الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكام دمشق...إلى أين المفر؟

جان كورد

2005 / 12 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بات القاصي والداني يدرك أن ليس أمام النظام القائم في دمشق مجال واسع للمناورة والمغامرة والتخلص من سلة الاتهامات الموجهة إليه، من عدة جهات دولية واقليمية، سواء فيما يخص قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري، أو إفساح المجال أمام البعثيين العراقيين ومن والاهم من أعداء أمريكا للتوغل عبر سوريا إلى العراق والقيام هناك بقطع الرقاب وقصف البترول وتفجير المساجد وخطف الصحافيين وسائقي الشاحنات وحتى الباحثين عن الآثار والذين يخدمون المخيمات والأحياء الفقيرة متطوعين وأعضاء في منظمات إنسانية، أو فيما يتعلق بجعل سوريا جسرا لوجستيا بين إيران التي يسعى رئيسها باستمرار لتسخين الأجواء بتصريحاته النارية وبين أتباع وأنصارها في لبنان، وبخاصة حزب الله...

ويعلم العالم والجاهل أيضا أن أقصى ما يصبو ويطمح إليه النظام البعثي السوري اليوم هو "تحسين" علاقاته بالادارة الأمريكية مهما كان الثمن باهظا. إذا فلماذا كل هذا الهراء الإعلامي – السياسي المباشر عبر الأقنية السورية الرسمية وغير الرسمية وعن طريق مرتزقة النظام ، وبخاصة المندسين منهم في صفوف المعارضة الوطنية الديموقراطية وما حولها؟ .. وأقصد هذا الطنين المستمر عن كون سوريا آخر القلاع البطولية المقاومة للعدوان والاستعمار والامبريالية والصهيونية في المنطقة...

لم تعد تنفع سائر أشكال المناورة والتفنن في الابقاء على أحجار الدومينو، بعد أن سقط أولها بالانسحاب القسري والسريع للقوات السورية من كافة الأراضي اللبنانية ، وما تلى ذلك تحصيل حاصل لما أفرزته السياسة الخارجية السورية من أورام وما نشرته الماكينة الإعلامية السورية من أوهام، منذ انعقاد آخر مؤتمر لحزب البعث السوري في دمشق.
فماذا نفهم من "تحسن" علاقات النظام السوري بالإدارة الأمريكية حقا، دون أن يلبي جميع طلباتها المدونة وغير المدونة؟ ألن تتساءل المعارضة السورية : "إذا لماذا كل هذه المسرحيات الهزلية التي جلبت لسوريا في النهاية (3) قرارات مشينة ومهينة من مجلس الأمن الدولي وأدخلت البلاد في نفق خطير المسالك، ولماذا هذا السير على حافة الهاوية طوال السنتين الماضيتين؟!....
ومن الطبيعي جدا أن يستثمر المعارضون الديموقراطيون وغير الديموقراطيين مسلسل الأخطاء الكبيرة والصغيرة لاقناع الشعب السوري وشعوب العالم أجمع بأن هذا النظام لايكترث بالمصالح العليا للبلاد وانما يهمه فقط البقاء على كرسي السلطة، حتى ولو اقتضى ذلك القيام بتعذيب مواطنيه تعذيبا وحشيا بالنيابة عن غيره، ولذا فإنه لايستحق البقاء كسيف مسلط على رقاب الشعب وكبائع للوطن بالتقسيط.

