الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم نحن بحاجة إلى غزو فكري !!!

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2016 / 10 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


ليست وظيفة الفكر أن يلعن الشر الكامن في الموجودات، بل أن يستشعر الخطر الكامن في كل ما هو مألوف وأن يجعل من كل ما هو راسخ موضع إشكال !!! ---- ميشيل فوكو
----------------------------------

ضجت مواقع الإسلاميين وكتبهم وجامعاتهم ومنابرهم خلال القرن المنصرم، بمفهوم الغزو الفكري الاستشراقي " الغربي " الذي ينافي القيم والموروثات والعادات والمعتقدات، فما هو الغزو الفكري المزعوم الذي يقصده الإسلاميون ؟؟!
لنتتبع سيرة ومحطات جماعة الإخوان المسلمين بصفتها التنظيم الدولي المدعوم من دول النفط ومخابرات لندن وواشنطن منذ انطلاقتهم عام 1928 .. لقد خططت بريطانيا للتلاعب بمشاعر المسلمين ومعتقداتهم من أجل ترسيخ فكر يعادي الفلسفة ويهاجم المفكرين والمبدعين ويحاصر العقل العربي ليمنحه حصانة عدم التأثر بالثقافات الوافدة عبر البحار. لو لاحظنا ودققنا جيداً في العام 1928 فسنجد أنه يتبع نفس المرحلة التاريخية لثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917، وكذلك نفس فترة النهوض الفلسفي الغربي بشكل عام. هل رأيتم ما هو الغزو الفكري الحقيقي ؟؟! وهل ثمة غزو يضاهي منع العقل العربي من التفكير وحرمان الأجيال المتلاحقة من شتى صنوف الإبداع البشري بدعوى التحريم والتحليل ؟؟!

لقد فرخت حركة الإخوان جميع التنظيمات التكفيرية الإرهابية وليس هذا بغريب، فسيد قطب في كتابه معالم في الطريق كفر المجتمع المصري والعربي بدعوى أنها مجتمعات لا تحكّم كتاب الله، أو على الأدق، لا تحكم بما أنزل الله، وكأن الخليفة عمر بن الخطاب كان كافراً والعياذ بالله عندما أوقف العمل بسهم المؤلفة قلبوهم رغم وجود نص قرآني قطعي !!

لقد أرهبوا الناس بالدين، طاردوا الحركات الطلابية بالجنازير والسكاكين والقنابل. حرقوا المكتبات والسينمات واغتالوا عشرات المفكرين والأدباء، وكفروا رموز الفكر والأدب من محمد عبده إلى الكواكبي والأفغاني مروراً بطه حسين ثم اغتيال فرج فودة وحسين مروة ومهدي عامل وشكري بلعيد وغيرهم، فماذا تريد الدول الاستعمارية الكبرى أفضل من الإخوان لقمع أي محاولات للنهضة الفكرية ؟؟!

قبل أيام تهجم عضو من قيادات الإخوان على تراث شعبي فلسطيني، ثم تلاه آخر بتكفير العملاق محمود درويش، وكأن الفكر الإخواني المتخلف يصلح أصلاً للحكم على الإبداع والمبدعين !

الإخوان أنفسهم ليس لديهم وظيفة أخرى سوى تحطيم الفكر وحصار العقل وإجهاض النهضة، والحق يقال، أن المخطط البريطاني في خلق الحركة الوهابية والحركة الصهيونية قد نجح أيما نجاح، فنحن نرد على وقاحتهم واستفزازهم للمشاعر الوطنية والقومية بدلاً من التفكير بفلسفة فوكو وهيدجر وماركس وفانون وفرويد وتسومسكي. نرد عليهم بدلاً من التفكير ببناء الإنسان العربي المعاصر، فالمناهج الدراسية التي يحتكر كتابتها الإسلاميون تعيد الأطفال 15 قرناً إلى الوراء، بدلاً من إقناعهم بضرورة المنافسة العلمية مع الأمم الأخرى !
نحن في الحقيقة بحاجة إلى غزو فكري يقحم فلسفة فولتيير ومونتسكيو وروسو وجون لوك وسارتر على أدمغتنا التي تآكلت بالثقافة الماضوية. نحن بحاجة إلى بركان فكري ليقذف حممه على مقولات راسخة وقيم فردية منحطة لتمهيد السبيل نحو بناء الإنسان ذو القدرة على تحمل المسؤوليات الأخلاقية الجسيمة الذي تحتاجه المؤسسة والعمل بروح الفريق فيما يخص الشأن العام بدلاً من انعقاد السيادة للفوضى والفساد والأنانية !

العرب يا أصدقائي بحاجة إلى زلزال فكري يخلصنا من التعبئة الفكرية الهدّامة للإسلام السياسي بقيادة الإخوان المسلمين. هل تشاهدون ما يفعلونه على مواقع التواصل ؟؟! مراهقون لم يقرأوا كتابا لطه حسين يشتمون طه حسين، ومتخلفون عقلياً يشتمون الفيلسوف الشاعر المبدع محمود درويش. هذا كله ليس وليد الصدفة، فكما أسلفنا فإن مشروع الإخوان يقوم على إغلاق العقل العربي وتحصينه من عدوى التفكير الحر والديمقراطي البناء.

على العكس تماماً، لقد تطور العالم من حولنا مئات المرات ونحن ثابتون لم نتغير. اكتشفوا قوة البخار ونحن نردد كالببغاء صباح مساء نفس التعاويذ. اكتشفوا قوة الديزل وثورة التصنيع ونحن نحفظ نفس الكلام. اكتشفوا طاقة الكهرباء وثورتها العظيمة ونحن نفكر في الأعور الدجال ! اكتشفوا قوة اليورانيوم ونحن بقينا نعتقد أن الديك يرى الملائكة والحمير ترى الشياطين ! الآن أمام أعيننا تنفجر علوم الهندسة الوراثية وثورة الجينات وثورة النانو، ونحن نتفاخر بالذبح وقطع الرؤوس وتفخيخ الأسواق وقتل الأبرياء !!
الصين تفاخرت بتركيب أكبر تلسكوب بقطر 500 متر و12 عاما من العمل المتواصل بينما بعض عربان الخليج يلبسون الذهب للجمال والماعز !!!

لم يعد قلبي الرقيق يتحمل مأساة التخلف الراسخ في عقول الإسلام السياسي. صبيانهم ومراهقيهم المضللين يجب تعليمهم فن القراءة والاطلاع، وفن احترام الفكر والعلم والثقافة. أما المناهج التربوية والتعليمية، فنحتاج إلى ثورة كبرى لصياغتها وتصميمها بصورة تؤدي إلى التخلص من عنجهية التعالي والغطرسة والتنطع الفارغ والعنصرية و " الجعلصة " !

يجب دخول القرن الواحد والعشرين بأجيال جديدة تؤمن بأن المجتمع لن يتقدم بالعمل الفردي ولن يتغير دون نقد صريح وواضح لتعويذات الصباح والمساء التي يرددها ملايين البسطاء الذين يطلبون رزقهم من السماء بدل ماكينات المصانع وجرارات المزارع.
نحتاج إلى إدراج دروس توعية خاصة حول مفهوم الإنجاب وعواقب الانفجار السكاني من فقر وجهل وتخلف. يجب أن يتلاءم الإنجاب مع الدخل القومي وإلا فإن الزيادة السكانية ستأكل وتهدم أي احتمال لنمو الاقتصاد. الزيادة السكانية غير الفوضوية تحتاج إلى إنشاء المزيد من المدن والمزيد من المدارس والمزيد من المستشفيات ومشاريع البنية التحتية وكل هذا يكلف الدولة موازنات ضخمة تجبرها على الاقتراض وتحمل الديون الكارثية !!

إن ثورة نوعية في مناهج الأطفال التربوية والتعليمية كفيلة بصناعة عقول جديدة تصلح لدخول القرن الجديد لتنافس الأمم الأخرى مجالات الإنتاج والإبداع والبحث العلمي، وهذا لن يحدث طالما أن الإسلام السياسي والإخوان يمتلكون رياض الأطفال وكتب التلاميذ ومنابر المساجد وفضائيات الشعوذة !

أما كتاب " الغزو الفكري " الذي يدرس في بعض جامعات غزة والعالم العربي فهو كتاب تضليلي ممنهج من صياغة المخابرات البريطانية يهدف إلى حصار العقل وتحريم الفلسفة " التفكير " وتحريم الفنون وتكفير أعلام البحث والفكر والثقافة. نعم ولم لا ؟؟! نحن بأمس الحاجة إلى الغزو الفكري العقلاني والعلمي بديلاً للشعوذة والتخلف والتنطع !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية من القلب لك
ملحد ( 2016 / 10 / 15 - 12:32 )

احييك على شجاعتك وجرأة طرحك الثوري
فقط لا اتفق معك حول (نظرية المؤامرة)
وهذا لا ينتقص , ولا بأي حال , من قيمة وجوهر مقالك الرائع اعلاه

