الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رؤية الشباب لواقعهم و حقهم في المشاركة

رامي مراد
باحث مهتم بقضايا التنمية - فلسطين

2005 / 12 / 29
القضية الفلسطينية


يمثل الشباب الفلسطيني من الفئة العمرية ( 15 – 35 ) ما نسبته ( 36.5 % ) من المجموع العام للسكان في فلسطين، و تبلغ نسبة الأطفال في المجتمع ممن هم اقل من ( 18 سنة ) ما نسبته
( 53.3 % ) ، مما يؤكد الدور المتعاظم لهذا القطاع الاجتماعي تحديدا في عصرنا هذا، عصر التحرر و التنمية و التغيير، بحيث لا يمكن بأي حال من الأحوال الحديث عن تنمية اجتماعية دون الأخذ بعين الاعتبار تطور هذا القطاع و مدى تلبية حاجاته.
و يعاني الشباب في فلسطين خاصة و الوطن العربي عامة من مشكلات تحول دون تحقيق طموحاتهم، و قد تكون هذه المشكلات تحديات داخلية و خارجية في جوانب الحياة عامة و الحياة المجتمعية خاصة مما يتطلب أن يكونوا مستعدين لها و قادرين على مواجهتها بحكمة و تمكن.
و يجدر الإشارة هنا إلى أن الواقع الحالي للشباب ناتج عن أوضاع تاريخية تخص مجتمعنا، بحيث يتميز المجتمع الفلسطيني و العربي بأنه مجتمع فئوي، سلطوي، الفقراء فيه مهمشون يبحثون عن قوت يومهم، كما يتميز باتساع الفجوة بين الفقراء و الأغنياء و عدم التوازن في القطاعات الاقتصادية و تراجع الزراعة و الصناعة على حساب الخدمات الاغاثية، أيضا يتميز بترسيخ الطبقية عبر ترسيخ قيم و معتقدات تجعل من عدم المساواة و التمييز أمر طبيعي و احد سنن الكون.
كما أن العائلة العربية الفلسطينية هرمية بطبيعتها على أساس الجنس و العمر.
كما أن هناك تفتت سياسي إلى جانب نقص الحريات و الديمقراطية فيه.
و يترافق كل ذلك مع تأثيرات العولمة الجامحة و الأمركة و تصاعد العدوان الإسرائيلي على شعبنا بمختلف قطاعاته مع التركيز على فئة الشباب، و تأثيرات ذلك على مجمل الأوضاع الفلسطينية السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية.
إن المحددات سالفة الذكر تؤكد ما يواجهه الشباب من معيقات تحول دون مشاركتهم و القيام بدورهم، و الآن يواجه شعبنا و الحركة الشبابية و الطلابية في فلسطين ظروف بالغة القسوة مما يستدعي من الشابات و الشباب اليقظة و شحذ الهمم و الدراية الواعية بواقعهم و تعزيز اللحمة الداخلية على الصعيد الوطني و الاجتماعي لتوفير بيئة نضالية سياسية وطنية و اجتماعية ديمقراطية تؤمن مقومات ترتيب البيت الفلسطيني و تعزز من مقومات صموده.
و بقراءة موضوعية لجدلية العلاقة بين المشاركة النضالية و السياسية التي شكلها الشباب طيلة المسيرة الكفاحية لشعبنا، بحيث شكلوا الوقود المحرك لمسيرة الثورة و العمل الوطني الفلسطيني خاصة في اطر الحركة الوطنية السياسية على اختلاف مشاربها الايديلوجية، لكن المأساة أن التنظيمات السياسية الفلسطينية التي خاضت و لا تزال صراعا مع الاحتلال الصهيوني بهدف تحقيق الحرية لم تستطيع حتى هذه اللحظة أن توازي في برامجها و تكتيكاتها النضالية بين الوطني التحرري و البناء الديمقراطي الداخلي، مما انعكس على الشباب و آرائهم و تطلعاتهم لاسيما بعد قدوم السلطة عقب توقيع اتفاق اوسلو في أيار 1994م حيث دخلت العلاقة بين التحرري الوطني و البناء الديمقراطي حيز الممارسة بالمفاهيم المشوهة و غياب التخطيط الممنهج.