لايخفى أن بعض فصائل المعارضة السورية كان حتى فترة وجيزة مرتبكا بسبب السياسة المضطربة للنظام وكان مترددا في اقامة أية علاقات خارجية، بل منهم من كان يمتنع حتى عن الاتصال واللقاء بمعارضين في خارج البلاد حتى لايغضبوا النظام الذي لايرحم، ولكن هذا البعض، وبخاصة بعد اعتقال الدكتور كمال اللبواني على أثر عودته من الولايات المتحدة الأمريكية، صارا يعلن جهارا بأن الوقت قد حان للقيام بخطوات أكثرجرأة وأكثر وضوحا في هذا المجال دون اكتراث بما قد تثيره هذه الخطوات باتجاه العالم الخارجي من زوابع سورية ورد فعل قوي من النظام. ويبدو أن أمريكا التي يصفها النظام ب"رأس حربة الغرب الامبريالي – الصهيوني" لم تعد الكينغ كونغ الذي يصوره النظام باستمرار ويصف كل من يتجرأ على الجلوس مع مؤسساتها الديموقراطية والسياسية أو حتى المهتمة بحقوق البشر بأنه "مستقو بالأجنبي" و"عامل على تغيير الدستور والتآمر على الوطن والمساومة في القضية العربية من خلال اقامة علاقات بالقوى الأجنبية." فإذا كان هدف النظام كما أسلفنا هو "تحسين" العلاقات بالادارة الأمريكية فلماذا لاتتحمل المعارضة أيضا جزءا من تلك المهام الشاقة؟ أو لم يطلب النظام من المعارضة دائما أن تكون في ظله ورفيق دربه ومقتفي آثاره؟...
أما إذا كان هدف النظام المناورة في حلبة ضيقة للغاية ويطمح من وراء ذلك إلى "تسخين" الأجواء ومحاربة أمريكا كما يفعله رأس النظام الايراني الحليف لسوريا الآن، فمن الطبيعي أن نسأل كسوريين يهمهم أمر بلادهم، كما يهمهم أن لاتتحطم بلادهم على رؤوسهم :"على من يعتمد في ذلك ؟ على إيران أم على الدول العربية أم على الروس والصينيين؟ أم على الشعب السوري؟..." ولندع الشعب السوري حقا فهو غير مستعد لأن يكون قربانا للنظام والمستقبل سيؤكد لنا ذلك...

هنا لابد وأن نذكر النظام الذي لايملك أسباب القوة أن يتذكر النظام البعثي العراقي "الشقيق" الذي راهن على المنظمات الفلسطينية وعلى الشارع العربي وانخدع بالعديد من الدول والقوى والمنظمات "الصديقة" التي وعدته ب"الدعم التام في مواجهة العدوان الأمريكي – الصهيوني" ، وقلبت له ظهر المجن عندما أزفت الساعة.
وهكذا نجد أنفسنا أمام أمرين أحلاهما مر:
- فإما أن يتراجع حكام دمشق عن عنجهيتهم "الثورية" هذه ويتخلوا عن دورهم المزعوم كحماة للأمة العربية ومبادئها وقضاياها المصيرية، وهم في الحقيقة يدفعون بقارب العروبة في اتجاه خطير وخاطىء وتصوراتهم لها قاصرة ومتناقضة، ويكشفوا عن حقيقة تبعيتهم وارتباطاتهم الدولية والاقليمية.... ويقبلوا عيون بوش وبلير وينسوا أيام الجفاء هذه...
- وإما أن تدفعهم حالة الحصار الميئوس منه، والذي لاخروج لهم منه إلا مدحورين مذعورين، وقد أسقط في أيديهم، فيفجروا حزامهم الموثوق على خاصرتهم ليتخلصوا بذلك من ورطتهم وحكمهم والنقد الموجه إليهم من أطراف عديدة...

وبرأيي أن ليس أمام السوريين الذين آلمهم ما يجري في بلادهم اليوم لتجاوز هذه المرحلة سوى طريق واحد :

ألا وهو أن تتحرك المعارضة الديموقراطية والوطنية السورية لتشكيل مؤسسات بديلة للنظام تلفت أنظار العالم وشعوب المنطقة وحلفاء النظام أيضا إلى أن السوريين مختلفون مع النظام وعاملون على تغييره وهم جادون في ذلك وقد شرعوا في القيام بعمل ملموس وليس مجرد إصدار الاحتجاج والتظاهر والدخول في حوارات تخرج في النهاية ببيانات عتاب....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لغز الاختفاء كريستينا المحير.. الحل بعد 4 سنوات ???? مع ليمو


.. مؤثرة لياقة بدنية في دبي تكشف كيف يبدو يوم في حياتها




.. إيران تلوح بـ”النووي” رسميا لأول مرة | #ملف_اليوم


.. البرهان يتفقد الخطوط الأمامية ويؤكد استمرار القتال




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: لا يمكن إخضاع دولة إسرائيل | #رادار