الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كاذبون وسفهاء

طارق المهدوي

2016 / 10 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



يعلم المصريون المخضرمون من أولاد البلد جيداً حقيقة أن المجرمين بجميع أنواعهم ومستوياتهم وتخصصاتهم كاذبون، فالمجرم في إطار سعيه لنيل غرضه الإجرامي يحتاج إلى الانفراد بضحيته بعيداً عن المراقبين الذين قد يصبحون شهود عيان على جريمته إن لم يتدخلوا بهدف إنقاذ الضحية من بين براثنه، لذلك يغطي المجرم جريمته عبر إطلاق بعض الأكاذيب الاحترافية المحبوكة بإحكام لفض المراقبين بعيداً عن الضحية، مثل تلك الأكذوبة الشهيرة التي تناولتها الدراما المصرية عندما ادعى مجرم يسعى إلى اغتصاب إحدى الفتيات أنه طبيب مكلف بحماية المجتمع من العدوى، عبر تحفظه على الفتاة وإعادتها للحجر الصحي الذي هربت منه أثناء احتجازها عقب إصابتها بمرض الإيدز المعدي، حتى نال غرضه الإجرامي ونجح على مرأى ومسمع من المراقبين المغفلين المخدوعين في اقتياد ضحيته بعيداً للانفراد بها واغتصابها، وهو نفس ما تفعله الأجهزة الأمنية التابعة للدولة المصرية المعاصرة منذ عام 1952 في إطار سعيها إلى نيل أغراضها الإجرامية من أي خصم سياسي عنيد يزعجها بمشاغباته ضد التبعية والفساد والاستبداد والتطرف، فتدعي عليه كذباً أنه زئر نساء أو شاذ جنسياً أو مجنون أو جاسوس أو إرهابي أو أنه من توابعها المتمردين أو ما شابه من قائمة أكاذيب قذرة تصدم المراقبين فتربك أفعالهم وردود فعلهم تجاه الضحية، لينفضوا بعيداً عنه تاركين إياه وحيداً تحت الافتراس الإجرامي لتلك الأجهزة التي ستبحث بمجرد انتهائها منه عن ضحيتها التالية وسط هؤلاء المراقبين المغفلين المخدوعين، وإذا كانت أكاذيب الأجهزة لا تنطلق سوى من أوساط المجرمين فإنها لا تنطلي سوى على أوساط السفهاء، لاسيما في ظل إمكانية اتخاذ وتنفيذ القرارات الافتراضية الصحيحة بين المجرم وضحيته من قبل المراقبين الواعين المخضرمين، ليس فقط بالمعنى الإنساني الأخلاقي ولكن أيضاً بالمعنى العملي البراجماتي حيث يمكنهم المتابعة والفحص المباشرين للأفكار والآراء والمواقف التي يتبناها الضحية بالمقارنة مع ما تتبناه الأجهزة الأمنية تجاه مختلف محاور الحياة العامة والخاصة، وصولاً إلى تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود على نحو يستطيعون معه اتخاذ وتنفيذ قرارهم سواء كان بالصمت المحايد بين المجرم وضحيته الذي هو في حد ذاته قرار بالانحياز غير مباشر للمجرم أو كان بالانحياز المباشر إلى أيهما، علماً بأن هذا القرار أو ذاك سيكون عندئذ صادراً عن وعي سياسي كامل لمتخذيه ومنفذيه دون شبهة سفه أو نقيصة استغفال!!.
طارق المهدوي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه