الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتابة بالأحمر الرديء

سوزان خواتمي

2005 / 12 / 29
الادب والفن


يأتي الصقيع من نافذة مفتوحة أو روح منكسرة على خيباتها .. لا جديد !
يتجول في صدري ضيق بمنابع متعددة ومصب وحيد : حالة من الكسل الذريع ، ورغبة نرجسية كي أبقى ضمن إطار هذا الجسد ، فلا أكترث لكون يحتفي دون مبرر بإشراق الفجر المحتملة .
سهرة الأمس طويلة ومختلفة .. واجهت نفسي .. تقاسمنا كأساً للنسيان ، و بعض الموسيقا الجنائزية ..
من حملني إلى السرير ، وأيقظني متأخراً عن موعد العصافير ؟
اعتدت على الصباح الخالي من أنفاسها .. أتمطى .. أتثاءب .. أتربع في فراشي ملتحفاً بقلة اكتراثي ..
أتصفح الجريدة اليومية ، ماراً بعيني فقط فوق الخطوط العريضة ، متخيلاً بين شرود وآخر ، أنها في مكان بعيد تذهب وتجيء برشاقة فراشة ..
ليلة البارحة كان البرد قارساً ، لكنها لم تثلج ، نازعت المدفأة لهبها الأخير ، كنت أراقبها حتى القطرة الأخيرة من كأسي ، انطفأنا معاً .
نزعت الورقة الأخيرة من التقويم .
تتوالد الآمال غصناً أخضر ينبت مع بداية العام الجديد ، ويتراكم كل ما لم يقتلنا يأساً في سراديب السنة التي مضت ، من يحدد الفواصل ؟ ..
آخر ما فعلَته أنها حزمت أشياءها ، وهجرتني .. تلك المأفونة كانت قطة أليفة بعيون مغمضة ، من أين لها الشراسة التي تحاربني بها ؟.
ررررررررررررررررررن
الهاتف جهاز يورطك بتبادل الحديث مع شخص ، فيما تفكر بشخص آخر لا يحمل نفسه عناء رفع السماعة والسؤال عنك ! ..
يرن ليحمل لي كل الأصوات التي لا يهمني سماعها .. فيما اختفت هي خلف صمتها الموحش ..
رغبتُ أن تتصل ..أن تشتاق .. كنت أقفز متلهفاً .. ثم أقعي خائباً . من شدة ما توقعتها لم أعد أتوقعها .
من الطرف الآخر يأتيني صوت حازم : الفنان التشكيلي شبه الفاشل ، شبه المعروف ، يتبجح بانتصارات آخر لوحاته ، حدد بقعة الضوء من بؤرة نظره الشخصية ، رضي عنها ، منحها خلودها بشخبطة سوريالية هي توقيعه غير المفهوم مثل باقي تفاصيل رسوماته الكارثية ، مساحات لونية متداخلة يرهق بها أذهاننا كي نتوصل لفهم الفكرة .
أضاف متابعاً بالحماس المتقد نفسه : وكيف هي .. أما زالت عند أهلها في العاصمة ؟
أعرف أنه سعيد بانفصالنا ، يعتبرها حظاً فائضاً في حياتي المتواضعة ، كانت عيناه تنغرزان في قوامها كلما ضمتنا سهرة مشتركة .
تمتمت بإجابة لا تفيده ، وأغلقت تواصلنا اللزج .
كنت ألقم دلة القهوة بملعقة بن بلون نكدي ، حين .........
ررررررررررررررررررررررن
الهاتف لا يخرس , أجاهد ذراعي كي تتناول السماعة .
- كل عام وأنت بخير .. لماذا لم تأت البارحة ؟ .. متى ستخرج من اكتئابك ؟ .. أحمق من يكترث لغياب امرأة ؟
يا رجل .. إنهن أكثر من الهم على القلب ؟ .. ما رأيك بمقالي الصباحي ؟
كالعادة كان فراس يلقي أسئلته دفعة واحدة دون أن ينتظر أي جواب ، وحين يصل إلى حاجته المهمة ، يمنحني تلك الهنيهة فيجيبه صوتي :
- وهل تكتب إلا الدرر النفيسة ؟..
الجريدة الملقاة على الأرض أسفل السرير تكذبني ، أقرأ بعض مقالاته حين أملك الوقت والرغبة ، نصف ما يكتبه محشو بالكذب الرصين ، والنصف الآخر ينقله حرفياً عن وكالات الأنباء العالمية ، لتصدق المطبعة ، وبعض البسطاء فقط أننا بألف خير .
في جلساتنا الخاصة يهمس بصوت منخفض :
" الأوضاع لا تبشر بالخير .. الحرب وشيكة .. أكاد أرى جثث القتلى وأجساد المشوهين .. يا رفاق .. دعكم من هراء الصحف ، وأنا منهم .. إنهم لا يسمحون إلا بكتابة لها مقاس ضبان حذائي ... "
عادة لا ألتفت إلا إلى العنوان ، فهو المتغير الوحيد في كتاباته ، كل ما يندرج تحته تفاهة لا تصدق ، تزيد من رغبة التثاؤب التي تحاصرني .
عام آخر يا غالية ينقضي بتكرار مفجع لانكساراتنا .
ما الذي يؤلمك في رجولتي ؟
هل تحتاجين إلى طفل أكثر من حاجتك لي ؟
لماذا لا تصدقين أن كل أطفال العالم لو خيروا بشأن قدومهم إلى هذا العالم الغريب لرفضوه بشدة ؟
يا للنساء .. لا يرين أبعد من إصبعهن!
لم لا تعودين إلى مرمى العين والنظر ؟.. أعرف إني كنت أضايقك حين ألاحقك كل مساء بكأس ماء وحبة منع الحمل .. كنت ألمح دمعة تلمع داخل حدقة عينيك ولا تسيل .. لم لا تبكين أمامي ؟..
بيننا جدار من الكبرياء ..
رررررررررررررررررررررن
هذا الجهاز الأحمق يحطم أعصابي ..
لست بخير .. سأعترف .. ونحن على مشارف عالم يترنح ..
ربما رقصتِ في سهرة رأس السنة .. وربما ثملتِ وربما نسيتِ وجودي .. أما أنا فلا مزاج لي لمجاملات مبسترة . أنزع وصلة الهاتف ، ليعتقد الجميع بأني انتهيت مع آخر قطرة حبر تقيأتها فوق الجريدة . أتشبث بالسرير و أسوي قطن وسادتي ، شابكاً ذراعي تحت رأسي محملقا في السقف ، مفكراً بالرخام وبالأماكن الضيقة ، وبذاك الصدر الذي يتسع لسرطان يحفر مسالكه .. هل كان علي أن أبوح لك بضعفي حتى تصدقي أني على طريقتي الخاصة أحبك ؟..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس