الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في مواجهة المجتمع ..3: ا لواقع المزري !!

خليل صارم

2005 / 12 / 29
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


من الغريب أن البعض ممن يعترضون على رأي أو موقف .. ..لايتقدمون برأي معاكس .. لايحاولون تفنيد ماتقوله أو تكتبه أو يحاولون إثبات عدم صحته ..بعقلانية ..بمنطق .. هم قسمان ..إما من يتهمك بالكفر أو بالعمالة .. أو يتهمك بجلد الذات .. وكفى .. أما أن يثبتوا .. لماذا هو كفر والحاد .. أو لماذا هو جلد للذات ..فهذا غير وارد .. لقد اعتادوا أن يغطوا عجزهم .. بالعجرفة التافهة ..والفارغة .. يصدرون أحكاماً مرتكزة على خلفيات متخلفة بالمطلق .. أو على قناعات يرون أنها مسلمات وأنك ملزم بالإقرار بأحكامهم .. كونهم اعتادوا أن يخاطبوا الجهلة ..ويتشدقون بمصطلحات هم أنفسهم لايعرفون معناها ...؟
هذا هو واقع هؤلاء البعض .. الذين يحتاجون الى الصدمة تلو الصدمة .. ليستفيقوا ويخرجوا من شرانقهم .. التي اصطنعوها .. دون أن يقرها أحد ..؟
نتابع مع موضوعنا الأساس .. متسائلين :
لماذا نلاحظ أن هناك فوارق حضارية بين الطوائف المختلفة في بلادنا .. مع أنهم أبناء وطن واحد ..؟
لقد تحدثنا في المقال الأول ..عن شكل التوزع السكاني لأبناء الطوائف المختلفة .. وكيف أنهم يعيشون فيما يشبه الغيتوات .. الشبه معزولة عن بعضها البعض .. بالرغم من وجود أحياء في المدن وبعض القرى التي تبدو مختلطة الا أن الكثافة السكانية لهذه الطائفة أو تلك تتركز بشكل أساسي في أحياء ومجموعات قرى خاصة . ؟ ولقد أشرنا الى أن هذا عائد لأسباب تاريخية ولظروف كانت فيها الأكثرية تفرض قيمها وعاداتها .. وتضطهد هؤلاء .. بتوجيه من السلطات المتعاقبة .. وكون القوانين .. مستمدة من ثقافة الأكثرية التي فرضت حتى نمط عقائدها على بقية الطوائف المتفرعة .. عدا أبناء الدين الآخر .. ولم تتمكن الحكومات أو أنظمة الحكم التي وصفت نفسها بالثورية والتقدمية من تغيير هذا الواقع .. فهي قد خاطبت ولم تفعل ..بمعنى أنها لم تؤكد مصداقيتها من خلال تطوير القوانين الأمر الذي جعل أبناء الأكثرية يتعاملون مع الأقليات بمنطق المتعالي .. القوي .. الذي لايرد له طلب .. اذاً فقد بقيت القوانين التي بنيت على التمييز بين فئات المجتمع المختلفة على حالها ولم تتطور ..كما أنها لم تترك لتتطور بشكل طبيعي بل ركنت جانباً دون حراك .. ومن الواضح أن جمود القوانين .ز يعني بالتأكيد جمود المجتمع بكامله .. وهكذا بقيت الاقوال الثورية مجرد شعارات لاتسمن ولاتغني .. ولم يتبدل من واقع الحال شيئاً .. والأنكى من ذلك أن هذه الأكثرية بقيت تفرض منطقها حتى على الدولة .. ومن يذكر عندما لم يتطرق الدستور الحالي في سوريا الى دين رئيس الدولة كيف هبت هذه الأكثرية مطالبة بتثبيت دين رئيس الدولة .. عبر مظاهرات ومصادمات مسلحة .
بل وأكثر من ذلك .. عندما أعطيت للأكثرية مساحة من الحرية الدينية وصلت الى أقصاها .. وبقيت ترى في سيطرتها التامة والشاملة على كافة مفاصل الدولة هي الهدف المنشود .. محمولة على منطق القوة والفرض والالزام .. وبقيت مظاهر توزع السلطة تعتمد على نسب التوزع الطائفي بشكل مبطن . بغض النظر عن كافة الشعارات المتداولة .. ؟. هذا واقع كان يجب أن نكون قد تخلصنا منه منذ العقد الأول لمنتصف الخمسينات .. فقد كان هناك دستور قائم على أسس علمانية وديمقراطية صحيحة وكان من شأن تطور التقافة التي كانت سائدة آنذاك ومستوى القوانين وقدرتها على الحركة أن تنتج مجتمعاً يحترم الأكثر قدرة ً ووعياً أي الأفضل .. بغض النظر عن انتمائه .. وكان هناك مجلس نيابي يناقش .. يرفض .. يراقب .. ويمسك بخناق السلطة التنفيذية اذا جنحت نحو الخطأ .. كانت هناك قوانين مطبقة على الأرض تحترم آدمية الانسان وتصون حريته من النجاوزات ومطابقة لمنطق ذلك الزمن .. كان من الممكن لو استمرت أن تصل الى أرقى المستويات السائدة في العالم .. وامتلأت محفظتها بأدق التفاصيل التي تهم المواطن ومستوى حياته .
صحيح أنه كان هناك توزع طبقي غير عادل .. لكن كانت هناك بداية الظهور لطبقة وسطى قابل للتمدد بحيث يتحقق التوازن المنشود بين طبقات المجتمع .. خاصة وان هناك أحزاب سياسية وعقائدية تمارس نشاطاتها بحرية ..وقادرة على التأثير في القوانين بحيث تراعي التطور وتحقق مزيداً من الحماية لحقوق الأضعف من خلال تكريس احترام القانون بمواجهة الجميع وبشكل متساو ٍ
كانت القوى المتخلفة والمتشددة آنذاك أضعف من أن يكون لها تأثير يذكر في المجتمع .. بالمقابل فان القوى العلمانية والديمقراطية والليبرالية كانت ترسخ وجودها في الشارع الى جانب قوى اليسار المختلفة . كان المواطن يشعر أن من حقه الكامل أن يرفض .. يقبل .. يعترض .. ينتخب ..يترشح .. يتظاهر .. بكل حرية دون أن يجرؤ أحد على اعتراضه مالم يتسبب بإيذاء الغير أو الاساءة للمصلحة العامة وفي هذه الحالة كان القانون هو الحكم والفيصل .. وقد كان القانون ورجال القضاء يتمتعون بهيبة واحترام في الشارع لاتعادلها هيبة واحترام أية سلطة أخرى .. كان المواطن يشعر أن حقوق الدولة لاتزيد عن حقوقه قيد أنملة .. صحيح أنه كانت هناك أجهزة هي ضرورية لأية دولة في العصر الحديث .. لكنها لم تكن تخيف سوى المجرم ..!! مع ذلك لاننكر وجود سقطات ومحاولات تجاوز على كل ذلك وكانت هناك جزر سيئة هي فترة الانقلابات العسكرية .
- عندما دخلنا العصر الثوري .. حلمنا بالعدالة .. حلماً مثالياً .. فجاءت القوانين الاشتراكية على أساس أنها ستقضي على الاقطاع .. والعشائرية .. وحتى الاقطاع الديني .. ليتضح بعد نصف قرن أنها قد خلقت طبقة اقطاع أسوأ بكثير من التي زعمت انها جاءت لتقضي عليها وتحقق العدالة في المجتمع .. وتحت شعار حقوق الكادحين .. تحول الكادحون الى اقطاع مسلح حتى الأسنان تقف خلفه قوانين أحادية الجانب وعلى رأسها قانون الطوارىء الشمولي .. بمعنى أنه اعتقل القانون الحقيقي ..وركن الدستور جانباً ليقف المواطن عارياً أمام قوة إقطاعية جديدة .. لاتملك أي مفهوم واضح لمعنى الدولة والتشريع .. ولتنتج تعليماتها المفصلة على قياس مصالحها هي القانون الوحيد الأمر الذي انتج مجتمعاً مهمشاً لاحول له ولاقوة .. وتموت حالة الحراك التي كانت تمور داخل هذا المجتمع والتي كانت قابلة للتطور بمستوى أفضل الديمقراطيات . نعم وقعنا تحت سلطة اقطاع أسود من أسوأ أنواع الاقطاع .. اقطاع غبي أحمق .. لاعلاقة له بأية سوية حضارية .. داس كل القيم أجهض الحالة الديمقراطية اعتقل الحرية بأسوأ من أساليب القرون الوسطى .. وضاعت أحلامنا آنذاك .. أحلام أجيال الشباب بالعدالة الثورية وكافة شعاراتها .. لقد ازداد العالم سواداً آنذاك وتتالت النكسات والهزائم .على الصعيدين المحلي والعالم .. بكينا غيفارا .. بكينا الليندي .. بكينا كل النماذج التي تجسد الطهر الثوري والتقدمي .. حتى القوى الثورية تآمرت على بعضها .. تبين أن الجميع مجرد صيادين ..طريدتهم الوحيدة هي السلطة .. حتى ولو فوق جماجم رفاقهم وشعوبهم ..
- لننظر الى واقعنا الحالي .. أحزاب سياسية ترفع شعارات تقدمية .. تجتر أفكارها القديمة التي كانت صالحة في فترة زمنية مزدهرة سابقة انتهت صلاحيتها وصارت من التاريخ ... خسرت قواعدها غير قادرة على انتاج فكر يتلاءم وتطورات العصر المتسارعة .. احزاب فارغة .. لاحول لها ولاقوة .. وهي مجرد قيادات ماتزال تعيش في ذاك الزمن البعيد ..وتحلم ..بماذا .. ؟؟؟
- أحزاب جديدة ماتزال في حالة من الولادة العسيرة .. محاصرة بقوانين تعسفية .. وسلطات تحتكر كل شيء .. تريد أن تراقب ..بل تراقب كل شيء حتى نسمة الهواء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل حسن نصر الله.. هل تخلت إيران عن حزب الله؟


.. دوي انفجار بعد سقوط صاروخ على نهاريا في الجليل الغربي




.. تصاعد الدخان بعد الغارة الإسرائيلية الجديدة على الضاحية الجن


.. اعتراض مسيرة أطلقت من جنوب لبنان فوق سماء مستوطنة نهاريا




.. مقابلة خاصة مع رئيس التيار الشيعي الحر الشيخ محمد الحاج حسن