الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع الدولي وشرعنة الاحتلال الروسي لسوريا

عبدالرحمن مطر
كاتب وروائي، شاعر من سوريا

(Abdulrahman Matar)

2016 / 10 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



لم تكن موسكو تنتظر، استخدامها لحق النقض ضد مشروع القرار الفرنسي، الاسبوع الماضي، في مجلس الأمن، كي تواصل مشروعها الاستعماري الاحتلالي لسوريا، وتتمدد قواتها العسكرية العاملة على معظم الأراضي السورية، برا وبحرا وجوا، فقد بدأت موسكو ذلك منذ قرابة عام مع بواكير التدخل الروسي، ومن ثم توقيع اتفاقية الدفاع المشترك مع النظام الأسدين الذي منح بموجب الاتفاقية الحق في التدخل الكامل واستخدام كافة المرافق الحيوية العسكرية والمدنية السورية بما يسهل للقوات الروسية، تطبيق بنود الاتفاقية التي أعلن مجلس الدوما الروسي مصادقته عليها مانحاً إذناً مفتوحاً للقوات الروسية للقيام بعمليات خارجية ( في سوريا ) والبقاء فيها لأجل غير محدد.
هذا التطور الذي لحقه الإعلان عن استخدام قاعدة طرطوس البحرية، يمثل تعزيز لخطط الاحتلال الممنهج الذي يتدرج على مستويات عدة، من حيث توسيع العمليلت العسكرية، واستخدام نيران أكثر كثافة، والاستيلاء على مرافق عسكرية ومدنية، لإقامة قواعد جديدة للقوات الروسية، في أمكنة متعددة، تغطي كافة المناطق السورية: الجنوبية وتشمل دمشق وريفها، والمنطقة الوسطى حمص وتدمر، المنطقة الشمالية وتشمل حلب والحسكة، مع القواعد الرئيسة للقيادة والدعم اللوجستي في الساحل السوري، وهي تشمل معظم المطارات العسكريةالسورية، التي قامت بتجديد وتطوير بنياتها العسكرية من مدارج جديدة، ومراكز مراقبة متطورة وتدعيمها بالقدرات الحربية.
القاعدة البحرية في طرطوس، المكونة من رصيف رسوّ، ومشفى ميداني، ستقوم موسكو بتطويرها لتصبح قاعدة بحرية دائمة لها، قاعدة متقدمة تتيح للاسطول الروسي، العودة الى المياه المتوسطية الدافئة، بعد سنوات طويلة من تفرد الاسطول السادس الأميركي في المنطقة، اما الجانب الآخر فهو ترسيخ التواجد الروسي في سوريا، من التدخل الى الاحتلال، والى أمد طويل، كما يعتقد القادة الروس، تأسيساً على أن قاعدة طرطوس مؤجرة لروسيا لمدة 99 عاماً.
هذه السياسة العدوانية الروسية، تجاه السوريين، قد بلغت حدّ الاستهتار بالمواقف الدولية، وان تتخذ موسكو لنفسها خطاً منفرداً في العلاقات الدولية، تستعيد بموجبه مكانة مفتقدة، من عالم الثنائية القطبية، الذي أزاحته المتغيرات الدولية، بدءاً بتحولات الأنظمة السياسية الإشتراكية الأوربية، مروراً الى تفكيك الاتحاد السوفييتي الذي أنجزه غورباتشوف، بحرفية عالية، أفقدت موسكو مكانةً دولية و مقدرة على التدخل الدولي بقوة، كانت آنذاك بصدد دعم قوى العالم الثالث في التحرر من ربقة الاستعمار والتبعية له.
التحول الكبير في عهد القيصر الروسي بوتين، يتسم بأنه أضحى القوة الضاربة للحق والحرية، وسندأ للطغيان الأسدي الذي استباح كل شئ في سوريا، بدعم مباشر، وغير محدود من موسكو وطهران، تمكنت فيه هذه القوى من ارتكاب جرائم حرب موصوفة بحق السوريين، تتثمل في عمليات التهجير والإبادة المنظمة، ضد المدنيين بصورة اساسية، واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً بصورة مستمرة ومتواترة، تصاعدياُ من حيث كمية ونوعية المواد المحرمة: فوسفورية و كيمياوية، وقنابل فراغية وعنقودية.
الفعل الروسي المتواصل في الإجرام وفي تعزيز تمدد التدخل ليصبح اليوم ، بعد عام على بدء العدوان الروسي، احتلالاً عسكرياً كاملاً، وبموجب استدعاء أسدي للتدخل، لن يتأخر فيه ما يُسمى " مجلس الشعب " لمحاكاة قرار الدوما الروسي، بشرعنة الاحتلال الروسي، الذي مهدت له موسكو عبر اتفاق الهدنة المبرم مع الولايات المتحدة، لتجعل من تقاسم الاشراف على مناطق العمليات ، مناطق تحت السيطرة الكاملة، بموجب الأمر الواقع، لكن موسكو، وقد رمت أوراق الاتفاق خلفها، تسعى فعلياً لحرمان واشنطن من اي قدرة على الحركة في سوريا، باعتبارها منطقة عسكرية روسية بالكامل بموجب تفعيل الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة من طرف الأسد، والذي تم بموجبه إقرار نشر غطاء جوى روسي فوق سوريا، يوضح الى درجة كبيرة اسباب استخدام موسكو لحق النقض ضد المشروع الفرنسي، لأنها لاتريد لأي طرف دولي التدخل في سوريا، وهي تدرك تماماً ان حديث واشنطن عن عمليات عسكرية تطيح بنظام الأسد، هو مجرد كلام في الهواء، وأن البيت الأبيض، ليس بصدد القيام بأي تدخل من هذا النوع.
ولكنن بالمقابل، هل كان لموسكو ان تقوم بكل ذلك منفردة ؟ أم انها لم تغفل مصالح القوى الدولية في المنطقة، وبالتالي لن يكون هناك اعتراض على مشروعاتها السياسية والعسكرية في سوريا طالما ان المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة على سبيل الواقع / والمثال أيضاً ، لم تكن مهددة!
ثمة تقاطعات خلافية في التفاصيل الصغيرة، هي ما تعكر المزاج الأميركي، في الوقت الذي تتصرف فيه موسكو بوقاحة، وانها صاحبة القراروالسيادة في سوريا.
نقطتان اساسيتان تقف واشنطن حيالهما هما حماية اسرائيل، وعدم تهديد امنها، وهو أمر تقره موسكو، ويعمل على القيام به نظام الأسدية، وطهران. المسألة الأخرى تتصل بالشمال والشمال الشرقي السوري، حيث تتواجد داعش، والقواعد الأميركية الجديدة في الجزيرة السورية، وهي منطقة النفوذ الأميركي التي لا تسمح فيها لموسكو بالتمدد والتدخل، ولذلك نجد الأخيرة، تبدي تفهماً لعملية درع الفرات، بحذر محدود، نتيجة لوجود حلفاء مشتركين، بين كل من الولايات المتحدة وروسيا والنظام الأسدي متمثلاً بقوات سوريا الديمقرطية، التي يشرف عليها تنظيم بي دي الإرهابي، هو موقف روسي مؤقت، هدفه إفساح المجال لتطوير التبادلات التجارية مع تركيا، و محاولة تمرير تمددها الإحتلالي في الوقت الذي تكون فيه تركيا منشغلة بدرع الفرات و تحرير الموصل، الذي فجرت خلافات كبيرة مع بغداد، واشنطن ليست بعيدة عنه، لاستبعاد اي دور تركي محتملن خاصة بعد نجاحات شراكتها للجيش السوري الحر، في الشمال السوري.
لقد عجز المجتمع الدولي، ممثلا بقواه الرئيسة في مجلس الأمن : فرنسا والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة على ارغام موسكو على وقف العمليات العسكرية العدوانية ضد السوريين، وما كان لموسكو في الحقيقة أن يتضاعف إجرامها وتبسط سيطرتها عل الأرض، وتمارس بما يشبه سياسة التحدي، لو ان تلك القوى الدولية كانت جادة في وقف جرائم الحرب في سوريا وحماية المدنيين، وهناك كثير من الخيارات التي تملكها هذه الدول، منها استصدار قرار من الجمعية العامة، يلزم موسكو والنظام الأسدي على وقف العدوان.
لكن المجتمع الدولي الذي يعجز عن حماية قافلة إغاثة، او يفشل في إدخال قافلة اغاثة إنسانية، وهو قادر على ذلك، بلا شك فإن تهاونه وصمته، لا يمكننا وصفه بالعار فقط، ولكن بأنه شريك في قتل السوريين، والسعي لإجبارهم على الإستسلام للطغاة ..و مجرمي الحرب.
_____________________
مدير مركز الدراسات المتوسطية









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د