و قد لجأت السلطة لمعالجة العلاقة مع المعارضة في كثير من الأحيان للمصادمات العنيفة غير الديمقراطية و عدم الاحتكام للقانون، كما أن قضايا الرشوة و المحسوبية و الفساد و هيمنة السلطة التنفيذية على التشريعية و القضائية و انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني....الخ من هذه الانتهاكات الواضحة جعل من السلطة في نظر الجميع لاسيما الشباب فاشلة ينخر فيها الفساد، مما أدى إلى انفضاض قطاعات الشعب الفلسطيني من حولها، و تزامن ذلك مع وقت هجر فيه الشباب الفلسطيني للتنظيمات السياسية لصيغتها غير الديمقراطية و لغياب الاستراتيجيات الواقعية و لرؤى و برامج تشكل بديلا لرؤية السلطة و اقتصر دورها على المعارضة الصورية في معظم أحيانها لاسيما فيما يخص القضايا الداخلية.
كما أن عدم وضوح طبيعة العلاقة بين المعارضة و السلطة و بقائها ملتبسة اضعف الوضع المعنوي و أثار عدد من التساؤلات المشروعة حول مستقبل النظام السياسي الفلسطيني برمته؟.
كما أن استمرار منطق غياب المشاركة و هيمنة الحزب الواحد و الفئوية على العمل السياسي الفلسطيني و التخبط الحادث بين التكتيكي و الاستراتيجي و غياب الإجماع الوطني و الوحدة الوطنية أدى إلى تحويل المشاركة السياسية للشباب لتنحصر في أشكال محدودة لم تتجاوز المشاركة في التنفيذ و ليس التخطيط و صنع السياسات.
و بنظرة على مستوى تمثيل الشباب في البرلمان و الهيئات المحلية و القيادات الفصائلية يشير إلى نقص مشاركتهم بشكل كبير إن لم يكن معدوم.
بتقديري فان تجليات هذا الواقع المأزوم ستنعكس على مجمل سير الانتخابات التشريعية القادمة، فإذا حاولنا تسليط الضؤ على واقع التجمعات و الهيئات و المؤسسات الشبابية نجد أن مجمل تفاعلاتها مع الانتخابات التشريعية القادمة سواء تفاعلاتها الداخلية أم تلك من خارج هذه الأجسام، لم تخرج عن كونها مبادرات محدودة، يسري العمل على تجييرها لمصلحة جهات مختلفة، و لم نسمع حتى هذه اللحظة عن مبادرة واحدة تنتصر لحق الشباب في التمثيل داخل البرلمان القادم، إلى جانب أن قانون الانتخابات المعدل ساهم في حرمان نسبة كبيرة من الشباب من الترشيح.
و إذا ما حاولنا قراءة سلوكيات مختلف البنيات المجتمعية تجاه حق الشباب في التمثيل داخل المجلس التشريعي القادم نلحظ بوضوح ترسيخ قيم المنطق السائد و القاضي بإقصاء الشباب، فمثلا كم نسبة الشباب من قوائم الأحزاب مجتمعة؟ و كذلك القوائم المستقلة؟هذا بخصوص الانتخابات النسبية، أما الدوائر فالأمور اشد تعقيدا لتداخل عوامل كثيرة في توجيه خيارات المواطن مثل العشائرية و الجهوية....الخ و الجميع يتعاطى مع هذا القطاع الواسع و المهم كصوت انتخابي يمكن تجييره، و الشيء الملفت للنظر حقا أن الشباب و مؤسساتهم التمثيلية لم تتداعى بشكل جاد و مسؤول من اجل الانتصار لحق الشباب و مطالبهم المشروعة و العادلة، فإلى متى ستبقى الحركة الشبابية تراوح مكانها؟ متى ستتحرر من إسار الثقافة التقليدية؟ متى ستنعتق من براثن البنى التقليدية و الحداثوية القشرة نحو إحقاق حقوقها و تجسيد آمالها و طموحاتها؟
نخلص في النهاية إلى ضرورة إعادة ترتيب و تنسيق العلاقة بين المؤسسات التمثيلية للشباب نحو تشكيل جسم شبابي فلسطيني ذو برنامج و رؤية شبابية تنموية على غرار الحركات الاجتماعية من اجل الضغط على ذوي النفوذ و مراكز صناعة القرار على صعيدي السلطة و التنظيمات السياسية من ناحية و المؤسسات الشبابية من ناحية أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علاج أكثر من 1000 عضو من حماس في تركيا.. تصريح متعمد من أردو


.. وزير خارجية بريطانيا: هجمات الإسرائيليين على قوافل المساعدات




.. غزة.. صحيفة -وول ستريت جورنال-: مصر تدرس خفض مستوى علاقاتها


.. فيزا واحدة تتجول بها في جميع دول الخليج #بزنس_مع_لبنى




.. إصابات عديدة بانفجار منطاد هوائي في #إندونيسيا #سوشال_سكاي