تحياتي


2 - تحالف رهيب
عبد القادر أنيس ( 2016 / 10 / 15 - 14:14 )
الواقع أن دولنا، حتى عندما تقرر محاربة الإسلام السياسي (طراز الإخوان المسلمين والوهابية) فهي تنفق بلا حساب من أجل مزيد من التديين للناس. الاعتقاد السائد لدى نخبنا السياسية الحاكمة أن الإخوان المسلمين حرفوا الإسلام وأبعدوا الشباب عن صحيح الدين وأن الإرهاب يقوم به الجهلة بالدين، وأن الواجب تعليم الدين الصحيح في المؤسسات التعليمية والدينية وتنقيته مما لحق به من تشويه على أيدي المتطرفين. وهكذا اشتدت المنافسة بين من منهم يمثل الدين الصحيح. وهكذا رأينا عندنا مثلا كيف حاربت الدولة الإسلام السياسي وإرهابييه بمزيد من الدعم للدين التقليدي (الزوايا الطرقية)، ومزيد من بناء المساجد ومزيد من التديين في المؤسسات التعليمية وفي وسائل الإعلام.
واضح إذن أن معاداة التنوير والذكاء والحريات ليست (مأثرة) الإخوان المسلمين والوهابيين وحدهم، بل يساهم فيه الجميع رغم الحرب الضروس المستعرة بين هؤلاء المتناحرين وهم في الواقع ينتمون إلى نفس المعسكر الرجعي المعادي للتقدم.
تحياتي على طرحها الرائع


3 - الحل أولا واخيرا
البابلي ( 2016 / 10 / 15 - 22:18 )
انظروا كتابا مضت عليه سالف القرون ،كتاب ملغوم ،يحض على الكراهية والتعالي والاجرام يكافئ كل ذلك ب أنهار من العسل والجنس ،ولازلنا نقدسه ونعلمه لاولادنا ونسابق الريح في بناء الجوامع والمساجد ،لتخرج لنا شذاذ الآفاق ، ونسأل ما الحل ،الحل هو حرق هذه أسلحة الدمار الشامل وعقاب وتغريم كل من يشير إلى هذه الكتب بدءا من القرآن ، وإلغاء وظيفة شيخ مسجد أو حوزة ،وأعلم أن ذلك صعبا للغاية لكن هي خطوة وكل شئ بثمن ونحن لإنزال ندفع الثمن اولادنا ومدننا حطبا يعيشوا ويغتنوا هم ،على الاقل نوقف نزيف الدم بعد حين


4 - نحن بحاجة لثقافة السؤال وشجاعة المعارضة
فاتن واصل ( 2016 / 10 / 16 - 15:45 )
السؤال والشك هما الدافعان للمزيد من البحث والتفلسف واختبار المنطق، أما السكون والحقائق المطلقة التي تدعو لها الأديان جميعاً فهو سبب بلاءنا وإصابتنا بكل أمراض الرقاد الطويل من تقيح الأفكار وصدأ الفهم.
نحن نبذنا العلم وبذل الجهد لنعرف، وفضلنا الكسل والإجابات الجاهزة، نحتاج لتغيير الذهنية، ولكن كيف ....؟
الانجاب المرضي الذي أصاب مجتمعاتنا يمكنه أن يكون ثروة لو حسن توظيفه، يمكن ان يكون لدينا طاقة جبارة منتجة لكن ليس لدينا حكومات مؤهلة لاستغلال الموارد بشكل جيد، لذا فالثروات للنهب والسرقة، والثروة البشرية عبءنحتاج لتنظيمه.. ما أتعسنا بحكوماتنا.
شكراً أستاذ عبد الله على المقال الراصد لواقع أليم، وشكراً لإتاحة الفرصة.. تحياتي


5 - اذا بقي النظام السعودي
شيخ صفوك ( 2016 / 10 / 17 - 01:27 )
والنظام الإيراني فلن تقوم لنا قايمة 
يتسابقون الي خط النهاية واحد وهابي و الثاني عاشوراءي
والنَّاس تلحق هذا و ذاك مثل الزومييز.. يلعن ابو الأديان
مقالة رائعة

اخر الافلام

.. علماء يضعون كاميرات على أسماك قرش النمر في جزر البهاما.. شاه


.. حماس تعلن عودة وفدها إلى القاهرة لاستكمال مباحثات التهدئة بـ




.. مكتب نتنياهو يصيغ خطة بشأن مستقبل غزة بعد الحرب


.. رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي: الجيش يخوض حربا طويلة وهو عازم




.. مقتل 48 شخصاً على الأقل في انهيار أرضي بطريق سريع في الصين