجولان، أو على صعيد العلاقات الثنائية مع الدول البارزة، كما على صعيد الدور السوري الاقليمي وتحدث التقرير عن وجود تعاون واسع بين سوريا وايران في مجالات عدة اقتصادية وتجارية وعسكرية وأمنية وسياسية وغيرها، كما تحدث عن وجود خلافات بين البلدين على عدد من القضايا المهمة.
فقد استخدمت ايران طوال سنوات علاقاتها الوثيقة مع سوريا لإيجاد موقع لها في لبنان وفي ساحة النزاع العربي – الاسرائيلي ولتأمين تغطية عربية "لدورها الاقليمي التوسعي".
لكن ايران أصبحت في الفترة الاخيرة قادرة على أن تقوم بأدوار ونشاطات مختلفة في المنطقة بالاستقلال عن سوريا، كما أصبح لها مخططها الخاص، ونقل عن شخصية سورية مقربة من النظام "أن ثمة مخاوف جدية من ان تؤدي مساعي النظام الايراني للهيمنة على المنطقة الى محاصرة سوريا وتطويقها من جانب الإيرانيين.
ولفت التقرير الى تناقض في المصالح والأهداف بين سوريا وايران، في ما يتعلق بملف النزاع العربي – الاسرائيلي، ذلك ان سوريا تريد حل النزاع سلميا مع اسرائيل بينما تعارض ايران ذلك، كما ان ايران تساند "حماس" و"الجهاد الاسلامي" وذلك "لأسباب عقائدية ومن أجل تعزيز نفوذها في المنطقة".
أما النظام السوري، فإنه دعم هذين التنظيمين في اطار مساعيه الدائمة لإحياء عملية التفاوض مع اسرائيل وكسب المزيد من الرضى الاقليمي والدولي.
ويبرر مسئولو نظام الأسد، أن إقامة علاقات جيدة مع ايران، لا يتعارض مع تمسك النظام بقراراته المستقلة حين يتعلق الامر بمصالحه الحيوية".
وروى التقرير ان النظام الايراني أراد تشكيل لجنة مشتركة سورية – ايرانية للتحقيق في عملية اغتيال القائد البارز في "حزب الله" عماد مغنية في دمشق في شباط 2008، لكن المسؤولين السوريين رفضوا هذا الاقتراح فلم تشكل لجنة التحقيق هذه في وقتها، ولم يعرف من اغتال مغنية، رغم أن الحقيقة واضحة وضوح الشمس، لدى الإيرانيين حول دور النظام السوري في التضحية في قيادات حزب الله مقابل كسب المزيد من الأوراق على الساحة الإقليمية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر