الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دابق .. الأسطورة المؤسسة للدولة -داعش-

رياض حسن محرم

2016 / 10 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


تعتمد داعش فى كثير من أدبياتها " مثل كثير من الجماعات الأصولية فى الشرق" على ما يعرف فقهيا بأحاديث آخر الزمان وما يشبهها من أقوال مقدسة، شاهدنا كيف إعتمد عليها شكرى مصطفى مؤسس جماعة المسلمين "التكفير والهجرة" فى ذكره لأحاديث ضعيفة وأحادية حيث تقع المعركة الأخيرة بين 10 الآف يهودى من أصفهان وبين جماعة المسلمين ويتكلم الحجر ليقول للمسلم هذا يهودى خلفى فاقتله، كما أن اليهود يؤمنون بحرب "هرمجدون" فى نهاية العالم والتى وردت فى سفر اشعيا، حتى الزرادشتية والبوذية تملك رؤا مماثلة، والشيعة "ومعهم قطاع عريض من السنة" يؤمنون بنظرية المهدى المنتظر الذى سيخلص العالم من الشرور ويقيم قواعد العدل، تلك الشرارة التي تبنئ بخروج "المهدي من السرداب"، وهى إشارة إلى "قيام الساعة" ومعركة نهاية الزمان، أما داعش فهى تبنى فكرتها الأساسية على حديث أخرجه مسلم فى مسنده يقول "عن ابى هريرة أن رسول الله قال: لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالاعماق – او بدابق- فيخرج اليهم جيش من المدينة من خيار اهل الأرض يومئذ، فاذا تصافوا، قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقولون :لا والله كيف نخلوا بينكم وبين اخواننا، فيقاتلوهم، فينهزم ثلث ولا يتوب الله عليهم ابدا، ويقتل ثلثهم افضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث، لا يقتلون ابدا، فيفتتحون قسطنطينية"، ويستطرد الحديث بذكر ظهور المسيح الدجال وظهور المهدى عيسى ابن مريم الذى سيحارب الدجال ويقتله.، فى تلك الرواية تعتمد داعش ليس فقط على الأحاديث الموضوعة ولكن على بعض كتّاب السيرة لإستكمال الرواية (ويستمر القتال بين الطرفين لمدة ثلاثة ايام يباد خلالها معظم جيش المسلمين. وفى اليوم الرابع يأتى بقية جيش المسلمين الذى يخرج من المدينة. ويطلب الروم من هذا الجيش الا يتدخل فى القتال لأن الروم يريدون فقط قتال من سبوا جنودهم. ويرفض جيش المدينة هذا الطلب ويقولون لا نتخلى عن اخواننا. فيحدث بينهم قتال فينقسم جيش المدينة الى ثلاثة اقسام: ثلث ينهزم ويهرب ولا تقبل توبتهم ابدا، وثلث يستشهد وهم افضل الشهداء، وثلث يفتح الله عليهم فلا يقتلون ابدا وتكون نتيجة هذه المعركة الهزيمة الكبرى للروم ويتم فتح القسطنطينية فى تركيا)، ويضيف الحديث: “فبينما هم يقتسمون الغنائم، قد عَلَّقوا سُيوفَهُهْم بالزيتون، إذ صاح فيهم الشيطان: إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ فد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاؤوا الشام خرج، فبيناهم يُعِدِّون القتال، يُسَوُّون صفوفَهم، إذا أقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم، فأمَّهم، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لا نزاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده -يعني المسيح- فيريهم دَمه في حربته“، أخرجه مسلم، وفى تقديرى أن بناء تلك الروايات ركيك ومفتعل وممتلئ بالأكاذيب، يعتمدون على أحاديث آخر الزمان التي يزدهر الاهتمام بها في أوقات اليأس والأزمات، بحثاً عن أمل كاذب يخدّر النفوس، ويُواسي الضعف والهزيمة، أو لغرض حشد الناس وتعبئتهم نحو أهداف خاصة، فيبذلون أرواحهم وكل ما يملكون في سبيل آمال معلقة في الهواء، والثابت فى الأمر هو نزوعهم للعنف والقتل وكما يقول "أبو بكر ناجى" أحد منظريهم فى كتابه "إدارة التوحش" (نحتاج إلى القتل ونحتاج لأن نفعل كما فعل النبى مع بنى قريظة، فلابد من اتباع سياسة الشدة بحيث إذا لم يتم تنفيذ المطالب يتم تصفية الرهائن بصورة مروعة تقذف الرعب فى صدور المخالفين)، ويُستهل كل عدد من أعداد دابق " الموقع الإلكترونى لداعش" باقتباس من أبي مصعب الزرقاوي: "وها هي الشرارة قد انقدحت في العراق وسيتعاظم غُبارها بإذن الله حتى تحرق جيوش الصليب في دابق"، وتبدأ معظم هجمات تنظيم الدولة باقتراب سيارات أو شاحنات مفخخة يقودها مفجر انتحاري من الهدف، تمهيدا لدخول المسلحين. ولهذا السبب، أطلق على "الإنتحاريين" "سلاح الجو" للتنظيم، لأنهم يقومون بنفس الدور الذي يقوم به سلاح الجو، وهذا التكتيك هو ما نفذه التنظيم فى عمليته الأخيرة فى كمين بير العبد بسيناء.
دابق كما ذكرت فى تلك الرواية تعتبر مركزية في تنظيم الدولة، حيث ينظر إلى دابق على أنها معركة كبرى في نهاية الزمان بين جيوش المسلمين والكفار، وما تحمله تلك القرية من دلالات للمعركة الفاصلة، بين تنظيم الدولة وأعدائها -الدول الكافرة-، وتقع تلك القرية شمال حلب بأعزاز بالقرب من الحدود التركية وتمثل محطة على الطريق ما بين بلدة مارع و مدينة الرقة عاصمة داعش، وبالقرب منها جرت معركة مرج دابق الشهيرة بين العثمانيين بقيادة سليم الأول والمماليك بقيادة قنصوة الغورى عام 1516م والتى إنتهت بانتصار العثمانيين فيها وانتقال الخلافة إليهم لما يزيد عن 500 عام، يومعركة دابق يُقاتل فيها المسلمون جيشاً من الروم تحت 80 راية، تضم كلٌ منها 12 ألف مقاتل، فيهزمهم جيش المسلمين، هذا ما يُبشّر به قادة تنظيم "الدولة" مقاتليهم وأنصارهم، وينشغلون في إحصاء عدد الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد التنظيم، تحقيقاً للنبوءة، ويعلّق أحد أنصارهم بأنها "وصلت إلى 62 دولة، وبقيت 18"، والموعد في دابق كما يعنون التنظيم موقعه الإلكترونى الناطق باسمه "دابق"، وتلك البقعة لا تتمتع بأهمية استراتيجية على الأرض، إلا أن توظيفها في الدعاية الدينية والقتالية للتنظيم، جعل منها مفتاحاً للمعارك الدائرة اليوم، والتى تم فيها دحر الدواعش بدون حرب تقريبا، وإن كان منظرو التنظيم قد احتفوا سابقاً بما يؤمنون أنه فتح عثماني لبلاد الشام فى بداية الخلافة العثمانية، فهم يرون الآن بأن قوى "الشرك والكفر" تسيطر على القسطنطينية "أي مدينة إسطنبول بالتسمية الحديثة"، إذ يبشّر التنظيم مقاتليه بأن انتصارهم على "الروم" في معركة "دابق" المقبلة، سيعقبها زحفٌ نحو "القسطنطينية" التي سيجري فتحها على يد مقاتليه، وهم "خيار أهل الأرض"، وفقاً للحديث الوارد في صحيح مسلم.
إن عقيدة الخلاص" mesianizm" هي إيمان كثير من العقائد بظهور "مخلص" -تختلف الأديان بتسميته - ينقذ العالم عندما يصل إلى درجة من الفساد والظلم لا تستطيع القوة الإنسانية التغلب عليها قبيل يوم القيامة، وأول ما يخطر على البال من المخلصّين، المخلص اليهودي ماشيح أوالمسيح المخلّص بالنسبة للمسيحية، والمهدي بالنسبة إلى المسلمين" بالنسبة للشيعة هو الإمام الثانى عشر"، وإستمرارا لذلك المنهج بنت داعش أيدلوجيتها، وما هو مشترك بين الجميع هو سيناريو القيامة، والإيمان بمخلّص، وإعطاء هذه التنظيمات نفسها دوراً خاصاً، وإقدامها على تنفيذ بروفات القيامة أثناء بحثها عن القيامة الحقيقية، أما المشكلة فهي اعتبار كل منها صاحب دور البطولة في هذه السيناريوهات، واعتبار الآخرين أطراف شريرة وخارجة من الملّة، وهى رواية عاطفية وقوية للغاية، تعطى المقاتلين المتوقع انضمامهم للتنظيم والحاليين شعورًا بأنهم ليسوا جزءًا من الصفوة فقط لكنهم جزء من المعركة النهائية تحقيقا لنبوأة الرسول.
ولكن ماذا بعد أن سيطر مقاتلون سوريون مدعومين من تركيا، الأحد 16 أكتوبر 2016 على قرية "دابق" بعد فرار قوات دولة الخلافة منها مدحورين، وكانت مجلة "دابق" التابعة للتنظيم فد نقلت على موقعها على الإنترنت مؤخراً، بحسب الوكالة التركية، تصريحات لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي جاء فيها "ليست هذه معركة دابق الكبرى التي ننتظرها"، في إشارة إلى أن الأحاديث النبوية قد تحدثت عن معركة ستقع في "آخر الزمان" بين المسلمين والصليبيين على أرضها لأن "آخر الزمان" لم بحن بعد، وذلك ليقينه بخسارتهم للمعركة، ولا نعرف ما سيقول بعد دحر داعش من الرقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ماذا يقول
علي عدنان ( 2016 / 10 / 17 - 10:09 )
داعش وابو بكر وغيره من زبالات هذا الزمان لاتملك ماتقوله غير الخزعبلات لاقناع اميين وجهلة هم السواد الاعظم من شعوب كانت تحت نير دكتاتوريات هي من اوصلتها لهذا الجهل والغيبيات الغريبة التي لاتسمن من جوع لكي تبقى اي الدكتاتوريات والانظمة الملكية والامراء في سلطاتهم من غير منازع
هذه الشعوب المبتلات بالجهل والاخبار التي عفا عليها الزمان ليس بغريب ان يقودها داعش وخليفة يسمي نفسه ابو بكر

اخر الافلام

.. أكبر هيكل عظمي لديناصور في العالم معروض للبيع بمزاد علني.. ب


.. لابيد يحذر نتنياهو من -حكم بالإعدام- بحق المختطفين




.. ضغوط عربية ودولية على نتنياهو وحماس للقبول بمقترحات بايدن بش


.. أردوغان يصف نتائج هيئة الإحصاء بأنها كارثة حقيقية وتهديد وجو




.. هل بإمكان ترامب الترشح للرئاسة بعد إدانته بـ34 تهمة؟