الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراقٌ خريفيَّة

كمال عبود

2016 / 10 / 15
الادب والفن


أوراقٌ خريفيَّة

**1**
جلالةُ الملكْ ... يا سيّدُ الأوقات :
أيُّها الخريفُ الودودُ الجميلْ ،
كلُ عامٍ وأنتَ جميل ..
كلُ عام ، وخيُركَ زبيباً ورماناً وجوزاً ...
وزيتاً من معاصرِنا النظيفة ...
دِنْنّاً مِن العسل المُصفّى .. وأكياساً من دقيق القمح
حكاياتٍ وأشعاراً مُخبّأةً للشتاءاتِ الطويلة ،
في السِلالِ .. وفي القلوب
وفي المُهجْ .

**2**

صديقانِ نحن .. مذْ تعلمنا الكلام ..
ترافَقنا ...
تهادَينا ..
أزَالَ سواد الشَعْرِ من رأسي وألبَسَهُ البياضْ ..
أزاح تمُّوجَ الوهجِ الحَروق :
حانَ حرثُ الأرض ..
حانَ جنْيُ العَجْرَمِ ..
فتحُ النوافذِ في المدارسِ ..
في القلوبْ!

**3**

قال: انتظرْ أحفادك الآتون نحو الجلجلة ..
قال: انتظرْ غيماً تهاطل من عصور الجاهليّة ..
قال: انتظر وغْداً تمرّس في اشتعال النار ..
في حرق الكتاب ..
في حرق الأغاني ..
والأماني ..
قال: انتظر بوساً ..
وتشريداً ... وأحمرَ قانياً ،
يا سيّد الأوقات ،
يا مُعلّمُ ...
يا أوّل الكلام .. حكايةَ الزمان ..
غيابة الأجساد .. يا أوّلَ الأشواقْ.
ذاتَ وقتٍ قلتَ لي:
أبكتْكَ أُمكَ في الرحيل؟
واسيتني
غُيّبتَ في دهليز سجنٍ؟
صَبّرتَني.
هطلت دموعكَ فَوْقَ أرصفةِ الحروب؟
قلتَ: الحَقُّ مهرتكَ الذلول .. فلا تَخفْ ..
وإرم جدائلَ من تُحِب ، إن جَرَّحَتَ كفّاكَ أو بترتْ لك أحلامَ عشقكْ .
وانزعْ فتيلاً من عقول الناقمين ..
الطامعين ..
( إِنَّ الأفاعي في جيوب الحاكمين) ..
قل: لا تَخَفَ!
أوزارنا ..
أفكارنا ..
أعمالنا .. ليستْ طريقَ الصالحين ..
لا تُخْفِ عن صبيانِ حييكَ ما يجول ..
إِنَّ الحقيقةَ عكس أهواء الظلام...

**4**

أيلول: ضحكةَ الوروار وسْنابلِ حَكي ..
كرج الحجلْ ...
صرخة بطل: لبيكِ يا أُمي ..
أيلول: بيارة الليمون يا لون الأُفقْ ،
جديلة الطفلة لوّثها دخان ( النفط)
والدولارُ .. لَهُ دُخانْ
ونظرةُ طالبٍ عيناهُ خضراوان
أيلول: عنّابُنا الجبلي مختالاً .. ومغناجاً
( لون شفايف السمراء في بلدي ، عنّابيةُ الأهداب والطعم اللذيذ ) .
أيلول: احمل سلالاً ، خيرُ حقلتنا وفير
وامضِ جميلاً ،
في القصيدة ..
واسكن هناك ...
في باحةٍ خلفيةً ... في الصدر أو في التجاعيد العميقة ،
في عمق آلام المخاضْ
امض جميلاً مثل شاطئها ( بلاد الشام )
وارحلْ..
مثل أحلام السلام ..

**5**

مَنْ أتعبَك تشرينْ ...؟
قصفُ المدافع ..
الشاربون دماءَ جلدتهم ...؟
الهائمون على شوارعها ( العواصم ) ..؟
النائمون على وسائد من دراهم ...؟
مَن أتعبَك تشرينُ ..؟
فورةُ جائعٍ يقتاتُ أسلاك المُخيّم ..
يمضغُ شوكها ..
والوعد ..
منْ أتعبك تشرين ..؟
سيفٌ تمرّدَ ظاهراً عبر الثغور ...؟
شِعرٌ روى أمجادَ تاريخ العرب ...؟
مُتثاقِفٌ جعل الجواري في مقام الحكماء..؟
منْ أتعبَكْ ...؟
ما أبدعكْ ..!
تحرث وتُبذر ، ثمّ تُبحر كي تعودْ
من أتعبكْ ..؟
ما أروعك .. !
تعطي وتنصف في العطاء
لا حرٌّ ولا قرٌّ ..
لا ضعفٌ ولا شِدّهْ
لا تخافُ من العُري ...
نَحْنُ العُراة ..
نَحْنُ العراة

**6**

يا صاحبي:
لملمْ حوائجك القليلة كي يسابقكَ الخريف ..
تشرينُ ما زال فتياً .. قادراً للقفز والطيران ..
للغوصِ
للصيد ..
لاقتناص المعجزات..
تشرينُ مازال قوياً .. وكريماً في العطاء
تشرينُ نفسٌ سهلةٌ في الزمان الصعب
تشرينُ حبّاتُ قمحٍ عاصرتها الريح .. والأنداء
تشرينُ ما ذاكَ السخاءُ
ما أبدعكْ ..
ما أروعكْ ...!


**7**

لي ظلالٌ في الخريف
في الخريف لي ظلال
والخريفُ لَمّ ظلي
لملمَ الأوراق والأقلامَ .
جمّعَ الدمعَ بِدِنٍ كي يُعَتّقَ ،
والشظايا .. والمرايا .. مع حبال المشنقه ،
سادةَ الحجرِ المُزخرف ...
والسرايا
والسبايا
والسبائك ..
والخريف دارَ دارَ ..
غَسَّلَ الغابات من ذاك الغبار ..
هدّأَ روع الموجِ : اسكُنْ أيها البحر قليلاً
لم تنتهِ أملٌ من لمِّ غُرّتها
نصفُ اللفافةِ يابسٍ ،
ما تناولها الصبيٌ
كان - في الحلم - يبحثُ عن أبيه ،
في صورةٍ مُغْبرّةٍ ...
فوق الجدار.

**8**

أنا والخريفُ متشابهان
عابران، كما الحمامُ، للحدود
عابران للشعوب
للشواطيء والصحاري
للجبال العالياتِ
ودودان نحن ، في الخلايا
في زوايا النفس ننظرُ للحروبْ
تَبّاً لها ..
تَباً لها ..
ذات يوم صرتُ .. هو
ذاتَ يومٍ صارَ ..
أنا
*****
صديقانِ .. صديقان .
**
العَجْرَم نبات جبلي يُزهرُ في الخريف ، يجني النحل منه أجواد أنواع العسل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف